سورة البقرة / الآية رقم 249 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ تَلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: قال في القاموس: غَرَفَ الماء يِغْرُفُه: أخذ بيده، كاغْتَرَفه، والغَرْفَةُ للمَرَّة، وبالكسر: هيئة الغرف وبالضام: اسم للمفعول، كالغرافة، لأنك ما لم تغرفه لا تسميه غُرْفَة، ثم قال: والغُرْفَةُ، بالضم: العُلِّيَّة.
يقول الحقّ جلّ جلاله: ولما اتفقوا على مُلك طالوت تجهز للخروج، وقال: لا يخرج معه إلا الشبابُ النشيط الفارغُ ليس وراءه غُلْقة، فاجتمع ممن اختار ثمانون ألفاً، وقي: ثلاثون، فلما انفصل عن بلده بالجنود وساروا في البيداء- وكان وقت الحرِّ والقيّظ- عطشوا، وسألوا طالوتَ أن يُجري لهم نهراً، فقال لهم بوحْي، أو بإلهام، أو بأمر نبيهم: {إن الله مبتليكم} أي: مُختبركم {بنهر} بسبب اقتراحكم، {فمن شرب منه} كَرْعاً بلا واسطة {فليس مني} أي: من جيشي، {ومن لم يطعمه} أي: يَذْقه، {فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده} فإنها تكفيه لنفسه ولفرسه، فالاستثناء من الجملة الأولى.
{فشربوا منه} أي: كَرعُوا، وسقطوا على وجوههم، {إلا قليلاً منهم} ثلاثُمائةٍ وأربعةَ عشر، على عدد أهل بدر، وقيل: ألفاً. رُوِيَ أن من اقتصر على الغَرفة كَفَتْه لشربه ودوابه، ومن لم يقتصر غلب عطشُه، واسودَّتْ شفتُه ولم يقدْر أن يمضيَ. وعن ابن عباس: أن القومَ شربوا على قدر يقينهم: فالكفار شربوا شُربَ الهيم، وشَرِب العاصي دون ذلك، وانصرف من القوم ستةٌ وسبعون ألفاً، وبقي بعضُ المؤمنين لم يشرب شيئاً، وأخذ بعضهم الغَرفة، فأما من شرب فاشتد به العطشُ وسقط، وأما من ترك الماءَ فحسن حالُه، وكان أجلَد ممن أخذ الغرفة. اهـ.
وحكمة هذ الامتحان: ليتخلص للجهاد المطيعون المخلصون، إذ لا يقع النصر إلاَّ بهم، فلما جاوز النهرَ طالوتُ ومن بقيَ معه ممن لم يشربْ قال بعضهم لبعض: {لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده}؛ لكثرتهم وقلة عددنا، {قال الذين يظنون} أي: يَتَيَقَّنْون {أنهم ملاقوا الله} ويتوقعون ثوابَ الشهادة وهم الخُلْصُ من أهل البصيرة: لا تفزعوا من كثرة عددهم {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} وإرادته ومعونته، و{كم} للتكثير، {والله مع الصابرين} بالنصر والمعونة.
الإشارة: قال بعض الحكماء: الدنيا كنهر طالوت، لا ينجو منها إلا من لم يشربْ أو اغترف غرفةً بيده، فمن أخذ منها قَدْرَ الضرورةِ كَفَتْه، ونَشَطَ لعبادة مولاه، ومن أخذ فوق الحاجة حُبس في سجنها، وكان أسيراً في يدها.
وقال بعضهم: طالبُ الدنيا كشارب ماءِ البحر، كلما زاد شربه ازداد عطشه. اهـ. وقال صلى الله عليه وسلم: «من أُشرب قلبه حُبَ الدنيا التاط منها بثلاث: بشغل لا ينفد عناه، وأمل لا يبلغ منتهاه، وحرص لا يدرك مداه» وقال عيسى عليه السلام: الدنيا مزرعة لإبليس، وأهلها حراث له. اهـ. وقال عليّ رضي الله عنه: الدنيا كالحية: لَيِّن مسها، قاتل سمها، فكن أحذر ما تكونُ منها، أَسَرَّ ما تكون بها؛ فإن من سكن منها إلى إيناس أزاله عنها إيحاش.
وقال عليه الصلاة والسلام: «مِنْ هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها» وقال سيدنا عليّ- كرّم الله وجهه-: أول الدنيا عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب، وحرامها عقاب، ومتشابهها عتاب، من استغنى فيها فُتن، ومن افتقر فيها حزن. اهـ. وقيل: الدنيا تُقبل إقبال الطالب، وتُدبر إدبار الهارب، وتصل وصال الملول، وتُفارق فراق العجول، خيرها يسير، وعمرها قصير، ولذاتها فانية، وتبعاتها باقية.
وقال عيسى عليه السلام: تعملون للدنيا، وأنتم تُرزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة، وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل. اهـ. وقيل: أوحى الله إلى الدنيا: مَنْ خدَمني فاخدِميه، ومن خدمك فاستخدِميه.
وكان عمرُ بنُ عبد العزيز يتمثل بهذه الأبيات:
نهارُكَ مغرورُ سهوٌ وغفلةٌ *** وليلُكَ نومٌ والأسَى لك لازمٌ
تُسَرُّ بما يفْنَى وتفرحُ بالمُنَى *** كما سُرَّ باللذَّات في النومِ حالمُ
وشغلُك فيها سوف تكرَه غَبَّه *** كذلك في الدنيا تَعيِشُ البهائمُ
وقال آخر:
هي الدارُ دَارُ الأذى والقذى *** ودارُ الفناءِ ودارُ الْغِيَرْ
فلو نِلْتَها بحذافيرها *** لمِتَّ ولم تَقْضِ منا الوطرْ
أيا مَنْ يؤملُ طولَ الخلودِ *** وطولُ الخلودِ عليه ضررْ
إذا ما كبِرْتَ وفات الشبَابُ *** فلا خيرَ في العيش بعد الكِبرْ




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال