سورة العنكبوت / الآية رقم 56 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَاءَهُمُ العَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ

العنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}
قوله تعالى: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ}
هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة- في قول مقاتل والكلبي- فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه، وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب. بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده، أي إن كنتم في ضيق من إظهار الايمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة، لإظهار التوحيد بها.
وقال ابن جبير وعطاء: إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية، وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. وقاله مالك.
وقال مجاهد: {إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ} فهاجروا وجاهدوا.
وقال مطرف بن الشخير: المعنى إن رحمتي واسعة. وعنه أيضا: إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض. قال سفيان الثوري: إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملا فيها جرابك خبزا بدرهم.
وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرضى الجنة واسعة. {فَاعْبُدُونِ} حتى أورثكموها. {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} {فَإِيَّايَ} منصوب بفعل مضمر، أي فاعبدوا إياي فاعبدون، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني، والفاء في قوله: {فَإِيَّايَ} بمعني الشرط، أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني في غيره، لان أرضي واسعة. قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ} تقدم في آل عمران. وإنما ذكره ها هنا تحقيرا لأمر الدنيا ومخاوفها. كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه من مكة أنه يموت أو يجوع أو نحو هذا، فحقر الله شأن الدنيا. أي أنتم لا محالة ميتون ومحشورون إلينا، فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه وإلى ما يمتثل. ثم وعد المؤمنين العاملين بسكنى الجنة تحريضا منه تعالى، وذكر الجزاء الذي ينالونه، ثم نعتهم بقوله: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وقرأ أبو عمر ويعقوب والجحدري وابن أبي أسحق وابن محيصن والأعمش وحمزة والكسائي وخلف {يا عبادي} بإسكان الياء. وفتحها الباقون. {إِنَّ أَرْضِي} فتحها ابن عامر. وسكنها الباقون. وروي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو قيد شبر استوجب الجنة وكان رفيق محمد وإبراهيم عليهما السلام». {ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ}. وقرأ السلمي وأبو بكر عن عاصم {يرجعون} بالياء، لقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ} وقرأ الباقون بالتاء، لقوله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} وأنشد بعضهم:
الموت في كل حين ينشد الكفنا *** ونحن في غفلة عما يراد بنا
لا تركنن إلى الدنيا وزهرتها *** وإن توشحت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة والجيران ما فعلوا *** أين الذين همو كانوا لها سكنا
سقاهم الموت كأسا غير صافية *** صيرهم تحت أطباق الثرى رهنا
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً} وقرأ ابن مسعود والأعمش ويحيي بن وثاب وحمزة والكسائي {لنثوينهم} بالثاء مكان الباء من الثوى وهو الإقامة، أي لنعطينهم غرفا يثوون فيها. وقرأ رويس عن يعقوب والجحدري والسلمي {ليبوئنهم} بالياء مكان النون. الباقون {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} أي لننزلنهم. {غُرَفاً} جمع غرفة وهي العلية المشرفة.
وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم» قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم. قال: «بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» وخرج الترمذي عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها» فقام إليه أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلي لله بالليل والناس نيام» وقد زدنا هذا المعنى بيانا في كتاب التذكرة والحمد لله. قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ} أسند الواحدي عن يزيد بن هرون، قال: حدثنا حجاج بن المنهال عن الزهري- وهو عبد الرحمن بن عطاء- عن عطاء عن ابن عمر قال خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دخل بعض حيطان الأنصار فجعل يلتقط من الثمر ويأكل فقال: «يا بن عمر مالك لا تأكل» فقلت لا أشتهيه يا رسول الله فقال: «لكني أشتهيه وهذه صبيحة رابعة لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين قال: والله ما برحنا حتى نزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}».
قلت: وهذا ضعيف يضعفه أنه عليه السلام كان يدخر لأهله قوت سنتهم، اتفق البخاري عليه ومسلم. وكانت الصحابة يفعلون ذلك وهم القدوة، واهل اليقين والأئمة لمن بعدهم من المتقين المتوكلين. وقد روى ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للمؤمنين بمكة حين آذاهم المشركون: «اخرجوا إلى المدينة وهاجروا ولا تجاوروا الظلمة» قالوا: ليس لنا بها دار ولا عقار ولا من يطعمنا ولا من يسقينا. فنزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ} أي ليس معها رزقها مدخرا. وكذلك أنتم يرزقكم الله في دار الهجرة. وهذا أشبه من القول الأول. وتقدم الكلام في {كَأَيِّنْ} وأن هذه أي دخلت عليها كاف التشبيه وصار فيها معنى كم. والتقدير عند الخليل وسيبويه كالعدد. أي كشيء كثير من العدد من دابة. قال مجاهد: يعني الطير والبهائم تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئا. الحسن: تأكل لوقتها ولا تدخر لغد.
وقيل: {لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} أي لا تقدر على رزقها {اللَّهُ يَرْزُقُها} أينما توجهت {وَإِيَّاكُمْ} وقيل: الحمل بمعنى الحمالة.
وحكى النقاش: أن المراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل ولا يدخر. قلت: وليس بشيء، لإطلاق لفظ الدابة، وليس مستعملا في العرف إطلاقها على الآدمي فكيف على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد مضى هذا في {النمل} عند قوله: {وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} قال ابن عباس: الدواب هو كل ما دب من الحيوان، فكله لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا ابن آدم والنمل والفأر. وعن بعضهم رأيت البلبل يحتكر في محضنه. ويقال للعقعق مخابئ إلا أنه ينساها. {اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ} يسوي بين الحريص والمتوكل في رزقه، وبين الراغب والقانع، وبين الحيول والعاجز حتى لا يغتر الجلد أنه مرزوق بجلده، ولا يتصور العاجز أنه ممنوع بعجزه.
وفي الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا». لدعائكم وقولكم لا نجد ما ننفق بالمدينة {الْعَلِيمُ} بما في قلوبكم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال