سورة الإسراء / الآية رقم 104 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُماًّ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ذَلِكَ جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَئِـنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ الـسَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ قَادرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُوراً وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً

الإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراءالإسراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (101) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (104)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً}.
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة عرضت المشركين، وموقفهم من النبىّ إذ جاءهم بالمعجزة القاهرة، البادية لهم في كلمات اللّه، فأبوا أن يستمعوا لها، ووقفوا من النبىّ الكريم موقف التحدّى، يطالبونه بآيات مادّية محسوسة.. فناسب ذلك أن يذكّروا بهذا المشهد من الحياة الماضية، الذي أعاد التاريخ سيرته فيهم، فكانوا صورة مكررة له.
فهذه آيات مادية محسوسة.. ليست واحدة، ولكنها تسع آيات بيّنات، قد جاء بها موسى إلى فرعون، وعرضها عليه، واحدة واحدة، وكل واحدة منها تحدّث بلسان مبين أنها من عند اللّه، إذ كانت معجزة محسوسة لا ينكرها إنسان له عين يبصر بها.
فماذا كان من فرعون إزاءها؟ لقد أنكرها، وكفر بها، وازداد معها بغيا وعدوانا. وقال في موسى تلك القولة التي يقولها المشركون في محمد صلوات اللّه وسلامه عليه.. {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً}.
فبين هؤلاء المشركين من قريش، وبين فرعون نسب قريب، يجمعهما فيه، الجبروت والطغيان، واستغلاق القلوب، وظلام النفس، وضلال الرأى.
وهذه المقترحات التي يقترحها مشركو قريش على النبىّ، قد جاء بمثلها نبىّ من أنبياء اللّه إلى {فرعون} فلم يجد فيها مقنعا، ولم ير إلا أنها كيد من كيد موسى، وسحر من سحره.. ولو جاء النبىّ إلى هؤلاء المشركين بتلك الآيات، أو ما يماثلها، أو يزيد عليها، لما تغير موقفهم من النبي، بل لزادهم ذلك ضلالا إلى ضلال، وفتنة إلى فتنة.
والآيات التسع التي قدّمها موسى بين يدى فرعون.. هى: العصا التي يلقيها فإذا هى ثعبان مبين، ويده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء.
فهاتان آيتان.
ثم ما أخذ اللّه به فرعون وقومه على يد موسى من السّنين، وهى سنوات من القحط والجدب، حيث كان النيل يجفّ.. ثم مارماهم اللّه به من الآفات المهلكة التي أتت على الزروع والثمار، بعد أن أينعت وأثمرت!.. فهاتان آيتان.. كما يقول سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [130: الأعراف].
ثم ما سلّط اللّه سبحانه وتعالى على فرعون وقومه من الطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدّم.. كما يقول سبحانه: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفادِعَ، وَالدَّمَ.. آياتٍ مُفَصَّلاتٍ} [133: الأعراف] وهذه خمس آيات.. وقد شرحنا هذا في سورة الأعراف.
وفى قوله تعالى: {فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً}.
دعوة إلى بنى إسرائيل، ليشهدوا على هذا الذي يقوله القرآن الكريم، فيما يقصّ من خبر موسى وفرعون.
وفى دعوة بنى إسرائيل إلى الشهادة هنا، فضح لهم، ولماهم عليه من ضلال.. إذ أنهم يعلمون منذ اليوم الأول للرسالة الإسلامية، أن رسولها مبعوث من عند اللّه، وأن ما بين يديه من قرآن، هو كلمات اللّه.. وقد كان الواجب يقتضيهم- ديانه وخلقا- أن يؤازروا النبىّ، وأن يؤيدوه في دعوته، وأن يؤدّوا الشهادة في النبىّ على وجهها، إذا هم سئلوا من قريش.. لا أن يكونوا قوة مستترة وراء المشركين، يمدونهم بكلمات الزور والضلال، ويلقون بها بين يدى الدعوة الإسلامية.. حيث كان اليهود عند المشركين موضع ثقة فيما يتصل بالرسل والرسالات، لأنهم أهل كتاب. وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من تلك المواقف اللئيمة التي كان يقفها اليهود من النبىّ ومن رسالته.
كما يقول سبحانه وتعالى فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [51: النساء].
قوله تعالى: {قالَ.. لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً}.
البصائر: جمع بصيرة، وهى القوة العاقلة في الإنسان، التي تكشف له الأمور، وتربه عواقبها.
والمثبور: الهالك.. وهو من الثبور، أي الهلاك.
وفى قول موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ} إشارة إلى أن هذه الآيات التي رآها فرعون، من شأنها أن تقيم في كيان من يراها، علما محققا، ويقينا راسخا بأنها من عند اللّه.. فهى آيات ناطقة، لا تحتاج إلى أكثر من إنسان، له ما في الإنسان من سمع وبصر وعقل، إذا هو التقى بها، ونظر فيها، أرته من وجهها ما يشهد بأنها من عند اللّه، وأن الرسول الذي جاء بها، إنما هو رسول اللّه! وإذن، فمن شأن فرعون- إن لم يكن قد علم- أن يعلم أن هذه الآيات إنما نزلت من عند اللّه، وأن موسى ليس إلا حاملا لها، ومبلغا إياها..! وهو ما يشير إليه قول موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}.
أي إنك لتعلم هذا، ولكن العناد والكبر، يأخذان عليك الطريق إلى الإقرار بالحق، والإذعان له.
وفى الإشارة إلى الآيات بإشارة العقلاء {هؤلاء} ما يدل على أنهن آيات تنطق بلسان مبين، وتحدّث عن نفسها، وتبين عن حقيقتها، حتى لكأنها ذات عقل يدرك، ولسان ينطق.
وفى قول موسى لفرعون: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} ردّ على قول فرعون له: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً}.
والظن هنا بمعنى اليقين، سواء ظن فرعون، أو ظن موسى.. ففرعون يقول عن يقين قائم على جهل وعناد، وموسى يقول عن يقين، يشهد به واقع الحال، ويدلّ عليه ما ركب فرعون من كبر وعناد! قوله تعالى: {فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً}.
الاستفزاز: الإفزاع، والإزعاج.
وإرادة فرعون، هى همّه، وتأهبه.. أي أنه عند ما رأى فرعون ما رأى من معجزات، وأبى أن يؤمن بها، وأعجزته الحيلة عن أن يتحدّى تلك المعجزات- أراد أن ينتقم من بنى إسرائيل، الذين جاء موسى ليخّلصهم من يده، ويخرج بهم من مصر، وذلك بأن يبطش بهم، ويقضى عليهم قضاء مبرما، حتى لا يكون لموسى موقف معه بعد أن يصبح أو يمسى فلا يجد لبنى إسرائيل أثرا، ولكن مكر اللّه به كان أسرع، فساقه هو وجنوده إلى البحر، حيث هلك وهلك كل من ركب البحر وراء بنى إسرائيل معه.
قوله تعالى: {وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً}.
اختلف المفسرون في المراد من {الأرض} التي دعى بنو إسرائيل إلى سكناها.. وأكثر الآراء على أنها الأرض المقدسة التي أشار إليها قوله تعالى على لسان موسى: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [21: المائدة].
كذلك اختلف المفسرون في المراد بوعد الآخرة: في قوله تعالى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} ويكاد يكون إجماعهم على أنه يوم القيامة.
والرأى الذي نميل إليه، أن المراد بالأرض، هو مطلق الأرض.. وهذا يعنى أن يتبعثر بنو إسرائيل في وجوه الأرض كلها، وأن يتناثروا في أقطارها، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً} [168:
الأعراف].. وقد قطّعوا أمما، وتناثروا في آفاق الأرض كلها.
وعلى هذا يكون المراد بوعد الآخرة هنا، هو ما أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [7: الإسراء].
ويكون معنى الآية: أن اللّه سبحانه وتعالى قد حكم على بنى إسرائيل بأن يتقلبوا في هذه الأرض، فيجتمعوا ويتفرقوا، فإذا اجتمعوا وقامت لهم دولة وسلطان، فسدوا وأفسدوا، فيسلط اللّه سبحانه وتعالى عليهم من يضربهم بيد البلاء، فيشتت شملهم، ويمزّق جمعهم.. وأن هذا الجمع والتفرق سيقع منهم مرتين.. أما المرة الأولى، فهى تجربة لهم، فإذا كانت الثانية، وعادوا إلى ما كانوا عليه في المرة الأولى، ضربهم اللّه سبحانه وتعالى الضربة القاضية، التي لا قيام لهم بعدها.. وهذا يعنى أنه إذا جاء وعد المرة الآخرة، جاء بهم اللّه سبحانه وتعالى {لَفِيفاً} أي من شتّى بقاع الأرض، وعندئذ تقوم لهم دولة، ولكنها دولة تحمل في كيانها عوامل هدمها، كما تقوم عليه هذه الدولة الآن، من بغى، وعدوان وعندئذ تحقّ عليها كلمة اللّه.. {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً}.
وأصل اللفيف من اللّفّ، وهو لفّ الشيء في الشيء، وإخفاؤه فيه.. ومنه الشجر الملتفّ، وهو الذي تشابكت أغصانه، فأطبقت على ما تعلوه من أرض، حتى لا يكاد ينفذ إليها شيء من خارج.
وهذا يعنى أن مجىء بنى إسرائيل إلى وعد الآخرة، إنما يكون من حيث تاهوا وضلوا في وجوه الأرض، ولم يكن له وضع ظاهر فيها.
وقد أشرنا إلى هذا في أول السورة، في مبحث خاص.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال