سورة البقرة / الآية رقم 283 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


تداين: تفاعل من الدين، يقال: داينت الرجل عاملته بدين معطياً أو آخذاً، كما تقول: بايعته إذا بعته أو باعك. قال رؤبة:
داينت أروى والديون تقضى *** فمطلت بعضاً وأدّت بعضاً
ويقال: دنت الرجل إذا بعته بدين، وادّنت أنا أي: أخذت بدين.
أمل وأملى لغتان: الأولى لأهل الحجاز وبني أسد، والثانية لتميم، يقال: أمليت وأمللت على الرجل أي: ألقيت عليه ما يكتبه، وأصله في اللغة الإعادة مرة بعد أخرى قال الشاعر:
ألا يا ديار الحيّ بالسبعان *** أمل عليها بالبلى الملوان
وقيل: الأصل أمللت، أبدل من اللام ياء لأنها أخف.
البخس: النقص، يقال منه: بخس يبخس، ويقال بالصاد، والبخس: إصابة العين، ومنه: استعير بخس حقه، كقولهم: عوّر حقه، وتباخسوا في البيع تغابنوا، كان كل واحد يبخس صاحبه عن ما يريده منه باحتياله.
السأم والسآمة: الملل من الشيء والضجر منه، يقال منه: سئم يسأم.
الصغير: اسم فاعل من صغر يصغر، ومعناه قلة الجرم، ويستعمل في المعاني أيضاً.
القسط: بكسر القاف: العدل، يقال منه: أقسط الرجل أي عدل، وبفتح القاف: الجور، ويقال منه: قسط الرجل أي جار، والقسط بالكسر أيضاً: النصيب.
الرهن: ما دفع إلى الدائن على استيثاق دينه، ويقال: رهن يرهن رهناً، ثم أطلق المصدر على المرهون، ويقال: رهن الشيء دام. قال الشاعر:
اللحم والخبز لهم راهن *** وقهوة راووقها ساكب
وأرهن لهم الشراب: دام، قال ابن سيده: ورهنه، أي: أدامه، ويقال: أرهن في السلعة إذا غالى بها حتى أخذها بكثير الثمن. قال الشاعر:
يطوى ابن سلمى بها من راكب بعرا *** عيدية أرهنت فيها الدنانير
العيد: بطن من مهر، وإبل مهرة موصوفة بالنجابة، ويقال، من الرهن الذي هو من التوثقة: أرهن إرهاناً. قال همام بن مرة:
فلما خشيت أظافيرهم *** نجوت وأرهنتهم مالكاً
وقال ابن الأعرابي، والزجاج: يقال في الرهن رهنت وأرهنت. وقال الأعشى:
حتى يقيدك من بنيه رهينة *** نعش ويرهنك السماك الفرقدا
وتقول: رهنت لساني بكذا، ولا يقال فيه: أرهنت، ولما أطلق الرهن على المرهون صار إسماً، فكسر تكسير الأسماء وانتصب بفعله نصب المفاعيل، فرهنت رهناً كرهنت ثوباً.
الإصر: الامر الغليظ الصعب، والآصرة في اللغة: الأمر الرابط من ذمام، أو قرابة، أو عهد، ونحوه. والإصار: الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها، يقال: أصر يأصر أصراً، والإصر، بكسر الهمزة الاسم من ذلك، وروي الأُصر بضمها وقد قرئ به. قال الشاعر:
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم *** والحامل الإصر عنهم بعدما عرقوا
{يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} قال ابن عباس: نزلت في السلم خاصة، يعنى: أن سلم أهل المدينة كان السبب، ثم هي تتناول جميع الديون بالإجماع.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما أمر بالنفقة في سبيل الله، وبترك الربا، وكلاهما يحصل به تنقيص المال، نبه على طريق حلال في تنمية المال وزيادته، وأكد في كيفية حفظه، وبسط في هذه الآية وأمر فيها بعدة أوامر على ما سيأتي بيانه.
وذكر قوله؛ بدين، ليعود الضمير عليه في قوله: فاكتبوه، وإن كان مفهوماً من: تداينتم، أو لإزالة اشتراك: تداين، فإنه يقال؛ تداينوا، أي جازى بعضهم بعضاً، فلما قال: بدين، دل على غير هذا المعنى. أو للتأكيد، أو ليدل على أي دين كان صغيراً أو كبيراً، وعلى أي وجه كان من سلم أو بيع.
{إلى أجل مسمى} ليس هذا الوصف احترازاً من أن الدين لا يكون إلى أجل مسمى، بل لا يقع الدين إلاَّ إلى أجل مسمى، فأما الآجال المجهولة فلا يجوز، والمراد بالمسمى الموقت المعلوم، نحو التوقيت بالنسبة والأشهر والأيام، ولو قال: إلى الحصاد، أو إلى الدياس، أو رجوع الحاج، لم يجز لعدم التسمية، و: إلى أجل، متعلق: بتداينتم، أو في موضع الصفة لقوله: بدين، فيتعلق بمحذوف.
{فاكتبوه} أمر تعالى بكتابته لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان، وأبعد من الجحود.
وظاهر الأمر الوجوب، وقد قال بعض أهل العلم، منهم الطبري، وأهل الظاهر. وقال الجمهور: هو أمر ندب يحفظه به المال، وتزال به الريبة، وفي ذلك حث على الاعتراف به وحفظه، فإن الكتاب خليفة اللسان، واللسان خليفة القلب.
وروي عن أبي سعيد الخدري، وابن زيد، والشعبي، وابن جريج أنهم كانوا يرون أن قوله: {فإن أمن بعضكم بعضاً} ناسخ لقوله: {فاكتبوه} وقال الربيع وجب بقوله: فاكتبوه، ثم خفف بقوله: فإن أمن.
{وليكتب بينكم كاتب بالعدل} وهذا الأمر قيل: على الوجوب على الكفاية كالجهاد، قال عطاء، وغيره: يجب على الكاتب أن يكتب على كل حال، وقال الشعبي، أيضاً: إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب، وقال السدّي: هو واجب مع الفراغ. واختار الراغب أن الصحيح كون الكتابة فرضاً على الكفاية، وقال: الكتابة فيما بين المتبايعين، وإن لم تكن واجبة، فقد تجب على الكتابة إذا أتوه، كما أن الصلاة النافلة، وإن لم تكن واجبة على فاعلها، فقد يجب على العالم تبيينها إذا أتاه مستفت.
ومعنى: بينكم، أي: بين صاحب الدين والمستدين، والبائع والمشتري، والمقرض والمستقرض، والتثنية تقتضي أن لا ينفرد أحد المتعاملين لأن يتهم في الكتابة، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعاً على ما سطره الكاتب.
ومعنى: بالعدل، أي: بالحق والإنصاف بحيث لا يكون في قلبه ولا في قلمه ميل لأحدهما على الآخر.
واختلف فيما يتعلق به: بالعدل، فقال الزمخشري: بالعدل، متعلق بكاتب صفة له، أي: بكاتب مأمون على ما يكتب، يكتب بالسوية والاحتياط، لا يزيد على ما يجب أن يكتب، ولا ينقص.
وفيه أن يكون الكاتب فقيهاً عالماً بالشروط، حتى يجيء مكتوبه معدّلاً بالشرع، وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب، وأن لا يستكتبوا إلاَّ فقيهاً ديناً.
وقال ابن عطية: والباء متعلقة بقوله تعالى: وليكتب، وليست متعلقة بكاتب، لأنه كان يلزم أن لا يكتب وثيقة إلاَّ العدل في نفسه، وقد يكتبها الصبي والعبد والمتحوط إذا أقاموا فقهها، أما أن المنتخبين لكتبها لا يجوز للولاة أن يتركوهم إلاَّ عدولاً مرضيين، وقيل: الباء زائدة، أي فليكتب بينكم كاتب العدل.
وقال القفال في معنى {بالعدل}: أن يكون ما يكتبه متفقاً عليه بين أهل العلم، لا يرفع إلى قاض فيجد سبيلاً إلى إبطاله بألفاظ لا يتسع فيها التأويل، فيحتاج الحاكم إلى التوقف.
وقرأ الحسن: وليكتب، بكسر لام الأمر، والكسر الأصل.
{ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} نهى الكاتب عن الامتناع من الكتابة. و: كاتب، نكرة في سياق النهي، فتعم. وأن يكتب مفعول، ولا يأب، ومعنى: كما علمه الله، أي: مثل ما علمه الله من كتابة الوثائق، لا يبدّل ولا يغير، وفي ذلك حث على بذل جهده في مراعاة شروطه مما قد لا يعرفه المستكتب، وفيه تنبيه على المنة بتعليم الله إياه.
وقيل: المعنى كما أمره الله به من الحق، فيكون: علم، بمعنى: أعلم، وقيل: المعنى كما فضله الله بالكتاب، فتكون الكاف للتعليل، أي: لأجل ما فضله الله، فيكون كقوله {وأحسن كما أحسن الله إليك} أي: لأجل إحسان الله إليك. والظاهر تعلق الكاف بقوله: أن يكتب، وقيل: تم الكلام عند قوله: أن يكتب، وتتعلق الكاف بقوله: فليكتب، وهو قلق لأجل الفاء، ولأجل أنه لو كان متعلقاً بقوله: فليكتب، لكان النظم: فليكتب كما علمه الله، ولا يحتاج إلى تقديم ما هو متأخر في المعنى.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون: كما، متعلقاً بما في قوله: ولا يأب، أي: كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة فلا يأب هو، وليفضل كما أفضل عليه. انتهى. وهو خلاف الظاهر. وتكون الكاف في هذا القول للتعليل، وإذا كان متعلقاً بقوله: أن يكتب، كان قوله: ولا يأب، نهياً عن الامتناع من الكتابة المقيدة، ثم أمر بتلك الكتابة، لا يعدل عنها، أمر توكيد. وإذا كان متعلقاً بقوله: فليكتب، كان ذلك نهياً عن الامتناع من الكتابة على الإطلاق، ثم أمر بالكتابة المقيدة.
وقال الربيع، والضحاك: ولا يأب، منسوخ بقوله: {ولا يضار كاتب ولا شهيد}.
{فليكتب وليملل الذي عليه الحق} أي: فليكتب الكاتب، وليملل من وجب عليه الحق، لأنه هو المشهود عليه بأن الدين في ذمّته، والمستوثق منه بالكتابة.
{وليتق الله ربه}، فيما يمليه ويقربه، وجمع بين اسم الذات وهو: الله، وبين هذا الوصف الذي هو: الرب، وإن كان اسم الذات منطوقاً على جميع الأوصاف.
ليذكره تعالى كونه مربياً له، مصلحاً لأمره، باسطاً عليه نعمه. وقدم لفظ: الله، لأن مراقبته من جهة العبودية والألوهية أسبق من جهة النعم.
{ولا يبخس منه شيئاً} أي: لا ينقص بالمخادعة أو المدافعة، والمأمور بالإملال هو المالك لنفسه. وفك المضاعفين في قوله: وليملل، لغة الحجاز، وذلك في ما سكن آخره بجزم، نحو، هذا، أو وقف نحو: أملل، ولا يفك في رفع ولا نصب. وقرئ: شيئاً، بالتشديد.
{فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً} قال مجاهد، وابن جبير: هو الجاهل بالأمور والإملاء. وقال الحسن: الصبي والمرأة، وقال الضحاك، والسدّي: الصغير. وضعف هذا لأنه قد يصدق السفيه على الكبير، وذكر القاضي أبو يعلى: أنه المبذر. وقال الشافعي: المبذر لماله المفسد لدينه. وروي عن السدي: أنه الأحمق، وقيل: الذي يجهل قدر المال فلا يمتنع من تبذيره ولا يرغب في تثميره. و




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال