سورة البقرة / الآية رقم 259 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {أَوْ كالذى} {أو} للعطف حملاً على المعنى، والتقدير: هل رأيت كالذي حاجّ، أو كالذي مرّ على قرية؟ قاله الكسائي، والفراء.
وقال المبرد: إن المعنى: ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه؟ ألم تر من هو كالذي مرّ على قرية، فحذف قوله من هو.
وقد اختار جماعة أن الكاف زائدة، واختار آخرون أنها إسمية. والمشهور أن القرية هي بيت المقدس بعد تخريب بختنصر لها، وقيل: المراد بالقرية: أهلها. وقوله: {خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} أي: ساقطة على عروشها، أي: سقط السقف، ثم سقطت الحيطان عليه، قاله السُّدِّيُ، واختاره ابن جرير، وقيل: معناه خالية من الناس، والبيوت قائمة، وأصل الخواء الخلوّ، يقال خوت الدار وخويت تخوى خواء- ممدود- وخوياً، وخويا: أقفرت، والخواء أيضاً: الجوع لخلوّ البطن عن الغذاء، والظاهر القول الأوّل بدلالة قوله: {على عُرُوشِهَا} من خوى البيت إذا سقط، أو من خوت الأرض إذا تهدمت، وهذه الجملة حالية: أي: من حال كونها كذلك. وقوله: {أنّى يُحْيِي هذه الله} أي: متى يحيي، أو كيف يحيي، وهو استبعاد لإحيائها، وهي على تلك الحالة المشابهة لحالة الأموات المباينة لحالة الأحياء، وتقديم المفعول لكون الاستبعاد ناشئاً من جهته لا من جهة الفاعل. فلما قال المارُّ هذه المقالة مستبعداً لإحياء القرية المذكورة بالعمارة لها، والسكون فيها ضرب الله له المثل في نفسه بما هو أعظم مما سأل عنه {فَأَمَاتَهُ الله مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} وحكى الطبري عن بعضهم أنه قال: كان هذا القول شكاً في قدرة الله على الإحياء، فلذلك ضرب له المثل في نفسه. قال ابن عطية: ليس يدخل شكّ في قدرة الله سبحانه على إحياء قرية بجلب العمارة إليها، وإنما يتصور الشك إذا كان سؤاله، عن إحياء موتاها.
وقوله: {مِاْئَةَ عَامٍ} منصوب على الظرفية. والعام: السنة أصله مصدر كالعوم سمي به هذا القدر من الزمان. وقوله: {بَعَثَهُ} معناه: أحياه. قوله: {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} هو استئناف كأنّ سائلاً سأله ماذا قال له بعد بعثه؟ واختلف في فاعل قال؛ فقيل: هو الله عزّ وجل، وقيل: ناداه بذلك ملك من السماء، قيل: هو جبريل، وقيل: غيره، وقيل: إنه نبيّ من الأنبياء. قيل: رجل من المؤمنين من قومه شاهده عند أنْ أماته الله، وعمر إلى عند بعثه. والأول أولى لقوله فيما بعد {وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنشِزُهَا} وقرأ ابن عامر، وأهل الكوفة إلا عاصماً {كَمْ لبثت} بإدغام الثاء في التاء لتقاربهما في المخرج. وقرأ غيرهم بالإظهار، وهو أحسن لبعد مخرج الثاء من مخرج التاء. و{كم} في موضع نصب على الظرفية، وإنما قال: {يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} بناء على ما عنده، وفي ظنه، فلا يكون كاذباً، ومثله قول أصحاب الكهف: {قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19] ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين: «لم تَقُصر ولم أنس» وهذا ما يؤيد قول من قال: إن الصدق ما طابق الاعتقاد، والكذب ما خالفه. وقوله: {قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ} هو: استئناف أيضاً كما سلف: أي: ما لبثت يوماً، أو بعض يوم بل لبثت مائة عام.
وقوله: {فانظر إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} أمره سبحانه أن ينظر إلى هذا الأثر العظيم من آثار القدرة، وهو عدم تغير طعامه، وشرابه مع طول تلك المدّة. وقرأ ابن مسعود: {وهذا طعامك وشرابك لم يتسنه} وقرأ طلحة ابن مصرِّف {وانظر لطعامك وشرابك لمائة سنة}.
وروى عن طلحة أيضاً أنه قرأ: {لم يسَّن} بإدغام التاء في السين، وحذف الهاء. وقرأه الجمهور بإثبات الهاء في الوصل، والتسنه مأخوذ من السنة أي: لم تغيره السنون، وأصلها سنهة، أو سنوة من سنهت النخلة، وتسنهت: إذا أتت عليها السنون، ونخلة سنا أي: تحمل سنة، ولا تحمل أخرى، وأسنهت عند بني فلان: أقمت عندهم، وأصله يتسنا سقطت الألف للجزم، والهاء للسكت. وقيل: هو من أسن الماء: إذا تغيَّر، وكان يجب على هذا أن يقال يتأسن من قوله: {حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26، 33] قاله أبو عمرو الشيباني.
وقال الزجاج: ليس كذلك؛ لأن قوله: {مَّسْنُونٍ} ليس معناه متغير، وإنما معناه مصبوب على سنَّه الأرض. وقوله: {وانظر إلى حِمَارِكَ} اختلف المفسرون في معناه، فذهب الأكثر إلى أن معناه: انظر إليه كيف تفرّقت أجزاؤه، ونخرت عظامه، ثم أحياه الله، وعاد كما كان.
وقال الضحاك، ووهب بن منبه: انظر إلى حمارك قائماً في مربطه لم يصبه شيء بعد أن مضت عليه مائة عام، ويؤيد القول الأول قوله تعالى: {وانظر إِلَى العظام كَيْفَ ننشزها} ويؤيد القول الثاني مناسبته لقوله: {فانظر إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} وإنما ذكر سبحانه عدم تغير طعامه، وشرابه، بعد إخباره أنه لبث مائة عام، مع أن عدم تغير ذلك الطعام، والشراب لا يصلح أن يكون دليلاً على تلك المدة الطويلة، بل على ما قاله من لبثه يوماً، أو بعض يوم لزيادة استعظام ذلك الذي أماته الله تلك المدة، فإنه إذا رأى طعامه، وشرابه لم يتغير مع كونه قد ظنّ أنه لم يلبث إلا يوماً، أو بعض يوم زادت الحيرة، وقويت عليه الشبهة، فإذا نظر إلى حماره عظاماً نخرة تقرّر لديه أن ذلك صنع من تأتي قدرته بما لا تحيط به العقول، فإن الطعام، والشراب سريع التغير.
وقد بقي هذه المدّة الطويلة غير متغير، والحمار يعيش المدة الطويلة.
وقد صار كذلك {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: 14]. قوله: {وَلِنَجْعَلَكَ ءايَةً لِلنَّاسِ} قال الفراء: إنه أدخل الواو في قوله: {وَلِنَجْعَلَكَ} دلالةً على أنها شرط لفعل بعدها؛ معناه: ولنجعلك آية للناس، ودلالة على البعث بعد الموت جعلنا ذلك. وإن شئت جعلت الواو مقحمة زائدة. قال الأعمش: موضع كونه آية هو أنه جاء شباباً على حاله يوم مات، فوجد الأبناء، والحفدة شيوخاً.
قوله: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} قرأ الكوفيون، وابن عامر بالزاي، والباقون بالراء.
وروى أبان عن عاصم: {نَنْشُرها} بفتح النون الأولى، وسكون الثانية، وضم الشين، والراء.
وقد أخرج الحاكم وصححه، عن زيد بن ثابت؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قرأ: {كيف ننشزها} بالزاي. فمعنى القراءة بالزاي نرفعها، ومنه النشر: وهو المرتفع من الأرض: أي: يرفع بعضها إلى بعض. وأما معنى القراءة بالراء المهملة، فواضحة من أنشر الله الموتى أي: أحياهم، وقوله: {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} أي: نسترها به كما نستر الجسد باللباس، فاستعار اللباس لذلك، كما استعاره النابغة للإسلام، فقال:
فَالْحَمْدُ للهِ إِذ لَمْ يَأتِنِي أَجَلي *** حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ الإِسْلاَمِ سِرْبَالاَ
قوله: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} أي: ما تقدّم ذكره من الآيات التي أراه الله سبحانه، وأمره بالنظر إليها، والتفكر فيها: {قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} لا يستعصي عليه شيءٌ من الأشياء. قال ابن جرير: المعنى في قوله: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} أي: لما اتضح له عياناً ما كان مستنكراً في قدرة الله عنده قبل عيانه. {قَالَ أَعْلَمُ} وقال أبو علي الفارسي معناه: أعلم أن هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته. وقرأ حمزة، والكسائي: {قَالَ أَعْلَمُ} على لفظ الأمر خطاباً لنفسه على طريق التجريد.
وقد أخرج عبد بن حيمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن عليّ في قوله: {أَوْ كالذى مَرَّ على قَرْيَةٍ} قال: خرج عزير نبيّ الله من مدينته، وهو شاب، فمرّ على قرية خَرِبة، وهي خاوية على عروشها، فقال: {أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه} فأوّل ما خلق الله عيناه، فجعل ينظر إلى عظامه ينضم بعضها إلى بعض، ثم كسيت لحماً، ثم نفخ فيه الروح، فقيل له: {كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ} فأتى مدينته.
وقد ترك جاراً له إسكافاً شاباً، فجاء، وهو شيخ كبير.
وقد روي عن جماعة من السلف أن الذي أماته الله عزير، منهم ابن عباس عند ابن جرير، وابن عساكر، ومنهم عبد الله بن سلام عند الخطيب، وابن عساكر، ومنهم عكرمة، وقتادة، وسليمان، وبريدة، والضحاك، والسديّ عند ابن جرير، وورود عن جماعة آخرين أن الذي أماته الله هو نبيّ اسمه أرمياء، فمنهم عبد الله بن عبيد بن عمير، عند عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، ومنهم: وهب بن منبه، عند عبد الرزاق، وابن جرير، وأبي الشيخ.
وأخرج ابن إسحاق عنه أيضاً أنه الخضر.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن رجل من أهل الشام أنه حزقيل.
وروى ابن كثير، عن مجاهد أنه رجل من بني إسرائيل. والمشهور القول الأوّل،
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {خَاوِيَةٍ} قال: خراب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة قال: {خَاوِيَةٍ} ليس فيها أحد.
وأخرج أيضاً عن الضحاك قال: {على عُرُوشِهَا} سقوفها.
وأخرج ابن جرير، عن السديّ قال: ساقطة على سقوفها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: {لَبِثْتُ يَوْمًا} ثم التفت فرأى الشمس، فقال: {أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}.
وأخرج عنه أيضاً قال: كان طعامه الذي معه سلة من تين، وشرابه زقّ من عصير.
وأخرج أيضاً عن مجاهد نحوه.
وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} قال: لم يتغير.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير قال: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} لم ينتن.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن مسعود في قوله: {وَلِنَجْعَلَكَ ءايَةً لِلنَّاسِ} مثل ما تقدّم عن الأعمش، وكذلك أخرج مثله أيضاً عن عكرمة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كَيْفَ نُنشِزُهَا} قال: نخرجها.
وأخرج ابن جرير، عن زيد بن ثابت قال: نحييها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال