سورة الكهف / الآية رقم 59 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُـمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ قُبُلاً وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً وَرَبُّكَ الغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ العَذَابَ بِل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَباً

الكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهفالكهف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (54) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (55) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وقرأ وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} يحتمل وجهين: أحدهما ما ذكره لهم من العبر والقرون الخالية.
الثاني ما أوضحه لهم من دلائل الربوبية وقد تقدم في {سبحان}، فهو على الوجه الأول زجر، وعلى الثاني بيان. {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} أي جدالا ومجادلة والمراد به النضر بن الحرث وجداله في القرآن وقيل: الآية في أبي بن خلف.
وقال الزجاج: أي الكافر أكثر شيء جدلا، والدليل على أنه أراد الكافر قوله: {وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ}. وروي أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة من الكفار فيقول الله له ما صنعت فيما أرسلت إليك فيقول رب آمنت بك وصدقت برسلك وعملت بكتابك فيقول الله له هذه صحيفتك ليس فيها شيء من ذلك فيقول يا رب إني لا أقبل ما في هذه الصحيفة فيقال له هذه الملائكة الحفظة يشهدون عليك فيقول ولا أقبلهم يا رب وكيف أقبلهم ولا هم من عندي ولا من جهتي فيقول الله تعالى هذا اللوح المحفوظ أم الكتاب قد شهد بذلك فقال يا رب ألم تجرني من الظلم قال بلى فقال يا رب لا أقبل إلا شاهدا علي من نفسي فيقول الله تعالى الآن نبعث عليك شاهدا من نفسك فيتفكر من ذا الذي يشهد عليه من نفسه فيختم على فيه ثم تنطق جوارحه بالشرك ثم يخلى بينه وبين الكلام فيدخل النار وإن بعضه ليلعن بعضا يقول لاعضائه لعنكن الله فعنكن كنت أناضل فتقول أعضاؤه لعنك الله أفتعلم أن الله تعالى يكتم حديثا فذلك قوله تعالى: {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}» أخرجه مسلم بمعناه من حديث أنس أيضا.
وفي صحيح مسلم عن علي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طرقه وفاطمة ليلا فقال: «ألا تصلون» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قلت له ذلك، ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول: {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} قوله تعالى: {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى} أي القرآن والإسلام ومحمد عليه الصلاة والسلام {وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} أي سنتنا في إهلاكهم أي ما منعهم عن الايمان إلا حكمي عليهم بذلك، ولو حكمت عليهم بالايمان آمنوا. وسنة الأولين عادة الأولين في عذاب الاستئصال.
وقيل: المعنى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين فحذف. وسنة الأولين معاينة العذاب، فطلب المشركون ذلك، وقالوا {اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [الأنفال: 32] الآية. {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا} نصب على الحال، ومعناه عيانا، قاله ابن عباس.
وقال الكلبي: هو السيف يوم بدر.
وقال مقاتل: فجأة. وقرأ أبو جعفر وعاصم والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي {قُبُلًا} بضمتين أرادوا به أصناف العذاب كله، جمع قبيل نحو سبيل وسبل. النحاس: ومذهب الفراء أن {قُبُلًا} جمع قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا. ويجوز عنده أن يكون المعنى عيانا.
وقال الأعرج: وكانت قراءته {قُبُلًا} معناه جميعا.
وقال أبو عمرو: وكانت قراءته {قبلا} ومعناه عيانا. قوله تعالى: {وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ} أي بالجنة لمن آمن {وَمُنْذِرِينَ} أي مخوفين بالعذاب من الكفر. وقد تقدم. {وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} قيل: نزلت في المقتسمين كانوا يجادلون في الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقولون: ساحر ومجنون وشاعر وكاهن كما تقدم. ومعنى: {يدحضوا} يزيلوا ويبطلوا واصل الدحض الزلق. يقال: دحضت رجله أي زلقت، تدحض دحضا ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت ودحضت حجته دحوضا بطلت، وأدحضها الله. والإدحاض الإزلاق.
وفي وصف الصراط: «ويضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم» قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: {دحض مزلقة} أي تزلق فيه القدم. قال طرفة:
أبا منذر رمت الوفاء فهبته *** وحدت كما حاد البعير عن الدحض
{وَاتَّخَذُوا آياتِي} يعني القرآن. {وَما أُنْذِرُوا} من الوعيد {هُزُواً} و{ما} بمعنى المصدر أي والإنذار وقيل: بمعنى الذي، أي اتخذوا القرآن والذي أنذروا به من الوعيد هزوا أي لعبا وباطلا، وقد تقدم في البقرة بيانه.
وقيل: هو قول أبي جهل في الزبد والتمر هذا هو الزقوم وقيل: هو قولهم في القرآن هو سحر وأضغاث أحلام وأساطير الأولين، وقالوا للرسول: {هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الأنبياء: 3] {وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] و{ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا} [المدثر: 31]. قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها} أي لا أحد أظلم لنفسه ممن وعظ بآيات ربه، فتهاون بها وأعرض عن قبولها. {وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ} أي ترك كفره ومعاصيه فلم يتب منها، فالنسيان هنا بمعنى الترك قيل: المعنى نسي ما قدم لنفسه وحصل من العذاب، والمعنى متقارب. {إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وقرأ} بسبب كفرهم، أي نحن منعنا الايمان من أن يدخل قلوبهم وأسماعهم. {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى} أي إلى الايمان، {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} نزل في قوم معينين، وهو يرد على القدرية قولهم، وقد تقدم معنى هذه الآية في {سبحان} [الاسراء: 1] وغيرها. قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} أي للذنوب. وهذا يختص به أهل الايمان دون الكفرة بدليل قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]. {ذُو الرَّحْمَةِ} فيه أربع تأويلات: أحدها- ذو العفو.
الثاني- ذو الثواب، وهو على هذين الوجهين مختص بأهل الايمان دون الكفر. الثالث ذو النعمة. الرابع ذو الهدى، وهو على هذين الوجهين يعم أهل الايمان والكفر، لأنه ينعم في الدنيا على الكافر، كإنعامه على المؤمن. وقد أوضح هداه للكافر كما أوضحه للمؤمن وإن اهتدى به المؤمن دون الكافر. ومعنى قوله: {لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا} أي من الكفر والمعاصي. {لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ} ولكنه يمهل. {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} أي أجل مقدر يؤخرون إليه، نظيره: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ} [الأنعام: 67]، {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ} [الرعد: 38]
أي إذا حل لم يتأخر عنهم إما في الدنيا وإما في الآخرة. {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} أي ملجأ، قاله ابن عباس وابن زيد، وحكاه الجوهري في الصحاح. وقد وأل يئل وألا ووءولا على فعول أي لجأ، وواءل منه على فاعل أي طلب النجاة.
وقال مجاهد: محرزا. قتادة: وليا. وأبو عبيدة: منجى.
وقيل: محيصا، والمعنى واحد. والعرب تقول: لا وألت نفسه أي لا نجت، ومنه قول الشاعر:
لا وألت نفسك خليتها *** للعامريين ولم تكلم
وقال الأعشى:
وقد أخالس رب البيت غفلته *** وقد يحاذر مني ثم ما يئل
أي ما ينجو. قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ} {تِلْكَ} في موضع رفع بالابتداء. {الْقُرى} نعت أو بدل. و{أَهْلَكْناهُمْ} في موضع الخبر محمول على المعنى، لان المعنى أهل القرى. ويجوز أن تكون {تِلْكَ} في موضع نصب على قول من قال: زيدا ضربته، أي وتلك القرى التي قصصنا عليك نبأهم، نحو قرى عاد وثمود ومدين وقوم لوط أهلكناهم لما ظلموا وكفروا. {وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} أي وقتا معلوما لم تعده. و{مهلك} من أهلكوا. وقرأ عاصم: {مهلكهم} بفتح الميم واللام وهو مصدر هلك. وأجاز الكسائي والفراء {لمهلكهم} بكسر اللام وفتح الميم. النحاس: قال الكسائي وهو أحب إلي لأنه من هلك. الزجاج: مهلك اسم للزمان والتقدير: لوقت مهلكهم، كما يقال: أتت الناقة على مضربها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال