سورة طه / الآية رقم 71 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هاَرُونَ وَمُوسَى قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ العُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى(71)}
طبيعي أن يشتاط فرعون غضباً بعدما سمعه من سحرته، فقد جمعهم لينصروه فإذا بهم يخذلونه، بل ويُقوِّضون عرشه من أساسه فيؤمنون بإله غيره، ويا ليتهم لما خذلوه سكتوا، إنما يعلنونها صريحة عالية مدوية: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وموسى} [طه: 70].
{قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ...} [طه: 71] فمع الخيبة التي مُنِي بها ما يزال يتمسك بفرعونيته وألوهيته، ويهرب من الاستخزاء الذي حاق به، يريد أن يعطي للقوم صورة المتماسك الذي لم تُؤثّر فيه هذه الأحداث، فقال {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ} [طه: 71] فأنا كبيركم الذي علّمكم السحر، وكان عليكم أنْ تحترموا أستاذيته، وقد كنت سآذنُ لكم.
وكلمة(آمنتم) مادتها: أمِنَ. وقد أخذت حيزاً كبيراً في القرآن الكريم، والأصل فيها: أمِنَ فلان آمناً يعني: اطمأن. فليس هناك ما يُخوّفه. لكن هذه المادة تأتي مرة ثلاثية(أَمِنَ) وتأتي مزيدة بالهمزة(آمن).
وهذا الفعل يأتي متعدياً إلى المفعول مباشرة، كما في قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 34] يعني: آمن سكان مكة من الخوف.
وقد يتعدى بالباء كما في: آمنت بالله، أو يتعدى باللام كما في قوله تعالى: {فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} [يونس: 83] وآمن له يعني: صدَّقه فيما جاء به.
إذن: لدينا: آمَنَهُ يعني أعطاه الأمن، وآمن به: يعني اعتقده، وآمن له: يعني صَدَّقه.
وقد تأتي أَمن وآمن بمعنى واحد، كما في قول سيدنا يعقوب: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ} [يوسف: 64].
فلماذا اختلفت الصيغة من آمن إلى أمِن؟
قالوا: لأن قوله {كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ} [يوسف: 64] كانت تجربة أولى، فجاء الفعل(أَمن) مُجرّداً على خلاف الحال في المرة الثانية، فقد احتاجت إلى نوع من الاحتياط للأمر، فقال {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ} [يوسف: 64] فزاد الهمزة للاحتياط.
فمعنى قول فرعون: {آمَنتُمْ لَهُ} [طه: 71] يعني أي: صدَّقتموه.
وتأمل هنا بلاغة القرآن في هذا التعبير {قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ} [طه: 71] ومَنِ الذي يقولها؟ إنه فرعون الآمر الناهي في قومه يتحدث الآن عن الإذن. وفَرْق بين أمر وأذن، أمر بالشيء يعني: أنه يحب ما أمر به، ويجب عليك أنت التنفيذ. أما الإذن فقد يكون في أمر لا يحبه ولا يريده، فهو الآن يأذن؛ لأنه لا يقدر على الأمر.
وما دُمْتُمْ قد آمنتم له قبل أن آذن لكم فلابد أن يكون هو كبيركم الذي علّمكم السحر، فكان وفاؤكم له، واحترمتم هذا الكِبَر وساعدتموه على الفوز.
وهذا من فرعون سوء تعليل لواقع الإيمان، ففي نظره أن موسى تفوّق عليهم، لا لأنه يُجيد فنَّ السحر أكثر منهم، إنما تفوّق عليهم لأنهم جاملوه وتواطأوا معه؛ لأنه كبيرهم ومُعلِّمهم.
لذلك يتهدَّدهم قائلا: {فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} [طه: 71].
جاء هذا التهديد والوعيد جزاءً لهم؛ لأنهم في نظره هزموه وخذوله في معركته الفاصلة أمام موسى عليه السلام، ومعنى: {مِّنْ خِلاَفٍ} [طه: 71] الخِلاَف أن يأتي شيء على خلاف شيء آخر، والكلام هنا عن الأيدي والأرجل، فيكون المراد اليد اليمنى مع الرِّجْل اليسرى، أو اليد اليُسْرى مع الرِّجْل اليُمْنى.
وقوله: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} [طه: 71] المعروف أن التَّصلْيب يكون على الجذوع؛ لذلك حاول بعض المفسرين الخروج من هذا الإشكال فقالوا:(في) هنا بمعنى(على). لكن هذا تفسير لا يليق بالأسلوب الأعلى للبيان القرآنيّ، ويجب أن نتفق أولاً على معنى التصليب: وهو أن تأتي بالمصلوب عليه وهو الخشب أو الحديد مثلاً، ثم تأتي بالشخص المراد صَلْبه، وتربطه في هذا القائم رباطاً قوياً، ثم تشدّ عليه بقوة.
ولك أنْ تُجرِّب هذه المسألة، فتربط مثلاً عود كبريت على إصبعك، ثم تشدُّ عليه الرباط بقوة، وسوف تجد أن العود يدخل في اللحم، ساعتها تقول: العود في إصبعك، لا على إصبعك.
إذن قوله تعالى: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النخل} [طه: 71](في) هنا على معناها الأصلي للدلالة على المبالغة في الصَّلْب تصليباً قوياً، بحيث يدخل المصلوب في المصلوب فيه، كأنه ليس عليه، بل داخل فيه.
ثم يقول: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وأبقى} [طه: 71] أينا: المراد فرعون وموسى، أو فرعون ورب موسى الذي أرسله {أَشَدُّ عَذَاباً وأبقى} [طه: 71] فجمع في العذاب شدته من حيث الكيفية، ودوامه وبقاءه في الزمن. ولم يذكر القرآن شيئاً عن تهديد فرعون، أفعله أم لا؟ والأقرب أنه نفّذ ما هدد به.
وكان من المفروض في تهديد فرعون أن يأخذ من قلوب السَّحرة ويُرهبهم، فيحاولون على الأقل الاعتذار عَمَّا حدث، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل قالوا ما أهاجه أكثر: {قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ على مَا جَآءَنَا...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال