سورة القصص / الآية رقم 87 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (84) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85) وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (86) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}.
التفسير:
قوله تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ}.
هو إعلان عام للمؤمنين والكافرين.. للمصلحين والمفسدين.. للذين يعلمون الصالحات، والذين يقترفون السيئات.. إن لكل حسابه وجزاءه.
أما أهل الإحسان، فيجزون بإحسانهم إحسانا مضاعفا.. فضلا من اللّه وكرما.. وأما أهل السوء، فيجزون بسوئهم سواء مثله، حقا من اللّه وعدلا.
وقد أفرد الضمير في مقام الإحسان، حيث تختلف منازل المحسنين، فيما يجزون به على إحسانهم.. الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، واللّه يضاعف لمن يشاء.. فهذا مقام الفضل، ينزل فيه اللّه عباده منازلهم من فضله ورحمته.
أما أهل السوء، فهم على حال واحدة.. السيئة بالسيئة ولا زيادة.. فهم في مقام العدل. الذي يقتضى المساواة.. ولهذا جمع ضمير أهل السوء.
{فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
فرض القرآن على الرسول، هو حمله عليه حملا كاملا.. حيث يتلقاه من ربه، ويستقيم على كل آية منه، ويبلغه إلى الناس، ويجاهدهم به.
والمعاد الذي يرد إليه الرسول، هو لقاء ربه، وتلقى ما وعده اللّه به من رضا ورضوان.
وإذن فهذا القرآن المفروض على الرسول الكريم، هو الرفيق الذي يعيش مع الرسول في الدنيا، ويلقى اللّه به في الآخرة، حيث يجىء ومعه المحصول الوفير، من مغارس الإيمان التي غرسها القرآن في الأرض، فكان منها هذه الأمة المسلمة، التي تأخذ مكانها في المحشر، وقد رفع على رأسها علم التوحيد! وفي هذا يقول اللّه تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} [71: الإسراء] ويقول سبحانه: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} [41: النساء].
وقوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} هو إلفات إلى هذا القرآن الذي فرض على الرسول، وهو الهدى، الذي من اتبعه اهتدى ورشد، ومن خالفه ضل وغوى.
قوله تعالى: {وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ}.
أي أن هذا القرآن الذي فرضه اللّه عليك- أيها النبي- لم يكن عن أمنية تمنيتها، ولا عن سعى سعيت له.. فذلك مما لا يحصل بالسعي، ولا يستدعى بالأمانى.. وإنما هو رحمة خالصة من عند اللّه، يختص بها من يشاء من عباده، ويضعها حسب ما يقضى به علمه في خلقه: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} [124: الأنعام].
وقوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} هو بدل من {أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ} وهو في تأويل مصدر مفعول به لترجو.. والمعنى: ما كنت ترجو كتابا يلقى إليك من ربك، ولكن كنت نرجو رحمة منه.. وها قد جاءتك الرحمة عامة شاملة من ربك في اصطفائك للرسالة، ولكتابها الكريم.
{إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً} [87: الإسراء].
وقوله تعالى: {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ}.
هو تعقيب على هذه؟؟؟ العظيمة، وتلك النعمة الكبرى، وهذه الرحمة العامة الشاملة، التي ينبغى أن يأخذ كل إنسان حظه منها، إذا هو التمسها، ودخل في حماها.. وهؤلاء هم المؤمنون.. أما الكافرون فلا نصيب لهم منها.
وإذن، فالذى ينبغى أن يكون عليه شأن الرسول مع هذه الرحمة الشاملة التي وضعها اللّه سبحانه وتعالى بين يديه- هو أن يجعلها قوة تظاهر المؤمنين، وتقوّى جبهتهم، إزاء الكافرين والمشركين وأهل الضلال جميعا، لأنها قوة من قوى الحق، ومن شأنها أن تخلص لأهل الحق وحدهم.
والنهى الموجه للنبى في قوله تعالى: {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ} هو دعوة للنبى إلى اليأس من هؤلاء المشركين من قومه، الذين قال اللّه فيهم:
{أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [41: المائدة] وقال سبحانه:
{إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} [37: النحل] ذلك أن وقوف النبي- صلوات اللّه وسلامه عليه- هذا الوقوف الطويل مع المشركين المعاندين من قومه، طمعا في إيمانهم، هو على حساب المؤمنين، أو الذين يستجيبون للإيمان، حيث تلك هي المواطن الصالحة للغرس، والإنبات والإثمار، وهي المواطن التي ينبغى أن يوجه الرسول إليها كلّ جهده.. وقد عاتب اللّه سبحانه وتعالى النبي الكريم في ابن أم مكتوم الأعمى، المؤمن، الذي جاء يستزيد من الرسول إيمانا، ويطلب هدى، والرسول في لقاء مع بعض وجوه القوم، من المشركين، وفي جدل حاد، يرجو الرسول من ورائه أن تلين قلوب الجماعة، وتدخل في دين اللّه- فقال تعالى: معاتبا لرسوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ}.
(1- 11. عبس) وقد دخل موسى عليه السلام في تجربة كتلك التجربة، حين أخذته عاطفة العصبية لقومه، وما كانوا يلقون من ظلم على يد فرعون وقومه.. وقد تمثل له ذلك فيما وقع بين المصري والإسرائيلى، وقد انتصر موسى للإسرائيلى، على المصري.. فلما خرج من تلك التجربة، استشعر الندم، واستغفر ربه، ونذر نعمة القوة التي في كيانه، أن تكون دائما للحق، ومع الحق حيث كان، فقال: {رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}.
ولعل هذا هو بعض السر في الجمع بين هاتين الآيتين في هذه السورة.
قوله تعالى: {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
هو تحذير للنبى من هؤلاء المشركين من قومه، وذوى قرابته، الذين يدعونه إلى أن يدع ما هو فيه، حتى لا يكون بموقفه هذا سببا في تمزيق وحدة قومه، وإلقاء العداوة بينهم، حتى يقتل بعضهم بعضا.. فهذه قريش لا تريد الدخول في دينه، وهؤلاء أهله الأدنون يأبون أن يتخلّوا عنه، ويتركوه لقريش ترميه بالأذى.. وهذا عمه أبو طالب يدعوه إلى أن يرفق به وبأهله، وألا يحملهم على مواجهة قريش، فيقول له لرسول الكريم قولته الخالدة تلك: «واللّه يا عم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في شمالى على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه» وقوله: {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ}.
هذا فوق أنه تحذير للنبيّ من أن تغلبه عاطفة الحرص على أهله أن يصيبهم سوء من أجل انتصارهم لعصبيتهم فيه- هو تثبيت لقلب النبيّ، وترسيخ لقدمه في القيام على دعوته، وألا يلفته شيء عنها.. فلتذهب الدنيا كلها، ولتبق راية الحقّ قائمة في يده.
وفي قوله تعالى: {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} دعوة إلى قطع كل رابطة من قرابة أو نسب، وإلى التضحية بكل عاطفة بينه وبين أهله، إذا كان في ذلك جور على دعوته، وتحيّف على شيء من عزمه وإرادته في القيام بتبليغها، والجهاد بها. فهو في تلك الحال ليس من أهله هؤلاء المشركين.. إن أهله وقرابته هم المؤمنون: {إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [91: النمل] فالمؤمنون هم أهل الرسول، وهم قرابته.
قوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ.. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بهذه الآية تختم سورة القصص.
وهي تعزل النبيّ عزلا تاما عن قومه المشركين، الذين يدعون مع اللّه آلهة أخرى.. فهو على طريق، وهم على طريق.. هو له دينه، وهم لهم دينهم، فلا جاممة تجمع بينه وبينهم إن لم يجمعهم الاجتماع على دين اللّه، وعلى إخلاص العبودية له وحده، لا إله إلا هو.
فإذا سلم للمرء دينه، وخسر كل شىء، فهو الذي ربح كل شيء ولم يخسر شيئا.. لأن كلّ شيء هالك وإلى زوال، ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام.
وإذن فلا حساب لأهل، أو مال، أو ولد، مع الدّين الذي يشد الإنسان إلى اللّه، ويقيمه على ولاء له.. فالأهل والمال، والولد، وكل شيء هالك، فيصبح الإنسان أو يمسى ولا شيء له، أو معه من هذا، ثم يلتفت فلا يجد إلا ما ادخر عند اللّه من إيمان وتقوى.. {وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا} [46: الكهف]- وفي قوله تعالى: {لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} هو إلفات إلى اللّه سبحانه وتعالى، وإلى أنه جلّ شأنه المتفرّد بالبقاء، وبالحكم بين العباد، يوم يرجعون إليه.. فالذين كانوا على ولاء مع اللّه، يدخلون في ظلّ هذا الولاء، فيجدون الأمن والسلام، والذين عادوا اللّه وحادّوه، وكفروا به وبرسله، يظلمون في العراء، بعيدين عن هذا الظل الكريم الرحيم، {أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال