سورة العنكبوت / الآية رقم 52 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يُؤْمِنُونُ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الكَافِرُونَ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ

العنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(52)}
(قُلْ) أي: للمنكرين لك {كفى بالله بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً..} [العنكبوت: 52] أي: حسبي أن يشهد الله لي بأنِّي بلّغْتُ، فشهادتكم عندي لا تنفع، كما أنه لا ينفعني إيمانكم، ولا يضرني كفركم، فأجري آخذه من ربي على مجرد البلاغ وقد بلَّغْتُ، وشهد الله لي بذلك.
وفي موضع آخر يقول سبحانه: {وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ...} [الرعد: 43] أي: أنكم لم تكتفوا بالآيات، ولم تؤمنوا بها، لكني أكتفي برب هذه الآيات شهيداً بيني وبينكم، إذن: هناك خصومة في البلاغ بين محمد صلى الله عليه وسلم وقومه الذين يُكذِّبونه في البلاغ عن ربه.
فلا بُدَّ إذن من فَصْل في هذه الخصومة، وإذا ما نظرنا إلى قضايا الخَلْق في الخصومات وجدنا إمَّا أنْ يُقر المتهم، وإما أن يشهد شاهد حَقٍّ لا شاهد زور، ثم يعرض الأمر على القاضي ليحكم بالشهادة أو البينة.
ولا بُدَّ في القاضي ألاّ يكون صاحب هوى، ثم يأتي دور تنفيذ الحكم، وهي السلطة التنفيذية، وهذه أيضاً ينبغي ألاَّ يكون لها هوى، فتنفذ الحكم على حقيقته، فكأن الخصومات عند البشر تمرُّ بمراحل متعددة، وقد تتميع الحقائق إذا لم تتوفر الشروط اللازمة لهذه الأطراف، فلو شهد الشاهد زوراً أو مال القاضي أو المنفِّذ للحكم ودلَّس في التنفيذ لانقلبت المسائل.
أما في حكومة الحق سبحانه وتعالى في الخصومة بين محمد وقومه، فكفى به سبحانه حاكماً وقاضياً ومُنفِّذاً، لماذا؟ لأنه سبحانه: {يَعْلَمُ مَا فِي السماوات والأرض...} [العنكبوت: 52].
فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يعلم السر وأَخْفى، فأيُّ شهادة إذن أعدل من شهادته؟ وهو سبحانه قاضٍ عادل يحكم بالحق؛ لأنه ليس له سبحانه هوىً يميل به إلى الباطل، وهو سبحانه لا يُبدل في تنفيذ الأحكام؛ لأنه يُنفّذ حكمه هو سبحانه.
إذن: مَنِ الفائز في حكومة قاضيها الحق تبارك وتعالى وأطراف الخصومة فيها محمد وقومه؟ فاز رسول الله في أن يكون الله هو الشهيد، وخسر الكافرين حين كفروا به، ولم تكْفِهم البينة التي جاءتهم في القرآن الكريم.
وعِلْم الله للغيب ليس علاجاً ومذاكرة ليعلم، إنما تأتي الأمور بتوقيت منه قديم أزلاً، والعالم يظهر على وَفْق ما يراه أزلاً؛ لذلك يقول سبحانه: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82].
أي: يقول للشيء، فكأنه موجود فعلاً ينتظر الأمر من الله بالظهور للناس، فقوله(كُنْ) للظهور فقط، أما مسألة الخَلْق فمنتهية أزلاً، و(الماكيت) موجود، فالحق سبحانه يعلم غَيْب السماوات والأرض، أما نحن فلا نعلم حتى غَيْب أنفسنا.
ويقول سبحانه: {يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى} [طه: 7] فهل هناك أخفى من السر؟ قالوا: السر ما تُسِرُّه في نفسك، والأخفى منه أنْ يعلمه سبحانه قبل أن يكون في نفسك.
وقد وقف البعض عند قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور: 29] وقوله سبحانه: {يَعْلَمُ الجهر مِنَ القول وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} [الأنبياء: 110].
يقولون: ما وجه امتنان الله بعلم الجهر من القول، وبعِلْم ما نُبدي، فهذا شيء غير مستور يعرفه الجميع؟
ونقول: افهم عن الله مراده، فالمعنى لم يقُلْ سبحانه: أعلم ما تبدي أنت، ولا ما تجهر به أنت، إنما ما تبدون كلكم، وما تجهرون به كلكم، ولتوضيح هذه المسألة تصوَّر مظاهرة من عدة مئات أو عدة آلاف تختلط بينهم الهتافات والأصوات وتتداخل الكلمات، بحيث لا تستطيع أن تميز صوت هذا من صوت ذاك.
لكن الحق سبحانه يستطيع تمييز هذه الأصوات، وإعادة كل منها إلى صاحبه؛ لذلك نرى في المظاهرات أن كل إنسان يستطيع أن يقول ما يشاء، ويهتف بما لا يجرؤ أن يهتف به منفرداً؛ لأن صوته سيختلط مع الأصوات، ويستتر فيها فلا يعرف مصدره، وهكذا يكون علم الجَهْر أقوى من علم الغَيْب.
فإنْ قلت: إن بعض العلماء باكتشافاتهم وبحوثهم توصلوا إلى معرفة أسرار كانت مستترة في الكون، كالكهرباء والذرة وغيرها، فهُمْ بذلك يعلمون الغيب. نقول: نعم، علموا شيئاً كان مستوراً في الكون، لكن علموه بمقدمات خلقها الله ويسَّرها لهم، فأخذوا هذه المقدمات وتوصَّلوا بها إلى اكتشافاتهم، كما يحلّ ولدك مثلاً تمرين الهندسة، فيستعين بالمعطيات.
إذن؛ فهو في حقيقة الأمر ليس غيباً، بل هو شيء موجود، لكن له ميلاد ووقت يظهر فيه، فإنْ جاء وقته يسَّر الله لخَلْقه الوصول إليه، إما بالبحث واستخدام المقدمات، فإذا صادف ميلاد السر بحث الخلق يُقال: إنهم أحاطواعِلْماً ببعض غيب الله.
ويقول تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ...} [البقرة: 255] أي: شاء أنْ يُولد، فإنْ جاء ميلاد السر، ولم يتوصَّلوا إليه ببحوثهم، ولم يقفوا على مقدماته كشفه الله لهم ولو مصادفة، وقد اكتشفوا كثيراً من أسرار الكون مصادفة.
فالغيب الحقيقي: هو الذي ليس له مقدمات تُوصِّل إليه، ولا يعلمه أحد إلا الله، والذي قال الله عنه: {عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ...} [الجن: 26-27] فالرسول- إذن- لا يعلم الغيب، إنما عُلِّم الغيب.
ثم يقول تعالى: {والذين آمَنُواْ بالباطل...} [العنكبوت: 52] أي: بعبادة ما دون الله من الأصنام والأوثان {وَكَفَرُواْ بالله...} [العنكبوت: 52] الخالق واجب الوجود {أولئك هُمُ الخاسرون} [العنكبوت: 52] لأن كفر الخَلْق بالخالق لا يؤثر في ذاته سبحانه، ولا في صفات الكمال فيه، لأنه سبحانه بصفات الكمال خلقهم، فله سبحانه صفات الكمال، آمنوا أم كفروا.
لكن فَرْق بين مَنْ يؤمن ومَنْ يكفر، فالإنسان بطبعه حريص على الحياة متمسك بها، حتى إنه إنْ أصابه مرض طلب العلاج ليصون حياته وهو يخاف الموت، ويرى مصارع الناس من حوله، وكيف سبقه أجداده ولم يخلد منهم أحد، ويرى أن الموت يأتي بلا أسباب؛ حتى قيل: والموت من غير سبب هو السبب.
إذن: فالموت حقيقة، لكن يشكُّ الناس فيها ولا يتصورونها لأنفسهم لأنهم يكرهونها؛ لذلك يقال في الأثر: ما رأيتْ يقيناً أشبه بالشكِّ من يقين الناس بالموت.
وليقين الإنسان في الموت نراه يحب البقاء في ولده، وفي ولد ولده ليبقى ذِكْره أطول فترة ممكنة، وما دام الأمر كذلك، فلماذا لا تؤمن بالله فيورثك الإيمانُ حياةً خالدة باقية لا نهايةَ لها، لا تفارقها ولا تفارقك، وهي حياة الآخرة. إذن: فمَن الخاسرون؛ الخاسرون هم الكافرون الذي قصروا حياتهم على عمرهم في الدنيا.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب وَلَوْلاَ أَجَلٌ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال