سورة البقرة / الآية رقم 252 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ تَلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}
{تِلْكَ آيات الله} إشارة إلى ما سلف من حديث الألوف وموتهم وإحيائهم وتمليك طالوت؛ وإظهاره بالآية وإهلاك الجبابرة على يد صبي وما فيه من البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه، وقيل: إشارة إلى ما مر من أول السورة إلى هنا وفيه بعد، والجملة على التقديرين مستأنفة، وقوله تعالى: {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} أي بواسطة جبريل عليه السلام إما حال من الآيات والعامل معنى الإشارة، وإما جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب {بالحق} في موضع النصب على أنه حال من مفعول {نتلوها} أي متلبسة باليقين الذي لا يرتاب فيه أحد من أهل الكتاب وأرباب التواريخ لما يجدونها موافقة لما عندهم أو لا ينبغي أن يرتاب فيه أو من فاعله أي نتلوها عليك متلبسين بالحق والصواب وهو معنا أو من الضمير المجرور أي متلبسًا بالحق وهو معك.
{وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} حيث تخبر بتلك الآيات وقصص القرون الماضية وأخبارها على ما هي عليه من غير مطالعة كتاب ولا اجتماع بأحد يخبر بذلك. ووجه مناسبة هذه القصة لما قبلها ظاهرة وذلك لأنه تعالى لما أمر المؤمنين بالقتال في سبيله وكان قد قدم قبل ذلك قصة الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت إما بالطاعون أو القتال على سبيل التشجيع والتثبيت للمؤمنين والإعلام أنه لا ينجي حذر من قدر أردف ذلك بأن القتال كان مطلوبًا مشروعًا في الأمم السابقة فليس من الأحكام التي خصصتم بها لأن ما وقع فيه الاشتراك كانت النفس أميل لقبوله من التكليف الذي يقع به الانفراد.
هذا ومن باب الإشارة في هذه الآيات: {ألم ترى إلى} ملأ القوى {من بني إسرائيل} البدن {من بعد موسى} القلب {إذ قالوا لنبي} عقولهم {ابعث لَنَا مَلِكًا نقاتل فِى سَبِيلِ الله} وطريق الوصول إليه بواسطة أمره وإرشاده {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلاَّ تقاتلوا} أي إني أتوقع منكم عدم المقاتلة لانغماسكم في أوحال الطبيعة {قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نقاتل} في طريق السير إلى الله تعالى، {وقد أخرجنا} من ديار استعداداتنا الأصلية التي لم نزل بالحنين إليها؛ واغتربنا عن أبناء كمالاتنا اللاتي لم نبرح عن مزيد البكاء عليها {فلما كتب عليهم القتال} لعدوهم الذي تسبب لهم الاغتراب وأحل بهم العجب العجاب تولوا وأعرضوا عن مقاتلته وانتظموا في سلك شيعته {إِلاَّ قَلِيلًا مّنْهُمُ} وهم القوى المستعدة {والله عَلِيمٌ بالظالمين} [البقرة: 246] الذين نقصوا حظوظهم {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ} الروح الإنساني ملكًا متوجًا بتاج الأنوار الإلهية جالسًا على كسرى التدبيرات الصمدانية {قَالُواْ}: لاحتجابهم بحجاب الأنانية وغفلتهم عن العلوم الحقانية كيف يكون له الملك علينا مع انحطاط مرتبته بتنزله إلى عالم الكثافة من عالمه الأصلي وليس فيه مشابهة لنا {وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ} لاشتراكنا في عالمنا ومشابهة بعضنا بعضًا وشبيه الشيء ميال إليه قريب اتباعه له:
ولكل شيء آفة من جنسه ***
{وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً} من مال التصرف إذ لا يتصرف إلا بالواسطة {قَالَ إِنَّ الله تَعَالَى} اختاره عليكم لبساطته وتركبكم وزاده سعة في العلم الإلهي وقوة في الذات النوراني، {والله يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَاء} فيدبره بإذنه، {والله واسع} لسعة الإطلاق، {عَلِيمٌ} [البقرة: 247] بالحكم التي تقتضي الظهور والتجلي ظاهر الأسماء، {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ} عليكم وخلافته من قبل الرب فيكم {أَن يَأْتِيَكُمُ} تابوت الصدر {فِيهِ سَكِينَةٌ} أي طمأنينة من {رَبُّكُمْ} وهي الطمأنينة بالإيمان والأنس بالله تعالى، {وَبَقِيَّةٌ مّمَّا تَرَكَ ءالُ موسى} القلب {وَقَالَ لَهُمْ} السر، وهي من التوحيد وعصا لا إله إلا الله التي تلقف عظيم سحر صفات النفس وطست تجلي الأنوار الذي يغسل به قلوب الأنبياء وشيء من توراة الإلهامات {تَحْمِلُهُ} [البقرة: 248] ملائكة الاستعدادات لدى طالوت الروح فعند ذلك تسلم له الخلافة وينقاد له جميع أسباط صفات الإنسان، {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ} وجنوده من وزير العقل ومشير القلب ومدبر الأفهام ونظام الحواس {قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ} الطبيعة الجسمانية المترع ياه الشهوات {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ} وكرع مفرطًا في الري فليس من أشياعي الذين هم من عالم الروحانيات وأهل مكاشفات الصفات {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} ويذقه فإنه من سكان حظائر القدس وحضار جلوة عرائس منصة الأنس {إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ} وكرعوا وانهمكوا فيه {إِلاَّ قَلِيلًا مّنْهُمُ} وهم المتنزهون عن الأقذار الطبيعية المتقدسون عن ملابسها المتجردون عن غواشيها وقليل ما هم فلما جاوز طالوت الروح نهر الطبيعة وعبره {هُوَ والذين ءامَنُواْ} من القلب والعقل والملك وغيرهم من اتباع الروح {مَعَهُ}، قال بعضهم وهم الضعفاء الذين لم يصلوا إلى مقام التمكين {لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم} حاربة جالوت النفس وأعوانه لعراقتهم بالخدع والدسائس {قَالَ الذين} يتيقنون {أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله} بالرجوع إليه: {كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً} وقهرتها حتى أذهبت كثرتها {بِإِذُنِ الله} وتيسيره، {والله مَعَ الصابرين} [البقرة: 249] بالتجلي الخاص لهم، فلما برزوا لحرب جالوت وجنوده تبرءوا من الحول والقوة وقالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} واستقامة، {وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا} في ميادين الجهاد حتى لا نرجع القهقرى من بعد؛ {وانصرنا} [البقرة: 250] على أعدائنا الذين ستروا الحق، وهم النفس الأمارة وصفاتها {فَهَزَمُوهُم} وكسروهم {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله وَقَتَلَ} القلب {جَالُوتَ} النفس، ووصلوا كلهم إلى مقام التمكين فلا يخشون الرجعة والردة، وكان قد رماه بحجر التسليم في مقلاع الرضا بيد ترك الالتفات إلى السوي فأصاب ذلك دماغ هواه فخر صريعًا فآتى الله تعالى داود ملك الخلافة وحكمة الإلهامات {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء} من صنعة لبوس الحروب، ومنطق طيور الواردات وتسبيح جبال الأبدان، {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُم} كأرباب الطلب {بِبَعْضِ} كالمشايخ الواصلين {لَفَسَدَتِ} أرض استعداداتهم المخلوقة في أحسن تقويم عند استيلاء جالوت النفس،
{ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين}، [البقرة: 251] ومن فضله تحريك سلسلة طلب الطالبين وإلهام أسرارهم إرادة المشايخ الكاملين وتوفيقهم للتمسك بذيل تربيتهم والتشبث بأهداب سيرتهم فسبحانه من جواد لا يبخل ومتفضل على من سأل ومن لم يسأل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال