سورة القصص / الآية رقم 70 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا العَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُونَ فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (69) وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)}
قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ} هذا متصل بذكر الشركاء اعبدوهم واختاروهم للشفاعة، أي الاختيار إلى الله تعالى في الشفعاء لا إلى المشركين. وقيل هو جواب الوليد بن المغيرة حين قال: {لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} يعني نفسه زعم، وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف.
وقيل: هو جواب اليهود إذ قالوا لو كان الرسول إلى محمد غير جبريل لآمنا به. قال ابن عباس: والمعنى، وربك يخلق ما يشاء من خلقه ويختار منهم من يشاء لطاعته.
وقال يحيي بن سلام: والمعنى، وربك يخلق ما يشاء من خلقه ويختار من يشاء لنبوته.
وحكى النقاش: إن المعنى وربك يخلق ما يشاء من خلقه يعني محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويختار الأنصار لدينه. قلت: وفي كتاب البزار مرفوعا صحيحا عن جابر: «إن الله تعالى اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة- يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا- فجعلهم أصحابي وفي أصحابي كلهم خير واختار أمتي على سائر الأمم واختار لي من أمتي أربعة قرون». وذكر سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أبيه في قوله عز وجل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ} قال من النعم الضأن، ومن الطير الحمام. والوقف التام {وَيَخْتارُ}.
وقال علي بن سليمان: هذا وقف التمام ولا يجوز أن تكون {ما} في موضع نصب ب {يَخْتارُ} لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شي. قال وفي هذا رد على القدرية. قال النحاس: التمام {وَيَخْتارُ} أي ويختار الرسل. {ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي ليس يرسل من اختاروه هم. قال أبو إسحاق: {وَيَخْتارُ} هذا الوقف التام المختار، ويجوز أن تكون {ما} في موضع نصب ب {يَخْتارُ} ويكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة. قال القشيري: الصحيح الأول لاطباقهم على الوقف على قوله: {وَيَخْتارُ}. قال المهدوي: وهو أشبه بمذهب أهل السنة و{ما} من قوله: {ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} نفي عام لجميع الأشياء أن يكون للعبد فيها شيء سوى اكتسابه بقدرة الله عز وجل. الزمخشري: {ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} بيان لقوله: {وَيَخْتارُ} لان معناه يختار ما يشاء، ولهذا لم يدخل العاطف، والمعنى، وإن الخيرة الله تعالى في أفعاله وهو أعلم بوجوده الحكمة فيها أي ليس لاحد من خلقه أن يختار عليه وأجاز الزجاج وغيره أن تكون {ما} منصوبة ب {يَخْتارُ}. وأنكر الطبري أن تكون {ما} نافيه، لئلا يكون المعنى إنهم لم تكن لهم الخيرة فيما مضى وهي لهم فيما يستقبل، ولأنه لم يتقدم كلام بنفي. قال المهدي: ولا يلزم ذلك، لان {ما} تنفي الحال والاستقبال كليس ولذلك عملت عملها، ولان الآي كانت تنزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما يسأل عنه، وعلى ما هم مصرون عليه من الأعمال وإن لم يكن ذلك في النص. وتقدير الآية عند الطبري: ويختار لولايته الخيرة من خلقه، لان المشركين كانوا يختارون خيار أموالهم فيجعلونها لآلهتهم، فقال الله تبارك وتعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ} للهداية من خلقه من سبقت له السعادة في علمه، كما اختار المشركون خيار أموالهم لآلهتهم، ف {ما} على هذا لمن يعقل وهي بمعنى الذي و{الْخِيَرَةُ} رفع بالابتداءو {لَهُمُ} الخبر والجملة خبر {كانَ}. وشبهه بقولك: كان زيد أبوه منطلق وفيه ضعف، إذا ليس في الكلام عائد يعود على اسم كان إلا أن يقدر فيه حذف فيجوز على بعد. وقد روي معنى ما قاله الطبري عن ابن عباس قال الثعلبي: {ما} نفي أي ليس لهم الاختيار على الله. وهذا أصوب كقوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}. قال محمود الوراق:
توكل على الرحمن في كل حاجة *** أردت فإن الله يقضي ويقدر
إذا ما يرد ذو العرش أمرا بعبده *** يصبه وما للعبد ما يتخير
وقد يهلك الإنسان ومن وجه حذره *** وينجو بحمد الله من حيث يحذر
وقال آخر:
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر *** والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيها اختار خالقنا *** وفي اختيار سواه اللوم والشوم
قال بعض العلماء: لا ينبغي لاحد أن يقدر على أمر من أمور الدنيا حتى يسأل الله الخيرة في ذلك بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ}
في الركعة الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. واختار بعض المشايخ أن يقرأ في الركعة الأولى {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} الآية، وفي الركعة الثانية {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} وكل حسن. ثم يدعو بهذا الدعاء بعد السلام، وهو ما رواه البخاري من صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة في القرآن، يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدوتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» قال: ويسمي حاجته. وروت عائشة عن أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أمرا قال: «اللهم خر لي وأختر لي» وروى أنس أن النبي صلى الله عليه قال له: «يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى ما يسبق قلبك فإن الخير فيه». قال العلماء: وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر حتى لا يكون مائلا إلى أمر من الأمور، فعند ذلك ما يسبق إلى قلبه يعمل عليه، فإن الخير فيه إن شاء الله. وإن عزم على سفر فيتوخى بسفره يوم الخميس أو يوم الاثنين اقتداء برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم نزه نفسه سبحانه بقوله الحق، فقال: {سُبْحانَ اللَّهِ} أي تنزيها. {وَتَعالى} أي تقدس وتمجد {عَمَّا يُشْرِكُونَ}. {وربك يعلم ما تكن صدور هم وما يعلنون} يظهرون. وقرأ ابن محيصن وحميد: {تُكِنُّ} بفتح التاء وضم الكاف وقد تقدم هذا في {النمل}. تمدح سبحانه بأنه عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء {هُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} تقدم معناه، وأنه المنفرد بالوحدانية، إن جميع المحامد إنما تجب له وأن لا حكم إلا له وإليه المصير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال