سورة طه / الآية رقم 116 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً

طهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطهطه




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (116) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (120) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (121) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (122) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (124) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (125) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (126) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (127)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}.
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة عليها، قد جاءت إلى النبىّ الكريم منبهة له ألا يعجل بالقرآن، وألا يسبق الوحى، حتى ينتهى جبريل من أدائه.
وهذا الذي ينزل من القرآن الكريم، هو عهد بين النبىّ وربّه، وأن من واجبه أن يتثبت منه، وأن يقف طويلا عند آياته وكلماته، حتى يقوم بالوفاء بهذا العهد، على أكمل كماله، وأتم تمامه.
وهذا عهد كان بين اللّه سبحانه وتعالى، وبين آدم.. وقد نسى آدم هذا العهد، فكان أن وقع في المعصية..!
واللّه سبحانه وتعالى يريد أن يعصم النبي- صلوات اللّه وسلامه عليه- مما وقع فيه آدم.. ولهذا، فهو سبحانه، يدعوه إلى التثبت من الوحى.. ثم يعرض له صورة يمكن أن تحدث له، إذا لم يتثبت مما يتلقى من آيات ربّه.
والعهد الذي عهد به سبحانه وتعالى إلى آدم، هو قوله سبحانه وتعالى: {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ} [35: البقرة].
وقوله تعالى: {فَنَسِيَ} أي نسى آدم عهد ربّه، وأكل من الشجرة!
وفى التعبير عن مخالفة أمر ربّه وأكله من الشجرة، بالنسيان، إشارة إلى ما شمل اللّه سبحانه وتعالى به آدم من لطفه ورحمته.. فتاب عليه، وغفر له، وجعل معصيته تلك من قبيل ما يقع من الإنسان من سهو ونسيان!- وقوله تعالى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} إشارة إلى أن آدم قد ضعف أمام إغراء الشيطان له، ولم يجد العزم الذي يمضى به أمر ربّه، ويخزى به الشيطان الرجيم، ويكبته! قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى}.
هو استعراض لقصة آدم، وعهد اللّه إليه.
وفى القصة تقديم وتأخير. فقد قدمت خاتمتها على أحداثها، ف قوله تعالى:- {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ..} هو ختام القصة، أو التعقيب عليها، وقدّم للاهتمام به، ولإلفات النبىّ إليه، لأنه هو المقصود من القصة هنا.
قوله تعالى: {فَقُلْنا يا آدَمُ.. إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى}.
وتوجيه الخطاب إلى آدم في قوله تعالى: {فَتَشْقى} إشارة إلى أن آدم هو الذي يحمل العبء الأكبر في مواجهة الحياة، إذا هو خرج من الجنة.
قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى}.
تلك هى جنة آدم..!
إنها غابة من تلك الغابات الكثيفة، التي تكثر فيها الفاكهة والظلّ والماء.
فمن فاكهة تلك الجنة يأكل هو وزوجه.. فلا يجوع.. ومن ماء الينابيع يشرب، فلا يظمأ.. وفى أكناف الغابة يستكن، ولا يخرج للعراء.
وفى ظلال الأشجار، يتّقى أشعة الشمس.. فلا يضحى.. أي لا يجد الحرّ الذي يتسلط عليه من الشمس، حين يكون بالضّحّ، أي العراء.
تلك- في رأينا- هى جنة آدم، وهى جنة أرضية، وآدم في هذه الجنة، أو الغابة لم يكن إلا الثمرة الأولى التي نضجت على هذه الأرض، من شجرة الحياة.
وقد عرضنا لهذه القضية في مبحث خاص، في الجزء الأول من كتابنا هذا: التفسير القرآنى للقرآن.
قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ.. هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ.. وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى}.
ولقد استجاب آدم لإغراء الشيطان، ولدوافع نفسه للكشف عن هذا السر المضمر في تلك الشجرة، التي نهى عن الأكل منها.. فأكل منها هو وزوجه.
وهنا تكشفت لهما الحقيقة من أمرهما، ونظرا إلى وجودهما- لأول مرة- نظرة واعية مدركة، فرأيا أنهما على حال من العرى، لا تليق بهما.. فأخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ليسترا به عورتيهما.
وقوله تعالى: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى} إشارة إلى موقف آدم بعد أكله من الشجرة.. لقد عصى ربه، عصاه لأنه أصبح ذا إرادة، تجىء منها الطاعة، كما يجىء منها العصيان! وهو بهذا العصيان قد غوى أي ضلّ، إذ اتبع الجانب المنحرف من إرادته، ولم يتبع الجانب المستقيم منها.
قوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى}.
إشارة إلى أن اللّه سبحانه، قد تجاوز لآدم هذا، عن فعلته تلك.
إذ كانت أول زلّة له، وهو يضع أول قدم له على طريق الإنسانية.. ثم هداه ربّه بعد هذا، وثبت قدمه على الأرض، بما فتح له عقله من آفاق واسعة فيها، لا تزال نتسع يوما بعد يوم.. إلى ما شاء اللّه.
قوله تعالى: {قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى} والهبوط هنا، هو الخروج من الجنة أو الغابة، إلى حيث الحياة الواسعة الرحيبة.
والخطاب هنا للآدميين، الذين خرجوا من عالم الغابة، إلى عالم الإنسان في شخص آدم وزوجه.. وهم في هذا العالم، متنافسون، متنازعون، متعادون.
تنفرق بهم السبل، وتنحرف الاتجاهات.. وقد كان من رحمة اللّه بهم أن بعث فيهم رسله، يحملون في أيديهم مصابيح الهدى.. فمن اتبع هدى اللّه، فلا يضلّ ولا يشقى.. ومن أبى، وأعرض عن ذكر اللّه والاستقامة على هداه، فإنه سيحيا في هذه الدنيا حياة تعسة ضالة، يضرب فيها في ظلام، لا يرى فيه بصيصا من الأمل والرجاء.. ثم يحشر يوم القيامة أعمى، حيث يشتد به الكرب، وتغيم في وجهه المرئيات، فلا يرى إلا ظلاما وضلالا.
قوله تعالى: {قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى}.
وفى ذلة وانكسار، يسأل الظالم ربه: {لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً؟} في الدنيا.. ويأتيه الجواب من الحق سبحانه وتعالى: {كَذلِكَ} أي كهذا العمى الذي أنت عليه في الآخرة، كنت في الدنيا، إذ أتتك آياتنا فعميت عنها، وأهملت النظر فيها.. {وَكَذلِكَ الْيَوْمَ} أي في هذا اليوم، يوم القيامة {تنسى} أي تترك فيما أنت عليه من عمى.
قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْبِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى}.
أي بمثل هذا الجزاء نجزى من أسرف على نفسه، ودفع بها في متاهات الضلال، ولم يؤمن بآيات ربه التي عرضت عليه.. إنه يحشر يوم القيامة أعمى.. ثم إن وراء هذا عذابا هو أشدّ من هذا العمى، وأبقى أثرا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال