سورة الفرقان / الآية رقم 59 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَراًّ وَمُقَاماً وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا(59)}
البعض يظن أن خَلْق السموات والأرض شيء سهل، وأعظم منه خَلْق الإنسان، لكن الحق تبارك وتعالى يقول: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: 57].
فالإنسان يخلقه الله، وقد يموت بعد يوم، أو بعد مائة عام، وقد تصيبه في حياته الأمراض، أمّا السموات والأرض، فقد خلقها الله تعالى بهندسة دقيقة، وقوانين لا تختلف ولا تختل مع ما يمرُّ عليها من أزمنة، وكأن الحق سبحانه يقول للإنسان: إن السموات والأرض هذه خلْقتي وصَنْعتي، لو تدبرتَ فيها وتأملتَها لوجدتَها أعظم من خَلْقك أنت.
وقوله تعالى: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الفرقان: 59] سبق أن تكلَّمنا في هذه المسألة وقلنا: إن جمهرة آيات القرآن تدل على أن الخَلْق تمَّ في مدة ستة أيام إلا سورة واحدة تُشعِر آياتها أن الخلق في ثمانية أيام، وهي سورة فصلت.
حيث يقول فيها الحق سبحانه وتعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ العالمين وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ ثُمَّ استوى إِلَى السمآء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وأوحى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العزيز العليم} [فصلت: 912].
وجملة هذه ثمانية أيام، وكل مُجْمل يخضع للتفصيل إلا تفصيل العدد فيرجع للمجمل، كيف؟
الحق سبحانه يتكلم هنا عن خَلْق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم تكلَّم عن خَلْق الأرض في يومين، وجعل فيها رواسي من فوقها، وبارك فيها وقدَّر فيها أقواتها في أربعة أيام، فالأربعة الأيام هذه تكملة لخلّق الأرض فهي تكملة لليومين، كأنه قال في تتمة أربعة أيام، فالأرض في يومين والباقي أكمل الأربعة. كما تقول: سِرْتُ إلى طنطا في ساعة، وإلى الأسكندرية في ساعتين أي يدخل فيهما الساعة الأولى إلى طنطا، فاليومان من الأربعة الأيام.
لكن، كيف نُقدِّر هذا اليوم؟ الله يخاطبنا باليوم الذي نعرفه ونعرف مدلوله، فالمعنى: في ستة أيام من أيامكم التي تعرفونها. وإلاَّ لو كان المراد يوماً لا نعرفه نحن، فسيكون لا معنى له؛ لأننا لا نفهمه.
ولقائل أن يقول: كيف يستغرق الخَلْق كل هذه المدة والحق تبارك وتعالى يخلق بكُنْ، وكن لا تحتاج وقتاً؟ قالوا: فَرْق بين عملية الخَلْق وما يحتاجه المخلوق في ذاته.
فأنت مثلاً، إنْ أردتَ أنْ تصنع كوباً من الزبادي تحضر اللبن مثلاً وتضع عليه خميرة الزبادي المعروفة المأخوذة من زبادي دسم سبق صُنْعه، وتضعه في درجة حرارة معينة، بعد هذه العملية تكون قد صنعت الزبادي فعلاً، لكن هل يمكنك أن تأكل منه فَوْر الانتهاء من صناعته؟ لا، بل لابد أن تتركه عدة ساعات لتتفاعل عناصره، فهل تقول: أنا صنعت الزبادي في عدة ساعات مثلاً؟
كذلك، حين تذهب إلى(الترزي) لتفصيل ثَوْب مثلاً يقول لك: موعدنا بعد شهر، فهل تستغرق خياطة الثوب شهراً؟ لا، إنما مدته عنده شهر.
فالحق تبارك وتعالى يفعل ويخلق دون معالجة، وبالتالي دون زمن؛ لأنه سبحانه يقول للشيء: كُنْ فيكون.
وقوله: سبحانه: {ثُمَّ استوى عَلَى العرش} [الفرقان: 59] سبق أن تكلمنا في هذه المسألة: فاستوى تعني: صعد وارتفع وعلا وجلس، ونحن نُنزِّه الله تعلى عن استواء يشابه استواء خَلْقه.
والاستواء هنا رمزية لتمام الأمر بما نعرفه في عادة الملوك في الجلوس على كرسي العرش، حين يتم لهم الأمر ويستتبّ.
و{الرحمن} [الفرقان: 59] دليل على أن مسألة الخَلْق كلها تدور في إطار الرحمانية {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان: 59] لأنه سبحانه خلق السموات والأرض وخلقنا، ومع ذلك لا نعرف: كيف تم هذا الخَلْق؟ ولن نستطيع أن نقف على تفصيل هذا الخَلْق، إلا إذا أطعلنَا الخالق عليه، وإلاَّ فهذا أمر لم نشاهده، فكيف نخوض فيه، كمن يقول: إن الأرض كانت قطعةَ من الشمس، ثم انفصلتْ عنها مع دوران الشمس.. إلخ هذه الأقوال.
لذلك الحق تبارك وتعالى يُحذِّرنا من سماع مثل هذه النظريات، لأن مسألة الخَلْق لا تخضع للعلم التجريبي أَبداً، فيقول سبحانه: {ما أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً} [الكهف: 51].
إذن: سيوجد في الكون مُضلون يقولون للناس مثل هذه الأقوال في الخَلْق ويدَّعُون بها أنهم علماء يعرفون ما لا يعرفه الناس، فاحذروهم فما شاهدوا عملية الخَلْق، وما كانوا مساعدين لله تعالى، فيطلعوا على تفاصيل الخَلْق.
لذلك تقوم هذه الأقوال في خَلْق الإنسان وخَلْق السماء والأرض دليلاً على صِدْق هذه الآية، فما موقف هذه الآية إذن إذا لم تقل هذه الأقوال؟
ومثال ذلك الذين يحلو لهم التعصب للقرآن الكريم ضد الحديث النبوي يقول لك أحدهم: حدِّثني عن القرآن، سبحان الله، أتتعصّب للقرآن ضد الرسول الذي بلَّغك القرآن، وما عرفتَ القرآن إلا من طريقه؟ يعني(الواد ربَّانيّ) لا يعترف إلا بالقرآن. ونقول لمثل هذا الذي يهاجم الحديث النبوي: أنت صليتَ المغرب ثلاث ركعات، فأين هذا من القرآن؟
لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يُوشك الرجل يتكىء على أريكته يُحدَّث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما كان حراماً حرَّمْناه، وإن ما حرّم رسول الله كما حرّم الله».
لماذا؟ لأنِّي أقول لكم من باطن قَوْل الله تعالى: {وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا} [الحشر: 7].
بالله، لو لم يُوجَد الآن مَنْ يقول بهذا القول، فماذا سيكون موقف هذا الحديث؟ وكيف لنا أن نفهمه؟ لقد فضحهم هذا الحديث، وأبان ما عندهم من غباء، فقد كان بإمكانهم بعد أنْ عرفوا حديث رسول الله أنْ يُمسِكوا عن التعصب للقرآن ضد الحديث النبوي، فيكون الحديث ساعتها غير ذي معنى لكن هيهات.
نعود إلى موضوعنا، ونحن بصدد الكلام عن خَلْق السموات وخَلْق الأرض، واستواء الحق تبارك وتعالى على العرش، وهاتان المسألتان لا تسأل فيهما إلا الله {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان: 59] لأنه وحده الذي يعلم خبايا الأمور، وهذه أمور لم يطلّع عليها أحد فيخبرك بها.
وكلمة:(سأل) الإنسان لا يسأل عن شيء إلا إذا كان يجهله، والسؤال له مراحل: فقد تجهل الشيء ولا تهتم به، ولا تريد أن تعرفه، فأنت واحد من ضمن الذين لا يعرفون، وقد تجهل الشيء لكن تهتم به، فتسأل عنه لاهتمامك به، فمرَّة نقول: اسأل به. ومرة نقول: اسأل عنه.
والمعنى: اسأل اهتماماً به، أي: بسبب اهتمامك به اسأل عنه خبيراً ليعطيك ويخبرك بما تريد، فهو وحده الذي يعرف خبايا الأمور ودقائقها، وعنده خبر خَلْق السموات وخَلْق الأرض، ويعلم مسألة الاستواء على العرش؛ لذلك إنْ سألتَ عن هاتين المسألتين، فلا تسأل إلا خبيراً.
والذين قالوا في قوله تعالى: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان: 59] أي: ممَّنْ يعلم الكلام عن الله من أهل الكتاب نقول: لا بأسَ؛ لأنه سيؤول إلى الله تعالى في النهاية.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال