سورة النمل / الآية رقم 10 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
طس‌ تِلْكَ آيَاتُ القُرآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ العَذَابِ وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ

النملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)}
{وَأَلْقِ عَصَاكَ} عطف على {بُورِكَ} [النمل: 8] منتظم معه في سلك تفسير النداء أي نودي أن بورك وأن الق عصاك. ويدل عليه قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} بعد قوله سبحانه: {أَن ياموسى إِنّى أَنَا الله} [القصص: 30، 31] بتكرير أن فإن القرآن يفسر بعضه بعضًا وهذا ما اختاره الزمخشري. وأورد عليه أن تجديد النداء في قوله تعالى: {حَدِيثُ موسى} إلخ يأباه. ورد بأنه ليس بتجديد نداء لأنه من جملة تفسير النداء المذكور، وقيل: لا يأباه لأنه جملة معترضة وفيه بحث، واعترض أيضًا بأن {بُورِكَ} أخبار {وَأَلْقِ} إنشاء ولا يعطف الإنشاء على الاخبار، ومن هنا قيل؛ إن العطف على ذلك بتقدير وقيل له: الق أو العطف على مقدر أي افعل ما آمرك والق، وفيه إنه في مثل هذا يجوز عطف الإنشاء على الأخبار لكون النداء في معنى القول بل أجاز سيبويه جاء زيد ومن عمر بالعطف.
ولا يرد هذا أصلًا على من يجعل {بُورِكَ} إنشاء، ويرد على من جعل العف على أفعل محذوفًا أن الظاهر حينئذ فألق بالفاء، واختار أبو حيان كون العطف على جملة {إِنَّهُ أَنَا الله العزيز الحكيم} [النمل: 9] ولم يبال باختلاف الجملتين اسمية وفعلية وإخبارية وإنشائية لما ذكر أن الصحيح عدم اشتراط تناسب الجملتين المتعاطفتين في ذلك لما سمعت آنفًا عن سيبويه، والفاء في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ} فصيحة تفصح عن جملة قد حذفت ثقة بظهورها ودلالة على سرعة وقوع مضمونها كأنه قيل: فألقاها فانقلبت حية فلما أبصرها تتحرك بشدة اضطراب، وجملة {تَهْتَزُّ} في موضع الحال من مفعول رأى فإنها بصرية كما أشرنا إليه لا علمية كما قيل.
وقوله تعالى: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} في موضع حال أخرى منه ألأ هو حال من ضمير {تَهْتَزُّ} على طريقة التداخل، والجان الحية الصغيرة السريعة الحركة شبهها سبحانه في شدة حركتها واضطرابها مع عظم جثتها بصغار الحيات السريعة الحركة فلا ينافي هذا قوله تعالى في موضع آخر: {فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} [الأعراف: 107].
وقيل: يجوز أن يكون الأخبار عنها بصفات مختلفة باعتبار تنقلها فيها، وقرأ الحسن. والزهري. وعمرو بن عبيد: {جَانٌّ} بهمزة مفتوحة هربًا من التقاء الساكنين وإن كان على حده كما قيل: دأبة وشأبة.
{ولى مُدْبِرًا} أي انهزم {وَلَمْ يُعَقّبْ} أي ولم يرجع على عقبه من عقب المقاتل إذا كر بعد الفرار قال الشاعر:
فما عقبوا إذ قيل هل من معقب *** ولا نزلوا يوم الكريهة منزلًا
وهذا مروى عن مجاهد، وقريب منه قول قتادة: أي لم يلتفت وهو الذي ذكره الراغب، وكان ذلك منه عليه السلام لخوف لحقه، قيل: لمقتضى البشرية فإن الإنسان إذا رأى أمرًا هائلًا جدًا يخاد طبعًا ألأ لما أنه ظن أن ذلك لأمر أريد وقوعه به، ويدل على ذلك قوله سبحانه: {خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ} أي من غيري أي مخلوق كان حية أو غيرها ثقة بي واعتمادًا على أو لا تخف مطلقًا على تنزيل الفعل منزلة اللازم، وهذا إما لمجرد الإيناس دون أرادة حقيقة النهي وإما للنهي عن منشأ الخوف وهو الظن الذي سمعته، وقوله تعالى: {إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون} تعليل للنهي عن الخوف، وهو على ما قيل يؤيد أن الخوف كان للظن المذكور وأن المراد {لاَ تَخَفْ} مطلقًا، والمراد من {لدى} في حضرة القرب مني وذلك حين الوحي.
والمعنى أن الشأن لا ينبغي للمرسلين أن يخافوا حين الوحي إليهم بل لا يخطر ببالهم الخوف وإن وجد ما يخاف منه لفرط استغراقهم إلى تلقي الأوامر وانجذاب أرواحهم إلى عالم الملكوت، والتقييد بلدى لأن المرسلين في سائر الأحيان أخوف الناس من الله عز وجل فقد قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] ولا أعلم منهم بالله تعالى شأنه، وقيل: المعنى لا تخف من غيري أو لا تخف مطلقًا فإن الذي ينبغي أن يخاف منه أمثالك المرسلون إنما هو سوء العاقبة وأن الشأن لا يكون للمرسلين عندي سوء عاقبة ليخافوا منه.
والمراد بسوء العاقبة ما في الآخرة لا ما في الدنيا لئلا يرد قتل بعض المرسلين عليهم الصلاة والسلام، والمراد بلدي على ما قال الخفاجي: عند لقائي وفي حكمي على ما قال ابن الشيخ، وأيًا ما كان يلزم مما ذكر أن المرسلين عليهم السلام لا يخافون سوء العاقبة لأن الله تعالى آمنهم من ذلك فلو خافوا لزم أن لا يكونوا واثقين به عز وجل وهذا هو الصحيح كما في «الحواشي الشهابية» عند الأشعري، وظاهر الآثار يقتضي أنهم عليهم السلام كانوا يخافون ذلك، فقد روى أنه عليه الصلاة والسلام كان يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقالت له عائشة رضي الله تعالى عنها يومًا: يا رسول الله إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء فهل تخشى؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وما يؤمنني يا عائشة وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن إذا أراد يقلب قلب عبده» وظاهر بعد الآيات يقتضي ذلك أيضًا مثل قوله تعالى: {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون} [الأعراف: 99] وكون الله تعالى آمنهم من ذلك إن أريد به ما جاء في ضمن تبشيرهم بالجنة فقد صح أن المبشرين بالجنة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يخافون من سوء العاقبة مع علمهم ببشارته تعالى إياهم بالجنة، ويعلم منه أن الخوف يجتمع مع البشارة، ولا يلزم من ذلك عدم الوثوق به عز وجل لأنه لاحتمال أن يكون هناك شرط لم يظهره الله تعالى لهم للابتلاء ونحوه من الحكم الإلهية، وإن أريد به ما كان بصرحي ءامنتكم من سوء العاقبة كان هذا الاحتمال قائمًا أيضًا فيه ويحصل الخوف من ذلك، وإن أريد به ما اقتضاه جعله تعالى إياهم معصومين من الكفر ونحوه ورد أن الملائكة عليهم السلام جعلهم الله تعالى معصومين من ذلك أيضًا وهم يخافون.
ففي الأثر لما مكر بإبليس بكى جبرائيل. وميكائيل عليهما السلام فقال الله عز وجل لهما: ما يبكيكما؟ قالا: يا رب ما نأمن مكرك فقال تعالى: هكذا كونا لا تأمنا مكري، ولعل ذلك لأن العصمة عندنا على ما يقتضيه أصل استناد الأشياء كلها إلى الفاعل المختار ابتداء كما في المواقف وشرحه الشريف الشريفي أن لا يخلق الله تعالى في الشخص ذنبًا، وعند الحكماء بناء على ما ذهبوا إليه من القول بالإيجاب واعتبار استعداد القوابل ملكة تمنع الفجور وتحصل ابتداء بالعلم ثالب المعاصي ومناقب الطاعات وتتأكد بتتابع الوحي بالأوامر والنواهي وهي بكلا المعنيين لا تقتضي استحالة الذنب، أما عدم اقتضائها ذلك بالمعنى الأول فلأن عدم خلقه تعالى إياه ليس بواجب عليه سبحانه ليكون خلقه مستحيلًا عليه تعالى ومتى لم يكن الخلق مستحيلًا عليه تعالى فكيف يحصل الأمن من المكر، وأما عدم اقتضائها ذلك بالمعنى الثاني فلأن زوال تلك الملكة ممكن أيضًا واقتضاء العلم بالمثالب والمناقب إياها ابتداء وتأكدها بتتابع الوحي ليس من الضروريات العقلية ومتى كان الأمر كذلك لا يحصل الأمن جرد حصول الملكة، نعم قال قوم: العصمة تكون خاصية في نفس الشخص أو في بدنه يمتنع بسببها صدور الذنب عنه، وقد يستند إليه من يقول بالأمن، ولا يخفى أنه لو سلم تمام الاستدلال به على هذا المطلب فهو في حد ذاته غير صحيح.
ففي المواقف وشرحه أنه يكذب هذا القول أنه لو كان صدور الذنب ممتنعًا لما استحق النبي عليه الصلاة والسلام المدح بترك الذنب إذ لا مدح بترك ما هو ممتنع لأنه ليس قدور داخلًا تحت الاختيار، وأيضًا فالاجماع على أن الأنبياء عليهم السلام مكلفون بترك الذنوب مثابون به ولو كان صدور الذنب ممتنعًا عنهم لما كان الأمر كذلك، وأيضًا فقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يوحى إِلَىَّ} [الكهف: 110] يدل على مماثلتهم عليهم السلام لسائر الناس فيما يرجع إلى البشرية والامتياز بالوحي فلا يمتنع صدور الذنب عنهم كما لا يمتنع صدوره عن سائر البشر اه، وذكر الخفاجي في شرح الشفاء عن ابن الهمام أنه قال في التحرير: العصمة عدم القدرة على المعصية وخلق مانع عنها غير ملجىء، ثم قال: وهو مناسب لقول الماتريدي العصمة لا تزيل المحنة أي الابتلاء المقتضى لبقاء الاختيار، ومعناه كما في الهداية أنها لا تجبره على الطاعة ولا تعجزه عن المعصية بل هي لطف من الله تعالى تحمله على فعله وتزجره عن الشر مع بقاء الاختيار وتحقيق للابتلاء اه، وهو ظاهر على عدم الاستحالة الذاتية لصدور الذنب، ولعل ما وقع في كلام بعض الأجلة من استحالة وقوع الذنب منهم عليهم السلام محمول على الاستحالة الشرعية كما يؤذن به كلام العلامة ابن حجر في «شرح الهمزية»، وبالجملة الذي تقتضيه الظواهر ويشهد له العقل أن الأنبياء عليهم يخافون ولا يأمنون مكر الله تعالى لأنه وإن استحال صدور الذنب عنهم شرعًا لكنه غير مستحيل عقلًا بل هو من الممكنات التي يصح تعلق قدرة الله تعالى بها ومع ملاحظة إمكانه الذاتي وأن الله تعالى لا يجب عليه شيء وقيام احتمال تقييد المطلق بما لم يصرحج به لحكمة كالمشيئة لا يكاد يأمن معصوم من مكر الملك الحي القيوم فالأنبياء والملائكة كلهم خائفون ومن خشيته سبحانه عز وجل مشفقون، وليس لك أن تخص خوفهم بخوف الإجلال إذ الظاهر العموم ولا دليل على الخصوص يعود عليه عند فحول الرجال، نعم قال يقال بإمكان حصول الأمن من المكر وذلك بخلق الله تعالى علمًا ضروريًا في العبد بعدم تحقق ما يخاف منه في وقت من الأوقات أصلًا لعلم الله تعالى عدم تحققه كذلك وإن كان ممكنًا ذاتيًا، ولعله يحصل لأهل الجنة لتتم لذتهم فيها فقد قيل:
فإن شئت إن تحيا حياة هنية *** فلا تتخذ شيئًا تخاف له فقدًا
ولا يبعد حصوله لمن شاء الله تعالى من عباده يوم القيامة قبل دخولها أيضًا، ولم تقم أمارة عندي على حصوله في هذه النشأة لأحد والله تعالى أعلم فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هاك، وروى الإمام عن بعضهم أنه قال معنى الآية: إني إذا أمرت المرسلين بإظهار معجز فينبغي أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة، وقوله تعالى:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال