سورة النور / الآية رقم 11 / تفسير أيسر التفاسير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الكَاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)}
{جَآءُوا} {امرىء}
(11)- هَذِهِ الآيَةُ أشَارَتْ إِلَى حَدِيثِ الإِفْكِ الذي أَطْلَقَهُ بَعْضُ المُنَافِقِينَ بِحَقِّ عَائِشَةَ أَمَّ المُؤْمِنِينَ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْها. وَتَتَلَّخَصُ هَذِهِ القِصَّةُ فِي الآتي:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا أَجْرَى القُرْعَةَ بَينَ نِسَائِهِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهَا مِنْهُنَّ صَحِبَها فِي غَزَوَتِهِ، وَفِي إِحْدَى الغَزَوَاتِ خَرَجَ سَهْمُ عَائِشَة رِضْوَانُ اللهِ عَليها، وَذَلِكَ بَعْدَما أُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، فَلَمَّا فَرَغَ الرَّسُولُ مِنَ الغَزْوَةِ قَفَلَ عَائِداً بِالجَيْشِ، وَلَمَّا دَنَوْا مِنَ المَدِينَةِ آذَنَ النَّاسَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَلَمَا آذَنَهُمْ بِالرَّحِيلِ خَرَجَتْ عَائِشَةُ لِقَضَاءِ بَعْضِ حَاجَتِهَا، حَتَّى جَاوَزَت الجَيشَ. ثُمَّ عَادَتْ فالتمَسَتْ عِقْداً لَهَا فَوَجَدَتْهُ قَدِ انْفَرَطَ، فَرَجَعَتْ تَلْتَمِسُهُ، فَتَأَخَّرَتْ فِي البَحْثِ عَنْهُ. وَجَاءَ الرِّجَالُ الذينَ كَانُوا يَحْمِلُونَهَا، فاحْتَمِلُوا هَوْدجَها فَرَحَّلُوهُ عَلَى بَعِيرِهَا الذي كَانَتْ تَركَبُهُ، وهُمْ يحسَبُونَ أَنَّها فيهِ (وَكَانَ النِّسَاءُ في ذَلِكَ الحِينِ خِفَاقاً لَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ) فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الرِّجَالُ خِفَّةَ الهَوْدَجَ حِينَمَا رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ عَلَى البَعِيرِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذْ ذَاكَ صَغِيرَةَ السِّنِّ، خَفِيفَةَ الوَزْنِ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا.
أَمَّا عَائِشَةُ فَإِنَّهَا وَجَدَتْ عِقْدَهَا بَعْدَ أَنْ سَارَ الجَيْشُ، فَلَمَّا جَاءَتْ مَنَازِلَ الجَيْشِ وَجَدَتْهُ قَدْ ارْتَحَلَ، فَاتَّجَهَتْ إِلى المَكَانِ. الذي كَانَتْ تَنْزِلُ فِيهِ، وَفِي ظَنِّهَا أَنَّ القَوْمَ سَيَفْتَقِدُونَهَا فَيَرْجِعُونَ للبحْثِ عَنْهَا. وَبَيْنَمَا كَانَتْ جَالِسَةً غَلَبَتْهَا عَيْنَاهَا فَنَامَتْ.
وَكَانَ صفْوَانُ بنُ مُعَطِّل السّلَمِي- وَهُوَ مِنْ جَنْدِ المُسْلِمِينَ- قَدْ عَرَّسَ غَازِياً مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ فَأَدْلَجَ (سَارَ لَيْلاً) فَأَصْبَحَ عِنْدَ المَنْزِلِ الذي كَانَتْ عَائِشَةُ فِيهِ، فَرَأى سَوَادَ إِنْسَانٍ فَاقْتَرَبٍ فَعَرفِ عَائِشَةَ حِينَ رآهَا، وَكَانَ قَدْ رآهَا قَبْلَ الحِجَابِ، فاسْتَرْجَعَ حَتَّى اسْتَيْقَظَتْ عَائِشَةُ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَرَكِبَتَ، وَقَادَ الرَّاحِلَةَ وَسَارَ بِهَا حَتَّى أَتَى الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا عِنْدَ الظَهِيرَةِ.
وَتَقُولُ عَائِشَةُ: واللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَاحِدَةً.
فَانْطَلَقَ المُنَافِقُونَ- وَعَلَى رَأْسِهِمْ رَأْسُ الكُفِرِ والنِّفَاقِ عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ- يَتَقَوَّلُونَ وَيُلَمِّحُونَ بِمَا يُثِيرُ الشُّبُهَاتِ فِي نُفوسِ ضِعَافِ الإِيْمَانِ والذِّمَمِ، فَخَاضَ فِيهِ مَنْ خَاضَ. وَهَلَكَ فِيهِ مَنْ هَلَكَ.
ثُمَّ مَرِضَتْ عَائِشَةُ بَعْدَ عَوْدَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ، وَهِيَ لا تَعْلَمُ شَيئاً مِمَّا يَتَقَوَّلُهُ المُنافِقُونَ، وَقَدْ رَابَهَا مَا لاحَظَتْهُ مِنْ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُظْهِرْ لَهَا مِن اللُّطْفِ فِي المُعَامِلَةِ مِثْلَمَا كَانَتْ تَراهُ مِنْهُ حِينَ تَشْتَكِي عِلَّةً. وَحِينَما بَدَأَتْ تَسْتَرِدُّ صِحَّتَهَا، خَرَجَتْ مَعَهَا أُمُّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي المُطَّلِبِ اسْمُهُ مِسْطَحٌ، وَهُوَ ابنُ خَالَةِ أَبي بَكْر الصِّدِّيقِ، وَكَانَ أبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لأَنَّهُ كَانَ مُقِلاًّ مِنَ المَالِ. فَعَثَرتْ أُمَّ مِسْطِحٍ بِمُرْطِها فَقَالَتْ تَعْسَ مِسْطَحٌ.
فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: بِئْسَما قُلْتِ تَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْراً! فَأَدْرَكَتْ أُمُّ مِسْطحٍ أَنَّ عَائِشَةَ لا تَدْرِي مِمَّا يُقَالُ عَنْهَا شَيئاً، فَأَخبَرتها بِحَدِيثِ الإِفْكِ فازْدَادَ مَرَضُها.
وَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنْ تَمْرَضَ فِي بَيْتِ أَبَويْها، فَأَذِنَ لَهَا. وَأَخَذَتْ تَبْكِي لَيْلَ نَهَارَ، وَلا تَجِدُ أُمُّهَا مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْهَا. وَأَرْسَلَ الرَّسُولُ إِلَى عَليّ بْنِ أبِي طَالِب وإِلَى أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي أَمْرِ عَائِشَةَ. أَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى النَّبِيِّ بالذي يَعْلَمُهُ مِنْ بَراءَةِ أَهْلِهِ، وبِالذي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوِدِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَهْلُكَ، وَلا نَعْلَمُ إِلا خَيْراً، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرَاتٌ. وَسَأَلَ النَّبِيُّ جَارِيَتَها بَرِيرَةَ إِنْ كَانَتْ رَأَتْ مِنْ عَائِشَةَ مَا يُرِيبُهَا، فَقَالَتْ والَّّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنْ رَأَيْت مِنْهَا أَمْراً قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّوَاجِنُ فَتَأْكُلُهُ.
فَقَامَ الرَّسُولُ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بن أُبَيِّ بنِ سَلُول، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَر: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، فَواللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلا خَيْراً، وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلا خَيْراً، ومَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي.)
فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ سَيِّدُ الأَوْسِ، فَقَالَ: أَنَا أَعْذُرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ.
فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَلَكِنَّ الحَمِيَّةَ قَد احْتَمَلَتْهُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ مُعَاذٍ: كَذَبْت لَعَمْرُ اللهِ لا تَقْتُلُهُ ولا تَقْدِرُ عَلى قَتْلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنافِقِ.
فَثَارَ الأَوْسُ والخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا بِالاقْتِتَالِ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ. ثُمَّ ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بِيتِ أَبي بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرِ وَزَوْجَتُهُ وَعَائِشَةُ فِيهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ. وَقَدْ لَبِثَ شَهْراً لا يَجْلِسُ عِنْدَهُمَا، وَلا يُوحَى إِلَيْهِ شَيءٌ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ. وَبَعْدَ أَنْ جَلَسَ تَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا، وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بِذَنْب فَاسْتَغْفِري الله وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَتَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ لأَبِيهَا أَجِبْ رَسُولَ اللهِ عَنِّي، فَقَالَ واللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: واللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُم بِهَذَا الحَدِيثِ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفِسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةُ، واللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونَنِي، وَلَئِنْ اعْتَرَفَتُ بِأَمْرِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي، فَوَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلكُمْ مَثَلاً إِلا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ والله المستعان على مَا تَصِفُونَ} وَتَحَوَّلَتْ عَنْهُمْ إِلَى فِرَاشِها فَاضْطَجَعَتْ.
فَبْيَنَمَا هُمْ جُلُوسٌ أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَاتِ المَبِّرئةَ لِعَائِشَةَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْها، فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضَحِكَ، وَقَالَ لَهَا: (أَبْشِري يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأكِ).
وَبَعْدَ أَنْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَاتِ أَقْسَمَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لا يُنْفِقَ عَلَى مِسْطَحٍ أبداً، فَأَنْزَلَ اللهُ قَوْلَهُ: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة أَن يؤتوا أُوْلِي القربى} إلى قَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ}. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ واللهِ إِتِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ.
وَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَاتِ أقامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّ القَذْفِ عَلَى رَجُلَيْنِ هُمَا حَسّانُ بنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ وَمِسْطَح، وَعَلَى امْرأةٍ هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ لأُخْتُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبَ بِنتِ جَحْشٍ، فَضَرَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُم ثَمَانِينَ جَلْدَةً.
وَمَعْنَى الآيَةِ: إِنَّ الذينَ جَاؤوا بِحَديثِ الإِفْكِ، وَهُوَ الكَذِبُ والبُهْتَانُ وَالافْتِرَاءُ، هُمْ جَمَاعَةٌ مِنْكُم (عُصْبَةٌ) فَلا تَحْسَبوا أَنَّ فِي ذَلِكَ شَرّاً لَكُمْ وَفِتْنَةُ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، فَهُوَ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الدُّنْيَا، وَرَفْعَةُ مَنَازِلَ فِي الآخِرَةِ، وَإِظْهَارُ شَرَفٍ لَكُمْ بِاعْتِنَاءِ اللهِ تَعَالَى بِعَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ، إِذْ أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَهَا فِي القُرْآن. وَلِكُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ وَخَاضَ فِيهِ، وَرَمَى أَمَّ المُؤْمِنِينَ بَشَيءٍ مِنَ الفاحِشَةِ، جَزَاءُ مَا اجْتَرَحَ مِنَ الإِثْمِ، بِقَدَرِ مَا خَاضَ فِيهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ تَكَلَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَمِعَ وَضِحِكَ سُرُوراً بِمَا سَمِعَ، وَمِنْهُم مَنْ كَانَ ذَنْبُهُ أَقَلَّ، وَبَعْضُهم مَنْ كَانَ ذَنْبُهُ أَكْبَرَ. والذِي تَوَلَّى مُعْظَمَ الإِثْمِ مِنْهُمْ (كِبْرَهُ)- وَهُوَ عَذَابٌ عَظِيمٌ عَلَى ذَلِكَ الإِفْكُ- أَقْبَحُ الكَذِبِ وأَفْحَشُهُ.
عُصْبَةٌ مِنْكُم- جَمَاعَةٌ مِنْكُم.
تَوَلَّى كِبْرَهُ- تَوَلَّى مُعْظَمُهُ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال