سورة النور / الآية رقم 44 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْروفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ

النورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنورالنور




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44)}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً} ذكر من حججه شيئا آخر، أي ألم تر بعيني قلبك. {يُزْجِي سَحاباً} أي يسوق إلى حيث يشاء. والريح تزجي السحاب، والبقرة تزجي ولدها أي تسوقه. ومنه زجا الخراج يزجو زجاء ممدودا إذا تيسرت جبايته.
وقال النابغة:
إنى أتيتك من أهلي ومن وطني *** أزجى حشاشة نفس ما بها رمق
وقال أيضا:
أسرت عليه من الجوزاء سارية *** تزجي الشمال عليه جامد البرد
{ثم يؤلف بينه} أي يجمعه عند انتشائه، ليقوى ويتصل ويكثف. والأصل في التأليف الهمز، تقول: تألف. وقرى {يؤلف} بالواو تخفيفا. والسحاب واحد في اللفظ، ولكن معناه جمع، ولهذا قال: {يُنْشِئُ السَّحابَ} [الرعد: 12]. و{بين} لا يقع إلا لاثنين فصاعدا، فكيف جاز بينه؟ فالجواب أن {بينه} هنا لجماعة السحاب، كما تقول: الشجر قد جلست بينه لأنه جمع، وذكر الكناية على اللفظ، قال معناه الفراء. وجواب آخر- وهو أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة، كما قال:
... بين الدخول فحومل***
فأوقع {بين} على الدخول، وهو واحد لاشتماله على مواضع. وكما تقول: ما زلت أدور بين الكوفة لان الكوفة أماكن كثيرة، قال الزجاج وغيره. وزعم الأصمعي أن هذا لا يجوز، وكان يروى:
... بين الدخول وحومل ***
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً} أي مجتمعا، يركب بعضه بعضا، كقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44]. والركم جمع الشيء، يقال منه: ركم الشيء يركمه ركما إذا جمعه وألقى بعضه على بعض. وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع. والركمة الطين المجموع. والركام: الرمل المتراكم. وكذلك السحاب وما أشبهه. ومرتكم الطريق بفتح الكاف جادته. {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} في {الْوَدْقَ} قولان: أحدهما- أنه البرق، قاله أبو الأشهب العقيلي. ومنه قول الشاعر:
أثرنا عجاجة وخرجن منها *** خروج الودق من خلل السحاب
الثاني- أنه المطر، قاله الجمهور. ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها *** ولا أرض أبقل إبقالها
وقال امرؤ القيس:
فدمعهما ودق وسح وديمة *** وسكب وتوكاف وتنهملان
يقال: ودقت السحابة فهي وادقه. وودق المطر يدق ودقا، أي قطر. وودقت إليه دنوت منه.
وفي المثل: ودق العير إلى الماء، أي دنا منه. يضرب لمن خضع للشيء لحرصه عليه. والموضع مودق. وودقت به ودقا استأنست به. ويقال لذات الحافر إذا أرادت الفحل: ودقت تدق ودقا، وأودقت واستودقت. وأتان ودوق وفرس ودوق، ووديق أيضا، وبها وداق. والوديقة: شدة الحر. وخلال جمع خلل، مثل الجبل والجبال، وهى فرجه ومخارج القطر منه. وقد تقدم في البقرة أن كعبا قال: إن السحاب غربال المطر، لولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض. وقرأ ابن عباس والضحاك وأبو العالية: {مِنْ خِلالِهِ} على التوحيد. وتقول: كنت في خلال القوم، أي وسطهم. {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ} قيل: خلق الله في السماء جبالا من برد، فهو ينزل منها بردا، وفيه إضمار، أي ينزل من جبال البرد بردا، فالمفعول محذوف. ونحو هذا قول الفراء، لان التقدير عنده: من جبال برد، فالجبال عنده هي البرد. و{بَرَدٍ} في موضع خفض، ويجب أن يكون على قوله المعنى: من جبال برد فيها، بتنوين جبال.
وقيل: إن الله تعالى خلق في السماء جبالا فيها برد، فيكون التقدير: وينزل من السماء من جبال فيها برد. و{مِنْ} صلة.
وقيل: المعنى وينزل من السماء قدر جبال، أو مثل جبال من برد إلى الأرض، ف {مِنْ} الأولى للغاية لان ابتداء الانزال من السماء، والثانية للتبعيض، لان البرد بعض الجبال، والثالثة لتبيين الجنس، لان جنس تلك الجبال من البرد.
وقال الأخفش: إن {مِنْ} في الجبال و{بَرَدٍ} زائدة في الموضعين، والجبال والبرد في موضع نصب، أي ينزل من السماء بردا يكون كالجبال. والله أعلم. {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ}
فتكون إصابته نقمة، وصرفه نعمة. وقد مضى في البقرة. والرعد أن من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد. {يَكادُ سَنا بَرْقِهِ} أي ضوء ذلك البرق الذي في السحاب {يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ} من شدة بريقه وضوئه. قال الشماخ:
وما كادت إذا رفعت سناها *** ليبصر ضوءها إلا البصير
وقال امرؤ القيس:
يضئ سناه أو مصابيح راهب *** أهان السليط في الذبال المفتل
فالسنا مقصور ضوء البرق. والسنا أيضا نبت يتداوى به. والسناء من الرفعة ممدود. وكذلك قرأ طلحة بن مصرف {سناء} بالمد على المبالغة من شدة الضوء والصفاء، فأطلق عليه اسم الشرف. قال المبرد: السنا مقصور وهو اللمع، فإذا كان من الشرف والحسب فهو ممدود، وأصلهما واحد وهو الالماع. وقرأ طلحة بن مصرف: {سناء برقه} قال أحمد بن يحيى: وهو جمع برقة. قال النحاس: البرقة المقدار من البرق، والبرقة المرة الواحدة. وقرأ الجحدري وابن القعقاع: {يذهب بالأبصار} بضم الياء وكسر الهاء، من الا ذهاب، وتكون الباء في {بِالْأَبْصارِ} صلة زائدة. الباقون {يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ} بفتح الياء والهاء، والباء للإلصاق. والبرق دليل على تكاثف السحاب، وبشير بقوة المطر، ومحذر من نزول الصواعق. {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ} قيل: تقليبهما أن يأتي بأحدهما بعد الأخر.
وقيل: تقليبهما نقصهما وزيادتهما وقيل: هو تغيير النهار بظلمة السحاب مرة وبضوء الشمس أخرى، وكذا الليل مرة بظلمة السحاب ومرة بضوء القمر، قاله النقاش.
وقيل: تقليبهما باختلاف ما يقدر فيهما من خير وشر ونفع وضر. {إِنَّ فِي ذلِكَ} أي في الذي ذكرناه من تقلب الليل والنهار، وأحوال المطر والصيف والشتاء {لَعِبْرَةً} أي اعتبارا {لِأُولِي الْأَبْصارِ} أي لأهل البصائر من خلقي.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال