سورة مريم / الآية رقم 81 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَفَرَءَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العَذَابِ مَداًّ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزاًّ كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِداًّ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزاًّ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَداًّ يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً وَنَسُوقُ المُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِداًّ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَداًّ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَداًّ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً

مريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريممريم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (78) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (87)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً}.
الاستفهام هنا للتعجب، والمخاطب هو النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ثم هو خطاب لكل من هو أهل للخطاب.
والتعجب، والعجب، هو من أمر هذا الذي كفر بآيات اللّه، ولم يؤمن بأن لهذا الوجود إلها خالقا، وربّا قائما على ما خلق- ومع هذا الإنكار للّه من هذا الكافر الجهول، يقسم بأنه سيؤتى في الآخرة- إن كانت هناك آخرة- سيؤتى مالا وولدا، كما أوتى في هذه الدنيا، الكثير من المال والولد! هكذا يذهب الشيطان بأوليائه، تلك المذاهب البعيدة في الضلال، ويقيم لهم حججا من الوهم والخيال، فهم كافرون باللّه، إذا لم تكن هناك آخرة.
وإذن لا خسران عليهم من هذا الكفر.. وهم مؤمنون باللّه إن كانت هناك آخرة، وإذن فلن يفوتهم حظهم الكبير إن كان للناس هناك حظوظ من مال وبنين!! {كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} [12: يونس].
قيل إن هذه الآية نزلت في بعض مشركى قريش، ولم يتفق المفسّرون على واحد بعينه، قيل فيه هذا القول.
وهذه الروايات المتعارضة المتضاربة في أسباب النزول، تدعونا إلى أن نسقط هذه الآراء جميعها، ولا نأخذ بواحد منها، إذ أن ذلك يعد ترجيحا بلا مرجّح! والذي نطمئن إليه، هو أن الآية تشير إلى الرجل صاحب الجنتين، الذي جاء ذكره في سورة الكهف، في قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً} [36: الكهف].
فالآية إلفات إلى قصة هذا الرجل، وقد سمعها المشركون من قبل، فيما كان يتلوه النبىّ عليهم من آيات ربّه.. وهذا يعنى أن سورة مريم، قد نزلت متأخرة عن سورة الكهف.
قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً} هو استفهام إنكارى، ينكر فيه على هذا المتألّى على اللّه.. الكافر به، هذا الادعاء الذي يدعيه، وأنه سيؤتى يوم القيامة مالا وولدا.. مثل ما أوتى في الدنيا المال والولد.. فهل اطّلع الغيب، وقرأ ما سطر له في علم اللّه؟
أم أنه اتخذ عند اللّه عهدا بذلك؟.. إنه لا هذا ولا ذاك، فكيف صحّت عنده هذه الدعوى، وعلى أي أساس أقامها؟ إنه لا شيء إلّا الوهم الذي يمليه الضلال، ويزين وجهه الهوى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [8: فاطر].
قوله تعالى: {كَلَّا.. سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً}.
كلا، كلمة ردع، وزجر، وتكذيب لهذا الادعاء الفاسد.. ونفى مؤكّد لهذا الافتراء.. فلن يؤتى هذا الشقي مالا ولا ولدا، وإنما سيكتب عليه قوله هذا مع ما يكتب من أقواله وأفعاله المنكرة، ثم يكون حصاد هذا كلّه لا مالا ولا ولدا، وإنما هو المزيد من العذاب، والمضاعفة من البلاء.
أما ما في يديه من مال وولد، في هذه الدنيا، فسيخرج من يديه، ويصبح ميراثا لغيره لا يمسك بيده شيئا منه يوم القيامة، بل يأتى فردا، عاريا، حافيا، كما ولد من بطن أمه.. عاريا حافيا! قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}:

الضمير في {وَاتَّخَذُوا} يعود إلى المشركين الذين ذكروا من قبل في قوله تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}.
فهؤلاء المشركون، قد اتخذوا من مستولدات أوهامهم وضلالاتهم، آلهة يعبدونهم من دون اللّه، ويرجون عندهم الخير، ويلتمسون منهم العون، والقوة، والتمكين في الأرض.
قوله تعالى: {كَلَّا.. سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}.
أي ولكن هؤلاء الآلهة التي هى صنعة أولئك المشركين، سينكرونهم يوم القيامة، وينكرون صلتهم بهم، بل ويكونون شهادة قائمة عليهم بما يفضحهم، ويملأ قلوبهم حسرة وندما..!
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}.
الاستفهام هنا للأمر.. وتقديره انظر كيف أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين.. تؤزهم أزّا.. أي تغريهم إغراء، وتدفعهم إلى الضلال دفعا.
فالمشركون- والحال كذلك- مدفوعون دفعا إلى هاوية مهلكة، لافكاك لهم منها.. إن هناك قوى خفية تدفع بهم إلى الشر، وتغريهم به، وتوردهم موارده.
وإذن، فلا تعجل عليهم، واصبر حتى يحكم اللّه بينك وبينهم، وسترى قضاء اللّه فيهم.. فإنهم مأخوذون بذنوبهم، التي تزداد كل يوم يمضى من حياتهم في هذه الدنيا.. وهذه الذنوب محصاة عليهم، معدودة فيما يعدّ لهم من سيئات وآثام.. فكلما طالت أيامهم في هذه الدنيا، كثرت أحمالهم من الذنوب، وضوعف لهم العذاب.
قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً}.
{يوم} ظرف، متعلق بمحذوف دلّ عليه قوله تعالى: {إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} فهذا العدّ الذي يحصى على المشركين أفعالهم المنكرة، يلزم منه الجزاء والعذاب.. والتقدير إنما نعدّ لهم عدّا، فنأخذهم بما كسبوا، يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا.
وحشر المتقين إلى الرحمن، جمعهم إلى ساحة فضله وإحسانه، في هيئة وفد كريم، يفد إلى جناب كريم، حيث ينزل منازل الإكرام والإعزاز.
وسوق المجرمين إلى جهنم وردا، هو دفعهم إليها، وسوقهم نحوها، كما تساق الأنعام.. فهم أشبه بقطيع من الماشية يساق إلى المذبح، ولا يدرى ماذا يراد به هناك! وفى التعبير عن المشركين بالمجرمين، وصف لهم بالصفة البارزة فيهم، والتي هى لازمة من لوازم الشرك.. فالمشرك مجرم آثم.
ومعنى {وردا} واردين، جمع وارد، والوارد، من يرد الماء ليشرب ويرتوى من ظمأ.. وهؤلاء إنما يردون عطاشا ليرتووا.. ولكن لا يجدون هناك إلا حميما وغسّاقا، كما يقول سبحانه: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [51- 56 الواقعة] قوله تعالى: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً}.
أي إن هؤلاء المجرمين المساقين إلى جهنّم، الواردين حياضها على ظمأ يحرق أكبادهم- لا يملكون ما يشفع لهم عند اللّه، ويعدل بهم عن هذا المورد الوبيل الواردين عليه.. لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا، وأمضى هذا العهد ووفى به، فإن له شفاعة عند اللّه.. في نفسه، وفى غيره أيضا.
ومن هذا العهد ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ.. وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [111: التوبة] فهذا عهد عاهد اللّه عليه المجاهدين في سبيله، وقد اتخذ المجاهدون هذا العهد من اللّه، ووفوا به، فكان شفاعة لهم عند اللّه من عذاب جهنم.
والإيمان باللّه، وبشريعة اللّه، هو عهد بين المؤمن وربّه، فإذا وفى بما عاهد اللّه عليه، أنجز اللّه له ما وعده من رضوانه، وفى هذا يقول اللّه تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} [60- 61: يس].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال