سورة الحج / الآية رقم 38 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

حُنَفَاءَ (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ

الحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قرأ أبو عمرو وابن كثير: {يدفع} وقرأ الباقون: {يدافع} وصيغة المفاعلة هنا مجرّدة عن معناها الأصلي، وهو وقوع الفعل من الجانبين كما تدلّ عليه القراءة الأخرى.
وقد ترد هذه الصيغة ولا يراد بها معناها الأصلي كثيراً مثل: عاقبت اللصّ ونحو ذلك، وقد قدّمنا تحقيقه. وقيل: إن إيراد هذه الصيغة هنا للمبالغة. وقيل: للدلالة على تكرر الواقع. والمعنى: يدافع عن المؤمنين غوائل المشركين. وقيل: يعلي حجتهم. وقيل: يوفقهم. والجملة مستأنفة لبيان هذه المزية الحاصلة للمؤمنين من ربّ العالمين، وأنه المتولي للمدافعة عنهم، وجملة: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} مقرّرة لمضمون الجملة الأولى، فإن المدافعة من الله لهم عن عباده المؤمنين مشعرة أتمّ إشعار بأنهم مبغضون إلى الله غير محبوبين له. قال الزجاج: من ذكر غير اسم الله وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته فهو خوّان كفور، وإيراد صيغتي المبالغة للدلالة على أنهم كذلك في الواقع لا لإخراج من خان دون خيانتهم، أو كفر دون كفرهم.
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يقاتلون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} قرئ: {أذن} مبنياً للفاعل ومبنياً للمفعول وكذلك {يقاتلون}، قرئ مبنياً للفاعل ومبنياً للمفعول، وعلى كلا القراءتين فالإذن من الله سبحانه لعباده المؤمنين بأنهم إذا صلحوا للقتال، أو قاتلهم المشركون قاتلوهم. قال المفسرون: كان مشركو مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بألسنتهم وأيديهم، فيشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لهم: «اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر»، فأنزل الله سبحانه هذه الآية بالمدينة، وهي أوّل آية نزلت في القتال. وهذه الآية مقرّرة أيضاً لمضمون قوله: {إِنَّ الله يُدَافِعُ} فإن إباحة القتال لهم هي من جملة دفع الله عنهم، والباء في: {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} للسببية، أي بسبب أنهم ظلموا بما كان يقع عليهم من المشركين من سب وضرب وطرد. ثم وعدهم سبحانه النصر على المشركين، فقال: {وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} وفيه تأكيد لما مرّ من المدافعة أيضاً.
ثم وصف هؤلاء المؤمنين بقوله: {الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم بِغَيْرِ حَقّ} ويجوز أن يكون بدلاً من الذين يقاتلون، أو في محل نصب على المدح، أو محل رفع بإضمار مبتدأ، والمراد بالديار: مكة {إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله} قال سيبويه: هو استثناء منقطع، أي لكن لقولهم: ربنا الله أي أخرجوا بغير حق يوجب إخراجهم لكن لقولهم: ربنا الله.
وقال الفراء والزجاج: هو استثناء متصل، والتقدير: الذين أخرجوا من ديارهم بلا حق إلا بأن يقولوا: ربنا الله، فيكون مثل قوله سبحانه: {هل تنقمون منا إلا آمنا بالله} [المائدة: 59] وقول النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
{وَلَوْلاَ دفع الله الناس} قرأ نافع: {ولولا دفاع} وقرأ الباقون: {ولولا دفع} والمعنى: لولا ما شرعه الله للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك، وذهبت مواضع العبادة من الأرض، ومعنى {لَّهُدّمَتْ}: لخربت باستيلاء أهل الشرك على أهل الملل. فالصوامع: هي صوامع الرهبان. وقيل: صوامع الصابئين، والبيع: جمع بيعة، وهي كنيسة النصارى، والصلوات: هي كنائس اليهود، واسمها بالعبرانية صلوثا بالمثلثة فعربت، والمساجد هي مساجد المسلمين، وقيل: المعنى: لولا هذا الدفع لهدّمت في زمن موسى الكنائس، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع، وفي زمن محمد المساجد. قال ابن عطية: هذا أصوب ما قيل في تأويل الآية. وقيل: المعنى: ولولا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة. وقيل: لولا دفع الله العذاب بدعاء الأخيار. وقيل: غير ذلك. والصوامع: جمع صومعة، وهي بناء مرتفع، يقال: صمع الثريدة: إذا رفع رأسها، ورجل أصمع القلب، أي حادّ الفطنة، والأصمع من الرجال: الحديد القول. وقيل: الصغير الأذن. ثم استعمل في المواضع التي يؤذن عليها في الإسلام، وقد ذكر ابن عطية في {صلوات} تسع قراءات، ووجه تقديم مواضع عبادات أهل الملل على موضع عبادة المسلمين كونها أقدم بناء وأسبق وجوداً. والظاهر من الهدم المذكور معناه الحقيقي كما ذكره الزجاج وغيره. وقيل: المراد به المعنى المجازي، وهو تعطلها من العبادة، وقرئ: {لهدّمت} بالتشديد، وانتصاب {كثيراً} في قوله: {يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً} على أنه صفة لمصدر محذوف أي: ذكراً كثيراً، أو وقتاً كثيراً، والجملة صفة للمساجد؛ وقيل: لجميع المذكورات.
{وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ} اللام هي جواب لقسم محذوف، أي والله لينصر الله من ينصره، والمراد بمن ينصر الله: من ينصر دينه وأولياءه. والقويّ: القادر على الشيء، والعزيز: الجليل الشريف قاله الزجاج. وقيل: الممتنع الذي لا يرام ولا يدافع ولا يمانع، والموصول في قوله: {الذين إِنْ مكناهم فِي الأرض} في موضع نصب صفة لمن في قوله: {من ينصره} قاله الزجاج: وقال غيره: هو في موضع جرّ صفة لقوله: {للذين يقاتلون}. وقيل: المراد بهم: المهاجرون والأنصار والتابعون لهم بإحسان. وقيل: أهل الصلوات الخمس. وقيل: ولاة العدل. وقيل: غير ذلك، وفيه إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من مكنه الله في الأرض وأقدره على القيام بذلك، وقد تقدّم تفسير الآية، ومعنى {وَلِلَّهِ عاقبة الأمور}: أن مرجعها إلى حكمه وتدبيره دون غيره.
وقد أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: لما أخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكنّ القوم، فنزلت: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يقاتلون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} الآية.
قال ابن عباس: وهي أوّل آية نزلت في القتال. قال الترمذي: حسن، وقد رواه غير واحد عن الثوري، وليس فيه ابن عباس. انتهى.
وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: {الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم} أي من مكة إلى المدينة بغير حق، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان قال: فينا نزلت هذه الآية: {الذين أُخْرِجُواْ مِن ديارهم بِغَيْرِ حَقّ} والآية بعدها، أخرجنا من ديارنا بغير حق، ثم مكنّاهم في الأرض أقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فهي لي ولأصحابي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عليّ بن أبي طالب قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب محمد: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس} الآية قال: لولا دفع الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدّمت صوامع.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لَّهُدّمَتْ صوامع} الآية قال: الصوامع التي تكون فيها الرهبان، والبيع: مساجد اليهود وصلوات: كنائس النصارى، والمساجد: مساجد المسلمين.
وأخرجا عنه قال: البيع: بيع النصارى، وصلوات: كنائس اليهود.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {الذين إِنْ مكناهم فِي الأرض} قال: أرض المدينة {الذين إِنْ} قال: المكتوبة {وَإِذْ أَخَذْنَا} قال: المفروضة {وَأَمَرُواْ بالمعروف} قال: بلا إله إلا الله {وَنَهَوْاْ عَنِ المنكر} قال: عن الشرك بالله {وَلِلَّهِ عاقبة الأمور} قال: وعند الله ثواب ما صنعوا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال