سورة الكهف / الآية رقم 50 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفاًّ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً وَرَأَى المُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا(50)}
تكررتْ قصة سجود الملائكة لآدم عليه السلام كثيراً في القرآن الكريم، وفي كل مرة تُعطينا الآياتُ لقطةً معينة، والحق سبحانه في هذه الآية يقول لنا: يجب عليكم أنْ تذكّروا جيداً عداوة إبليس لأبيكم آدم، وتذكروا جيداً أنه أخذ العهد على نفسه أمام الله تعالى أنْ يُغويكم أجمعين، فكان يجب عليكم أن تتنبهوا لهذه العداوة، فإذا حدّثكم بشيء فاذكروا عداوته لكم.
والحق سبحانه وتعالى حينما يُحذّرنا من إبليس فإنه يُربِّي فينا المناعة التي نُقاومه بها، والمناعة أنْ تأتيَ بالشيء الذي يضرُّ مستقبلاً حين يفاجئك وتضعه في الجسم في صورة مكروب خامد، وهذا هو التطعيم الذي يُعوِّد الجسم على مدافعة المرض وتغلَّب عليه إذا أصابه.

فكذلك الحق سبحانه يعطينا المناعة ضد إبليس، ويُذكِّرنا ما كان منه لأبينا آدم واستكباره عن السجود له، وأن نذكر دائماً قوله: {أَرَأَيْتَكَ هذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 62].
فانتبهوا ما دُمنا سنُسيّر الجبال، ونُسوِّي الأرض، ونحصر لكلٍّ كتابه، فاحذروا أنْ تقفوا موقفاً حرجاً يوم القيامة، ثم تُفَاجأوا بكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وها أنا أُذكّركم من الآن في وقت السَّعة والتدارك، فحاولوا التوبة إلى الله، وأنْ تصلحوا ما بينكم وبين ربكم.
والأمر هنا جاء للملائكة: {وَإِذْ قُلْنَا للملائكة..} [الكهف: 50] لأنهم أشرف المخلوقات، حيث لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يُؤمَرُون. وحين يأمر الله تعالى الملائكة الذين هذه صفاتهم بالسجود لآدم، فهذا يعني الخضوع، وأن هذا هو الخليفة الذي آمُركُم أنْ تكونوا في خدمته.
لذلك سمَّاهم: المدبّرات أمراً، وقال تعالى عنهم: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله} [الرعد: 11] فكأن مهمة هؤلاء الملائكة أن يكونوا مع البشر وفي خدمتهم.
فإذا كان الحق سبحانه قد جنَّد هؤلاء الملائكة وهم أشرفُ المخلوقات لخدمة الإنسان، وأمرهم بالسجود له إعلاناً للخضوع للإنسان، فمن باب أَوْلى أن يخضع له الكون كله بسمائه وأرضه، وأن يجعلَه في خدمته، إنما ذكر أشرف المخلوقات لينسحب الحكم على مَنْ دونهم.
وقلنا: إن العلماء اختلفوا كثيراً على ماهية إبليس: أهو من الجن أم من الملائكة، وقد قطعت هذه الآية هذا الخلاف وحَسَمَتْه، فقال تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن..} [الكهف: 50] وطالما جاء القرآن بالنص الصريح الذي يُوضّح جنسيته، فليس لأحد أن يقول: إنه من الملائكة.
وما دام كان من الجن، وهم جنس مختار في أنْ يفعل أو لا يفعل، فقد اختار ألاَّ يفعل: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ..} [الكهف: 50] أي: رجع إلى أصله، وخرج عن الأمر.
وقوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ..} [الكهف: 50] فهذا أمر عجيب، فكيف بعد ما حدث منه تجعلونه ولياً من دون الله الذي خلقكم ورزقكم، فكان أَوْلَى بهذه الولاية.
و{وَذُرِّيَّتَهُ..} [الكهف: 50] تدل على تناسل إبليس، وأن له أولاداً، وأنهم يتزاوجون، ويمكن أن نقول: ذريته: كل مَنْ كان على طريقته في الضلال والإغواء، ولو كان من الإنس، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القول غُرُوراً..} [الأنعام: 112].
{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} [الكهف: 50] أي: بئس البدل أن تتخذوا إبليس الذي أبى واستكبر أنْ يسجدَ لأبيكم وَلياً، وتتركوا ولاية الله الذي أمر الملائكة أنْ تسجدَ لأبيكم.
ثم يقول الحق سبحانه: {ما أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال