سورة البقرة / الآية رقم 226 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اللغو} سقط الكلام الذي لا حكم له، ويستعمل في الهجر والرفث وما لا حكم له من الإيمان، تشبيهاً بالسقط من القول، يقال منه لغا يلغو لغواً ولغى يلغي لغياً، ولغة القرآن بالواو، والمؤاخذة هي التناول بالعقوبة، واختلف العلماء في اليمين التي هي لغو، فقال ابن عباس وعائشة وعامر الشعبي وأبو صالح ومجاهد: لغو اليمين قول الرجل في درج كلامه واستعجاله في المحاورة: لا والله، وبلى والله، دون قصد لليمين، وروي أن قوماً تراجعوا القول بينهم وهم يرمون بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فحلف أحدهم: لقد أصبت وأخطأت يا فلان، فإذا الأمر بخلافه، فقال رجل: حنث يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيمان الرماة لغة لا إثم فيها ولا كفارة»، وقال أبو هريرة وابن عباس أيضاً والحسن ومالك بن أنس وجماعة من العلماء: لغو اليمين ما حلف به الرجل على يقينه فكشف الغيب خلاف ذلك.
قال القاضي أبو محمد: وهذا اليقين هو غلبة ظن أطلق الفقهاء عليه لفظة اليقين تجوزاً، قال مالك: مثله أن يرى الرجل على بعد فيعتقد أنه فلان لا يشك، فيحلف، ثم يجيء غير المحلوف عليه، وقال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الله وعروة ابنا الزبير: لغو اليمين الحلف في المعاصي كالذي يحلف ليشربن الخمر أو ليقطعن الحرم، فبره ترك ذلك الفعل ولا كفارة عليه، وقال سعيد بن جبير مثله، إلا أنه قال: يكفر، فأشبه قوله بالكفارة قول من لا يراها لغواً، وقال ابن عباس أيضاً وطاوس: لغو اليمين الحلف في حال الغضب، وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمين في غضب»، وقال مكحول الدمشقي وجماعة من العلماء: لغو اليمين أن يحرم الرجل على نفسه ما أحل الله فيقول مالي عليّ حرام إن فعلت كذا، أو الحلال عليَّ حرام، وقال بهذا القول مالك بن أنس إلا في الزوجة فإنه ألزم فيها التحريم إلا أن يخرجها الحالف بقلبه، وقال زيد بن أسلم وابنه: لغو اليمين دعاء الرجل على نفسه أعمى الله بصره، أذهب الله ماله، هو يهودي، هو مشرك، هو لغيّة إن فعل كذا، وقال ابن عباس أيضاً والضحاك: لغو اليمين هو المكفرة، أي إذا كفرت اليمين فحينئذ سقطت وصارت لغواً، ولا يؤاخذ الله بتكفيرها والرجوع إلى الذي هو خير، وقال إبراهيم النخعي: لغو اليمن ما حنث فيه الرجل ناسياً، وحكى ابن عبد البر قولاً إن اللغو أيمان المكره.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وطريقة النظر أن يتأمل لفظة اللغو ولفظة الكسب، ويحكم موقعهما في اللغة، فكسب المرء ما قصده ونواه، واللغو ما لم يتعمده أو ما حقه لهجنته أن يسقط، فيقوى على هذه الطريقة بعض الأقوال المتقدمة ويضعف بعضها، وقد رفع الله عز وجل المؤاخذاة بالإطلاق في اللغو، فحقيقته ما لا إثم فيه ولا كفارة، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في الغموس المصبورة، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم.
وقوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسب قلوبكم} قال ابن عباس والنخعي وغيرهما: ما كسب القلب هي اليمين الكاذبة الغموس، فهذه فيها المؤاخذة في الآخرة، والكفارة إنما هي فيما يكون لغواً إذا كفر، وقال مالك وجماعة من العلماء: الغموس لا تكفر، هي أعظم ذنباً من ذلك، وقال الشافعي وقتادة وعطاء والربيع: اليمين الغموس تكفر، والكفارة مؤاخذة، والغموس ما قصد الرجل في الحلف به الكذب، وكذلك اليمين المصبورة: المعنى فيهما واحد، ولكن الغموس سميت بذلك لأنها غمست صاحبها في الإثم، المصبورة سميت بذلك لأنها صبرها مغالبة وقوة عليها، كما يصبر الحيوان للقتل والرمي، وقال زيد بن أسلم: قوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} هو في الرجل يقول هو مشرك إن فعل، أي هذا لغو إلا أن يعقد الإشراك بقلبه ويسكبه، و{غفور حليم} صفتان لائقتان بما ذكر من طرح المؤاخذة، إذ هو باب رفق وتوسعة.
وقوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} الآية، قرأ أبي بن كعب وابن عباس للذين يقسمون، و{يولون} معناه يحلفون، يقال آلى الرجل يولي إيلاء، والألية اليمين، ويقال فيها أيضاً ألوة بفتح الهمزة وبضمها وبكسرها، والتربّص التأنّي والتأخر، وكان من عادة العرب أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته، يقصد بذلك الأذى عند المشارّة ونحوها، فجعل الله تعالى في ذلك هذا الحد لئلا يضر الرجال بالنساء، وبقي للحالف على هذا المعنى فسحة فيما دون الأربعة الأشهر، واختلف من المراد أن يلزمه حكم الإيلاء فقال مالك رحمه الله: هو الرجل يغاضب امرأته فيحلف بيمين يلحق عن الحنث فيها حكم، أن لا يطأها، ضرراً منه، أكثر من أربعة أشهر، لا يقصد بذلك إصلاح ولد رضيع ونحوه، وقال بن عطاء وغيره، وقال علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن بن أبي الحسن: هو الرجل يحلف أن لا يطأ امرأته على وجه مغاضبة ومشارة، وسواء كان في ضمن ذلك إصلاح ولد أو لم يكن، فإن لم يكن عن غضب فليس بإيلاء. وقال ابن عباس: لا إيلاء إلا بغضب، وقال ابن سيرين: سواء كانت اليمين في غضب أو غير غضب هو إيلاء.
وقاله ابن مسعود والثوري ومالك والشافعي وأهل العراق، إلا أن مالكاً قال: ما لم يرد إصلاح ولد. وقال الشعبي والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وابن المسيب: كل يمين حلفها الرجل أن لا يطأ امرأته أو أن لا يكلمها أو أن يضارها أو أن يغاضبها فذلك كله إيلاء، وقال ابن المسيب منهم: إلا أنه إن حلف أن لا يكلم وكان يطأ فليس بإيلاء، وإنما تكون اليمين على غير الوطء إيلاء إذا اقترن بذلك الامتناع من الوطء.
قال القاضي أبو محمد: وأقوال من ذكرناه مع سعيد مسجلة محتملة ما قال سعيد ومحتملة أن فساد العشرة إيلاء، وذهب إلى هذا الاحتمال الأخير الطبري، وقال ابن عباس أيضاً: لا يسمى مولياً إلا الذي يحلف أن لا يطأ أبداً، حكاه ابن المنذر، وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور: لا يكون مولياً إلا أن زاد على الأربعة الأشهر، وقال عطاء والثوري وأصحاب الرأي: الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعداً، وقال قتادة والنخعي وحماد بن أبي سليمان وإسحاق وابن أبي ليلى: من حلف على قليل من الوقت أو كثير فتركها أربعة أشهر فهو مول. قال ابن المنذر: وأنكر هذا القول كثير من أهل العلم. وقوله تعالى {من نسائهم} يدخل فيه الحرائر والإماء إذا تزوجن، والعبد يلزمه الإيلاء من زوجته، وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور: أجله أربعة أشهر، وقال مالك والزهري وعطاء بن أبي رباح وإسحاق: أجله شهران، وقال الحسن: أجله من حرة أربعة أشهر ومن أمة زوجة شهران، وقاله النخعي، وقال الشعبي: الإيلاء من الأمة نصف الإيلاء من الحرة، وقال مالك والشافعي وأصحاب الرأي والأوزاعي والنخعي وغيرهم: المدخول بها وغير المدخول بها سواء في لزوم الإيلاء فيهما، وقال الزهري وعطاء والثوري: لا إيلاء إلا بعد الدخول، قال مالك: ولا إيلاء من صغيرة لم تبلغ، فإن آلى منها فبلغت لزمه الإيلاء من يوم بلوغها، وقال عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبو الدرداء وابن عمر وابن المسيب ومجاهد وطاوس ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد: إذا انقضت الأربعة الأشهر وقف: فإما فاء، وإما طلق، وإلا طلق عليه، وقال ابن مسعود وابن عباس وعثمان وعلي أيضاً وزيد بن ثابت وجابر بن زيد والحسن ومسروق بانقضاء الأربعة الأشهر دخل عليه الطلاق دون توقيت، واختلف العلماء في الطلاق الداخل على المولي، فقال عثمان وعلي وابن عباس وابن مسعود وعطاء والنخعي والأوزاعي وغيرهم: هي طلقة بائنة لا رجعة له فيها، وقال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومكحول والزهري ومالك: هي رجعية، و{فاؤوا} معناه رجعوا، ومنه
{حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات: 9]، والفيء الظل الراجع عشياً، وقال الحسن وإبراهيم: إذا فاء المولي ووطئ فلا كفارة عليه في يمينه، لقوله تعالى {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم}.
قال القاضي أبو محمد: وهذا متركب على أن لغو اليمين ما حلف في معصية، وترك وطء الزوجة معصية، وقال الجمهور: إذا فاء كفر، والفيء عند ابن المسيب وابن جبير لا يكون إلا بالجماع، وإن كان مسجوناً أو في سفر مضى عليه حكم الإيلاء إلا أن يطأ ولا عذر له ولا فيء بقول، وقال مالك رحمه الله، لا يكون الفيء إلا بالوطء أو بالتفكير في حال العذر كالغائب والمسجون، قال ابن القاسم في المدونة: إلا أن تكون يمينه مما لا يكفرها لأنها لا تقع عليه إلا بعد الحنث، فإن القول يكفيه ما دام معذوراً، واختلف القول في المدونة في اليمين بالله تعالى هل يكتفى فيه بالفيء بالقول والعزم على التكفير أم لا بد، من التفكير وإلا فلا فيء، وقال الحسن وعكرمة والنخعي وغيرهم: الفيء من غير المعذور الجماع ولا بد، ومن المعذور أن يشهد أنه قد فاء بقلبه، وقال النخعي أيضاً: يصح الفيء بالقول والإشهاد فقط، ويسقط حكم الإيلاء. أرأيت إن لم ينتشر للوطء؟.
وقال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ويرجع في هذا القول إن لم يطأ إلى باب الضرر، وقرأ أبي بن كعب {فإن فاؤوا فيهن} وروي عنه {فإن فاؤوا فيها}.
وقوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق} الآية، قال القائلون إن بمضي الأربعة أشهر يدخل الطلاق: عزيمة الطلاق هي ترك الفيء حتى تنصرم الأشهر، وقال القائلون لا بد من التوقيف بعد تمام الأشهر: العزيمة هي التطليق أو الإبانة وقت التوقيف حتى يطلق الحاكم، واستدل من قال بالتوقيف بقوله {سميع}، لأن هذا الإدراك إنما هو في المقولات، وقرأ ابن عباس {وإن عزموا السراح}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال