سورة طه / الآية رقم 51 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي اليَمِّ فَلْيُلْقِهِ اليَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ العَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى قَالَ فَمَا بَالُ القُرُونِ الأُولَى

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (51) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (52)}
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {قالَ فَما بالُ} 20: 51 البال الحال، أي وما حالها وما شأنها، فأعلمه أن علمها عند الله تعالى، أي إن هذا من علم الغيب الذي سألت عنه، وهو مما استأثر الله تعالى به لا يعلمه إلا هو، وما أنا إلا عبد مثلك لا أعلم منه إلا ما أخبرني به علام الغيوب، وعلم أحوال القرون مكتوبة عند الله تعالى في اللوح المحفوظ.
وقيل: المعنى فما بال القرون الأولى لم يقروا بذلك. أي فما بالهم ذهبوا وقد عبدوا غير ربك.
وقيل: إنما سأله عن أعمال القرون الأولى فأعلمه أنها محصاة عند الله تعالى، ومحفوظة عنده في كتاب. أي هي مكتوبة فسيجازيهم غدا بها وعليها. وعنى بالكتاب اللوح المحفوظ.
وقيل: هو كتاب مع بعض الملائكة.
الثانية: هذه الآية ونظائرها مما تقدم ويأتي تدل على تدوين العلوم وكتبها لئلا تنسى. فإن الحفظ قد تعتريه الآفات من الغلط والنسيان. وقد لا يحفظ الإنسان ما يسمع فيقيده لئلا يذهب عنه. وروينا بالإسناد المتصل عن قتادة أنه قيل له: أنكتب ما نسمع منك؟ قال: وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب، فقال: {عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى 20: 52}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لما قضى الله الخلق كتب في كتاب على نفسه فهو موضوع عنده إن رحمتي تغلب غضبي». وأسند الخطيب أبو بكر عن أبي هريرة قال: كان رجل من الأنصار يجلس إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستمع منه الحديث ويعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! إني أسمع منك الحديث يعجبني ولا أحفظه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «استعن بيمينك» وأومأ إلى الخط. وهذا نص. وعلى جواز كتب العلم وتدوينه جمهور الصحابة والتابعين، وقد أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتب الخطبة التي خطب بها في الحج لابي شاه- رجل من اليمن- لما سأله كتبها. أخرجه مسلم.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «قيدوا العلم بالكتابة».
وقال معاوية بن قرة: من لم يكتب العلم لم يعد علمه علما. وقد ذهب قوم إلى المنع من الكتب، فروى أبو نصرة قال قيل لابي سعيد: أنكتب حديثكم هذا؟ قال: لم تجعلونه قرآنا؟ ولكن احفظوا كما حفظنا. وممن كان لا يكتب الشعبي ويونس بن عبيد وخالد الحذاء- قال خالد: ما كتبت شيئا قط إلا حديثا واحدا، فلما حفظته محوته- وابن عون والزهري. وقد كان بعضهم يكتب فإذا حفظ محاه، منهم محمد بن سيرين وعاصم بن ضمرة.
وقال هشام بن حسان: ما كتبت حديثا قط إلا حديث الأعماق فلما حفظته محوته. قلت: وقد ذكرنا عن خالد الحذاء مثل هذا. وحديث الأعماق خرجه مسلم في آخر الكتاب: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالاعماق- أوبدابق» الحديث ذكره في كتاب الفتن. وكان بعضهم يحفظ ثم يكتب ما يحفظ منهم الأعمش وعبد الله بن إدريس وهشيم وغيرهم. وهذا احتياط على الحفظ. والكتب أولى على الجملة، وبه وردت الآي والأحاديث، وهو مروي عن عمر وعلي وجابر وأنس رضي الله عنهم، ومن يليهم من كبراء التابعين كالحسن وعطاء وطاوس وعروة بن الزبير، ومن بعدهم من أهل العلم، قال الله تعالى: {وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ 10} [الأنبياء: 105].
وقال تعالى: {وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً} [الأعراف: 156] الآية.
وقال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 52- 53]. وقال: {عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ 20: 52} إلى غير هذا من الآي. وأيضا فإن العلم لا يضبط إلا بالكتاب، ثم بالمقابلة والمدارسة والتعهد والتحفظ والمذاكرة والسؤال والفحص عن الناقلين والثقة بما نقلوا، وإنما كره الكتب من كره من الصدر الأول لقرب العهد، وتقارب الاسناد لئلا يعتمده الكاتب فيهمله، أو يرغب عن حفظه والعمل به، فأما والوقت متباعد، والاسناد غير متقارب، والطرق مختلفة، والنقلة متشابهون، وآفة النسيان معترضة، والوهم غير مأمون، فإن تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى، والدليل على وجوبه أقوى، فإن أحتج محتج بحديث أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لا تكتبوا عني ومن كتب غير القرآن فليمحه» خرجه مسلم، فالجواب أن ذلك كان متقدما، فهو منسوخ بأمره بالكتابة، وإباحتها لابي شاه وغيره. وأيضا كان ذلك لئلا يخلط بالقرآن ما ليس منه. وكذا ما روى عن أبي سعيد أيضا- حرصنا أن يأذن لنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكتابة فأبى- إن كان محفوظا فهو قبل الهجرة، وحين كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن الثالثة: قال أبو بكر الخطيب: ينبغي أن يكتب الحديث بالسواد، ثم الحبر خاصة دون المداد لان السواد أصبغ الألوان، والحبر أبقاها على مر الدهور. وهو آلة ذوي العلم، وعدة أهل المعرفة. ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال: رآني الشافعي وأنا في مجلسه وعلى قميصي حبر وأنا أخفيه، فقال: لم تخفيه وتستره؟ إن الحبر على الثوب من المروءة لان صورته في الأبصار سواد، وفي البصائر بياض.
وقال خالد بن زيد: الحبر في ثوب صاحب الحديث مثل الخلوق في ثوب العروس. واخذ هذا المعنى أبو عبد الله البلوى فقال:
مداد المحابر طيب الرجال *** وطيب النساء من الزعفران
فهذا يليق بأثواب ذا *** وهذا يليق بثوب الحصان
وذكر الماوردي أن عبد الله بن سليمان فيما حكى، رأى على بعض ثيابه أثر صفرة، فأخذ من مداد الدواة وطلاه به، ثم قال: المداد بنا أحسن من الزعفران، وأنشد:
إنما الزعفران عطر العذارى *** ومداد الدوي عطر الرجال
الرابعة: قوله تعالى: {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى} 20: 52 اختلف في معناه على أقوال خمسة، الأول: إنه ابتداء كلام، تنزيه لله تعالى عن هاتين الصفتين. وقد كان الكلام تم في قوله: {فِي كِتابٍ}. وكذا قال الزجاج، وأن معنى {لا يَضِلُّ} لا يهلك من قوله: {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ 10} [السجدة: 10]. {وَلا يَنْسى 20: 52} شيئا، نزهه عن الهلاك والنسيان. القول الثاني: {لا يَضِلُّ} لا يخطئ، قاله ابن عباس، أي لا يخطئ في التدبير، فمن أنظره فلحكمة أنظره، ومن عاجله فلحكمة عاجله. القول الثالث: {لا يَضِلُّ} لا يغيب. قال ابن الاعرابي: أصل الضلال الغيبوبة، يقال: ضل الناسي إذا غاب عنه حفظ الشيء. قال: ومعنى. {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى 20: 52} أي لا يغيب عنه شيء ولا يغيب عن شي. القول الرابع: قاله الزجاج أيضا: وقال النحاس وهو أشبهها بالمعنى-: أخبر الله عز وجل أنه لا يحتاج إلى كتاب، والمعنى لا يضل عنه علم شيء من الأشياء ولا معرفتها، ولا ينسى ما علمه منها. قلت: وهذا القول راجع إلى معنى قول ابن الاعرابي. وقول خامس: إن {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى 20: 52} في موضع الصفة ل {- كِتابٍ} أي الكتاب غير ضال عن الله عز وجل، أي غير ذاهب عنه. {وَلا يَنْسى 20: 52} أي غير ناس له فهما نعتان ل {- كِتابٍ}. وعلى هذا يكون الكلام متصلا، ولا يوقف على {كِتابٍ}. تقول العرب. ضلني الشيء إذا لم أجده، وأضللته أنا إذا تركته في موضع فلم تجده فيه. وقرأ الحسن وقتادة وعيسى بن عمر وابن محيصن وعاصم الجحدري وابن كثير فيما روى شبل عنه {لا يضل} بضم الياء على معنى لا يضيعه ربي ولا ينساه. قال ابن عرفة: الضلالة عند العرب سلوك سبيل غير القصد، يقال: ضل عن الطريق، وأضل الشيء إذا أضاعه. ومنه قرأ من قرأ {لا يضل ربي} أي لا يضيع، هذا مذهب العرب.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال