سورة البقرة / الآية رقم 265 / تفسير تفسير ابن القيم / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)}
هذا مثل الذي مصدر نفقته عن الإخلاص والصدق. فإن ابتغاء مرضاته سبحانه هو الإخلاص. والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل فإن المنفق يعترضه عند إنفاقه آفتان إن نجا منهما كان مثله ما ذكره في هذه الآية. إحداهما: طلبه بنفقته محمدة أو ثناء أو غرضا من أغراضه الدنيوية. وهذا حال أكثر المنفقين، والآفة الثانية: ضعف نفسه وتقاعسها وترددها. هل يفعل أم لا؟ فالآفة الأولى: تزول بابتغاء مرضاة اللّه. والآفة الثانية: تزول بالتثبيت فإن تثبيت النفس تشجعها وتقويتها والأقدام بها على البذل. وهذا هو صدقها وطلب مرضاة اللّه إرادة وجهه وحده وهذا إخلاصها فإذا كان مصدر الإنفاق عن ذلك كان مثله كجنة- وهي البستان الكثير الأشجار- فهو مجتنّ بها أي مستتر ليس قاعا فارغا. والجنة بربوة وهو المكان المرتفع، لأنها أكمل من الجنة التي بالوهاد والحضيض، لأنها إذا ارتفعت كانت بمدرجة الأهوية والرياح. وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها. فكانت انضج ثمرا وأطيبه وأحسنه وأكثره، فإن الثمار تزداد طيبا وزكاء بالرياح والشمس، بخلاف الثمار التي تنشأ في الضلال، وإذا كانت الجنة بمكان مرتفع لم يخش عليها إلا من قلة الماء والشراب فقال تعالى: {أَصابَها وابِلٌ} وهو المطر الشديد العظيم القدر، فأدت ثمرتها وأعطت بركتها، فأخرجت ثمرتها ضعفي ما يثمر غيرها أو ضعفي ما كانت تثمر بسبب ذلك الوابل. فهذا حال السابقين المقربين: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ} فهو دون الوابل. فهو يكفيها لكرم منبتها وطيب مغرسها تكتفي في إخراج بركتها بالطل، وهذا حال الأبرار والمقتصدين في النفقة، وهم درجات عند اللّه فأصحاب الوابل أعلاهم درجة، وهم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وأصحاب الطلب مقتصدهم.
فمثّل حال القسمين وأعمالهم بالجنة على الربوة، ونفقتهم الكثيرة بالوابل والطل، وكما أن كل واحد من المطرين يوجب زكاء ثمر الجنة ونحوه بالأضعاف، فكذلك نفقتهم كثيرة كانت أو قليلة، بعد أن صدرت عن ابتغاء مرضاة اللّه والتثبيت من نفوسهم، فهي زاكية عند اللّه نامية مضاعفة.
واختلف في الضعفين. فقيل: ضعفا الشيء مثلاه زائدا عليه، وضعفه مثله.
وقيل: ضعفه مثلاه وضعفاه ثلاثة أمثاله، وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مثلا، والذي حمل هذا القائل على ذلك فراره من استواء دلالة المفرد والتثنية فإنه رأى ضعف الشيء هو مثله الزائد عليه فإذا زاد إلى المثل صار مثلين، وهما الضعف. فلو قيل: لها ضعفان. لم يكن فرق بين المفرد والمثنى. فالضعفان عنده مثلان مضافان إلى الأصل، ويلزم من هذا أن يكون ثلاثة أضعافه ثلاثة أمثاله مضافة إلى الأصل. وهكذا أبدا.
والصواب: أن الضعفين هما مثلان فقط، الأصل ومثله. وعليه يدل قوله تعالى: {فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ} أي مثلين، وقوله تعالى: {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ} [33: 30] أي مثلين. ولهذا قال في الحسنات: {نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ} [33: 31].
وأما ما توهموه من استواء دلالة المفرد والتثنية فوهم منشؤه ظن أن الضعف هو المثل مع الأصل، وليس كذلك، بل المثل له اعتباران: إن اعتبر وحده فهو ضعف، وان اعتبر مع نظيره فهما ضعفان. واللّه أعلم.
واختلف في رافع قوله: {فَطَلٌّ}.
فقيل: هو مبتدأ خبره محذوف، أي وطله يكفيها.
وقيل: خبر مبتدؤه محذوف تقديره. فالذي يرويها ويصيبها طل، والضمير في {أَصابَها} إما أن يرجع إلى الجنة، أو إلى الربوة، وهما متلازمان.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال