سورة الكهف / الآية رقم 48 / تفسير تفسير ابن الجوزي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفاًّ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً وَرَأَى المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله تعالى: {ويوم تُسَيَّر الجبال} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: {ويوم تُسَيَّر} بالتاء {الجبالُ} رفعاً. وقرأ نافع. وعاصم، وحمزة، والكسائي: {نُسَيِّرُ} بالنون {الجبالَ} نصباً. وقرأ ابن محيصن: {ويوم تَسِيْرُ} بفتح التاء وكسر السين وتسكين الياء {الجبالُ} بالرفع. قال الزجاج: {ويوم} منصوب على معنى: اذكر، ويجوز أن يكون منصوباً على: والباقيات الصالحات خير يومَ تَسِيرُ الجبال. قال ابن عباس: تُسيَّر الجبال عن وجه الأرض، كما يُسيَّر السحاب في الدنيا، ثم تكسّر فتكون في الأرض كما خرجت منها.
قوله تعالى: {وترى الأرض بارزة} وقرأ عمرو بن العاص، وابن السميفع، وأبو العالية: {وتُرى الأرضُ بارزةً} برفع التاء والضاد. وقرأ أبو رجاء العطاردي كذلك، إِلا أنه فتح ضاد {الأرضَ}.
وفي معنى {بارزة} قولان. أحدهما: ظاهرة فليس عليها شيء من جبل أو شجر أو بناءٍ، قاله الأكثرون.
والثاني: بارزاً أهلها من بطنها، قاله الفراء.
قوله تعالى: {وحشرناهم} يعني المؤمنين والكافرين {فلم نُغادِر} قال ابن قتيبة: أي: فلم نُخَلِّف، يقال: غادرتُ كذا: إِذا خلّفته، ومنه سمي الغَدِير، لأنه ماءٌ تُخَلِّفُه السيول. وروى أبان: {فلم تغادر} بالتاء.
قوله تعالى: {وعُرضوا على ربك صفاً} إِن قيل: هذا أمر مستقبل، فكيف عُبِّر عنه بالماضي؟ فالجواب: أن ما قد علم الله وقوعه، يجري مجرى المعايَن، كقوله: {ونادى أصحاب الجنة} [الأعرف: 43].
وفي معنى قوله: {صفاً} أربعة أقوال.
أحدها: أنه بمعنى: جميعاً، كقوله: {ثم ائتوا صفاً} [طه: 64]، قاله مقاتل.
والثاني: أن المعنى: وعُرضوا على ربِّك مصفوفين، هذا مذهب البَصريين.
والثالث: أن المعنى: وعُرضوا على ربِّك صفوفاً، فناب الواحد عن الجميع، كقوله: {ثم نُخْرِجُكم طفلاً} [الحج: 5].
والرابع: أنه لم يَغِبْ عن الله منهم أحد، فكانوا كالصف الذي تسهل الإِحاطة بجملته، ذكر هذه الأقوال ابن الأنباري. وقد قيل: إِن كلَّ أمة وزمرة صفٌّ.
قوله تعالى: {لقد جئتمونا}، فيه إِضمار فيقال لهم.
وفي المخاطبين بهذا قولان:
أحدهما: أنهم الكُلّ.
والثاني: الكُفار، فيكون اللفظ عامّاً، والمعنى خاصّاً. وقوله: {كما خلقناكم أول مَرَّة} مفسر في [الأنعام: 94]. وقوله: {بل زعمتم} خطاب الكفار خاصة، والمعنى: زعمتم في الدنيا {أن لن نجعل لكم موعداً} للبعث، والجزاء.
قوله تعالى: {ووُضع الكتاب} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه الكتاب الذي سُطِر فيه ما تعمل الخلائق قبل وجودهم، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الحساب، قاله ابن السائب.
والثالث: كتاب الأعمال، قاله مقاتل. وقال ابن جرير: وُضع كتاب أعمال العباد في أيديهم، فعلى هذا، الكتاب اسم جنس.
قوله تعالى: {فترى المجرمين} قال مجاهد: هم الكافرون. وذكر بعض أهل العلم أن كل مجرم ذُكر في القرآن، فالمراد به: الكافر.
قوله تعالى: {مشفقين} أي: خائفين {مما فيه} من الأعمال السيئة {ويقولون يا ويلتنا} هذا قول كل واقع في هَلَكة.
وقد شرحنا هذا المعنى في قوله: {يا حسرتنا} [الأنعام: 31].
قوله تعالى: {لا يُغادِر صغيرةً ولا كبيرة إِلا أحصاها} هذا على ظاهره في صغير الأمور وكبيرها؛ وقد روى عكرمة عن ابن عباس، قال: الصغيرة: التبسم، والكبيرة: القهقهة. وقد يُتوهَّم أن المراد بذلك صغائر الذنوب وكبائرها، وليس كذلك، إِذ ليس الضحك والتبسم، مجرَّدهما من الذنوب، وإِنما المراد أن التبسم من صغار الأفعال، والضحك فعل كبير، وقد روى الضحاك عن ابن عباس، قال: الصغيرة: التبسم والاستهزاء بالمؤمنين، والكبيرة: القهقهة بذلك؛ فعلى هذا يكون ذنباً من الذنوب لمقصود فاعله، لا لنفسه. ومعنى {أحصاها}: عدَّها وأثبتها، والمعنى: وُجدتْ مُحصاةً. {ووجدوا ما عملوا حاضراً} أي: مكتوباً مُثْبَتاً في الكتاب، وقيل: رأوا جزاءه حاضراً. وقال أبو سليمان: الصحيح عند المحققين أن صغائر المؤمنين الذين وُعدوا العفو عنها إِذا اجتنبوا الكبائر، إِنما يعفى عنها في الآخرة بعد أن يراها صاحبها.
قوله تعالى: {ولا يظلم ربك أحداً} قال أبو سليمان: لا تنقص حسنات المؤمن، ولا يزاد في سيئات الكافر. وقيل: إِن كان للكافر فِعل خير، كعتق رقبة، وصدقة، خُفِّف عنه به من عذابه، وإِن ظلمه مسلم، أخذ الله من المسلم، فصار الحق لله.
ثم إِن الله تعالى أمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يذكِّر هؤلاء المتكبِّرين عن مجالسة الفقراء قصةَ إِبليس وما أورثه الكِبْر، فقال: {وإِذ قلنا} أي: اذكر ذلك.
وفي قوله: {كان من الجن} قولان:
أحدهما: أنه من الجن حقيقة، لهذا النص؛ واحتج قائلو هذا بأن له ذريةً وليس للملائكة ذريةٌ وأنه كَفَرَ، والملائكة رسل الله، فهم معصومون من الكفر.
والثاني: أنه كان من الملائكة، وإِنما قيل: {من الجن}، لأنه كان من قَبِيلٍ من الملائكة يقال لهم: الجن، قاله ابن عباس؛ وقد شرحنا هذا في [البقرة: 34].
قوله تعالى: {ففسق عن أمر ربه} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: خرج عن طاعة ربه، تقول العرب: فسَقت الرُّطَبة من قشرها: إِذا خرجت منه، قاله الفراء، وابن قتيبة.
والثاني: أتاه الفسق لما أُمر فعصى، فكان سبب فسقه عن أمر ربه، قال الزجاج: وهذا مذهب الخليل وسيبويه، وهو الحق عندنا.
والثالث: ففسق عن ردِّ أمر ربِّه، حكاه الزجاج عن قطرب.
قوله تعالى: {أفتتخذونه وذُرّيَّته أولياء من دوني} أي: توالونهم بالاستجابة لهم؟! قال الحسن، وقتادة: ذريته: أولاده، وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم. قال مجاهد: ذريته: الشياطين، ومن ذريته زَلَنْبُور صاحب راية إِبليس بكل سوق، وثبْر، وهو صاحب المصائب، والأعور صاحب الرياء، ومِسْوَط صاحب الأخبار يأتي بها فيطرحها على أفواه الناس، فلا يوجد لها أصل، وداسم صاحب الإِنسان إِذا دخل بيته ولم يسلِّم ولم يذكر اسم الله، فهو يأكل معه إِذا أكل.
قال بعض أهل العلم: إِذا كانت خطيئة الإِنسان في كِبْر فلا تَرْجُه، وإِن كانت في شهوة فارجه، فإن معصية إِبليس كانت بالكِبْر، ومعصية آدم بالشهوة.
قوله تعالى: {بئس للظالمين بدلاً} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: بئس الاتخاذ للظالمين بدلاً.
والثاني: بئس الشيطان.
والثالث: بئس الشيطان والذرِّيَّة، ذكرهنَّ ابن الأنباري.
قوله تعالى: {ما أشهدتُهم خَلْق السموات والأرضِ} وقرأ أبو جعفر، وشيبة: {ما أشهدناهم} بالنون والألف.
وفي المشار إِليهم أربعة أقوال.
أحدها: إِبليس وذريته.
والثاني: الملائكة.
والثالث: جميع الكفار.
والرابع: جميع الخلق؛ والمعنى: إِني لم أشاورهم في خلقهن؛ وفي هذا بيان للغَناء عن الأعوان، وإِظهار كمال القدرة.
قوله تعالى: {ولا خَلْقَ أنفسهم} أي: ما أشهدت بعضَهم خَلْقَ بعض، ولا استعنت ببعضهم على إِيجاد بعض.
قوله تعالى: {وما كنتُ مُتَّخذَ المضِلِّين} يعني: الشياطين {عَضُداً} أي: أنصاراً وأعواناً. والعَضُد يستعمل كثيراً في معنى العون، لأنه قِوام اليد، قال الزجاج: والاعتضاد: التقوِّي وطلب المعونة، يقال: اعتضدت بفلان، أي: استعنت به.
وفي ما نفى اتخاذهم عضداً فيه قولان:
أحدهما: أنه الولايات، والمعنى: ما كنت لأولي المضلِّين، قاله مجاهد.
والثاني: أنه خَلْق السموات والأرض، قاله مقاتل. وقرأ الحسن، والجحدري، وأبو جعفر: {وما كنتَ} بفتح التاء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال