سورة مريم / الآية رقم 74 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِياًّ وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَياًّ أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِياًّ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِياًّ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِياًّ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِياًّ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِياًّ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِياًّ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداًّ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَداًّ

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (74) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}
قوله تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ} 10: 15 أي على الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله تعالى: {أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} [مريم: 66].
وقال فيهم: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا} أي هؤلاء إذا قرئ عليهم القرآن تعززوا بالدنيا، وقالوا: فما بالنا- إن كنا على باطل- أكثر أموالا وأعز نفرا. وغرضهم إدخال الشبهة المستضعفين وإيهامهم أن من كثر ماله دل ذلك على أنه المحق في دينه وكأنهم لم يروا في الكفار فقيرا ولا في المسلمين غنيا ولم يعلموا أن الله تعالى نحى أولياءه عن الاغترار بالدنيا وفرط الميل إليها. و{بَيِّناتٍ} معناه مرتلات الألفاظ ملخصه المعاني، مبينات المقاصد، إما محاكمات، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات، أو تبيين الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولا أو فعلا. أو ظاهرات الاعجاز تحدى بها فلم يقدر على معارضتها. أو حججا وبراهين. والوجه أن تكون حالا مؤكدة كقوله تعالى: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} لان آيات الله تعالى لا تكون إلا واضحة وحججا. {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 110 يريد مشركي قريش النضر بن الحرث وأصحابه. {لِلَّذِينَ آمَنُوا} يعني فقراء أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت فيهم قشافة، وفي عيشهم خشونة وفي ثيابهم رثاثة وكان المشركون يرجلون شعورهم ويدهنون رؤوسهم ويلبسون خير ثيابهم، فقالوا للمؤمنين {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}. قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد {مقاما} بضم الميم وهو موضع الإقامة. ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإقامة. الباقون {مَقاماً} بالفتح، أي منزلا ومسكنا.
وقيل: المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة، أي أي الفريقين أكثر جاها وأنصارا. {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} أي مجلسا، عن ابن عباس. وعنه أيضا المنظر وهو المجلس في اللغة وهو النادي. ومنه دار الندوة لان المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم. وناداه جالسه في النادي. قال:
أنادي به آل الوليد وجعفرا ***
والندي على فعيل مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى والمتندى، فإن تفرق القوم فليس بندي قاله الجوهري. قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} أي من أمة وجماعة. {هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً} أي متاعا كثيرا، قال:
وفرع يزين المتن أسود فاحم *** أثيث كقنو النخلة المتعثكل
والأثاث متاع البيت.
وقيل: هو ماجد الفرش والخرثي ما لبس منها وأنشد الحسن ابن علي الطوسي فقال:
تقادم العهد من أم الوليد بنا *** دهرا وصار أثاث البيت خرثيا
وقال ابن عباس: هيئة. مقاتل ثيابا {وَرِءْياً} أي منظرا حسنا. وفية خمس قراءات: قرأ أهل المدينة: {وريا} بغير همز. وقرأ أهل الكوفة: {ورئيا} بالهمز. وحكى يعقوب أن طلحة قرأ: {وريا} بياء واحدة مخففة.
وروى سفيان عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس: {هم أحسن أثاثا وزيا} بالزاي، فهذه أربع قراءات. قال أبو إسحاق: ويجوز {هم أحسن أثاثا وريئا} بياء بعدها همزة. النحاس: وقراءة أهل المدينة في هذا حسنة وفيها تقريران: أحدهما- أن تكون من رأيت ثم خففت الهمزة فأبدل منها ياء وأدغمت الياء في الياء. وكان هذا حسنا لتتفق رءوس الآيات لأنها غير مهموزات. وعلى هذا قال ابن عباس: الرئي المنظر، فالمعنى: هم أحسن أثاثا ولباسا. والوجه الثاني- أن جلودهم مرتوية من النعمة، فلا يجوز الهمز على هذا.
وفي رواية ورش عن نافع وابن ذكوان عن ابن عامر {وَرِءْياً} بالهمز تكون على الوجه الأول. وهي قراءة أهل الكوفة وأبي عمرو من رأيت على الأصل. وقراءة طلحة بن مصرف {وريا} بياء واحدة مخففة أحسبها غلطا. وقد زعم بعض النحويين أنه كان أصلها الهمز فقلبت الهمزة ياء، ثم حذفت إحدى الياءين. المهدوي: ويجوز أن يكون {رِءْياً} فقلبت ياء فصارت رئيا ثم نقلت حركة الهمزة على الياء وحذفت. وقد قرأ بعضهم {وريا} على القلب وهي القراءة الخامسة. وحكى سيبويه راء بمعنى رأى. الجوهري: من همزه جعله من المنظر من رأيت، وهو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة. وأنشد أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي فقال:
أشاقتك الظعائن يوم بانوا *** بذي الرئي الجميل من الأثاث
ومن لم يهمز إما أن يكون على تخفيف الهمزة أو يكون من رويت ألوانهم وجلودهم ريا، أي امتلأت وحسنت. وأما قراءة ابن عباس وأبي بن كعب وسعيد بن جبير والأعسم المكي ويزيد البربري {وزيا} بالزاي فهو الهيئة والحسن. ويجوز أن يكون من زويت أي جمعت، فيكون أصلها زويا فقلبت الواو ياء. ومنه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زويت لي الأرض» أي جمعت، أي فلم يغن ذلك عنهم شيئا من عذاب الله تعالى، فليعش هؤلاء ما شاءوا فمصيرهم إلى الموت والعذاب وإن عمروا، أو العذاب العاجل يأخذهم الله تعالى به. قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ} أي في الكفر {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا} أي فليدعه في طغيان جهله وكفره فلفظه لفظ الامر ومعناه الخبر أي من كان الضلالة مده الرحمن مدا حتى يطول اغتراره فيكون ذلك أشد لعقابه. نظيره: {إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً} [آل عمران: 178] وقوله: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ 110} [الأنعام: 110] ومثله كثير، أي فليعش ما شاء، وليوسع لنفسه في العمر، فمصيره إلى الموت والعقاب. وهذا غاية في التهديد والوعيد.
وقيل: هذا دعاء أمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تقول: من سرق مالي فليقطع الله تعالى يده: فهو دعاء على السارق. وهو جواب الشرط. وعلى هذا فليس قوله: {فَلْيَمْدُدْ} خبرا. قوله تعالى: {حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ} قال: {رَأَوْا} لان لفظ {من} يصلح للواحد والجمع. و{إذا} مع الماضي بمعنى المستقبل، أي حتى يروا ما يوعدون والعذاب هنا إما أن يكون بنصر المؤمنين عليهم فيعذبونهم بالسيف والأسر، وإما أن تقوم الساعة فيصيرون إلى النار. {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً} أي تنكشف حينئذ الحقائق وهذا رد لقولهم: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}. قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً} أي ويثبت الله المؤمنين على الهدى ويزيدهم في النصرة وينزل من الآيات ما يكون سبب زيادة اليقين مجازاة لهم وقيل: يزيدهم هدى بتصديقهم بالناسخ والمنسوخ الذي كفر به غيرهم قال معناه الكلبي ومقاتل.
ويحتمل ثالثا- أي {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا} إلى الطاعة {هُدىً} إلى الجنة والمعنى متقارب. وقد تقدم القول في معنى زيادة الأعمال وزيادة الايمان والهدى في آل عمران وغيرها. {وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ} تقدم في {الكهف} القول فيها. {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً} أي جزاء: {وَخَيْرٌ مَرَدًّا} أي في الآخرة مما افتخر به الكفار في الدنيا. والمرد مصدر كالرد، أي وخير ردا على عاملها بالثواب، يقال: هذا أرد عليك أي أنفع لك. وقيل {خَيْرٌ مَرَدًّا} أي مرجعا فكل أحد يرد إلى عمله الذي عمله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال