سورة البقرة / الآية رقم 262 / تفسير تفسير ابن القيم / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَناًّ وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ قُوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌ حَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}
هذا بيان للقرض الحسن ما هو؟ وهو أن يكون في سبيله أي في مرضاته والطريق الموصلة إليه ومن أنفعها سبيل الجهاد، وسبيل اللّه خاص وعام، والخاص جزء من السبيل العام وأن لا يتبع صدقته بمن ولا أذى، فالمن نوعان.
أحدهما: منّ بقلبه من غير أن يصرح له بلسانه وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود منة اللّه عليه في عطائه المال وحرمان غيره وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه فلله المنة عليه من كل وجه. فكيف يشهد قلبه منة لغيره؟.
والنوع الثاني: أن يمن عليه بلسانه فيعتدي على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأنه أوجب عليه حقا وطوقه منة في عنقه فيقول: أما أعطيتك كذا وكذا؟ ويعدد أياديه عنده، قال سفيان: يقول: أعطيتك فما شكرت.
وقال عبد الرحمن بن زياد: كان أبي يقول: إذا أعطيت رجلا شيئا ورأيت أن سلامك يثقل عليه فكنّ سلامك عنه، وكانوا يقولون: إذا اصطنعتم صنيعة فانسوها وإذا أسدى إليكم صنيعة فلا تنسوها، وفي ذلك قيل:
وإنّ امرأ أهدى إلى صنيعة *** وذكرنيها مرة لبخيل
وقيل: صفوان من منح سائله ومنّ، ومن منع نائله وضن، وحظر اللّه على عباده المن بالصنيعة واختص به صفة لنفسه لأنه من العباد تكدير وتعيير، ومن اللّه سبحانه وتعالى إفضال وتذكير.
وأيضا فإنه هو المنعم في نفس الأمر، والعباد وسائط فهو المنعم على عبده في الحقيقة، وأيضا فالامتنان استعباد، وكسر، وإذلال لمن يمن عليه ولا تصلح العبودية والذل إلا للّه.
وأيضا فالمنة أن يشهد المعطي أنه هو رب الفضل، والإنعام، وأنه ولي النعمة، ومسديها، وليس ذلك في الحقيقة إلا للّه، وأيضا فالمانّ بعطائه يشهد نفسه مترفعا على الآخذ مستعليا عليه غنيا عنه عزيزا، ويشهد ذل الآخذ وحاجته إليه وفاقته ولا ينبغي ذلك للعبد، وأيضا فإن المعطي قد تولى اللّه ثوابه ورد عليه أضعاف ما أعطى فبقي عوض ما أعطى عند اللّه. فأي حق بقي له قبل الآخذ؟ فإذا امتن عليه فقد ظلمه ظلما بينا، وادعى أن حقه في قبله.
ومن هنا واللّه أعلم بطلت صدقته بالمن فإنه لما كانت معاوضته ومعاملته مع اللّه وعوض تلك الصدقة عنده فلم يرض به، ولاحظ العوض من الآخذ والمعاملة عنده فمن عليه بما أعطاه بطلت معاوضته مع اللّه ومعاملته له، فتأمل هذه النصائح من اللّه لعباده ودلالته على ربوبيته، وإلهيته وحده، وأنه يبطل عمل من نازعه في شيء من ربوبيته، وإلهيته لا إله غيره، ولا رب سواه.
ونبه بقوله: {ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً} على أن المن والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطال زمنه ضر بصاحبه، ولم يحصل له مقصود الإنفاق، ولو أتى بالواو، وقال: ولا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لأوهمت تقييد ذلك بالحال، وإذا كان المن، والأذى المتراخي مبطلا لأثر الإنفاق مانعا من الثواب. فالمقارن أولى، وأحرى، وتأمل كيف جرد الخبر هنا عن الفاء فقال: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وقرنه بالفاء في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [2: 274] فإن الفاء الداخلة على خبر المبتدأ الموصول أو الموصوف تفهم معنى الشرط والجزاء وأنه مستحق بما تضمنه المبتدأ من الصلة أو الصفة، فلما كان هنا يقتضي بيان حصر المستحق للجزاء دون غيره جرد الخبر عن الفاء فإن المعنى أن الذي ينفق ماله للّه، ولا يمن ولا يؤذي هو الذي يستحق الأجر المذكور لا الذي ينفق لغير اللّه، ويمن ويؤذي ينفقته فليس المقام مقام شرط وجزاء. بل مقام بيان للمستحق دون غيره.
وفي الآية الأخرى ذكر الإنفاق بالليل والنهار سرا وعلانية. فذكر عموم الأوقات، وعموم الأحوال فأتى بالفاء في الخبر ليدل على أن الإنفاق في أي وقت وجد من ليل أو نهار وعلى أي حالة وجد من سر وعلانية. فإنه سبب الجزاء على كل حال فليبادر إليه العبد ولا ينتظر به غير وقته وحاله ولا يؤخر نفقة الليل إذا حضر إلى النهار، ولا نفقة النهار إلى الليل، ولا ينتظر بنفقة العلانية وقت السر، ولا بنفقة السر وقت العلانية فإن نفقته في أي وقت وعلى أي حال وجدت سبب لأجره وثوابه فتدبر هذه الأسرار في القرآن فلعلك تظفر بها إذ تمر بك في التفاسير والمنة والفضل للّه وحده لا شريك له.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال