سورة النمل / الآية رقم 16 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُواًّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَضْلُ المُبِينُ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ

النملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}.
يخبر تعالى عما أنعم به على عبديه ونبييه داود وابنه سليمان، عليهما من الله السلام، من النعم الجزيلة، والمواهب الجليلة، والصفات الجميلة، وما جمع لهما بين سعادة الدنيا والآخرة، والملك والتمكين التام في الدنيا، والنبوة والرسالة في الدين؛ ولهذا قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}.
قال ابن أبي حاتم: ذكر عن إبراهيم بن يحيى بن تمام: أخبرني أبي، عن جدي قال: كتب عمر بن عبد العزيز: إن الله لم ينعم على عَبد نعمة فحمد الله عليها، إلا كان حَمْدُه أفضل من نعمته، لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل؛ قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}، وأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان، عليهما السلام؟
وقوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} أي: في الملك والنبوة، وليس المراد وراثَةَ المال؛ إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنه قد كان لداود مائةُ امرأة. ولكن المراد بذلك وراثةُ الملك والنبوة؛ فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة.
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}، أي: أخبر سليمان بنعم الله عليه، فيما وهبه له من الملك التام، والتمكين العظيم، حتى إنه سَخَّر له الإنس والجن والطير. وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضًا، وهذا شيء لم يُعطَه أحد من البشر- فيما علمناه- مما أخبر الله به ورسوله. وَمَنْ زعم من الجهلة والرّعاع أنّ الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدم قبل سليمان بن داود- كما يتفوه به كثير من الناس- فهو قولٌ بلا علم. ولو كان الأمر كذلك لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة؛ إذ كلهم يسمع كلام الطيور والبهائم، ويعرف ما تقول، فليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خُلقت إلى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال. ولكن الله، سبحانه وتعالى، كان قد أفهم سليمان، عليه السلام، ما يتخاطب به الطيور في الهواء، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها؛ ولهذا قال: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: مما يحتاج إليه الملك، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} أي: الظاهر البين لله علينا.
قال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان داود، عليه السلام، فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلقت الأبواب، فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع». قال: «فخرج ذات يوم وأغلقت الأبواب، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لِمَنْ في البيت: من أين دخل هذا الرجل، والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود، فجاء داود، عليه السلام، فإذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ قال: الذي لا يهاب الملوك، ولا يمتنع من الحجاب. فقال داود: أنت والله إذًا ملك الموت. مرحبًا بأمر الله، فتزمل داود، عليه السلام، مكانه حتى قبضت نفسه، حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان، عليه السلام، للطير: أظلي على داود، فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سليمان: اقبضي جناحا جناحا» قال أبو هريرة: يا رسول الله، كيف فعلت الطير؟ فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، وغلبت عليه يومئذ المضرَحية.
قال أبو الفرج بن الجَوْزيّ: المَضْرَحيّة النسور الحُمر.
وقوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير يعني: ركب فيهم في أبهة وعظمة كبيرة في الإنس، وكانوا هم الذين يلونه، والجن وهم بعدهم يكونون في المنزلة، والطير ومنزلتها فوق رأسه، فإن كان حرًّا أظلته منه بأجنحتها.
وقوله: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: يكف أولهم على آخرهم؛ لئلا يتقدم أحد عن منزلته التي هي مرتبة له.
قال مجاهد: جعل على كل صنف وزعة، يردون أولاها على أخراها، لئلا يتقدموا في المسير، كما يفعل الملوك اليوم.
وقوله: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ} أي: حتى إذا مر سليمان، عليه السلام، بمن معه من الجيوش والجنود على وادي النمل، {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}.
أورد ابن عساكر، من طريق إسحاق بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أن اسم هذه النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لهم: بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذّيب.
أي: خافت على النمل أن تحطمها الخيول بحوافرها، فأمرتهم بالدخول إلى مساكنها ففهم ذلك سليمان، عليه السلام، منها.
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} أي: ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها علي، من تعليمي منطق الطير والحيوان، وعلى والدي بالإسلام لك، والإيمان بك، {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} أي: عملا تحبه وترضاه، {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} أي: إذا توفيتني فألحقني بالصالحين من عبادك، والرفيق الأعلى من أوليائك.
ومن قال من المفسرين: إن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره، وإن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب، أو غير ذلك من الأقاويل، فلا حاصل لها.
وعن نَوْف البكالي أنه قال: كان نمل سليمان أمثال الذئاب. هكذا رأيته مضبوطا بالياء المثناة من تحت. وإنما هو بالباء الموحدة، وذلك تصحيف، والله أعلم.
والغرض أن سليمان، عليه السلام، فهم قولها، وتبسم ضاحكًا من ذلك، وهذا أمر عظيم جدا.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا مِسْعَر، عن زيد العَمّي، عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان عليه السلام، يستسقي، فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم، إنا خلق من خلقك، ولا غنى بنا عن سقياك، وإلا تسقنا تهلكنا. فقال سليمان عليه السلام: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وقد ثبت في الصحيح- عند مسلم- من طريق عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قَرَصَت نبيا من الأنبياء نملة، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه، أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تُسَبِّح؟ فهلا نملة واحدة!».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال