سورة البقرة / الآية رقم 25 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهَُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما ذكر تعالى جزاء الكافرين عقبه بجزاء المؤمنين ليجمع بين الترغيب، والترهيب، والوعد، والوعيد كما هي عادته سبحانه في كتابه العزيز، لما في ذلك من تنشيط عباده المؤمنين لطاعاته، وتثبيط عباده الكافرين عن معاصيه. والتبشير: الإخبار بما يظهر أثره على البشرة، وهي الجلدة الظاهرة، من البشر، والسرور. قال القرطبي: أجمع العلماء على أن المكلف إذا قال: مَن بشرني مِن عبيدي، فهو حرّ، فبشره واحد من عبيده، فأكثر، فإن أوّلهم يكون حرّاً دون الثاني، واختلفوا إذا قال: مَنْ أخبرني مِن عبيدي بكذا، فهو حرّ، فقال أصحاب الشافعي: يعمّ لأن كل واحد منهم مخبر، وقال علماؤنا: لا؛ لأن المكلف إنما قصد خبراً يكون بشارة، وذلك مختص بالأول. انتهى. والحق أنه إن أراد مدلول الخبر عتقوا جميعاً، وإن أراد الخبر المقيد بكونه بشارة عتق الأول، فالخلاف لفظي. والمأمور بالتبشير قيل: هو: النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو: كل أحد كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين» وهذه الجمل، وإن كانت مصدرة بالإنشاء، فلا يقدح ذلك في عطفها على ما قبلها، لأن المراد عطف جملة وصف ثواب المطيعين على جملة، وصف عقاب العاصين من دون نظر إلى ما اشتمل عليه الوصفان من الأفراد المتخالفة خبراً، وأنشاء. وقيل: إن قوله: {وَبَشّرِ} معطوف على قوله: {فاتقوا النار} [البقرة: 24]، وليس هذا بجيد.
و {الصالحات} الأعمال المستقيمة. والمراد هنا: الأعمال المطلوبة منهم المفترضة عليهم، وفيه ردّ على من يقول إن الإيمان بمجرده يكفي، فالجنة تنال بالإيمان، والعمل الصالح. والجنات: البساتين، وإنما سميت جنات؛ لأنها تجنّ من فيها: أي: تستره بشجرها، وهو: اسم لدار الثواب كلها، وهي مشتملة على جنات كثيرة. والأنهار جمع نهر، وهو: المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر، والمراد: الماء الذي يجري فيها، وأسند الجري إليها مجازاً، والجاري حقيقة هو الماء كما في قوله تعالى: {واسئل القرية} [يوسف: 82] أي: أهلها وكما قال الشاعر:
ونبئت أن النّارَ بَعْدَكَ أوقِدَتْ *** واستب بَعدَكَ يا كُليبُ المْجلِسُ
والضمير في قوله: {مِن تَحْتِهَا} عائد إلى الجنات؛ لاشتمالها على الأشجار، أي: من تحت أشجارها. وقوله: {كُلَّمَا رُزِقُواْ} وصف آخر للجنات، أو هو: جملة مستأنفة كأن سائلاً قال: كيف تمارها. و{مِن ثَمَرَةٍ} في معنى من أي ثمرة: أي نوع من أنواع الثمرات؟ والمراد بقوله: {هذا الذى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} أنه شبيهه، ونظيره، لا أنه هو، لأن ذات الحاضر لا تكون عين ذات الغائب لاختلافهما، وذلك أن اللون، يشبه اللون، وإن كان الحجم، والطعم، والرائحة، والماوية مختلفة. والضمير في {به} عائد إلى الرزق، وقيل: المراد أنهم أتوا بما يرزقونه في الجنة متشابهاً، فما يأتيهم في أول النهار يشابه الذي يأتيهم في آخره، فيقولون هذا الذي رزقنا من قبل، فإذا أكلوا وجدوا له طعماً غير طعم الأول.
و {متشابها} منصوب على الحال. والمراد بتطهير الأزواج أنه لا يصيبهن ما يصيب النساء من قذر الحيض، والنفاس، وسائر الأدناس التي لا يمتنع تعلقها بنساء الدنيا. والخلود: البقاء الدائم الذي لا ينقطع، وقد يستعمل مجازاً فيما يطول، والمراد هنا الأوّل.
وقد أخرج ابن ماجه، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، والبزار، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والبيهقي، وابن مردويه، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا هل مشمر للجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها، هي: وربّ الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة خضراء» الحديث.
والأحاديث في وصف الجنة كثيرة جداً ثابتة في الصحيحين، وغيرهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنهار الجنة تفجر من تحت جبال مسك».
وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو حاتم، وأبو الشيخ، وابن حبان، والبيهقي في البعث وصححه عن ابن مسعود نحوه، موقوفاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك في قوله: {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} قال: يعني المساكن تجري أسفلها أنهارها.
وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً} قال: أتوا بالثمرة في الجنة، فنظروا إليها {قَالُواْ هذا الذى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} في الدنيا {وَأُتُواْ بِهِ متشابها} في اللون والمرأى، وليس يشبه الطعم.
وأخرج عبد بن حميد، عن علي بن زيد، وقتادة نحوه.
وأخرج مسدد في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا مما في الجنة شيء إلا الأسماء.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة قال: قولهم {مِن قَبْلُ} معناه: هذا مثل الذي كان بالأمس.
وأخرج ابن جرير عن يحي بن أبي كثير، نحوه.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، عن مجاهد قال: {متشابها} في اللون مختلفاً في الطعم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن الحسن في قوله: {متشابها} قال: خيار كله يشبه بعضه بعضاً لا رذل فيه، ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة مثله.
وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَلَهُمْ فِيهَا أزواج مُّطَهَّرَةٌ} قال: «من الحيض، والغائط، والبزاق، والنخامة».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: من القذر، والأذى.
وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود قال: لا يحضن، ولا يحدثن، ولا يتنخمن.
وقد روى نحو هذا عن جماعة من التابعين.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفات أهل الجنة في الصحيحين، وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة أن أهل الجنة لا يبصقون، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون. وثبت أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة في الصحيحين، وغيرهما من صفات نساء أهل الجنة مالا يتسع المقام لبسطه، فلينظر في دواوين الإسلام، وغيرها.
وأخرج ابن جرير، وابن إسحاق، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وَهُمْ فِيهَا خالدون} أي: خالدون أبداً، يخبرهم أن الثواب بالخير، والشرّ مقيم على أهله أبداً لا انقطاع له.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {وَهُمْ فِيهَا خالدون} يعني لا يموتون.
وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقوم مؤذن بينهم: يا أهل النار لا موت، ويا أهل الجنة لا موت، كل هو: خالد فيما هو فيه».
وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة نحوه.
وأخرج الطبراني، والحاكم وصححه من حديث معاذ نحوه.
وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قيل لأهل النار: إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها، ولو قيل لأهل الجنة: إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا، ولكن جعل لهم الأبد».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال