سورة النور / الآية رقم 32 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوَهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
فيه سبع مسائل:
الأولى: هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح، أي زوجوا من لا زوج له منكم فإنه طريق التعفف، والخطاب للأولياء.
وقيل: للأزواج. والصحيح الأول، إذ لو أراد الأزواج لقال: {وأنكحوا} بغير همز، وكانت الالف للوصل.
وفي هذا دليل على أن المرأة ليس لها أن تنكح نفسها بغير ولى، وهو قول أكثر العلماء.
وقال أبو حنيفة: إذا زوجت الثيب أو البكر نفسها بغير ولى كفيا لها جاز. وقد مضى هذا في البقرة مستوفى.
الثانية: اختلف العلماء في هذا الامر على ثلاثة أقوال، فقال علماؤنا: يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المؤمن من خوف العنت، ومن عدم صبره، ومن قوته على الصبر وزوال خشية العنت عنه. وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم. وإن لم يخش شيئا وكانت الحال مطلقة فقال الشافعي: النكاح مباح.
وقال مالك وأبو حنيفة: هو مستحب. تعلق الشافعي بأنه قضاء لذة فكان مباحا كالأكل والشرب. وتعلق علماؤنا بالحديث الصحيح: «من رغب عن سنتي فليس منى».
الثالثة: قوله تعالى: {الْأَيامى مِنْكُمْ} أي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، واحدهم أيم. قال أبو عمرو: أيامى مقلوب أيايم. واتفق أهل اللغة على أن الأيم في الأصل هي المرأة التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا، حكى ذلك أبو عمرو والكسائي وغيرهما. تقول العرب: تأيمت المرأة إذا أقامت لا تتزوج.
وفي حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا وامرأة سفعاء الخدين تأيمت على ولدها الصغار حتى يبلغوا أو يغنيهم الله من فضله كهاتين في الجنة».
وقال الشاعر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمى *** وإن كنت أفتى منكم أتأيم
ويقال: أيم بين الأئمة. وقد آمت هي، وأمت أنا. قال الشاعر:
لقد أمت حتى لامني كل صاحب *** رجاء بسلمى أن تئيم كما أمت
قال أبو عبيد: يقال رجل أيم وامرأة أيم، وأكثر ما يكون ذلك في النساء، وهو كالمستعار في الرجال.
وقال أمية بن أبى الصلت:
لله در بنى عل *** ي أيم منهم وناكح
وقال قوم: هذه الآية ناسخة لحكم قوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]. وقد بيناه في أول السورة والحمد لله.
الرابعة: المقصود من قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ} الحرائر والأحرار، ثم بين حكم المماليك فقال: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ}. وقرأ الحسن {والصالحين من عبيدكم}، وعبيد اسم للجمع. قال الفراء: ويجوز {وإماءكم} بالنصب، يرده على {الصَّالِحِينَ} يعني الذكور والإناث، والصلاح الايمان.
وقيل: المعنى ينبغي أن تكون الرغبة في تزويج الإماء والعبيد إذا كانوا صالحين فيجوز تزويجهم، ولكن لا ترغيب فيه ولا استحباب، كما قال: {فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} [النور: 33]. ثم قد تجوز الكتابة وإن لم يعلم أن في العبد خيرا، ولكن الخطاب ورد في الترغيب والاستحباب، وإنما يستحب كتابة من فيه خير.
الخامسة: أكثر العلماء على أن للسيد أن يكره عبده وأمته على النكاح، وهو قول مالك وأبى حنيفة وغيرهما. قال مالك: ولا يجوز ذلك إذا كان ضررا. وروي نحوه عن الشافعي، ثم قال: ليس للسيد أن يكره العبد على النكاح.
وقال النخعي: كانوا يكرهون المماليك على النكاح ويغلقون عليهم الأبواب. تمسك أصحاب الشافعي فقالوا: العبد مكلف فلا يجبر على النكاح، لان التكليف يدل على أن العبد كامل من جهة الآدمية، وإنما تتعلق به المملوكية فيما كان حظا للسيد من ملك الرقبة والمنفعة، بخلاف الامة فإنه له حق المملوكية في بضعها ليستوفيه، فأما بضع العبد فلا حق له فيه، ولأجل ذلك لا تباح السيدة لعبدها. هذه عمدة أهل خراسان والعراق، وعمدتهم أيضا الطلاق، فإنه يملكه العبد بتملك عقده. ولعلمائنا النكتة العظمى في أن مالكية العبد استغرقتها مالكية السيد، ولذلك لا يتزوج إلا بإذنه بإجماع. والنكاح وبابه إنما هو من المصالح، ومصلحة العبد موكولة إلى السيد، هو يراها ويقيمها للعبد.
السادسة: قوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} رجع الكلام إلى الأحرار، أي لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة، {إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاما من معاصيه.
وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية.
وقال عمر رضي الله عنه: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وروي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا.
ومن حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ثلاثة كلهم حق على الله عونه المجاهد في سبيل الله والناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء». أخرجه ابن ماجه في سننه. فإن قيل: فقد نجد الناكح لا يستغنى، قلنا: لا يلزم أن يكون هذا على الدوام، بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد. وقد قيل: يغنيه، أي يغنى النفس.
وفي الصحيح: «ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس». وقد قيل: ليس وعدا لا يقع فيه خلف، بل المعنى أن المال غاد ورائح، فارجوا الغنى.
وقيل: المعنى يغنيهم الله من فضله إن شاء، كقوله تعالى:
{فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ} [الأنعام: 41]، وقال تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ} [الشورى: 12].
وقيل: المعنى إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنى.
السابعة: هذه الآية دليل على تزويج الفقير، ولا يقول كيف أتزوج وليس لي مال، فإن رزقه على الله. وقد زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد، وليس لها بعد ذلك فسخ النكاح بالإعسار لأنها دخلت عليه، وإنما يكون ذلك إذا دخلت على اليسار فخرج معسرا، أو طرأ الإعسار بعد ذلك، لان الجوع لا صبر عليه، قاله علماؤنا.
وقال النقاش: هذه الآية حجة على من قال: إن القاضي يفرق بين الزوجين إذا كان الزوج فقيرا لا يقدر على النفقة، لان الله تعالى قال: {يغنهم الله} ولم يقل يفرق. وهذا انتزاع ضعيف، وليس هذه الآية حكما فيمن عجز عن النفقة، وإنما هي وعد بالاغناء لمن تزوج فقيرا. فأما من تزوج موسرا وأعسر بالنفقة فإنه يفرق بينهما، قال الله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]. ونفحات الله تعالى مأمولة في كل حال موعود بها.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال