سورة النور / الآية رقم 31 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31)}
ذكر هنا المقابل، فأمر النساء بما أمر به الرجال، ثم زاد هنا مسألة الزينة. والزينة: هي الأمر الزائد عن الحد في الفطرية؛ لذلك يقولون للمرأة الجميلة بطبيعتها والتي لا تحتاج إلى أن تتزين: غانِية يعني: غنيت بجمالها عن التزيُّن فلا تحتاج إلى كحل في عينيها، ولا أحمر في خدَّيْها، لا تحتاج أن تستر قُلْبها بأسورة، ولا صدرها بعقد.. إلخ.
فإنْ كانت المرأة دون هذا المستوى احتاجتْ لشيء من الزينة، لكن العجيب أنهن يُبالِغْنَ في هذه الزينة حتى تصبح كاللافتة النيون على كشك خشبي مائل، فترى مُسِنَّات يضعْنَ هذا الألوان وهذه المساحيق، فيَظْهَرن في صورة لا تليق؛ لأنه جمال مُصْطنع وزينة متكلفة يسمونها تطرية، وفيها قال المتنبي، وهو يصف جمال المرأة البدوية وجمال الحضرية:
حُسْن الحِضارة مَجلْوبٌ بتطْرِيةٍ *** وفِي البَدَاوة حُسْنٌ غير مَجْلُوب
ومن رحمة الله بالنساء أن قال بعد {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ..} [النور: 31] قال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا..} [النور: 31] يعني: الأشياء الضرورية، فالمرأة تحتاج لأنْ تمشي في الشارع، فتظهر عينيها وربما فيها كحل مثلاً، وتظهر يدها وفيها خاتم أو حناء، فلا مانع أن تُظهر مثل هذه الزينة الضرورية.
لكن لا يظهر منها القُرْط مثلاً؛ لأن الخمار يستره ولا(الديكولتيه) أو العقد أو الأسورة أو الدُّمْلُك ولا الخلخال، فهذه زينة لا ينبغي أن تظهر. إذن: فالشارع أباح الزينة الطبيعية شريطةَ أن تكون في حدود، وأن تقصر على مَنْ جُعِلَتْ من أجله.
ونلحظ في قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا..} [النور: 31] المراد تغطية الزينة، فالجارحة التي تحتها من باب أوْلَى، فالزينة تُغطِّي الجارحة، وقد أمر الله بسَتْر الزينة، فالجارحة من باب أَوْلَى.
وقوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ..} [النور: 31].
الخُمر: جمع خِمّار، وهو غطاء الرأس الذي يُسْدل ليستر الرقبة والصدر. الجيوب: جميع جيب، وهو الفتحة العليا للثوب ويسمونها(القَبَّة) والمراد أن يستر الخمارُ فتحةَ الثوب ومنطقة الصدر، فلا يظهر منها شيء.
والعجيب أن النساء تركْنَ هذا الواجب، بل ومن المفارقات أنهن يلبسْنَ القلادة ويُعلِّقن بها المصحف الشريف، إنه تناقض عجيب يدل على عدم الوعي وعدم الدراية بشرع الله مُنزِل هذا المصحف.
وتأمل دقة التعبير القرآني في قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ..} [النور: 31] والضرب هو: الوَقْع بشدة، فليس المراد أن تضع المرأة الطرحة على رأسها وتتركها هكذا للهواء، إنما عليها أنْ تُحكِمها على رأسها وصدرها وتربطها بإحكام.
لذلك لما نزلت هذه الآية قالت السيدة عائشة: رحم الله نساء المهاجرات، لما نزلت الآية لم يكُنْ عندهم خُمر، فعمدْن إلى المروط فشقوها وصنعوا منها الخُمُر.
إذن: راعَى الشارع الحكيم زِيَّ المرأة من أعلى، فقال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ..} [النور: 31] ومن الأدنى فقال: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ..} [الأحزاب: 59].
ثم يقول تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ..} [النور: 31] أي: أزواجهن؛ لأن الزينة جُعِلَتْ من أجلهم {أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ..} [النور: 31] أبو الزوج، إلا أنْ يخاف منه الفتنة، فلا تبدي الزوجة زينتها أمامه.
ومعنى {أَوْ نِسَآئِهِنَّ..} [النور: 31] أي: النساء اللائي يعملْنَ معها في البيت كالوصيفات والخادمات {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ..} [النور: 31] والمراد هنا أيضاً ملْك اليمين من النساء دون الرجال.
ويشترط في هؤلاء النساء أن يكُنَّ مسلمات، فإنْ كُنَّ كافرات كهؤلاء اللائي يستقدمونهن من دول أخرى، فلا يجوز للمرأة أن تُبدي زينتها أمامهن، وأن تعتبرهن في هذه المسألة كالرجال، لأنهن غير مسلمات وغير مؤتمنات على المسلمة، وربما ذهبت فوصفتْ ما رأتْ من سيدتها للرجل الكافر فينشغل بها.
ومن العلماء مَنْ يرى أن مِلْك اليمين لا يخصُّ النساء فقط، إنما الرجال أيضاً، فللمرأة أنْ تُبدي زينتها أمامهم، قالوا: لأن هناك استقبالاً عاطفياً وامتناعاً عاطفياً في النفس البشرية، فالخادم في القَصْر لا ينظر إلى سيدته ولا إلى بناتها؛ لأنه لا يتسامى إلى هذه المرتبة، إلا إذا شجَّعْنَهُ، وفتحْنَ له الباب، وهذه مسألة أخرى.
وقوله تعالى: {أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال..} [النور: 31] أي: التابعين للبيت، والذين يعيشون على فضلاته، فتكون حياة التابع من حياة متبوعه، فليس عنده بيت يأويه؛ لذلك ينام في أيِّ مكان، وليس عنده طعام؛ لذلك يُطعمه الناس وهكذا، فهو ضائع لا هدفَ له ولا استقلاليةَ لحياته، وترى مثل هؤلاء يأكلون فضلات الموائد ويلبسون الخِرَق وينامون ولو على الأرصفة.
مثل(الأهبل) أو المعتوه الذي يعطف الناس عليه، وليس له مطمع في النساء، ولا يفهم هذه المسألة، فلا يُخاف منه على النساء؛ لأنه لا حاجةَ له فيهن؛ ولا يتسامى لأنْ ينظر إلى أهل البيت.
ومعنى: {غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال..} [النور: 31] يعني: كأن يكون كبير السِّنِّ واهن القوى، لا قدرةَ له على هذه المسائل، أو يكون مجبوباً، مقطوع المتاع، ولا خطرَ من مثل هؤلاء على النساء.
وقوله تعالى: {أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء..} [النور: 31].
نلحظ هنا أن الطفل مفرد، لكن وُصِف بالجمع {الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء..} [النور: 31] لماذا؟ قالوا: هذه سِمَة من سمات اللغة، وهي الدقة في التعبير، حيث تستخدم اللفظ المفرد للدلالة على المثنى وعلى الجمع.
كما نقول: هذا قاضٍ عَدْلٌ، وهذان قاضيان عَدْل، وهؤلاء قضاة عَدْل، ولم نقل: عدلان وعدول، فإذا وحِّد الوصف في الجميع بدون هوى كان الوصف كالشيء الواحد، فالقاضي لا يحكم بمزاجه وهواه، والآخر بمزاجه وهواه، إنما الجميع يصدرون عن قانون واحد وميزان واحد. إذن: فالعدل واحد لا يُقَال بالتشكيك، وليس لكل واحد منهم عدل خاص به، العّدْل واحد.
كذلك الحال في {الطفل..} [النور: 31] مع أن المراد الأطفال، لكن قال(الطفل) لأن غرائزه مشتركة مع الكل، وليس له هَوىً، فكل الأطفال- إذن- كأنهم طفل واحد حيث لم يتكوّن لكل منهم فِكْره الخاص به، الجميع يحب اللهو واللعب، ولا شيءَ وراء ذلك، فالجمعية هنا غير واضحة لوجود التوحيد في الغرائز وفي الميول.
بدليل أنه إذا كَبِر الأطفال وانتقلوا إلى مرحلة البلوغ وتكوَّن لديهم هَوىً وفِكْر وميْل يقول القرآن عنهم: {وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ الحلم..} [النور: 59] فنظر هنا إلى الجمع لعدم التوحُّد في مرحلة الطفولة المبكرة.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين} [الذاريات: 24] فوصف ضيف وهي مفرد بالجمع(مكرمين)؛ ذلك لأن ضَيْف تدل أيضاً على الجمع، فالضيف من انضاف على البيت وله حَقٌّ والتزامات لابد أن يقدمها المضيف، مما يزيد على حاجة البيت، والضيف في هذه الالتزامات واحد، سواء كان مفرداً أو جماعة؛ لذلك دَلَّ بالمفرد على الجميع.
وقوله تعالى: {الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء..} [النور: 31] يظهر على كذا: لها معنيان في اللغة: الأول: بمعنى يعلم كما في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ..} [الكهف: 20] يعني: إنْ عَلِموا بكم وعرفوا مكانكم.
والثاني: بمعنى يعلو ويغلب ويقهر، كما في قوله تعالى: {فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97] أي: السد الذي بناه ذو القرنين، فالمعنى: ما استطاعوا أنْ يعلوه ويرتفعوا عليه.
وهنا {لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء..} [النور: 31] يعني: يعرفونها ويستبينونها، أو يقدرون على مطلوباتها، فليس لهم عِلْم أو دراية بهذه المسائل.
ثم يقول سبحانه: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ..} [النور: 31].
الحق تبارك وتعالى يكشف ألاعيب النساء وحِيَلهنّ في جَذْب الأنظار، فإذا لم يلفتْك إليها النظر لفتَك الصوت الذي تحدثه بمشيتها كأنها تقول لك: يا بجم اسمع، يا للي ما نتاش شايف اسمع، وفي الماضي كُنَّ يلبسْنَ الخلخال الذي يُحدِث مثل هذا الصوت أثناء المشي، وأول مَنِ استخدم هذه الحيل الراقصات ليجذبن إليهن الأنظار.
ومعلوم أن طريقة مَشْي المرأة تُبدِي الكثير من زينتها التي لا يراها الناس، وتُسبِّب كثيراً من الفتنة؛ لذلك يقول تعالى بعدها وفي ختام هذه المسائل: {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
لم يَقُل الحق تبارك وتعالى: يا مَنْ أذنبتم بهذه الذنوب التي سبق الحديث عنها، إنما قال {جَمِيعاً..} [النور: 31] فحثَّ الجميع على التوبة؛ ليدل على أن كل ابن آدم خطاء، ومهما كان المسلم مُتمسِّكاً ملتزماً فلا يأمن أنْ تفوته هفوة هنا أو هناك، والله- عز وجل- الخالق والأعلم بمَنْ خلق؛ لذلك فتح لهم باب التوبة وحثَّهم عليها، وقال لهم: ما عليكم إلا أنْ تتوبوا، وعليَّ أنا الباقي.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَأَنْكِحُواْ الأيامى مِنْكُمْ والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ..}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال