سورة طه / الآية رقم 97 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَراًّ وَلاَ نَفْعاً وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا بْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليَمِّ نَسْفاً إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا(97)}
كان ردّ موسى عليه السلام على هذه الفعْلة من السامري: جزاؤك أن تذهب، ويكون قولك الملازم لك {لاَ مِسَاسَ} [طه: 97] والمِسَاس أي: المسّ. المعنى يحتمل: لا مساس مِنّي لأحد، أو لا مساسَ من أحد لي.
ذلك لأن الذين يفترون الكذب ويدَّعُون أن لهم رسالة ولهم مهمة الأنبياء، حظُّهم من هذا كله أن تكون لهم سُلْطة زمنية ومكانة في قلوب الناس، وأن يكون لهم مذهب وأتباع وأشياع.
لذلك تراهم دائماً في سبيل الوصول إلى هذه الغاية يتحللون من المنهج الحق، ويستبدلونه بمناهج حَسْب أهوائهم، فيميلون إلى تسهيل المنهج وتبسيطه، ويُعطون لأتباعهم حريةً ما أنزل الله بها من سلطان، كالذي خرج علينا يُبيح للناس الاختلاط بين الرجال والنساء.
ومن العجيب أن تجد لهذه الأفكار أَنصاراً يؤمنون بها ويُطبِّقونها، لا من عامة الناس، بل من المثقفين وأصحاب المناصب. فكيف تحجب عنهم المرأة، وهي نصف المجتمع؟
إذن: ما أجملَ هذ الدين ومَا أيسره على الناس، فقد جاء على وَفْق أهوائهم وشهواتهم، ووسَّع لهم المسائل، فالنفس تميل بطبعها إلى التدين؛ لأنها مفطورة عليه، لكن تريد هذا الدين سَهْلاً لا مشقةَ فيه، حتى وإنْ خالف منهج الله.
لذلك تجد مثلاً مسيلمة وسجاح وغيرهما من مُدَّعِي النبوة يُخفِّفون عن أتباعهم تكاليف الشرع في الصلاة والصوم، أما الزكاة فهي ثقيلة على النفس فلا داعيَ لها. وإلاَّ فما الميْزة التي جاءوا بها ليتبعهم الناس؟ وما وسائل التشجيع لاتباع الدين الجديد؟
وهكذا يصبح لهؤلاء سُلْطة زمنية ومكانة، وأتباع، وجمهور، إذن: الذي أفسد حياته أن يجد العِزَّ والمكانة في انصياع الناس له وتبعيتهم لأفكاره، فيعاقبه الله بهم، ويجعل ذُلَّه على أيديهم وفتنته من ناحيتهم، فهم الذين أعانوه على هذا الباطل، فإذا به يكرههم ويبتعد بنفسه عنهم، لدرجة أن يقول {لاَ مِسَاسَ} [طه: 97] كأنه يفِرُّ منهم يقول: إياك أنْ تقربَ مِنِّي أو تمسِّني.
لقد تحول القُرْب والمحبة إلى بُعْد وعداوة، هذه الجمهرة التي كانت حوله وكان فيها عِزُّه وتسلُّطه يفرُّ منها الآن، فهي سبب كَبْوته، وهي التي أعانَتْه على معصية الله.
وهكذا، كانت نهاية السامريّ أن ينعزل عن مجتمعه، ويهيم على وجهه في البراري، ويفرّ من الناس، فلا يمسّه أحد، بعد أنْ صدمه الحق، وواجهتْه صَوْلته.
وما أشبهَ هذا الموقف بما يحدث لشاب متفوق مستقيم يُغريه أهل الباطل، ويجذبونه إلى طريقهم، وبعد أن انخرط في سِلْكهم وذاق لذة باطلهم وضلالهم إذَا به يصحو على صدمة الحق التي تُفيقه، ولكن بعد أن خسر الكثير، فتراه بعد ذلك يفِرُّ من هذه الصُّحْبة وينأى بنفسه عن مجرد الاقتراب منهم.
لذلك من الذين اختاروا دينهم وَفْق أهوائهم عبدة الأصنام، فإن كانت العبادة أنْ يطيع العابدُ معبوده، فما أيسرَ عبادة الأصنام؛ لأنها آلهة بدون تكليف، وعبادة بدون مشقة، لا تقيد لك حركة، ولا تمنعك من شهوة، وإلا فماذا أعدَّتْ الأصنام من ثواب لمَنْ عبدها؟ وماذا أعدَّتْ من عذاب لمن كفر بها.
فكأن الحق تبارك وتعالى قال للسامري: ستُعاقب بنفس المجتمع الذي كنت تريد منه العِزّة والسُّلْطة والسيطرة والذكر، فتتبرأ أنت منهم وتفرّ من جوارهم، ولا تتحمل أنْ يمسَّك أحد منهم، فهم سبب بلائك، ومصدر فتنتك، كما قال تعالى: {الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين} [الزخرف: 67].
فأخلاءُ الباطل، وصُحْبَة السوء الذين يجتمعون على معصية الله في سهرات مُحرَّمة عليهم أنْ يحذروا هذا اللقاء. أما الخُلّة الحقيقية الصادقة فهي للمتقين، الذين يأتمرون بالحق، ويتواصَوْن بطاعة الله.
وفَرْق بين مَنْ يقاسمك الكأس ومَنْ يكسرها ويُريقها قبل أنْ تذوقها، فَرْق بين مَنْ يلهيك عن الصلاة ومَنْ يحثُّك عليها، فَرْق بين مَنْ يُسعِدك الآن بمعصية ومَنْ يحملك على مشقّة الطاعة، فانظر وتأمَّلْ.
ثم يقول: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ} [طه: 97] أي: ما ينتظرك من عذاب الآخرة.
{وانظر إلى إلهك الذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليم نَسْفاً} [طه: 97].
(عَاكِفاً) أي: مقيماً على عبادته، والاعتكاف: الإقامة في المسجد، والانقطاع عن المجتمع الخارجي.
ومعنى {لَّنُحَرِّقَنَّهُ} [طه: 97] أي: نُصيِّره كالمحروق، بأنْ نبردَه بالمبرد حتى يصبح فُتاتاً وذرات متناثرة، بحيث يمكن أن نذروه في الهواء {ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليم نَسْفاً} [طه: 97] أي: نذروه كما يفعل الفلاحون حين يذرون الحبوب لفَصْل القِشْر عنها بآلة تسمى(المنسف) تشبه الغربال، وقد استبدلوا هذه الأدوات البدائية الآن بآلات ميكانيكية حديثة تُؤدِّي نفس الغرض.
ذلك لأن إلهَ السَّامري كان هذا العجل الذي اتخذه من ذهب، فلا يناسبه الحرق في النار، إنما نريد له عملية أخرى، تذهب به من أصله، فلا نُبقِي له على أثر. وهذا هو إلهك الذي عبدته إنْ أفلح كان يدافع عن نفسه ويحمي رُوحَه.
وبعد أن بَيَّن الحق سبحانه وَجْه البطلان فيما فعله السامري، ومَنْ تبعه من القوم، عاد لِيذكِّرهم بمنطقه الحق وجادة الطريق، وأن كلَّ ما فعلوه هراء في هراء: {إِنَّمَآ إلهكم الله}




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال