سورة الحج / الآية رقم 39 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ

الحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحجالحج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {إلا أن يقولوا}، قيل: منقطع، وقال الزمخشري: في محل الجر، بدل من حق. اهـ. وهو على طريق قول الشاعر:
لاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ *** بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِراعِ الكَتَائِبِ
يقول الحقّ جلّ جلاله: {أُذِنَ} أي: رُخص وشرع، أو أَذن اللهُ {للذين يُقاتَلون} أي: يُقاتلهم الكفارُ المشركون، وحذف المأذون فيه؛ لدلالة {يُقاتَلون} عليه، أي: في قتالهم، {بأنهم ظُلموا} أي: بسبب كونهم مظلومين، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مشركو مكة يؤذونهم أذىً شديدًا، وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين مضروبٍ ومشجوج، فيتظلمون إليه، فيقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصبروا؛ فإني لم أومر بالقتال» حتى هاجر، فنزلت هذه الآية. وهي أول آية نزلت في الجهاد، بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية.
{وإِنّ الله على نصرهم لقديرٌ}. وعدٌ لهم بالنصر، وتأكيد لِما مرّ من العِدَة الكريمة بالدفع، وتصريح بأن المراد ليس مجرد تخليصهم من يد المشركين، بل بغلبتهم وإظهارهم عليهم. وتأكيده بكلمة التحقيق. واللام؛ لمزيد من تحقيق مضمونه، وزيادة توطين نفوس المؤمنين.
ثم وصف الذين أَذن لهم، أو فسرهم، أو مدحهم بقوله: {الذين أُخرجوا من ديارهم}، يعني مكة: {بغير حق}؛ بغير ما يوجب إخراجهم {إلا أن يقولوا ربنا الله} أي: بغير موجب سوى التوحيد، الذي ينبغي أن يكون موجبًا للإقرار لا للإخراج. ومثله: {هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بالله} [المَائدة: 59].
{ولولا دفعُ اللهِ الناسَ}: لولا أن يدفع الله الناس {بعضهم ببعض}؛ بتسليط المؤمنين على الكافرين في كل عصر وزمان، وإقامة الحدود وكف المظالم، {لهُدِّمت} أي لخربت؛ باستيلاء الكفرة على الملل، {صَوَامِعُ}: جمع صومَعة- بفتح الميم-، وهي: متعبد النصارى والصابئين منهم، ويسمى أيضًا الدير. وسُمي بها موضع الأذان من الإسلام: {وَبِيَعٌ}: جمع بيعة- بكسر الباء-: كنائس النصارى، {وصلوات}: كنائس اليهود، سميت بما يقع فيها، وأصلها: صلَوتا بالعبرانية، ثم عُربت، {ومساجد} للمسلمين، {يُذْكَرُ فيها اسمُ الله كثيرًا} أي: ذكرًا كثيرًا، أو وقتًا كثيرًا، صفة مادحة للمساجد، خُصت بها؛ دلالةً على فضلها وفضل أهلها. وقيل يرجع للأربع، وفيه نظر؛ فإنَّ ذكر الله تعالى في الصوامع والبيع والكنائس قد انقطع بظهور الإسلام، فَقَصْدُ بيانِه، بعد نسخ شرائعها مما لا يقتضيه المقام، ولا ترتضيه الأفهام. وقدمت الثلاثة على المساجد؛ لتقدمها وجودًا، أو لقربها من التهديم.
{ولينصرنّ اللهُ مَن ينصره} أي: وتالله، لينصرن الله من ينصر دينه ونبيه- عليه الصلاة والسلام- وأولياءه. ومن نصرِه: إشهاره وإظهاره، وتعليمه لمن لا يعلَمه، وإعزاز حامل لوائه من العلماء والأولياء.
وقد أنجز الله وعده، حيث سلط المهاجرين والأنصارعلى صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم، وأورثهم أرضهم وديارهم، {إِن الله لقوي عزيز}: غالب على ما يريد، ومن جملته: نصرهم وإعلاؤهم.
ثم وصف الذين أُخرجوا من ديارهم بقوله: {الذين إِن مكَّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتُوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونَهوا عن المنكر} قلت: الصواب ما قاله مكي: أنه بدل مِن: مَن ينصره، في محل نصب. قيل: المراد بهم: الصحابة- رضي الله عنهم-، وقيل: الأمة كلها. وقيل الخلفاء الأربعة؛ لأنهم هم الذين مُكِّنوا في الأرض بالخلافة، وفعلوا ما وصفهم الله به. وفيه دليل صحة أمرِ الخلفاء الراشدين؛ لأن الله- عزّ وجلّ- أعطاهم التمكين، ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة. وعن عثمان رضي الله عنه: (هذا، والله، ثناء قبل بلاء)، يعني: أن الله تعالى أثنى عليهم قبل ظهور الشر من الهرج والفتن فيهم. {ولله عاقِبةُ الأمور}؛ فإنَّ مرجعها إلى حكمه وتقديره فقط. وفيه تأكيد للوعد بإظهار أوليائه وإعلاء كلمته.
الإشارة: إذا اتصل الإنسان بشيخ التربية فقد أذن له في جهاد نفسه، إن أراد الوصول إلى حضرة ربه؛ لأنها ظالمة تحول بينه وبين سعادته الأبدية. وإن الله على نصرهم لقدير؛ لأن هِمَّةَ الشيخ تحمله وتنصره بإذن الله. وأما إن لم يتصل بشيخ التربية، فإن مجاهدته لنفسه لا تُصيب مَقاتلها؛ لدخولها تحت الرماية، فلا يُصيبها ضربه، وأما الشيخ؛ فلأنه يريه مساوئها ويعينه على قتلها.
وقوله تعالى: {الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق}؛ هم الذين أُمروا بقتل نفوسهم، فإنهم إذا خرقوا عوائد نفوسهم، وخرجوا عن عوائد الناس، رفضوهم وأنكروهم، وربما أخرجوهم من ديارهم، فقلَّ أن تجد وليًا بقي في وطنه الأول، وما نقموا منهم وأخرجوهم إلا لقصدهم مولاهم، وقولهم: ربُّنا الله دون شيء سواه، فحيث خرجوا عن عوائدهم وقصدوا مولاهم، أنكروهم وأخرجوهم من أوطانهم، ولولا دفع الناس بعضهم ببعض؛ بأن شفع خيارهم في شرارهم، لهدمت دعائم الوجود؛ لأنَّ من آذى وليًا فقد آذن بالحرب.
قال القشيري: {ولولا دفع الله الناس}، أي: يتجاوز عن الأصاغر لِقَدْرِ الأكابر؛ استبقاء لمنازل العبادة، تلك سُنَّة أجراها. ثم قال: {الذين إن مكّناهم في الأرض}، أي: لم يشتغلوا في ذلك بحظوظٍ، ولكن قاموا لأداء حقوقنا. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال