سورة البقرة / الآية رقم 224 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَلاَ تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها، كقوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فالاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير. كما قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لأن يلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثمُ له عند الله من أن يُعطي كفارته التي افترض الله عليه».
وهكذا رواه مسلم، عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق، به.
ورواه أحمد، عنه، به.
ثم قال البخاري: حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا معاوية، هو ابن سلام، عن يحيى، وهو ابن أبي كثير، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استلج في أهله بيمين، فهو أعظم إثمًا، ليس تغني الكفارة».
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ} قال: لا تجعلن عرضة ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
وهكذا قال مسروق، والشعبي، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، ومكحول، والزهري، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والربيع بن أنس، والضحاك، وعطاء الخراساني، والسدي. ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني والله- إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها» وثبت فيهما أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سمرة: «يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت خيرًا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك».
وروى مسلم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير».
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا خليفة بن خياط، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فتركها كفارتها».
ورواه أبو داود من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها، وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها».
ثم قال أبو داود: والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها: «فليكفر عن يمينه» وهي الصحاح.
وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سعيد الكندي، حدثنا علي بن مُسْهِر، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على قطيعة رحم أو معصية، فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه».
وهذا حديث ضعيف؛ لأن حارثة هذا هو ابن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، متروك الحديث، ضعيف عند الجميع.
ثم روى ابن جرير عن ابن جبير وسعيد بن المسيب، ومسروق، والشعبي: أنهم قالوا: لا يمين في معصية، ولا كفارة عليها.
وقوله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله» فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ} [المائدة: 89].
قال أبو داود: باب لغو اليمين: حدثنا حميد بن مسعدة الشامي حدثنا حسان- يعني ابن إبراهيم- حدثنا إبراهيم- يعني الصائغ- عن عطاء: في اللغو في اليمين، قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هو كلام الرجل في بيته: كلا والله وبلى والله».
ثم قال أبو داود: رواه داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن عائشة موقوفًا.
ورواه الزهري، وعبد الملك، ومالك بن مِعْول، كلهم عن عطاء، عن عائشة، موقوفًا أيضًا.
قلت: وكذا رواه ابن جريج، وابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة، موقوفًا.
ورواه ابن جرير، عن هناد، عن وَكِيع، وعبدة، وأبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قوله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] قالت: لا والله، بلى والله.
ثم رواه عن محمد بن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن هشام، عن أبيه، عنها. وبه، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم، عنها. وبه، عن سلمة عن ابن أبي نَجِيح، عن عطاء، عنها.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة عن عائشة في قوله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت: هم القوم يتدارؤون في الأمر، فيقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله يتدارؤون في الأمر: لا تعقد عليه قلوبهم.
وقد قال ابن أبي حاتم: أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني، حدثنا عبدة- يعني ابن سليمان- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قول الله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت: هو قول الرجل: لا والله، وبلى والله.
وحدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كانت عائشة تقول: إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله. فذاك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله، ثم لا يفعله.
ثم قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عمر، وابن عباس في أحد أقواله، والشعبي، وعكرمة في أحد قوليه، وعطاء، والقاسم بن محمد، ومجاهد في أحد قوليه، وعروة بن الزبير، وأبي صالح، والضحاك في أحد قوليه، وأبي قلابة، والزهري، نحو ذلك.
الوجه الثاني: قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني الثقة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: أنها كانت تتأول هذه الآية- يعني قوله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم، لا يريد منه إلا الصدق، فيكون على غير ما حلف عليه.
ثم قال: وروي عن أبي هريرة، وابن عباس- في أحد قوليه- وسليمان بن يسار، وسعيد بن جبير، ومجاهد- في أحد قوليه- وإبراهيم النخعي- في أحد قوليه- والحسن، وزرارة بن أوفى، وأبي مالك، وعطاء الخراساني، وبكر بن عبد الله، وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابت، والسدي، ومكحول، ومقاتل، وطاوس، وقتادة، والربيع بن أنس، ويحيى بن سعيد، وربيعة، نحو ذلك.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن موسى الحرشي حدثنا عبد الله بن ميمون المرالي، حدثنا عوف الأعرابي عن الحسن بن أبي الحسن، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينتضلون- يعني: يرمون- ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله وأخطأت والله. فقال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله. قال: «كلا أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة» هذا مرسل حسن عن الحسن.
وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عائشة القولان جميعًا.
حدثنا عصام بن رواد، أخبرنا آدم، أخبرنا شيبان، عن جابر، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: هو قوله: لا والله، وبلى والله، وهو يرى أنه صادق، ولا يكون كذلك.
أقوال أخر: قال عبد الرزاق، عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه.
وقال زيد بن أسلم: هو قول الرجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا، فهو هذا.
قال ابن أبي حاتم: وحدثنا علي بن الحسين، حدثنا مسدد، حدثنا خالد، أخبرنا عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان.
وأخبرني أبي، أخبرنا أبو الجماهر، حدثنا سعيد بن بشير، حدثني أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك، فذلك ما ليس عليك فيه كفارة، وكذا روي عن سعيد بن جبير.
وقال أبو داود (باب اليمين في الغضب): حدثنا محمد بن المنهال، أنبأنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني عن القسمة، فكل مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب عز وجل، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا تملك».
وقوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب. قال مجاهد وغيره: وهي كقوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأيْمَانَ} الآية [المائدة: 89]
{وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} أي: غفور لعباده، حليم عليهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال