سورة آل عمران / الآية رقم 3 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الــم اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ المِيعَادَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3)}
فاعلم أن الكتاب هاهنا هو القرآن، وقد ذكرنا في أول سورة البقرة اشتقاقه، وإنما خص القرآن بالتنزيل، والتوراة والإنجيل بالإنزال، لأن التنزيل للتكثير، والله تعالى نزل القرآن نجما نجما، فكان معنى التكثير حاصلاً فيه، وأما التوراة والإنجيل فإنه تعالى أنزلهما دفعة واحدة، فلهذا خصهما بالإنزال، ولقائل أن يقول: هذا يشكل بقوله تعالى: {الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب} [الكهف: 1] وبقوله: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ وبالحق نَزَلَ} [الإسراء: 105].
واعلم أنه تعالى وصف القرآن المنزّل بوصفين:
الوصف الأول: قوله: {بالحق} قال أبو مسلم: إنه يحتمل وجوهاً أحدها: أنه صدق فيما تضمنه من الأخبار عن الأمم السالفة.
وثانيها: أن ما فيه من الوعد والوعيد يحمل المكلف على ملازمة الطريق الحق في العقائد والأعمال، ويمنعه عن سلوك الطريق الباطل.
وثالثها: أنه حق بمعنى أنه قول فصل، وليس بالهزل.
ورابعها: قال الأصم: المعنى أنه تعالى أنزله بالحق الذي يجب له على خلقه من العبودية، وشكر النعمة، وإظهار الخضوع، وما يجب لبعضهم على بعض من العدل والإنصاف في المعاملات.
وخامسها: أنزله بالحق لا بالمعاني الفاسدة المتناقضة، كما قال: {أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} وقال: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} [النساء: 82].
والوصف الثاني: لهذا الكتاب قوله: {مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} والمعنى أنه مصدق لكتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولما أخبروا به عن الله عزّ وجلّ، ثم في الآية وجهان الأول: أنه تعالى دلّ بذلك على صحة القرآن، لأنه لو كان من عند غير الله لم يكن موافقاً لسائر الكتب، لأنه كان أُمياً لم يختلط بأحد من العلماء، ولا تتلمذ لأحد، ولا قرأ على أحد شيئاً، والمفتري إذا كان هكذا امتنع أن يسلم عن الكذب والتحريف، فلما لم يكن كذلك ثبت أنه إنما عرف هذه القصص بوحي الله تعالى الثاني: قال أبو مسلم: المراد منه أنه تعالى لم يبعث نبياً قط إلا بالدعاء إلى توحيده، والإيمان به، وتنزيهه عما لا يليق به، والأمر بالعدل والإحسان، وبالشرائع التي هي صلاح كل زمان، فالقرآن مصدق لتلك الكتب في كل ذلك، بقي في الآية سؤالان:
السؤال الأول: كيف سمي ما مضى بأنه بين يديه.
والجواب: أن تلك الأخبار لغاية ظهورها سماها بهذا الاسم.
السؤال الثاني: كيف يكون مصدقاً لما تقدمه من الكتب، مع أن القرآن ناسخ لأكثر تلك الأحكام؟.
والجواب: إذا كانت الكتب مبشرة بالقرآن وبالرسول، ودالة على أن أحكامها تثبت إلى حين بعثه، وأنها تصير منسوخة عند نزول القرآن، كانت موافقة للقرآن، فكان القرآن مصدقاً لها، وأما فيما عدا الأحكام فلا شبهة في أن القرآن مصدق لها، لأن دلائل المباحث الإلهية لا تختلف في ذلك، فهو مصدق لها في الأخبار الواردة في التوراة والإنجيل.
ثم قال الله تعالى: {وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب الكشاف: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، والاشتغال باشتقاقهما غير مفيد، وقرأ الحسن {والإنجيل} بفتح الهمزة، وهو دليل على العجمية، لأن أفعيل بفتح الهمزة معدوم في أوزان العرب، واعلم أن هذا القول هو الحق الذي لا محيد عنه، ومع ذلك فننقل كلام الأدباء فيه.
أما لفظ {التوراة} ففيه أبحاث ثلاثة:
البحث الأول: في اشتقاقه، قال الفرّاء التوراةَ معناها الضياء والنور، من قول العرب ورى الزند يرى إذا قدح وظهرت النار، قال الله تعالى: {فالموريات قَدْحاً} [العاديات: 2] ويقولون: وريت بك زنادي، ومعناه: ظهر بك الخير لي، فالتوراة سميت بهذا الاسم لظهور الحق بها، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى وهارون الفرقان وَضِيَاء} [الأنبياء: 48].
البحث الثاني: لهم في وزنه ثلاثة أقوال:
القول الأول: قال الفرّاء: أصل التوراة تورية تفعلة بفتح التاء، وسكون الواو، وفتح الراء والياء، إلا أنه صارت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها.
القول الثاني: قال الفرّاء: ويجوز أن تكون تفعلة على وزن توفية وتوصية، فيكون أصلها تورية، إلا أن الراء نقلت من الكسر إلى الفتح على لغة طيئ، فإنهم يقولون في جارية: جاراة، وفي ناصية: ناصاة، قال الشاعر:
فما الدنيا بباقاة لحي *** وما حي على الدنيا بباق
والقول الثالث: وهو قول الخليل والبصريين: إن أصلها: وورية، فوعلة، ثم قلبت الواو الأولى تاء، وهذا القلب كثير في كلامهم، نحو: تجاه، وتراث، وتخمة، وتكلان، ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت توراة وكتبت بالياء على أصل الكلمة، ثم طعنوا في قول الفرّاء، أما الأول: فقالوا: هذا البناء نادر، وأما فوعلة فكثير، نحو: صومعة، وحوصلة، ودوسرة والحمل على الأكثر أولى، وأما الثاني: فلأنه لا يتم إلا بحمل اللفظ على لغة طيئ، والقرآن ما نزل بها ألبتة.
البحث الثالث: في التوراة قراءتان: الإمالة والتفخيم، فمن فخم فلأن الراء حرف يمنع الإمالة لما فيه من التكرير، والله أعلم.
وأما الإنجيل ففيه أقوال الأول: قال الزجاج: إنه افعيل من النجل، وهو الأصل، يقال: لعن الله ناجليه، أي والديه، فسمي ذلك الكتاب بهذا الاسم، لأن الأصل المرجوع إليه في ذلك الدين والثاني: قال قوم: الإنجيل مأخوذ من قول العرب: نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته ويقال للماء الذي يخرج من البئر: نجل، ويقال: قد استنجل الوادي، إذا خرج الماء من النز فسمي الإنجيل إنجيلاً لأنه تعالى أظهر الحق بواسطته والثالث: قال أبو عمرو الشيباني: التناجل التنازع، فسمي ذلك الكتاب بالإنجيل لأن القوم تنازعوا فيه والرابع: أنه من النجل الذي هو سعة العين، ومنه طعنة نجلاء، سمي بذلك لأنه سعة ونور وضياء أخرجه لهم.
وأقول: أمر هؤلاء الأدباء عجيب كأنهم أوجبوا في كل لفظ أن يكون مأخوذاً من شيء آخر، ولو كان كذلك لزم إما التسلسل وإما الدور، ولما كانا باطلين وجب الاعتراف بأنه لابد من ألفاظ موضوعة وضعاً أولا: حتى يجعل سائر الألفاظ مشتقة منها، وإذا كان الأمر كذلك فلم لا يجوز في هذا اللفظ الذي جعلوه مشتقاً من ذلك الآخر أن يكون الأصل هو هذا، والفرع هو ذاك الآخر ومن الذي أخبرهم بأن هذا فرع وذاك أصل، وربما كان هذا الذي يجعلونه فرعاً ومشتقاً في غاية الشهرة، وذاك الذي يجعلونه أصلاً في غاية الخفاء، وأيضاً فلو كانت التوراة إنما سميت توراة لظهورها، والإنجيل إنما سمي إنجيلاً لكونه أصلاً وجب في كل ما ظهر أن يسمى بالتوراة فوجب تسمية كل الحوادث بالتوراة، ووجب في كل ما كان أصلاً لشيء آخر أن يسمى بالإنجيل، والطين أصل الكوز، فوجب أن يكون الطين إنجيلاً والذهب أصل الخاتم والغزل أصل الثوب فوجب تسمية هذه الأشياء بالإنجيل، ومعلوم أنه ليس كذلك، ثم أنهم عند إيراد هذه الإلزامات عليهم لابد وأن يتمسكوا بالوضع، ويقولوا: العرب خصصوا هذين اللفظين بهذين الشيئين على سبيل الوضع، وإذا كان لا يتم المقصود في آخر الأمر إلا بالرجوع إلى وضع اللغة، فلم لا نتمسك به في أول الأمر ونريح أنفسنا من الخوض في هذه الكلمات، وأيضاً فالتوراة والإنجيل اسمان أعجميان أحدهما بالعبرية والآخر بالسُّريانية، فكيف يليق بالعاقل أن يشتغل بتطبيقها على أوزان لغة العرب، فظهر أن الأولى بالعاقل أن لا يلتفت إلى هذه المباحث، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال