سورة النور / الآية رقم 4 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سورة أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوَهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا العَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


هذه الآية نزلت في القاذفين، فقال سعيد بن جبير كان سببها ما قيل في عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقيل نزلت بسبب القذفة عاماً لا في تلك النازلة، وذكر الله تعالى في الآية قذف النساء من حيث هواهم، ورميهن بالفاحشة أبشع وأنكى للنفوس، وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى، وإجماع الأمة على ذلك وهذا نحو نصه تعالى على لحم الخنزير ودخول شحمه وغضاريفه ونحو ذلك بالمعنى وبالإجماع، وحكى الزهراوي أن في المعنى الأنفس {المحصنات} فهي بلفظها الرجال والنساء ويدل على ذلك قوله تعالى: {والمحصنات من النساء} [النساء: 24]، والجمهور على فتح الصاد من {المحصَنات}، وكسرها يحيى بن وثاب. و{المحصنات} العفائف في هذا الموضع لأن هذا هو الذي يجب به جلد القاذف، والعفة أعلى معاني الإحصان إذ في طيه الإسلام، وفي هذه النازلة الحرية ومنه قول حسان: حصان رزان، البيت، ومنه قوله تعالى: {والتي أحصنت فرجها} [الأنبياء: 91]، وذكر الله من صفات النساء المنافية للرمي بالزنا ولتخرج من ذلك من ثبت عليها الزنى وغير ذلك ممن لم تبلغ الوطء من النساء حسب الخلاف في ذلك وعبر عن القذف ب الرمي، من حيث معتاد الرمي أَنه مؤذ كالرمي بالحجر والسهم فلما كان قول القاذف مؤذياً جعل رمياً، وهذا كما قيل وجرح اللسان كجرح اليد، والقذف والرمي معنى واحد، وشدد الله تعالى على القاذف {بأربعة شهداء} رحمة بعباده وستراً لهم، وقرأ جمهور الناس {بأربعةِ شهداء} على إضافة الأربعة إلى الشهداء، وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار وأبو زرعة وابن جريج {بأربعةٍ} بالتنوين و{شهداء} على هذا، إما بدل وإما صفة للأربعة وإما حال وإما تمييز وفي هذين نظر إذ الحال من نكرة والتمييز مجموع، وسيبويه يرى أن تنوين العدد وترك إضافته إنما يجوز في الشعر، وقد حسن أبو الفتح هذه القراءة ورجحها على قراءة الجمهور، وحكم شهادة الأربعة أن تكون على معاينة مبالغة كالمرود في المكحلة في موطن واحد فإن اضطراب منهم واحد جلد الثلاثة والقاذف كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أمر المغيرة بن شعبة وذلك أَنه شهد عليه بالزنى أبو بكرة نفيع بن الحارث وأخوه نافع، وقال الزهراوي عبدالله بن الحارث وزياد أخوهما لأم، وهو مستلحق معاوية وشبل بن معبد البجلي، فلما جاؤوا لأداء الشهادة توقف زياد ولم يؤدها كاملة، فجلد عمر الثلاثة المذكورين، والجلد الضرب والمجالدة المضاربة في الجلود، أو بالجلود، ثم استعير الجلد لغير ذلك من سيف وغيره ومنه قول قيس بن الخطيم: [الطويل]
أجالدهم يوم الحديقة حاسراً *** كأن يدي بالسيف مخراق لاعب
ونصب {ثمانينَ} على المصدر و{جلدةً} على التمييز، ثم أمر تعالى أن لا تقبل للقذفة المحدودين {شهادة أبداً} وهذا يقتضي مدة أَعمارهم، ثم حكم عليهم بأنهم {فاسقون} أي خارجون عن طاعة الله عز وجل، ثم استثنى عز وجل من تاب وأصلح بعد القذف فإِنه وعدهم بالرحمة والمغفرة، فتضمنت الآية ثلاثة أحكام في القاذف: جلده، ورد شهادته أبداً، وفسقه، فالاستثناء، غير عامل في جلده بإجماع وعامل في فسقه بإجماع، واختلف الناس في عمله في رد الشهادة، فقال شريح القاضي وإبراهيم النخعي والحسن الثوري وأبو حنيفة لا يعمل الاستثناء في رد شهادته وإنما يزول فسقه عند الله تعالى، وأما شهادة القاذف فلا تقبل البتة ولو تاب وأكذب نفسه ولا بحال من الأحوال، وقال جمهور الناس الاستثناء عامل في رد الشهادة فإذا تاب القاذف قبلت شهادته، ثم اختلفوا في صورة فمذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه والشعبي وغيره أن توبته لا تكون إلا بأَن يكذب نفسه في ذلك القذف الذي حد فيه، وهكذا فعل شبل بن معبد ونافع تابا عن القول في المغيرة وأكذبا أنفسهما فقبل عمر شهادتهما، وأَبى أبو بكرة من إكذاب نفسه فرد عمر شهادته حتى مات، وقال مالك رحمه الله وغيره توبته أن يصلح ويحسن حاله وإن لم يرجع عن قوله بتكذيب، واختلف فقهاء المالكيين متى تسقط شهادة القاذف، فقال ابن الماجشون بنفس قذفه، وقال ابن القاسم وأشهب وسحنون لا تسقط حتى يجلد فإن منع من جلده مانع عفو أو غيره لم ترد شهادته، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي شهادته في مدة الأَجل في الإثبات موقوفة، ورجح القول بأن التوبة إنما تكون بالتكذيب في القذف، وإلا فأي رجوع لعدل إن قذف وحد وبقي على عدالته. و{تابوا} معناه رجعوا وهذا ترجيح، وقد رجح الطبري وغيره قول مالك واختلف أيضاً على القول بجواز شهادته بعد التوبة في أي شيء تجوز شهادته، فقال مالك رحمه الله تجوز في كل شيء بإطلاق وكذلك كل من حد في شيء من الأَشياء، وقال سحنون رحمه الله من حد في شيء من الأَشياء فلا تجوز شهادته في مثل ما حد فيه، وقال مطرف وابن الماجشون من حد في قذف أو زنى فلا تجوز شهادته في شيء من وجوه الزنى ولا في قذف ولا في لعان، وإن كان عدلاً، ورويا هذا القول عن مالك واتفقوا فيما أحفظ على ولد الزنا أَن شهادته لا تجوز في الزنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال