سورة الفرقان / الآية رقم 71 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُماًّ وَعُمْيَاناً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَراًّ وَمُقَاماً قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالشعراء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما جعلت قريش سؤالها عن اسمه الذي هو الرحمن سؤالاً عن مجهول نزلت هذه الآية مصرحة بصفاته التي تعرف به وتوجب الإقرار بألوهيته. ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى لما ذكر أنه خلق السموات والأرض وما بينهما، ووصف نفسه بالرحمن، وسألوا هم فيه عما وضع في السماء من النيرات وما صرف من حال الليل والنهار لبادروا بالسجود والعبادة للرحمن، ثم نبههم على مالهم به اعتناء تام من رصد الكواكب وأحوالها ووضع أسماء لها. والظاهر أن المراد بالبروج المعروفة عند العرب وهي منازل الكواكب السيارة وهي الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. سميت بذلك لشبهها بما شبهت به. وسميت بالبروج التي هي القصور العالية لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها واشتقاق البرج من التبرج لظهوره.
وقيل: البروج هنا القصور في الجنة. قال الأعمش. وكان أصحاب عبد الله يقرؤونها {في السماء} قصوراً. وقال أبو صالح: البروج هنا الكواكب العظام. قال ابن عطية: والقول بأنها قصور في الجنة تحط من غرض الآية في التنبيه على أشياء مدركات تقوم بها الحجة على كل منكر لله أو جاهل. والضمير في {فيها} الظاهر أنه عائد على {السماء}. وقيل: على البروج، فالمعنى وجعل في جملتها {سراجاً}. وقرأ الجمهور {سراجاً} على الإفراد وهو الشمس. وقرأ عبد الله وعلقمة والأعمش والأخوان سُرُجاً بالجمع مضموم الراء وهو يجمع الأنوار، فيكون خص القمر بالذكر تشريفاً. وقرأ الأعمش أيضاً والنخعي وابن وثاب كذلك بسكون الراء. وقرأ الحسن والأعمش والنخعي وعصمة عن عاصم {وقُمراً} بضم القاء وسكون الميم فالظاهر أنه لغة في القمر كالرشد والرشد والعرب والعرب. وقيل: جمع قمراء أي ليلة قمراء كأنه قال: وذا قمر منير لأن الليلة تكون قمراء بالقمر، فأضافه إليها ونظيره في بقاء حكم المضاف بعد سقوطه وقيام المضاف إليه مقامه قول حسان:
بردى يصفق بالرحيق السلسل ***
يريد ماء بردى. فمنيراً وصف لذلك المحذوف كما قال يصفق بالياء من تحت، ولو لم يراع المضاف لقال: تصفق بالتاء وقال {منيراً} أي مضيئاً ولم يجعله {سراجاً} كالشمس لأنه لا توقد له.
وانتصب {خلفة} على الحال. فقيل: هو مصدر خلف خلفة. وقيل: هو اسم هيئة كالركبة ووقع حالاً اسم الهيئة في قولهم: مررت بماء قعدة رجل، وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كل واحد منهما الآخر. والمعنى جعلهما ذوي خلفة أي ذوي عقبة يعقب هذا ذاك وذاك هذا، ويقال الليل والنهار يختلفان كما يقال يعتقبان ومنه قوله {واختلاف الليل والنهار} ويقال: بفلان خلفة واختلاف إذا اختلف كثيراً إلى متبرزه ومن هذا المعنى قول زهير:
بها العيس والآرام يمشين خلفة *** وقول الآخر
يصف امرأة تنتقل من منزل في الشتاء إلى منزل في الصيف دأباً:
ولها بالما طرون إذا *** أكل النمل الذي جمعا
خلفة حتى إذا ارتفعت *** سكنت من جلق بيعا
في بيوت وسط دسكرة *** حولها الزيتون قد ينعا
وقيل {خلفة} في الزيادة والنقصان. وقال مجاهد وقتادة والكسائي: هذا أسود وهذا أبيض وهذا طويل وهذا قصير. {لمن أراد أن يذكر}. قال عمر وابن عباس والحسن: معناه {لمن أراد أن يذكر} ما فاته من الخير والصلاة ونحوه في أحدهما فيستدركه في الذي يليه. وقال مجاهد وغيره: أي يعتبر بالمصنوعات ويشكر الله تعالى على نعمه عليه في العقل والفكر والفهم. وقال الزمخشري: وعن أُبي بن كعب يتذكر والمعنى. لينظر في اختلافهما الناظر فيعلم أن لا بد لانتقالهما من حال إلى حال وتغيرهما من نافل ومغير، ويستدل بذلك على عظم قدرته ويشكر الشاكر على النعمة من السكون بالليل والتصرف بالنهار كما قال تعالى: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله} وليكونا وقتين للمتذكر والشاكر من فاته في أحدهما ورده من العبادة أتى به في الآخر. وقرأ النخعي وابن وثاب وزيد بن عليّ وطلحة وحمزة تذكر مضارع ذكر خفيفاً.
ولما تقدم ذكر الكفار وذمهم جاء {لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً} ذكر أحوال المؤمنين المتذكرين الشاكرين فقال: {وعباد الرحمن} وهذه إضافة تشريف وتفضل، وهو جمع عبد. وقال ابن بحر: جمع عابد كصاحب وصحاب، وتاجر وتجار، وراجل ورجال، أي الذين يعبدونه حق عبادته. والظاهر أن {وعباد} مبتدأ و{الذين يمشون} الخبر. وقيل: أولئك الخبر و{الذين} صفة، وقوم من عبد القيس يسمون العباد لأن كسرى ملكهم دون العرب. وقيل: لأنهم تألهوا مع نصارى الحيرة فصاروا عباد الله. وقرأ اليماني: وعباد جمع عابد كضارب وضراب. وقرأ الحسن: وعُبَدُ بضم العين والباء. وقرأ السلمي واليماني {يُمشّون} مبنياً للمفعول مشدداً. والهون: الرفق واللين. وانتصب {هوناً} على أنه نعت لمصدر محذوف أي مشياً هوناً أو على الحال، أي يشمون هينين في تؤدة وسكينة وحسن سمت لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشراً وبطراً، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق. وقال مجاهد: بالحلم والوقار. وقال ابن عباس: بالطاعة والعفاف والتواضع. وقال الحسن: حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا. وقال ابن عطية {هوناً} عبارة عن عيشهم ومدة حياتهم وتصرفاتهم، فذكر من ذلك المعظم لا سيما وفي الانتقال في الأرض هي معاشرة الناس وخلطتهم ثم قال {هوناً} بمعنى أمره هون أي ليس بخشن، وذهبت فرقة إلى أن {هوناً} مرتبط بقوله {يمشون على الأرض} أي إن المشي هو الهون، ويشبه أن يتأول هذا على أن يكون أخلاق ذلك الماشي {هوناً} مناسبة لمشيه فيرجع القول إلى نحو ما بينّا، وأما أن يكون المراد صفة المشي وحده فباطل، لأن رب ماش {هوناً} رويداً وهو ذنب أطلس.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكفأ في مشيه كأنما يمشي في صبب. وهو عليه السلام الصدر في هذه الآية وقوله عليه السلام: «من مشى منكم في طمع فليمش رويداً» أراد في عمر نفسه ولم يرد المشي وحده ألا ترى أن المبطلين المتحلين بالدين تمسكوا بصورة المشي فقط حتى قال فيهم الشاعر:
كلهم يمشي رويدا *** كلهم يطلب صيدا
وقال الزهري: سرعة المشي تذهب ببهاء الوجه، يريد الإسراع الخفيف لأنه يخل بالوقار والخير في التوسط. وقال زيد بن أسلم: أنه رأى في النوم من فسر له {الذين يمشون على الأرض هوناً} بأنهم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض. وقال عياض بن موسى: كان عليه السلام يرفع في مشيه رجليه بسرعة وعَدْوِ خطوة خلاف مشية المختال، ويقصد سمته وكل ذلك برفق وتثبت دون عجلة كما قال: «إنما ينحط من صبب» وكان عمر يسرع جبلة لا تكلفاً.
{وإذا خاطبهم الجاهلون} أي مما لا يسوغ الخطاب به {قالوا سلاماً} أي سلام توديع لا تحية كقول إبراهيم عليه السلام لأبيه {سلام عليك} قاله الأصم. وقال مجاهد: قولاً سديداً فهو منصوب بقالوا. وقيل: هو على إضمار فعل تقديره سلمنا {سلاماً} فهو جزء من متعلق الجملة المحكية. قال ابن عطية: والذي أقوله أن {قالوا} هو العامل في {سلاماً} لأن المعنى قالوا هذا اللفظ. وقال الزمخشري: تسلماً منكم فأقيم السلام مقام التسليم. وقيل: قالوا سداداً من القول يسلمون فيه من الأذى والإثم والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الرغبة من قوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
انتهى. وقال الكلبي: وأبو العالية نسختها آية القتال. وقال ابن عطية: وهذه الآية كانت قبل آية السيف فنسخ منها ما يخص الكفرة وبقي حكمها في المسلمين إلى يوم القيامة، وذكره سيبويه في هذه الآية في كتابه وما تكلم على نسخ سواه. ورجح به أنه المراد السلامة لا التسليم لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالسلام على الكفرة، والآية مكية فنسختها آية السيف. وفي التاريخ ما معناه أن إبراهيم بن المهدي كان منحرفاً عن عليّ بن أبي طالب فرآه في النوم قد تقدمه إلى عبور قنطرة، فقال له: إنما تَدَّعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك، وكان حكى ذلك للمأمون قال: فما رأيت له بلاغة في الجواب كما يذكر عنه فقال له المأمون: فما أجابك به؟ قال: كان يقول لي سلاماً سلاماً، فنبهه المأمون على هذه الآية وقال: يا عم قد أجابك بأبلغ جواب. فخزي إبراهيم واستحيا، وكان إبراهيم لم يحفظ الآية أو ذهب عنه حالة الحكاية.
والبيتوتة هو أن يدرك الليل نمت أو لم تنم، وهو خلاف الظلول وبجيلة وأزد السراة يقولون: بيات وسائر العرب يقولون: يبيت، ولما ذكر حالهم بالنهار بأنهم يتصرفون أحسن تصرف ذكر حالهم بالليل والظاهر أنه يعنى إحياء الليل بالصلاة أو أكثره. وقيل: من قرأ شيئاً من القرآن بالليل في صلاة فقد بات ساجداً وقائماً. وقيل: هما الركعتان بعد المغرب، والركعتان بعد العشاء. وقيل: من شفع وأوتر بعد أن صلى العشاء فقد دخل في هذه الآية. وفي هذه الآية حض على قيام الليل في الصلاة. وقدم السجود وإن كان متأخراً في الفعل لأجل الفواصل، ولفضل السجود فإنها حالة أقرب ما يكون العبد فيها من الله. وقرأ أبو البرهثيم: سجوداً على وزن قعوداً. ومدحهم تعالى بدعائه أن يصرف عنهم عذاب جهنم وفيه تحقيق إيمانهم بالبعث والجزاء. قال ابن عباس: {غراماً} فظيعاً وجيعاً. وقال الخدري: لازماً ملحّاً دائماً. قال الحسن: كل غريم يفارق غريمه إلاّ غريم جهنّم. وقال السدّي: شديداً. وأنشدوا على أن {غراماً} لازماً قوله الشاعر وهو بشر بن أبي حاتم:
ويوم اليسار ويوم الجفار *** كانا عذاباً وكانا غراماً
وقال الأعشى:
إن يعاقب يكن غراماً *** وإن يعط جزيلاً فإنه لا يبالي
وصفهم بإحياء الليل ساجدين ثم عقبه بذكر دعائهم هذا إيذاناً بأنهم مع اجتهادهم خائفون يبتهلون إلى الله في صرف العذاب عنهم. و{ساءت} احتمل أن يكون بمعنى بئست. والمخصوص بالذم محذوف وفي {ساءت} ضمير مبهم ويتعين أن يكون {مستقراً ومقاماً} تمييز. والتقدير {ساءت مستقراً ومقاماً} هي وهذا المخصوص بالذم هو رابط الجملة الواقعة خبراً لأن. ويجوز أن يكون {ساءت} بمعن أحزنت فيكون المفعول محذوفاً أي ساءتهم. والفاعل ضمير جهنم وجاز في {مستقراً ومقاماً} أن يكونا تمييزين وأن يكونا حالين قد عطف أحدهما على الآخر. والظاهر أن التعليلين غير مترادفين ذكر أولاً لزوم عذابها، وثانياً مساءة مكانها وهما متغايران وإن كان يلزم من لزوم العذاب في مكان دم ذلك المكان. وقيل: هما مترادفان، والظاهر أنه من كلام الداعين وحكاية لقولهم. وقيل: هو من كلام الله، ويظهر أن قوله {ومقاماً} معطوف على سبيل التوكيد لأن الاستقرار والإقامة كأنهما مترادفان. وقيل: المستقر للعصاة من أهل الإيمان فإنهم يستقرون فيها ولا يقيمون، والإقامة للكفار. وقرأت فرقة {ومَقاماً} بفتح الميم أي مكان قيام، والجمهور بالضم أي مكان إقامة. {لم يسرفوا} ولم يقتروا. قال أبو عبد الرحمن الجيلي: الإنفاق في غير طاعة إسراف، والإمساك عن طاعة إقتار. وقال معناه ابن عباس ومجاهد وابن زيد. وسمع رجل رجلاً يقول: لا خير في الإسراف فقال: لا إسراف في الخير. وقال عون بن عبد الله بن عتبة: الإسراف أن تنفق مال غيرك. وقال النخعي: هو الذي لا يجيع ولا يُعَرِّي ولا ينفق نفقة يقول: الناس قد أسرف.
وقال يزيد بن أبي حبيب: هم الذين لا يلبسون الثياب للجمال ولا يأكلون طعاماً للّذة وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ قال له عمر: الحسنة بين السيئتين. ثم تلا الآية. والإسراف مجاوزة الحد في النفقة والقتر التضييق الذي هو نقيض الإسراف. وعن أنس في سنن ابن ماجة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من السرف أن تأكل ما اشتهيته» وقال الشاعر:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد *** كلا طرفي قصد الأمور ذميم
وقال آخر
إذا المرء أعطى نفسه كلما اشتهت *** ولم ينهها تاقت إلى كل باطل
وساقت إليه الإثم والعار بالذي *** دعته إليه من حلاوة عاجل
وقال حاتم
إذا أنت قد أعطيت بطنك سؤله *** وفرج نالا منتهى الذم أجمعا
وقرأ الحسن وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي وعاصم: يقترون بفتح الياء وضم التاء ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء ونافع، وابن عامر بضم الياء وكسر التاء مشددة وكلها لغات في التضييق. وأنكر أبو حاتم لغة أقتر رباعياً هنا. وقال أقتر إذا افتقر. ومنه {وعلى المقتر قدره} وغاب عنه ما حكاه الأصمعي وغيره: من اقتر بمعنى ضيق، والقوام الاعتدال بين الحالتين. وقرأ حسان بن عبد الرحمن {قواماً} بالكسر. فقيل: هما لغتان بمعنى واحد. وقيل: بالكسر ما يقام به الشيء يقال: أنت قوامنا بمعنى ما تقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص. وقيل: {قواماً} بالكسر مبلغاً وسداداً وملاك حال، و{وبين ذلك} و{قواماً} يصح أن يكونا خبرين عند من يجيز تعداد خبر {كان} وأن يكون {بين} هو الخبر و{قواماً} حال مؤكدة، وأن يكون {قواماً} خبراً و{بين ذلك} إما معمول لكان على مذهب من يرى أن كان الناقصة تعمل في الظرف، وأن يكون حالاً من {قواماً} لأنه لو تأخر لكان صفة، وأجاز الفراء أن يكون {بين ذلك} اسم {كان} وبُني لإضافته إلى مبني كقوله {ومن خزي يومئذ} في قراءة من فتح الميم و{قواماً} الخبر.
قال الزمخشري: وهو من جهة الإعراب لا بأس به، ولكن المعنى ليس بقوي لأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة انتهى.
وصفهم تعالى بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير، وبمثله خوطب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله {ولا تجعل يدك مغلولة} الآية. {والذين لا يدعون} الآية سأل ابن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ فقال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك» قال: ثم أي؟ قال:
«أن تزاني حليلة جارك» فأنزل الله تصديقها {والذين لا يدعون} الآية. وقيل: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركون قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، فقالوا: إن الذين تقول وتدعو إليه لحسن، أو تخبرنا أن لما علمنا كفارة فنزلت إلى {غفوراً رحيماً}. وقيل: نزولها قصة وحشي في إسلامه في حديث طويل. قال الزمخشري: نفي هذه التقبيحات العظام عن الموصوفين بتلك الخلال العظيمة في الدين للتعريض بما كان عليه أعداء المؤمنين من قريش وغيرهم، كأنه قيل: والذين برأهم الله وطهرهم مما أنتم عليه. وقال ابن عطية: إخراج لعباده المؤمنين من صفات الكفرة في عبادتهم الأوثان وقتلهم النفس بوأد البنات وغير ذلك من الظلم والاغتيال والغارات وبالزنا الذي كان عندهم مباحاً انتهى. وتقدم تفسير نظير {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق} في سورة الأنعام. وقرئ {يُلق} بضم الياء وفتح اللام والقاف مشددة وابن مسعود وأبو رجاء يلقى بألف، كان نوى حذف الضمة المقدرة على الألف فأقر الألف. والآثام في اللغة العقاب وهو جزاء الإثم. قال الشاعر:
جزى الله ابن عروة حيث أمسى *** عقوق والعقوق له آثام
أي حد وعقوبة وبه فسره قتادة وابن زيد. وقال عبد الله بن عمرو ومجاهد وعكرمة وابن جبير: آثام واد في جهنم هذا اسمه جعله الله عقاباً للكفرة. وقال أبو مسلم: الآثام الإثم، ومعناه {يلق} جزاء آثام، فأطلق اسم الشيء على جزائه. وقال الحسن: الآثام اسم من أسماء جهنم. وقيل: بئر فيها. وقيل: جبل. وقرأ ابن مسعود: يلق أياماً جمع يوم يعني شدائد. يقال: يوم ذو أيام لليوم العصيب. وذلك في قوله {ومن يفعل ذلك} يظهر أنه إشارة إلى المجموع من دعاء إله وقتل النفس بغير حق والزنا، فيكون التضعيف مرتباً على مجموع هذه المعاصي، ولا يلزم ذلك التضعيف على كل واحد منها. ولا شك أن عذاب الكفار يتفاوت بحسب جرائمهم.
وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي {يُضاعف له العذاب} مبنياً للمفعول وبألف {ويخلد} مبنياً للفاعل. والحسن وأبو جعفر وابن كثير كذلك إلاّ أنهم شددوا العين وطرحوا الألف. وقرأ أبو جعفر أيضاً وشيبة وطلحة بن سليمان نضعف بالنون مضمومة وكسر العين مشددة {العذاب} نصب. وطلحة بن مصرف {يضاعف} بالياء مبنياً للفاعل {العذاب} نصب. وقرأ طلحة بن سليمان وتخلد بتاء الخطاب على الالتفات مرفوعاً أي وتخلد أيها الكافر. وقرأ أبو حيوة {ويُخلد} مبنياً للمفعول مشدد اللام مجزوماً. ورويت عن أبي عمرو وعنه كذلك مخففاً. وقرأ أبو بكر عن عاصم {يضاعف} {ويخلد} بالرفع عنهما وكذا ابن عامر والمفضل عن عاصم {يضاعف} {ويخلد} مبنياً للمفعول مرفوعاً مخففاً. والأعمش بضم الياء مبنياً للمفعول مرفوعاً مخففاً. والأعمش بضم الياء مبنياً للمفعول مشدداً مرفوعاً فالرفع على الاستئناف أو الحال والجزم على البدل من {يلق}.
كما قال الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا *** تجد حطباً جزلاً وناراً تأججاً
والضمير في {فيه} عائد على العذاب، والظاهر أن توبة المسلم القاتل النفس بغير حق مقبولة خلافاً لابن عباس، وتقدم ذلك في النساء وتبديل سيئاتهم حسنات هو جعل أعمالهم بدل معاصيهم الأول طاعة ويكون ذلك سبب رحمة الله إياهم قاله ابن عباس. وابن جبير والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وردوا على من قال هو في يوم القيامة. وقال الزجاج: السيئة بعينها لا تصير حسنة، ولكن السيئة تُمْحَى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة، والكافر يحبط عملة وتثبت عليه السيئات. وتأول ابن مسيب ومكحول أن ذلك يوم القيامة وهو بمعنى كرم العفو. وفي كتاب مسلم إن الله يبدل يوم القيامة لمن يريد المغفرة له من الموحدين بدل سيئات حسنات. وقالا تُمحى السيئة ويثبت بدلها حسنة. وقال القفال والقاضي: يبدل العقاب بالثواب فذكرهما وأراد ما يستحق بهما.
{إلاّ من تاب} استثناء متصل من الجنس، ولا يظهر لأن المستثنى منه محكوم عليه بأنه {يضاعف له العذاب} فيصير التقدير {إلاّ من تاب وعمل عملاً صالحاً} فلا يضاعف له العذاب. ولا يلزم من انتفاء التضعيف انتفاء العذاب غير المضعف فالأولى عندي أن يكون استثناء منقطعاً أي لكن من تاب وآمن عمل صالحاً {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} وإذا كان كذلك فلا يلقى عذاباً ألبتة و{سيئاتهم} هو المفعول الثاني، وهو أصله أن يكون مقيداً بحرف الجر أي بسيئاتهم. و{حسنات} هو المفعول الأول وهو المصرح كما قال تعالى {وبدلناهم بجنتيهم جنتين} وقال الشاعر:
تضحك مني أخت ذات النحيين *** أبدلك لله بلون لونين
سواد وجه وبياض عينين ***
الظاهر أن {ومن تاب} أي أنشأ التوبة فإنه يتوب إلى الله أي يرجع إلى ثوابه وإحسانه. قال ابن عطية {ومن تاب} فإنه قد تمسك بأمر وئيق. كما تقول لمن يستحسن قوله في أمر: لقد قلت يا فلان قولاً فكذلك الآية معناها مدح المتاب، كأنه قال: فإنه يجد الفرج والمغفرة عظيماً. وقال الزمخشري: ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح فإن بذلك تائب إلى الله الذي يعرف حق التائبين، ويفعل بهم ما يستوجبون، والله يحب التوّابين ويحب المتطهرين. وقيل: من عزم على التوبة فإنه يتوب إلى الله فليبادر إليها ويتوجه بها إلى الله. وقيل {من تاب} من ذنوبه فإنه يتوب إلى من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. وقيل: {ومن تاب} استقام على التوبة فإنه يتوب إلى الله أي فهو التائب حقاً عند الله.
{والذين لا يشهدون الزور} عاد إلى ذكر أوصاف {عباد الرحمن} والظاهر أن المعنى لا يشهدون بالزور أو شهادة الزور، قاله عليّ والباقر فهو من الشهادة. وقيل: المعنى لا يحضرون من المشاهدة والزور الشرك والصنم أو الكذب أو آلة الغناء أو أعياد النصارى.
أو لعبة كانت في الجاهلية أو النوح أو مجالس يعاب فيها الصالحون، أقوال. فالشرك قاله الضحاك وابن زيد، والغناء قاله مجاهد، والكذب قاله ابن جريج. وفي الكشاف عن قتادة مجالس الباطل. وعن ابن الحنفية: اللهو والغناء. وعن مجاهد: أعياد المشركين و{اللغو} كل ما ينبغي أن يُلغى ويُطرح. والمعنى {وإذا مروا} بأهل اللغو {مروا} معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم. والخوض معهم لقوله {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} انتهى.
{بآيات ربهم} هي القرآن. {لم يخروا عليها صماً وعمياناً} النفي متوجه إلى القيد الذي هو صم وعميان لا للخرور الداخل عليه، وهذا الأكثر في لسان العرب أن النفي يتسلط على القيد، والمعنى أنهم إذا ذكروا بها أَكَبّوا عليها حرصاً على استماعها، وأقبلوا على المذكر بها بآذان واعية وأعين راعية، بخلاف غيرهم من المنافقين وأشباههم، فإنهم إذا ذكروا بها كانوا مكبين عليها مقبلين على من يذكر بها في ظاهر الأمر، وكانوا {صماً وعمياناً} حيث لا يعونها ولا يتبصرون ما فيها. قال ابن عطية: بل يكون خرورهم سجَّداً وبكياً كما تقول: لم يخرج زيد إلى الحرب جزعاً أي إنما خرج جريئاً معدماً، وكان المسمع المذكر قائم القناة قويم الأمر فإذا أعرض كان ذلك خروراً وهو السقوط على غير نظام وترتيب، وإن كان قد أشبه الذي يَخّر ساجداً لكن أصله أنه على غير ترتيب انتهى. وقال السدّي {لم يخروا} {صماً وعمياناً} هي صفة للكفار، وهي عبارة عن إعراضهم وجهدهم في ذلك. وقرن ذلك بقولك: قعد فلان يتمنى، وقام فلان يبكي، وأنت لم تقصد الإخبار بقعود ولا قيام وإنما هي توطئات في الكلام والعبارة.
{قرة أعين} كناية عن السرور والفرح، وهو مأخوذ من القر وهو البرد. يقال: دمع السرور بارد، ودمع الحزن سخن، ويقال: أقر الله عينك، وأسخن الله عين العدو. وقال أبو تمام:
فأما عيون العاشقين فأسخنت *** وأما عيون الشامتين فقرت
وقيل: مأخوذ من القرار أي يقر النظر به ولا ينظر إلى غيره. وقال أبو عمرو: وقرة العين النوم أي آمناً لأن الأمن لا يأتي مع الخوف حكاه القفال، وقرة العين فيمن ذكروا رؤيتهم مطيعين لله قاله ابن عباس والحسن وحضرمي كانوا في أول الإسلام يهتدي الأب والابن كافر والزوج والزوجة كافرة، وكانت قرة عيونهم في إيمان أحبابهم. وقال ابن عباس: قرة عين الولدان تراه يكتب الفقه والظاهر أنهم دعوا بذلك ليجابوا في الدنيا فيسروا بهم. وقيل: سألوا أن يلحق الله بهم أولئك في الجنة ليتم لهم سرورهم انتهى. ويتضمن هذا القول الأول الذي هو في الدنيا لأن ذلك نتيجة إيمانهم في الدنيا. ومن الظاهر أنها لابتداء الغاية أي {هب لنا} من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح، وجوز أن تكون للبيان قاله الزمخشري قال: كأنه قيل {هب لنا} {قرة أعين} ثم بينت القرة وفسرت بقوله {من أزواجنا وذريتنا} ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين من قولك: رأيت منك أسداً أي أنت أسد انتهى.
وتقدم لنا أن {من} التي لبيان الجنس لا بد أن تتقدم المبين. ثم يأتي بمن البيانية وهذا على مذهب من أثبت أنها تكون لبيان الجنس. والصحيح أن هذا المعنى ليس بثابت لمن.
وقرأ ابن عامر والحرميان وحفص وذرياتنا على الجمع وباقي السبعة وطلحة على الإفراد. وقرأ عبد الله وأبو الدرداء وأبو هريرة قرات على الجمع، والجمهور على الإفراد. ونكرت القرة لتنكير الأعين كأنه قال هب لنا منهم سروراً وفرحاً وجاء {أعين} بصيغة جمع القلة دون عيون الذي هو صيغة جمع الكثرة لأنه أريد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قاله الزمخشري. وليس بجيد لأن أعين تنطلق على العشرة فما دونه من الجمع، والمتقون ليست أعينهم عشرة بل هي عيون كثيرة جداً وإن كانت عيونهم قليلة بالنسبة إلي عيون غيرهم فهي من الكثرة بحيث تفوت العد. وأفرد {إماماً} إما اكتفاء بالواحد عن الجمع، وحسنه كونه فاصلة ويدل على الجنس ولا لبس، وأما لأن المعنى واجعل كل واحد {إماماً} وإما أن يكون جمع آمّ كحال وحلال، وإما لاتحادهم واتفاق كلمتهم قالوا: واجعلنا إماماً واحداً دعوا الله أن يكونوا قدوة في الدين ولم يطلبوا الرئاسة قاله النخعي. وقيل: في الآية ما يدل على أن الرئاسة في الدين يجب أن تطلب. ونزلت في العشرة المبشَّرين بالجنة.
{أولئك} إشارة إلى الموصوفين بهذه الصفات العشرة. و{الغرفة} اسم معرف بأل فيعم أي الغرف كما جاء {وهم في الغرفات آمنون} وهي العلالي. قال ابن عباس: وهي بيوت من زبرجد ودر وياقوت. وقيل {الغرفة} من أسماء الجنة. وقيل: السماء السابعة غرفة. وقيل: هي أعلى منازل الجنة. وقيل: المراد العلو في الدرجات والباء في {بما صبروا} للسبب. وقيل: للبدل أي بدل صبرهم كما قال:
فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا ***
أي فليت لي بدلهم قوماً ولم يذكر متعلق الصبر مخصصاً ليعم جميع متعلقاته. وقرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر والحرميان وأبو عمرو وأبو بكر {ويُلَقّون} بضم الياء وفتح اللام والقاف مشددة. وقرأ طلحة ومحمد اليماني وباقي السبعة بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف. والتحية دعاء بالتعمير والسلام دعاء بالسلامة، أي تحييهم الملائكة أو يحيي بعضهم بعضاً. وقيل: يحيون بالتحف جمع لهم بينهم المنافع والتعظيم. {حسنت مستقراً ومقاماً} معادل لقوله في جهنم {ساءت مستقراً ومقاماً}.
ولما وصف عباده العباد وعدد ما لهم من صالح الأعمال أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصرح للناس بأن لا اكتراث لهم عند ربهم إنما هو العبادة والدعاء في قوله {لولا دعاؤكم} هو العبادة والظاهر أن {ما} نفي أي ليس {يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} ويجوز أن تكون استفهامية فيها معنى النفي أي، أي عبء يعبأ بكم، و{دعاؤكم} مصدر أضيف إلى الفاعل أي لولا عبادتكم إياه أي لولا دعاؤكم وتضرعكم إليه أو ما يعبأ بتعذيبكم لولا دعاؤكم الأصنام آلهة.
وقيل: أضيف إلى المفعول أي لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته. والذي يظهر أن قوله {قل ما يعبأ بكم} خطاب لكفار قريش القائلين نسجد لما تأمرنا أي لا يحفل بكم ربي لولا تضرعكم إليه واستغاثتكم إياه في الشدائد.
{فقد كذبتم} بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فتستحقون العقاب {فسوف يكون} العقاب وهو ما أنتجه تكذبيكم ونفس لهم في حلوله بلفظة {فسوف يكون لزاماً} أي لازماً لهم لا ينفكون منه. وقرأ عبد الله وابن عباس وابن الزبير: فقد كذب الكافرون وهو محمول على أنه تفسير لا قرآن، والأكثرون على أن اللزام هنا هو يوم بدر وهو قول ابن مسعود وأُبَيّ. وقيل: عذاب الآخرة. وقيل: الموت ولا يحمل على الموت المعتاد بل القتل ببدر. وقيل: التقدير {فسوف يكون} هو أي العذاب وقد صرح به من قرأ {فسوف يكون} العذاب {لزاماً} والوجه أن يترك اسم كان غير منطوق به بعدما علم أنه مما توعد به لأجل الإبهام وتناول ما لا يكتنهه الوصف. وعن ابن عباس {فسوف يكون} هو أي التكذيب {لزاماً} أي لازماً لكم لا تعطون توبة ذكره الزهراوي. قال الزمخشري: والخطاب إلى الناس على الإطلاق ومنهم مؤمنون عابدون ومكذبون عاصون، فخوطبوا بما وجد في جنسهم من العبادة والتكذيب {فقد كذبتم} يقول إذا أعلمتكم أن حكمي أني لا أعتد إلاّ بعبادتهم، فقد خالفتم بتكذيبكم حكمي فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم حتى يكبكم في النار. ونظيره في الكلام أن يقول الملك لمن عصى عليه: إن من عادتي أن أحسن إلى من يطيعني ويتبع أمري، فقد عصيت فسوف ترى ما أحل بك بسبب عصيانك. وقرأ ابن جريج: فسوف تكون بتاء التأنيث أي فسوف تكون العاقبة، وقرأ الجمهور {لزاماً} بكسر اللام. وقرأ المنهال وأبان بن ثعلب وأبو السمال بفتحها مصدر يقول لزم لزوماً ولزاماً، مثل ثبت ثبوتاً وثباتاً. وأنشد أبو عبيدة عليّ كسر اللام لصخر الغي:
فإما ينج من حتف أرض *** فقد لقيا حتوفهما لزاماً
ونقل ابن خالويه عن أبي السمال أنه قرأ لزام على وزن حذام جعله مصدراً معدولاً عن اللزمة كفجار معدول عن الفجرة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال