سورة مريم / الآية رقم 25 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِياًّ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِياًّ وَبَراًّ بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِياًّ وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وَلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياًّ وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِياًّ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياًّ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياًّ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِياًّ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِياًّ فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِياًّ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِياًّ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِياًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)}
{وَهُزِّى إِلَيْك} أي إلى جهتك. والهز تحريك يمينًا وشمالًا سواء كان بعنف أولا أو تحريك بجذب ودفع وهو مضمن معنى الميل فلذا عدى بالي أوأنه مجاز عنه أو اعتبر في تعديته ذلك لأنه جزء معناه كذا قيل.
ومنع أبو حيان تعلقه بهزي وعلل ذلك بأنه قد تقرر في النحوان الفعل لا يعدي إلى الضمير المتصل وقد رفع الضمير المتصل وليس من باب ظن ولا فقد ولا عدم وهما لمدلول واحد فلا يقال: ضربتك وزيد ضربه على معنى ضربت نفسك وضرب نفسه. والضمير المجرور عندهم كالضمير المنصوب فلا يقال: نظرت إليه وزيد نظر على معنى نظرت إلى نفسك ونظر إلى نفسه. ومن هنا جعلوا على في قوله:
هون عليك فإن الأمور *** بكف الإله مقاديرها
اسمًا كما في قوله:
غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها ***
وجعل الجار والمجهرور هنا متعلقًا حذوف أي أعني إليك كما قالوا في سقيا لك ونحوه مما جيء به للتبيين. وأنت تعلم أنهم قالوا جيء إلى للتبيين لكن قال ابن مالك. وكذا صاحب القاموس: إنها المبينة لغاعلية مجرورها بعدما يفيد حبًا أو يغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل وما هنا ليس كذلك. وقال في الاتقان: حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن إلى تستعمل اسمًا فيقال: انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن {أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه انتهى.
وكان عليه أن يبين ما معناها على القول بالإسمية، ولعلها حينئذ عنى عند فقد صرح جيئها بهذا المعنى في القاموس وأنشد:
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره *** أشهى إلى من الرحيق السلسل
لكن لا يحلو هذا المعنى في الآية، ومثله ما قيل إنها في ذلك اسم فعل، ثم أن حكاية استعمالها اسمًا إذا صحت تقدح في قول أبي حيان: لا يمكن أن يدعي أن إلى تكون اسمًا لا جماع النحاة على حرفيتها. ولعله أراد اجماع من يعتد به منهم في نظره. والذي أميل إليه في دفع الاشكال أن الفعل مضمن معنى الميل والجار والمجرور متعلق به لا بالفعل الرافع للضمير وهو مغزى بعيد لا ينبغي أن يسارع إليه بالاعتراض على أن في القلب من عدم صحة نحو هذا التركيب للقاعدة المذكورة شيئًا لكثرة مجيء ذلك في كلامهم. ومنه قوله تعالى: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] والبيت المار آنفًا. وقول الشاعر:
دع عنك نهبا صيح في حجراته *** ولكن حديثًا ما حديث الرواعل
وقولهم: اذهب إليك وسر عنك إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع.
وتأويل جميع ما جاء لا يخلو عن تكلف فتأمل وأنصف، ثم الفعل هنا منزل منزلة اللازم كما في قول ذي الرمة:
فإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها *** إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلى
فلذا عدى بالباء أي افعلي الهز {بِجِذْعِ النخلة} فالباء للآلة كام في كتبت بالقلم. وقيل هو متعد والمفعول محذوف والكلام على تقدير مضاف أي هزي الثمرة بهز جذع النخلة ولا يخفى ما فيه من التكلف وأن هز الثمرة لايخلو من ركاكة، وعن المبرد أن مفعوله {رُطَبًا} الآتي والكلام من باب التنازع. وتعقب بأن الهز على الرطب لا يقع إلا تبعًا فجعله أصلًا وجعل الأصل تبعًا حيث أدخل عليه الباء للاستعانة غير ملائم مع ما فيه من الفصل بجواب الأمر بينه وبين مفعوله ويكون فيه أعمال الأول وهو ضعيف لا سيما في هذا المقام.
وما ذكر من التعكيس وارد على ما فيه التكلف وهو ظاهر، وما قيل من أن الهز وان وقع بالأصالة على الجذع لكن المقصود منه الثمرة فلهذه النكتة المناسبة جعلت أصلًا لأن هز الثمرة ثمرة الهز لا يدفع الركاكة التي ذكرناها مع أن المفيد لذلك ما يذكر في جواب الأمر. وجعل بعضهم {بِجِذْعِ النخلة} في موضع الحال على تقدير جعل المفعول {رُطَبًا} أو الثمرة أي كائنة أو كائنًا بجذع النخلة وفيه ثمرة ما لا تسمن ولا تغنى، وقيل الباء مزيدة للتأكيد مثلها في قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} [البقرة: 195] وقول الشاعر:
هن الحرائر لا ربات أخمرة *** سود المحاجر لا يقرأن بالسور
والوجه الصحيح الملائم لما عليه التنزيل من غرابة النظم كما في الكشف هو الأول، وقول الفراء: إنه يقال هزه وهز به إن أراد أنهما عنى كما هو الظاهر لا يلتفت إليه كما نص عليه بعض من يعول عليه {تساقط} من ساقطت عنى أسقطت، والضمير المؤنث للنخلة ورجوع الضمير للمضاف إليه شائع، ومن أنكره فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا.
وجوز أبو حيان أن يكون الضمير للجذع لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه كما في قوله تعالى: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة} [يوسف: 10] في قراءة من قرأ بالتاء الفوقية، وقول الشاعر:
كما شرقت صدر القناة من الدم ***
وتعب بأنه خلاف الظاهر وإن صح. وقرأ مسروق. وأبو حيوة في رواية {تُسْقِطَ} بالتاء من فوق مضمومة وكسر القاف. وفي رواية أخرى عن أبي حيوة أنه قرأ كذلك إلا أنه بالياء من تحت. وقوله تعالى: {عَلَيْكِ رُطَبًا} في جميع ذلك نصب على المفعولية وهو نضيج البسر واحدته بهاء وجمع شاذًا على أرطاب كربه وأرباع، وعن أبي حيوة أيضًا أنه قرأ {تُسْقِطَ} بالتاء من فوق مفتوحة وضم القاف، وعنه أيضًا كذلك إلا أنه بالياء من تحت فنصب {رُطَبًا} على التمييز، وروي عنه أنه رفعه في القراءة الأخيرة على الفاعلية.
وقرأ أبو السمال {تتساقط} بتاءين. وقرأ البراء بن عازب {يساقط} بالياء من تحت مضارع أساقط. وقرأ الجمهور {النخلة تساقط} بفتح التاء من فوق وشد السين بعدها ألف وفتح القاف، والنصب على هذه الثلاثة على التمييز أيضًا.
وجوز في بعض القراآت أن يكون على الحالية الموطئة وإذا أضمر ضمير مذكر على إحدى القراآت فهو للجذع، وإذا أضمر ضمير مؤنث فهو للنخلة أوله على ما سمعت {جَنِيًّا} أي مجنيًا ففعيل عنى مفعول أي صالحًا للاجتناء. وفي القاموس ثم جنى جنى من ساعته. وعليه قيل المعنى رطبًا يقول من يراه هو جني وهو صفة مدح فإن ما يجنى أحسن مما يسقط بالهز وما قرب عهده أحسن مما بعد عهده، وقيل فعيل عنى فاعل أي رطبًا طريًا، وكان المراد على ما قيل إنه تم نضجه.
وقرأ طلحة بن سليمان {جَنِيًّا} بكسر الجيم للاتباع. ووجه التذكير ظاهر. وعن ابن السيد أنه قال في شرح أدب الكاتب. كان يجب أن يقال جنية إلا أنه أخرج بعض الكلام على التذكير وبعضه على التأنيث، وفيه نظر. روي عن ابن عباس أنه لم يكن للنخلة إلا الجذع ولم يكن لها رأس فلما هزته إذ السعف قد طلع ثم نظرت إلى الطلع يخرج من بين السعف ثم أخضر فصار بلحًا ثم أحمر فصار زهوًا ثم رطبًا كل ذلك في طرفة عين فجعل الرطب يقع بين يديها وكان برنيا، وقيل عجوة وهو المروى عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه.
والظاهر أنها لم تحمل سوى الرطب، وقيل كان معه موز، وروي ذلك عن أبي روق. وإنما اقتصر عليه لغاية نفعه للنفساء، فعن الباقر رضي الله تعالى عنه لم تستشف النفساء ثل الرطب إن الله أطعمه مريم في نفاسها وقالوا: ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل، وقيل: المرأة إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب، وذكر أن التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذا التحنيك وفي أمرها بالهز إشارة إلى أن السعي في تحصيل الرزق في الجملة مطلوب وهو لا ينافي التوكل وما أحسن ما قيل:
ألم تر أن الله أوحى لمريم *** وهزى إليك الجذع يساقط الرطب
ولو شاء أحنى الجذع من غير هزه *** إليها ولكن كل شيء له سبب




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال