سورة الفرقان / الآية رقم 17 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً لاَ تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ الَتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {اتخذ} قد يتعدى إلى مفعول واحد، كقوله: {أَمِ اْتَّخَذُوا ءَالِهَةً} [الأنبياء: 8]، وقد يتعدى إلى مفعولين، كقوله: {واتخذ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] فقرأ الجمهور: {أن نَتَّخِذَ}؛ بالبناء لفاعل. وقرأ الحسن وأبو جعفر بالبناء للمفعول. فالقراءة الأولى على تعديته لواحد، والثانية على تعديته لاثنين. فالأول: الضمير في {نتخذ}، والثاني: {من أولياء}. و{مِن}: للتبعيض، أي: ما ينبغي لنا أن نتخذ بعضَ أولياءٍ من دونك؛ لأن {من} لا تزاد في المفعول الثاني، بل في الأول، تقول: ما اتخذت من أحد وليّاً، ولا تقول: ما اتخذت أحداً من ولي. وأنكر القراءة أبو عمرُو بن العلاء وغيره، وهو محجوج؛ لأن قراءة أبي جعفر من المتواتر.
يقول الحق جل جلاله: {و} اذكر {يوم نحشرهم}، أو: يوم يحشرهم الله جميعاً للبعث والحساب، يكون ما لا تفي به العبارة من الأهوال الفظيعة والأحوال الغريبة، فيحشرهم {وما يعبدون من دون الله}؛ من الملائكة والمسيح وعزير. وعن الكلبي: الأصنام؛ يُنطقها الله، وقيل: عام في الجميع. و{ما}: يتناول العقلاء وغيرهم؛ لأنه أريد به الوصف، كأنه قيل: ومعبودهم. {فيقول} الحق جل جلاله للمعبودين، إثر حشر الكل؛ تقريعاً للعَبَدة وتبكيتاً: {أأنتم أَضْلَلْتُمْ عبادِي هؤلاء}، بأن دعوتموهم إلى عبادتكم، {أم هم ضلُّوا السبيل} أي: عن السبيل بأنفسهم؛ بإخلالهم بالنظر الصحيح، وإعراضهم عن الرشد.
وتقديم الضميريْن على الفعلين بحيث لم يقل: أضللتم عبادي هؤلاء أم ضلوا السبيل؛ لأن السؤال ليس عن نفس الفعل، وإنما هو عن متوليه والمتصدي له، فلا بد من ذكره، وإيلائه حرف الاستفهام؛ ليعلم أنه المسؤول عنه. وفائدة سؤالهم، مع علمه تعالى بالمسؤول عنه؛ لأن يجيبوا بما أجابوا به؛ حتى يُبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم، فتزيد حسرتهم.
{قالوا} في الجواب: {سبحانك}؛ تعجيباً مما قيل، لأنهم إما ملائكة معصومون، أو جمادات لا تنطق ولا قدرة لها على شيء، أو: قصدوا به تنزيهه عن الأنداد، ثم قالوا: {ما كان ينبغي لنا} أي: ما صح وما استقام لنا {أن نتخذ من دونك} أي: متجاوزين إياك، {من أولياء} نعبدهم؛ لِمَا قام بنا من الحالة المنافية له، فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ أن نحمل غيرنا على أن يتخذوا غيرك، فضلاً أن يتخذونا أولياء، أو: ما كان يصح لنا أن نتولى أحداً دونك فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا أن يتولونا دونك حتى يتخذونا أرباباً من دونك، {ولكن متَّعتهم وآباءهم} بالأموال والأولاد وطول العمر، فاستغرقوا في الشهوات، وانهمكوا فيها {حتى نَسُوا الذّكر} أي: غفلوا عن ذكرك، وعن الإيمان بك، واتباع شرائعك فجعلوا أسباب الهداية؛ من النعم والعوافي ذريعة إلى الغواية. {وكانوا} في قضائك وعلمك الأزلي، {قوماً بوراً}؛ هالكين، جمع: بائر، كعائذ وعوذ.
ثم يقال للكافر بطريق الالتفات: {فقد كَذَّبوكم بما تقولون}، وهو احتجاج من الله تعالى على العبدة؛ مبالغة في تقريعهم وتبكيتهم؛ على تقدير قول مرتب على الجواب، أي: فقال الله جل جلاله عند ذلك للعبدة: فقد كذبكم المعبودون أيها الكفرة، {بما تقولون} أي: في قولكم: هؤلاء أضلونا. والباء بمعنى في، وعن قنبل: بالياء، والمعنى: فقد كذبوكم بقولهم: {سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ}، والباء حينئذٍ كقولك: كتبت بالقلم.
{فما يستطيعون}؛ فما يملكون {صَرْفاً}؛ دفعاً للعذاب عنكم {ولا نصراً} أي: فرداً من أفراد النصر. والمعنى: فما تستطيع آلهتكم أن يصرفوا عنكم العذاب أو ينصروكم. وعن حفص بالتاء، أي: فما تستطيعون أنتم أيها الكفرة صرفاً للعذاب عنكم، ولا نصر أنفسكم.
ثم خاطب المكلَّفين على العموم فقال: {ومن يَظْلِمْ منكم}؛ يشرك؛ بدليل قوله: {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] لأن الظلم: وضع الشيء في غير محله، ومن جعل المخلوق شريكاً لخالقه فقد ظلم ظلماً عظيماً. أي: ومن يظلم منكم أيها المكلفون، كدأب هؤلاء الكفرة، حيث ركبوا متن المكابرة والعناد، واستمروا على الملاججة والفساد، {نُذقْهُ} في الآخرة {عذاباً كبيراً} لا يقادر قدره، وهو الخلود في النار، والعياذ بالله.
الإشارة: كل من عشق شيئاً وأحبه من دون الله فهو عابد له، فرداً أو متعدداً، فيُحشر معه يوم القيامة، فيقال لهم: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء، أم هم ضلوا السبيل؟ فيتبرؤون منهم، ويقولون: بل متعتهم بالدنيا، وألهيتهم عن الذكر والتفكر والاعتبار، أو عن الشهود والاستبصار، حتى نسوا ذكر الله وكانوا قوماً بوراً. وقد ورد: (أن الدنيا تُبعث يوم القيامة على هيئة عجوز شمطاء زرقاء، فتنادي: أين أولادي؟ فيجمعون لها كرهاً، فتقدمهم، فتوردهم النار). وقوله تعالى: {ومن يظلم منكم} أي: يخرج عن حد الاستقامة في العبودية، وشهود عظمة الربوبية، نُذقه عذاباً كبيراً، وهو ضرب الحجاب على سبيل الدوام، إلا وقتاً مخصوصاً مع العوام. وبالله التوفيق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال