سورة البقرة / الآية رقم 271 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}
{الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر} أي بالفقر فحذف الباء كقول الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به *** فقد تركتك ذا مال وذا نسب
ويقال: وعدته خيراً ووعدته شرّاً، قال الله تعالى في الخير: {وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 20]
وفي الشر: {النار وَعَدَهَا الله الذين كَفَرُواْ} [الحج: 72] فإذا لم يذكر الخير والشرّ قلت في الخير: وعدته، وفي الشر: أوعدته وأنشد أبو عمرو:
وإنّي وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف أيعادي ومنجز موعدي
والفقر: سوء الحال وقلّة اليد، وفيه لغتان: الفَقر والفُقر كالضَعف والضُعْف.
وأصله من كسر الفقار، يقال: رجل فقّار وفقير، أي مكسور فقار الظهر. قال الشاعر:
وإذا تلسنني ألسنتها *** إنني لست بموهون فقر
ومعنى الآية: إنّ الشيطان يخوّفكم بالفقر ويقول للرجل أمسك مالك فإن تصدّقت افتقرت. {وَيَأْمُرُكُم بالفحشآء} أي البخل ومنع الزكاة.
وزعم مقاتل بن حيان أنّ كلّ فحشاء في القرآن فهو الزنا إلاّ في هذه الآية.
{والله يَعِدُكُم} أي يجازيكم، وعد الله إلهام وتنزيل، ووعد الشيطان وساوس وتخيّل.
{مَّغْفِرَةً مِّنْهُ} لذنوبكم {وَفَضْلاً} أي رزقاً وخلفاً {والله وَاسِعٌ} غني {عَلِيمٌ} يقال: مكتوب في التوراة: عبدي أنفق من رزقي، أبسط عليك من فضلي.
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ} قال السدي: هي النبوّة. ابن عباس وقتادة وأبو العالية: علم القرآن: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدّمه ومؤخّره، وحلاله وحرامه.
الضحاك: القرآن والحكم فيه. وقال: في القرآن مائة وتسع آيات ناسخة ومنسوخة، وألف آية حلال وحرام، ولا يسع المؤمنين تركهن حتّى يتعلّموهن فيعلموهن، ولا تكونوا كأهل النهروان تأوّلوا آيات من القرآن في أهل القبلة وإنّما نزلت في أهل الكتاب، جهلوا علمها فسفكوا بها الدماء وشهدوا عليناً بالضلال وانتهبوا الأموال.
فعليكم بعلم القرآن فإنّه مَنْ علم فيما أنزل لم يختلف في شيء منه نفع وأنتفع به. مجاهد: أما أنّها ليست بالنبوّة ولكنّها القرآن والعلم والفقه.
وروى ابن أبي نجيح: الإصابة في القول والفعل. ابن زيد: العقل. ابن المقفّع: كلّ قول أو فعل شهد العقل بصحّته. إبراهيم: الفهم. عطاء: المعرفة بالله عزّ وجلّ. ربيع: خشية الله. سهل بن عبد الله التستري: الحكمة: السنة.
وقال بعض أهل الاشارة: العلم الرباني. وقيل: إشارة بلا علّة، وقيل: إشهاد الحق تعالى على جميع الأحوال.
أبو عثمان: هو النور المفرّق بين الإلهام والوسواس. وقيل: تجريد السرّ لورود الإلهام. القاسم: أن يحكم عليك خاطر الحق ولا تحكم عليك شهوتك.
بندار بن الحسين وقد سئل عن قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ}. فقال: سرعة الجواب مع إصابة الصواب. وقال أهل اللغة: كلّ فضل جرّك من قول أو فعل وهي أحكام الشيء المفضّل.
[........] الحكمة الرد إلى الصواب، وحكمة الدابة من ذلك لأنّها تردّها إلى القصد.
منصور بن عبد الله قال: سمعت الكتابي يقول: إنّ الله بعث الرسل بالنصح لأنفس خلقه، فأنزل الكتب لتنبيه قلوبهم وأنزل الحكمة لسكون أرواحهم، والرسول داع إلى الله، والكتاب داع إلى أحكامه، والحكمة مشيرة إلى فضله.
{وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} قرأ الربيع بن خيثم: تولي الحكمة ومَنْ تؤت الحكمة بالتاء فيها.
وقرأ يعقوب {وَمَن يُؤْتَ} بكسر التاء أراد مَنْ يؤته الله. وقرأ الباقون {وَمَن يُؤْتَ} بفتح التاء على الفعل المجهول.
و {وَمَن} في محل الرفع على اسم مالم يسمَ فاعله، والحكمة خبرها. الحسن بن دينار عن الحسن في قوله: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} هو الورع في دين الله عزّ وجلّ.
{فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ} يتعظ {إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب} ذوي العقول، واللب من العقل ما صفا من دواعي الهوى.
{وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ} فيما فرض الله عليكم {أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ} أوما أوجبتموه أنتم على أنفسكم فوفّيتم به.
والنذر نذران: نذرٌ في الطاعة، ونذر في المعصية. فإذا كان لله فالوفاء به واجب وفي تركه الكفّارة، وما كان للشيطان فلا وفاء ولا كفارة.
{فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ} ويحفظه حتّى يجازيكم به. وإنّما قال: {يَعْلَمُهُ} ولم يقل يعلمها؛ لأنّه ردّه إلى الآخر منها كقوله: {وَمَن يَكْسِبْ خطيائة أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً} [النساء: 112]. قاله الأخفش، وإن شئت حملته على ما، كقوله تعالى: {وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الكتاب والحكمة يَعِظُكُمْ بِهِ} [البقرة: 231] ولم يقل بها.
{وَمَا لِلظَّالِمِينَ} الواضعين النفقة والنذر في غير موضعها بالرياء والمعصية {مِنْ أَنْصَارٍ} أعوان يدفعون عذاب الله عزّ وجلّ عنهم، والأنصار: جمع نصير، مثل شريف وأشراف وحبيب وأحباب.
{إِن تُبْدُواْ الصدقات فَنِعِمَّا هِيَ} وذلك أنهم قالوا: يارسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانيّة؟
فأنزل الله تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصدقات} أي تظهروها وتعلنوها {فَنِعِمَّا هِيَ} أي نعمت الخصلة هي. و{مَّا} في محل الرفع و{هِيَ} لفظ في محل النصب كما تقول: نِعم الرجل رجلاً، فإذا عرفت رفعت فقلت: نعم الرجل زيد.
فأصله نعم ما فوصلت وادغمت، وكان الحسن يقرأها فنعم ما مفصولة على الأصل، وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع غير ورش وعاصم برواية أبي بكر. وأبو عمرو وأبو بحرية: فنِعمّا بكسر النون وجزم العين ومثله في سورة النساء، واختاره أبو عبيدة ذكر أنّها لغة النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن العاص: «نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح» هكذا روي في الحديث.
وقرأ ابن عامر ويحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي وخلف بفتح النون والعين فيهما.
وقرأ طلحة وابن كثير ويعقوب وأيوب بكسر النون والعين واختاره أبو حاتم، وهي لغات صحيحة، ونعَم ونِعم لغتان جيدتان، ومن كسر النون والعين اتبع الكسرة الكسرة لئلا يلتقي ساكنان: سكون العين وسكون الادغام.
{وَإِن تُخْفُوهَا} تسرّوها {وَتُؤْتُوهَا} تعطوها {الفقرآء} في السر {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} وأفضل، وكلٌّ مقبول إذا كانت النيّة صادقة ولكن صدقة السر أفضل.
وفي الحديث: «صدقة السر تطفي غضب الرب وتطفي الخطيئة كما يطفيء الماء النار، وتدفع سبعين باباً من البلاء» حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: الإمام العدل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه معلّق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال: إنّي أخاف الله تعالى، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لم تعلم يمينه ما ينفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه».
{وَيُكَفِّرُ عَنكُم} شهر بن حوشب عن ابن عباس أنّه قرأ ويكفّر بالياء والرفع على معنى يكفّر الله. وقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو ويعقوب: بالنون ورفع الراء على الاستئناف، أي نحن نكفّر على التعظيم. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع والأعمش وحمزة والكسائي وأيوب وأبو حاتم: بالنون والجزم معاً على الفاء التي في قوله: {فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} لأن موضعها جزم الجزاء.
{مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} أدخل {مِّن} للتبعيض، وعلّته: المشيئة ليكون العباد فيها على وجل ولا يتّكوا. وقال نحاة البصرة: معناه: الاسقاط، تقديره: ونكفّر عنكم سيئاتكم.
{والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} وقال أهل هذه المعاني: هذه الآية في صدقة التطوّع لإجماع العلماء ان الزكاة المفروضة أعلانها أفضل كالصلاة المكتوبة. فالجماعة أفضل من أفرادها وكذلك سائر الفرائض لمعنيين: أحدهما ليقتدي به الناس. والثاني إزالة التهمة لئلاّ يسيء الناس به الظن ولا رياء في الغرض، فأمّا النوافل والفضائل فإخفاؤها أفضل لبعدها من الرياء والآفات، يدل عليه ما روى عمّار الذهبي عن أبي جعفر أنّه قال في قوله: {إِن تُبْدُواْ الصدقات فَنِعِمَّا هِيَ} قال: يعني الزكاة المفروضة، {وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفقرآء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} يعني التطوّع.
وعن معد بن سويد الكلبي يرفعه: «إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سُئل عن الجهر بالقراءة والإخفاء بها فقال: هي بمنزلة الصدقة {فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفقرآء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}» كثير بن مرّة عن عقبة بن عامر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «المسرّ بالقرآن كالمسر بالصدقة والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة».
وروى علي بن طلحة عن ابن عباس في هذه قال: جعل الله عزّ وجلّ صدقة التطوّع في السر تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وصدقة الفريضة تفضل علانيتها بخمسة وعشرين ضعفاً، وكذلك جميع الفرائض والنوافل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال