سورة الفرقان / الآية رقم 60 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَراًّ وَمُقَاماً وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَتَوَكَّلْ عَلَى الحي الذي لاَ يَمُوتُ} في استكفاء شرورهم والإِغناء عن أجورهم، فإنه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الأحياء الذين يموتون فإنهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} ونزهه عن صفات النقصان مثنياً عليه بأوصاف الكمال طالباً لمزيد الأنعام بالشكر على سوابغه. {وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ} ما ظهر منها وما بطن. {خَبِيراً} مطلعاً فلا عليك أن آمنوا أو كفروا.
{الذي خَلَقَ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش الرحمن} قد سبق الكلام فيه، ولعل ذكره زيادة تقرير لكونه حقيقاً بأن يتوكل عليه من حيث إنه الخالق للكل والمتصرف فيه، وتحريض على الثبات والتأني في الأمر فإنه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ أمره في كل مراد خلق الأشياء على تؤدة وتدرج، و{الرحمن} خبر للذي إن جعلته مبتدأ ولمحذوف إن جعلته صفة للحي، أو بدل من المستكن في {استوى} وقرئ بالجر صفة للحي. {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} فاسأل عما ذكر من الخلق والاستواء عالماً يخبرك بحقيقته وهو الله تعالى، أو جبريل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه، وقيل الضمير {للرحمن} والمعنى إن أنكروا إطلاقه على الله تعالى فاسأل عنه من يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم، وعلى هذا يجوز أن يكون {الرحمن} مبتدأ والخبر ما بعده والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالياء لتضمنه معنى الاعتناء. وقيل إنه صلة {خَبِيراً}.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن قَالُواْ وَمَا الرحمن} لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله، أو لأنهم ظنوا أنه أراد به غيره ولذلك قالوا: {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} أي للذي تأمرناه يعني تأمرنا بسجوده أو لأمرك لنا من غير عرفان. وقيل لأنه كان معرباً لم يسمعوه. وقرأ حمزة والكسائي {يأمرنا} بالياء على أنه قول بعضهم لبعض. {وَزَادَهُمْ} أي الأمر بالسجود {للرحمن}. {نُفُورًا} عن الإِيمان.
{تَبَارَكَ الذي جَعَلَ فِي السماء بُرُوجاً} يعني البروج الاثني عشر سميت به وهي القصور العالية لأنها للكواكب السيارة كالمنازل لسكانها واشتقاقه من التبرج لظهوره. {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً} يعني الشمس لقوله: {وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً} وقرأ حمزة والكسائي {سرجاً} وهي الشمس والكواكب الكبار. {وَقَمَراً مُّنِيراً} مضيئاً بالليل، وقرئ: {وَقَمَراً} أي ذا قمر وهو جمع قمراء ويحتمل أن يكون بمعنى القمر كالرشد والرشد والعرب والعرب.
{وَهُوَ الذى جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً} أي ذوي خلفة يخلف كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه، أو بأن يعتقبا لقوله تعالى: {واختلاف اليل والنهار} وهي للحالة من خلف كالركبة والجلسة. {لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ} بأن يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه فيعلم أن لا بد له من صانع حكيم واجب الذات رحيم على العباد.
{أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} أن يشكر الله تعالى على ما فيه من النعم، أو ليكونا وقتين للمتذكرين الشاكرين من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخرة، وقرأ حمزة {أَن يَذَّكَّرَ} من ذكر بمعنى تذكر وكذلك ليذكروا ووافقه الكسائي فيه.
{وَعِبَادُ الرحمن} مبتدأ خبره {أولئك يُجْزَوْنَ الغرفة} أو: {الذين يَمْشُونَ على الأرض} وإضافتهم إلى {الرحمن} للتخصيص والتفضيل، أو لأنهم الراسخون في عبادته على أن عباد جمع عابد كتاجر وتجار. {هَوْناً} هينين أو مشياً هيناً مصدر وصف به والمعنى أنهم يمشون بسكينة وتواضع {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً} تسلماً منكم ومتاركة لكم لا خير بيننا ولا شر، أو سداداً من القول يسلمون فيه من الإِيذاء والإِثم، ولا ينافيه آية القتال لتنسخه فإن المراد به الإِغضاء عن السفهاء وترك مقابلتهم في الكلام.
{وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وقياما} في الصلاة، وتخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل أحمز وأبعد عن الرياء وتأخير القيام للروي وهو جمع قائم أو مصدر أجري مجراه.
{والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} لازماً ومنه الغريم لملازمته، وهو إيذان بأنهم مع حسن مخالطتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلى الله تعالى في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم.
{إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} أي بئست مستقراً، وفيها ضمير مبهم يفسره المميز والمخصوص بالذم ضمير محذوف به ترتبط الجملة باسم إن، أو أحزنت وفيها ضمير اسم أن ومستقراً حال أو تمييز والجملة تعليل للعلة الأولى أو تعليل ثان وكلاهما يحتملان الحكاية والإِبتداء من الله.
{والذين إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ} لم يجاوزوا حد الكرم. {وَلَمْ يَقْتُرُواْ} ولم يضيقوا تضييق الشحيح. وقيل الإِسراف هو الإِنفاق في المحارم والتقتير منع الواجب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء ونافع وابن عامر والكوفيون بضم الياء وكسر التاء من أقتر، وقرئ بالتشديد والكل واحد. {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وسطاً عدلاً سمي به لاستقامة الطرفين كما سمي سواء لاستوائهما، وقرئ بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص وهو خبر ثان أو حال مؤكدة، ويجوز أن يكون الخبر بين ذلك لغواً، وقيل إنه اسم {كَانَ} لكنه مبني لإِضافته إلى غير متمكن وهو ضعيف لأنه بمعنى القوام فيكون كالإِخبار بالشيء عن نفسه.
{والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التى حَرَّمَ الله} أي حرمها بمعنى حرم قتلها. {إِلاَّ بالحق} متعلق بالقتل المحذوف، أو بلا يقتلون {وَلاَ يَزْنُونَ} نفى عنهم أمهات المعاصي بعدما أثبت لهم أصول الطاعات إظهاراً لكمال إيمانهم وإشعاراً بأن الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك، وتعريضاً للكفرة بأضداده ولذلك عقبه بالوعيد تهديداً لهم فقال: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك يَلْقَ أَثَاماً} جزاء إثم أو إثماً بإضمار الجزاء، وقرئ: {أياماً} أي شدائد يقال يوم ذو أيام أي صعب.
{يضاعف لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة} بدل من {يَلْقَ} لأنه في معناه كقوله:
مَتَى تَأَتِنَا تُلمِمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا *** تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وَنَاراً تَأَجَّجَا
وقرأ أبو بكر بالرفع على الاستئناف أو الحال وكذلك: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} وابن كثير ويعقوب يضعف بالجزم وابن عامر بالرفع فيهما مع التشديد وحذف الأَلف في {يضعف}، وقرئ: {وَيَخْلُدْ} على بناء المفعول مخففاً، وقرئ مثقلاً وتضعيف العذاب مضاعفته لانضمام المعصية إلى الكفر ويدل عليه قوله: {إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالحا فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حسنات} بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعتهم، أو يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة. وقيل بأن يوفقه لأضداد ما سلف منه، أو بأن يثبت له بدل كل عقاب ثواباً. {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} فلذلك يعفو عن السيئات ويثيب على الحسنات.
{وَمَن تَابَ} عن المعاصي بتركها والندم عليها. {وَعَمِلَ صالحا} يتلافى به ما فرط، أو خرج عن المعاصي ودخل في الطاعة. {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى الله} يرجع إلى الله بذلك. {مَتاباً} مرضياً عند الله ماحياً للعقاب محصلاً للثواب، أو يتوب متاباً إلى الله الذي يحب التائبين ويصطنع بهم؛ أو فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه مرجعاً حسناً وهو تعميم بعد تخصيص.
{والذين لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} لا يقيمون الشهادة الباطلة، أو لا يحضرون محاضر الكذب فإن مشاهدة الباطل شركة فيه. {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ} ما يجب أن يلقى ويطرح. {مَرُّواْ كِراماً} معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه والخوض فيه، ومن ذلك الإِغضاء عن الفواحش والصفح عن الذنوب والكناية عما يستهجن التصريح به.
{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بئايات رَبّهِمْ} بالوعظ أو القراءة. {لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً} لم يقيموا عليها غير واعين لها ولا متبصرين بما فيها كمن لاَ يسمع ولا يبصر، بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية، فالمراد من النفي نفي الحال دون الفعل كقولك: لا يلقاني زيد مسلماً. وقيل الهاء للمعاصي المدلول عليها {باللغو}.
{والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أزواجنا وذرياتنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} بتوفيقهم للطاعة وحيازة الفضائل، فإن المؤمن إذا شاركه أهله في طاعة الله سر بهم قلبه وقرت بهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة، و{مِنْ} إبتدائية أو بيانية كقولك: رأيت منك أسداً، وقرأ حمزة وأبو عمرو والكسائي وأبو بكر {وذريتنا} وقرأ ابن عامر والحرميان وحفص ويعقوب {وذرياتنا} بالألف، وتنكير ال {أَعْيُنٍ} لإِرادة تنكير ال {قُرَّةَ} تعظيماً وتقليلها لأن المراد أعين المتقين وهي قليلة بالإِضافة إلى عيون غيرهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال