سورة القصص / الآية رقم 14 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ وَدَخَلَ المَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ فَأَصْبَحَ فِي المَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مَوَسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (12) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)}
قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً} قال ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك وأبو عمران الجوني وأبو عبيدة: {فارِغاً} أي خاليا من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى وقال الحسن أيضا وابن إسحاق وابن زيد: {فارِغاً} من الوحي إذ أوحى إليها حين أمرت أن تلقيه في البحر {لا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي} والعهد الذي عهده إليها أن يرده ويجعله من المرسلين، فقال لها الشيطان: يا أم موسى كرهت أن يقتل فرعون موسى فغرقتيه أنت! ثم بلغها أن ولدها وقع في يد فرعون فأنساها عظم البلاء ما كان من عهد الله إليها وقال أبو عبيدة: {فارِغاً} من الغم والحزن لعلمها أنه لم يغرق، وقاله الأخفش أيضا وقال العلاء بن زياد: {فارِغاً} نافرا الكسائي: ناسيا ذاهلا وقيل: والها، رواه سعيد بن جبير ابن القاسم عن مالك: هو ذهاب العقل، والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش، ونحوه قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} أي جوف لا عقول لها كما تقدم في سورة إبراهيم. وذلك أن القلوب مراكز العقول، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها} ويدل عليه قراءة من قرأ: {فزعا}. النحاس: أصح هذه الأقوال الأول، والذين قالوه أعلم بكتاب الله عز وجل، فإذا كان فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى فهو فارغ من الوحي. وقول أبي عبيدة فارغا من الغم غلط قبيح، لان بعده {إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها}. روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كادت تقول وا ابناه! وقرأ فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه ومحمد بن السميقع وأبو العالية وابن محيصن {فزعا} بالفاء والعين المهملة من الفزع، أي خائفة عليه أن يقتل ابن عباس: {قرعا} بالقاف والراء والعين المهملتين، وهي راجعة إلى قراءة الجماعة {فارِغاً} ولذلك قيل للرأس الذي لا شعر عليه: أقرع، لفراغه من الشعر وحكي قطرب أن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ: {فرغا} بالفاء والراء والغين المعجمة من غير ألف، وهو كقولك: هدرا وباطلا، يقال:
دماؤهم بينهم فرغ أي هدر، والمعنى بطل قلبها وذهب وبقيت لا قلب لها من شدة ما ورد عليها وفي قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ} وجهان: أحدهما- أنها ألقته ليلا فأصبح فؤادها في النهار فارغا.
الثاني- ألقته نهارا ومعنى: {وَأَصْبَحَ} أي صار، كما قال الشاعر:
مضى الخلفاء بالأمر الرشيد *** وأصبحت المدينة للوليد
{إِنْ كادَتْ} أي إنها كادت، فلما حذفت الكناية سكنت النون فهي {إِنْ} المخففة ولذلك دخلت اللام في {لَتُبْدِي بِهِ} أي لتظهر أمره، من بدا يبدو إذا ظهر قال ابن عباس: أي تصيح عند إلقائه: وا ابناه السدي: كادت تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته هو ابني وقيل: إنه لما شب سمعت الناس يقولون موسى بن فرعون، فشق عليها وضاق صدرها، وكادت تقول هو ابني وقيل: الهاء في {بِهِ} عائدة إلى الوحي تقديره: إن كانت لتبدي بالوحي الذي أوحيناه إليها أن نرده عليها والأول أظهر قال ابن مسعود: كادت تقول أنا أمه وقال الفراء: إن كانت لتبدي باسمه لضيق صدرها. {لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها} قال قتادة: بالايمان. السدى: بالعصمة.
وقيل: بالصبر. والربط على القلب: إلهام الصبر. {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي من المصدقين بوعد الله حين قال لها: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ}. وقال: {لَتُبْدِي بِهِ} ولم يقل: لتبديه، لان حروف الصفات قد تزاد في الكلام، تقول: أخذت الحبل وبالحبل.
وقيل: أي لتبدي القول به. قوله تعالى: {وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي قالت أم موسى لأخت موسى: اتبعي أثره حتى تعلمي خبره. واسمها مريم بنت عمران، وافق اسمها اسم مريم أم عيسى عليه السلام، ذكره السهيلي والثعلبي وذكر الماوردي عن الضحاك: أن اسمها كلثمة وقال السهيلي: كلثوم، جاء ذلك في حديث رواه الزبير بن بكار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لخديجة: «أشعرت أن الله زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون فقالت: الله أخبرك بهذا؟ فقال: نعم فقالت: بالرفاء والبنين». {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي بعد، قاله مجاهد ومنه الأجنبي.
قال الشاعر:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة *** فإني امرؤ وسط القباب غريب
وأصله عن مكان جنب.
وقال ابن عباس: {عَنْ جُنُبٍ} أي عن جانب وقرأ النعمان بن سالم: {عن جانب} أي عن ناحية وقيل: عن شوق، وحكى أبو عمرو بن العلاء إنها لغة لجذام، يقولون: جنبت إليك أي اشتقت وقيل: {عَنْ جُنُبٍ} أي عن مجانبة لها منه فلم يعرفوا أنها منه بسبيل وقال قتادة: جعلت تنظر إليه بناحية كأنها لا تريده، وكان يقرأ: {عن جنب} بفتح الجيم وإسكان النون. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه. قوله تعالى: {وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ} أي منعناه من الارتضاع من قبل، أي من قبل مجيء أمه وأخته. و{الْمَراضِعَ} جمع مرضع ومن قال مراضيع فهو جمع مرضاع، ومفعال يكون للتكثير، ولا تدخل الهاء فيه فرقا بين المؤنث والمذكر لأنه ليس بجار على الفعل، ولكن من قال مرضاعة جاء بالهاء للمبالغة، كما يقال مطرابة. قال ابن عباس: لا يؤتى بمرضع فيقبلها وهذا تحريم منع لا تحريم شرع، قال امرؤ القيس:
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري *** إني امرؤ صرعي عليك حرام
أي ممتنع. فلما رأت أخته ذلك قالت: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} الآية. فقالوا لها عند قولها: {وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ} وما يدريك؟ لعلك تعرفين أهله؟ فقالت: لا، ولكنهم يحرصون على مسرة الملك، ويرغبون في ظئره.
وقال السدي وابن جريج: قيل لها لما قالت: {وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ} قد عرفت أهل هذا الصبي فدلينا عليهم، فقالت: أردت وهم للملك ناصحون فدلتهم على أم موسى، فانطلقت إليها بأمرهم فجاءت بها، والصبي علي يد فرعون يعلله شفقة عليه، وهو يبكي يطلب الرضاع، فدفعه إليها، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها.
وقال ابن زيد استرابوها حين قالت ذلك فقالت وهم للملك ناصحون.
وقيل: إنها لما قالت: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} وكانوا يبالغون في طلب مرضعة يقبل ثديها فقالوا: من هي؟ فقالت: أمي، فقيل: لها لبن؟ قالت: نعم! لبن هرون- وكان ولد في سنة لا يقتل فيها الصبيان- فقالوا صدقت والله. {وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ} أي فيهم شفقة ونصح، فروي أنه قيل لام موسى حين ارتضع منها: كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك؟ فقالت: إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن، لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني قال أبو عمران الجوني: وكان فرعون يعطي أم موسى كل يوم دينارا. قال الزمخشري: فإن قلت كيف حل لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها؟ قلت: ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع، ولكنه مال حربي تأخذه على وجه الاستباحة. قوله تعالى: {فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ} أي رددناه وقد عطف الله قلب العدو عليه، ووفينا لها بالوعد. {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها} أي بولدها. {وَلا تَحْزَنَ} أي بفراق ولدها. {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي لتعلم وقوعه فإنها كانت عالمة بأن رده إليها سيكون. {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} يعني أكثر آل فرعون لا يعلمون، أي كانوا في غفلة عن التقرير وشر القضاء.
وقيل: أي أكثر الناس يعلمون أن وعد الله في كل ما وعد حق. قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً} قد مضى الكلام في الأشد في الأنعام. وقول ربيعة ومالك أنه الحلم أولي ما قيل فيه، لقوله تعالى: {حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ} وذلك أول الأشد، وأقصاه أربع وثلاثون سنة، وهو قول سفيان الثوري. {وَاسْتَوى} قال ابن عباس: بلغ أربعين سنة والحكم: الحكمة قبل النبوة وقيل: الفقه في الدين وقد مضى بيانها في البقرة وغيرها والعلم الفهم قول السدي.
وقيل: النبوة.
وقال مجاهد: الفقه. محمد ابن إسحاق: أي العلم بما في دينه ودين آبائه، وكان له تسعة من بني إسرائيل يسمعون منه، ويقتدون به، ويجتمعون إليه، وكان هذا قبل النبوة.
{وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أي كما جزينا أم موسى لما استسلمت لأمر الله، وألقت ولدها في البحر، وصدقت بوعد الله، فرددنا ولدها إليها بالتحف والطرف وهي آمنة، ثم وهبنا له العقل والحكمة والنبوة، وكذلك نجزي كل محسن،




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال