سورة الأنبياء / الآية رقم 88 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤْمِنِينَ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ

الأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياءالأنبياء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحقّ جلّ جلاله: {و} اذكر {ذا النُّون} أي: صاحب الحوت، وهو يونس عليه السلام، {إِذ ذهبَ مغاضِبًا} أي: مراغمًا لقومه، فارًا عنهم، وغضب من طول دعوته إياهم، وشدة شكيمتهم، وتمادي إصرارهم، فخرج مهاجرًا عنهم، قبل أن يُؤمر، وقيل: وعدهم بالعذاب فلم يأتهم لميعادهم؛ لأجل توبتهم، ولم يشعر بها، فظن أنه كذبهم، فغضب من ذلك، فهو من باب المغالبة؛ للمبالغة؛ أو لأنه غضب لما رأى منهم من الإصرار، وغضبوا لمفارقته إياهم، وكان من حقه عليه السلام أن يصبر وينتظر الإذن الخاص من الله تعالى، فلما استعجل ابتلي ببطن الحوت، وقال ابن عباس: قال جبريلُ ليونس عليه السلام: انطلق إلى أهل نِينَوى فأنذرهم أن العذاب قد حضرهم، قال: ألتمس دابة، قال: الأمر أعجل من ذلك، فانطلق إلى السفينة فركبها، فاحتبست السفينة فساهموا فسهم، فجاءه الحوت يبصبص بذنبه، فنودي الحوت: إنا لم نجعل يونس لك رزقًا، إنما جعلناه لك حِرزًا، فالتقمه، ومرّ به على الأبُلة، ثم على دجلة، ثم مَرَّ به حتى ألقاه بنينَوَى. اهـ.
وقال وهب بن منبه رضي الله عنه: إنَّ يونس كان عبدًا صالحًا ضَيِّق الخلق، فلما حمل أثقال النبوة تفسخ منها تفسُّخَ الرّبَع تحت الحمل الثقيل، فقذفها وخرج هاربًا عنها، ولذلك أخرجه الله من أولي العزم، قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل} [الأحقاف: 35]، وقال: {وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحوت} [القَلَم: 48]، أي: لا تلق أمري كما ألقاه. اهـ. وأما قول الحسن: مغاضبًا لربه، فلا يليق بمقام الأنبياء- عليهم السلام- إلا أن يحمل على أن خروجه بلا إذن كأنه مغاضب. والله تعالى أعلم.
ثم قال تعالى: {فظنَّ أن لن نقْدِرَ عليه} أي: لن نضيق عليه، أو لن نقدر عليه بالعقوبة، فهو من القدرة، ويؤيده قراءة من شدَّد، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: دخلت يومًا على معاوية، فقال: لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة، فغرقت فيها، فلا أرى لنفسي خلاصًا إلا بك، قال: وما هي؟ فقرأ الآية... فقال: أو يظن نبي الله ألا يقدر عليه؟ قال: هذا من القدر لا من القدرة. اهـ.
وقيل: إنه على حذف الاستفهام. أي: أيظن أن لن نقدر عليه، وقيل: هو تمثيل لحاله بحال من ظن أن لن يقدر عليه، أي: تعامل معاملة من ظن أن لن نقدر عليه؛ حيث استعجل الفرار. قلت: لإعلاء مقامه كثرت مطالبته بالأدب، فحين خرج من غير إذن خاص؛ عُدَّ خروجه كأنه ظن ألا تنفذ فيه القدرة، وتمسك عليه السلام بالإذن العام، وهو الهجرة من دار الكفر، وهو لا يكفي في حق أمثاله، فعوقب بالسجن في بطن الحوت.
{فنادى في الظلمات} أي: في الظلمة الشديدة المتكاثفة كقوله: {ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ...} [البَقَرة: 17]، أو في ظلمة بطن الحوت والبحر والليل: {أن لا إِله إِلا أنتَ} أي: بأنه لا إله إلا أنت، أو تفسيرية، أي: قال: لا إله إلا أنت، {سبحانك} أي: أنزهك تنزيهًا لائقًا بك من أن يعجزك شيء، أو: تنزيهًا لك عما ظننتُ فيك، {إِني كنتُ من الظالمين} لنفسي؛ بخروجي عن قومي قبل أن تأذن لي، أو من الظالمين لأنفسهم بتعريضها للهلكة، وعن الحسن: ما نجاه، والله، إلا إقراره على نفسه بالظلم.
{فاستجبنا له} أي: أجبنا دعاءه الذي دعا في ضمن الاعتراف بالذنب على ألطف وجه وأحسنه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَكْرُوبٍ يَدْعُو بِهَذا الدُّعَاءِ إلاّ اسْتُجِيبَ لَهُ» {ونجيناه من الغم}: الذلة والوحشة والوحدة، وذلك بأن قذفه الحوت إلى الساحل بعد أربع ساعات، وقيل: بعد ثلاثة أيام، {وكذلك نُنجي المؤمنين} أي: مثل ذلك الإنجاء الكامل نُنجي المؤمنين من غمومهم، إذا دعوا الله، مخلصين في دعائهم. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اسم الله الذي إذا دُعي به أجب، وإذا سُئل به أعطى» دعوة يونس بن متى، قيل: يا رسول الله، أليونس خاصة؟ قال: «بل هي عامة لكل مؤمن، ألم تسمع قول الله تعالى: {وكذلك ننجي المؤمنين}» وهنا قراءات في {نُنجي}، مذكورة في كتب القراءات، تركتها لطول الكلام فيها.
الإشارة: من تحققت له سابقة العناية لا تُبعده الجناية، ولا تُخرجه عن دائرة الولاية، بل يؤدب في الدنيا بالابتلاء في بدنه أو ماله، على قدر الجناية وعلو المقام، ثم يُرد إلى مقامه. وها هنا حكايات للصوفية- رضي الله عنهم- من هذا النوع، مِنْهَا: حكاية خير النساج رضي الله عنه، قيل له: أكان النسج صنعتك؟ قال: لا، ولكن كنتُ عاهدت الله واعتقدت ألا آكل الرطب، فغلبتني نفسي واشتريت رطلاً منه، فجلستُ لآكله، فإذا رجل وقف عليّ، وخنقني، وقال: يا عبد السوء، أتهرب من مولاك- وكان له عبد اسمه: خير أَبَقَ مِنْه، أَلقى الله شبهه عليَّ- فحملني إلى حانوته، وقال: اعمل عملك، أمرني بعمل الكرباس- وهو القطن- فدليت رجلي لأنسجه، فكأني كنت أعمله سنين، فبقيت معه أشهرًا، فقمتُ ليلة إلى صلاة الغداة، وقلت: إلهي لا أعود، فأصبحت، فإذا الشبه قد زال عني، وعُدتُ إلى صورتي التي كُنتُ عليها، فأُطلقت، فثبت عليّ هذا الاسم، فكان سببُه اتباع شهوتي.
ومنها قضية أبي الخير العسقلاني رضي الله عنه قال: اشتهيتُ السمك سنين، ثم ظهر له من وجه حلال، فلما مد يده ليأكل، أخذت شوكة من عظامه إصبعَه، فذهبت في ذلك، فقال: إلهي هذا لمن مد يده لشهوة من حلال، فكيف بمن مد يده لشهوة من حرام.
ومنها: قضية إبراهيم الخواص رضي الله عنه قال: كنت جائعًا في الطريق، فوافيت الرِّي- اسم بلدة- فخطر ببالي أن لي بها معارف، فإذا دخلتها أضافوني وأطعموني، فلمَّا دخلت البلد رأيت فيها مُنكرًا احتجت أن آمر فيه بالمعروف، فأخذوني وضربوني، فقلتُ في نفسي: من أين أصابني هذا، على جوعي؟ فنُوديت في سري: إنك سكنت إلى معارفك بقلبك، ولم تسكن إلى خالقك.
وأمثال هذا كثير بأهل الخصوصية، يُؤدبون على أقل شيء من سوء الأدب؛ لشدة قربهم، ثم يُردون إلى مقامهم. ومن هذا النوع قصة سيدنا يونس عليه السلام؛ حيث خرج من غير إذن خاص، فأدَّبه، ثم رده إلى النبوة والرسالة، وقد كنتُ سمعت من بعض الأشياخ أن أيوب عليه السلام إنما أصيب في ماله، لأنه كان بجوار ماله كافر، فكان يداريه؛ لأجل ماله، فأصيب فيه وفي بدنه؛ تأديبًا وتكميلاً له. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال