سورة آل عمران / الآية رقم 48 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)}
{ذلك}: الذي ذكرت من حديث زكريا ومن حديث يحيى ومريم وعيسى، {مِنْ أَنَبَآءِ}: أخبار، {الغيب نُوحِيهِ إِلَيكَ}: ردّ الكناية إلى ذلك فلذلك ذكر. {وَمَا كُنتَ}: يا محمد، {لَدَيْهِمْ}: عندهم، {إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ} سهامهم وقداحهم للاقتراع في الماء واحدها: قلم، وقيل: أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة فألقوا أقلامهم التي كانت بأيديهم في الماء.
{أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}: [....].
{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}: في كفالتها.
{إِذْ قَالَتِ الملائكة يامريم إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} وقرأ أبو السماك وهب بن يزيد العدوي: {بكلمة} مكسورة الكاف مجزومة اللام في جميع القرآن، وهي لغة فصيحة مثل كتف وفخذ.
{اسمه}: رد كناية إلى عيسى وكذلك ذكر. وقيل: رده إلى الكلام؛ لأن الكلمة والكلام واحد.
{المسيح}: قال بعضهم: هو فعيل بمعنى المفعول يعني: أنهُ مُسِح من الأقذار وطهر.
وقيل: مُسح بالبركة.
وقيل: لأنه خرج من بطن أُمه ممسوحاً بالدهن.
وقيل: لأنه مسح القدمين لا أخمص له.
وقيل: مسحه جبرئيل بجناحهِ من الشيطان حتى لم يكن للشيطان فيه سبيل في وقت ولادته.
وقال بعضهم: هو بمعنى الفاعل مثل عليم وعالم، وسمي ذلك لأنهُ كان يمسح المرضى فيبرأون بإذن الله.
قال الكلبي: سمي بذلك لأنه كان يمسح عين الأعمى فيبصره.
وقيل: سمي بذلك لأنه كان يسيح في الأرض يخوضها ولا يقيم في مكان، وعلى هذا القول الميم فيه زائدة.
وقال أبو عمرو بن العلاء: المسيح الملك.
وقال أبو تميم النخعي: المسيح الصديق، فإما هو المِسّيح بكسر الميم وتشديد السين، وقال غيره: هذا قول لا وجه له؛ بل الدجال مسيح أيضاً فعيل بمعنى مفعول لأنه ممسوح إحدى العينين كأنها عين طافية، ويكون بمعنى السائح لأنه يسيح في الأرض فيطوف الأرض كلها إلاَّ مكة والمدينة وبيت المقدس.
قال الشاعر:
إنّ المسيح يقتل المسيخا... {عِيسَى ابن مَرْيَمَ وَجِيهاً}: نصب على الحال، أي شريفاً ذا جاه وقدر.
{فِي الدنيا والآخرة وَمِنَ المقربين} إلى ثواب اللّه {وَيُكَلِّمُ الناس فِي المهد} صغيراً قبل أوان الكلام.
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت مريم عليها السلام: كنتُ إذا خلوت أنا وعيسى حدّثني وحدثته. فإذا شغلني عنه إنسان سبّح في بطني وأنا أسمع.
{وَكَهْلاً}: قال مقاتل: يعني إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء.
وقال الحسن بن الفضل: {كهلاً} بعد نزوله من السماء.
وقال ابن كيسان: أخبرهما أنّهُ يبقى حتّى يكتهل.
وقيل: {وَيُكَلِّمُ الناس فِي المهد}: صبيّاً وكهلاً نبيّاً ولم يتكلّم في المهد من الأنبياء إلاّ عيسى عليه السلام، فكلامه في المهد معجزة وفي الكهولة دعوة.
وقال مجاهد: {وَكَهْلاً} أي عظيماً والعرب تمدح بالكهولة لأنّها أعظم؟ على في احتناك السنّ، واستحكام العقل، وجودة الرأي والتجربة.
{وَمِنَ الصالحين} أي فهو من العباد الصالحين.
{قَالَتْ رَبِّ} يا سيّدي بقولها لجبرئيل {أنى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} يعني رجل.
{قَالَ كَذَلِكَ الله}: كما تقولين يا مريم ولكن اللّه {يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قضى أَمْراً}: [...].
{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}: كما يريد.
قال بعض أهل المعاني: ذكر القول ههنا بيان وزيادة إلى ذكره ليتعارف النّاس به سرعة كون الشيء فيما بينهم.
وقال آخرون: هذا وقع على الموجود في علمه وإرادته وتحت قدرته وإن كان معدوماً في ذاته.
ونصب بعض القرّاء النون في قوله: {فَيَكُونُ} على جواب الأمر بالفاء، ورفع الباقون على إضمار {هو} أي فهو يكون. وقيل: على تكرير الكلام تقديره: فإنمّا يقول له كن فيكون.
{وَيُعَلِّمُهُ}: قرأ أهل المدينة ومجاهد وحميد والحسن وعاصم: بالياء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله تعالى: {كَذَلِكَ الله يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}: قد جرى ذكره عز وجّل.
وقال المبرد: ردّوه على قوله: {إنّ الله يبشرك ويعلّمهُ} وقرأالباقون بالنون على التعظيم، واحتجّ أبو عمرو في ذلك لقوله: {ذلك مِنْ أَنَبَآءِ الغيب نُوحِيهِ إِلَيكَ}.
{الكتاب}: أي الكتابة والخط والعلم.
{والحكمة والتوراة والإنجيل} {وَرَسُولاً}: أي ونجعله رسولاً.
{إِلَى بنى إسرائيل}: فترك ذكره لأن الكلام عليه، كقول الشاعر:
ورأيت بعلك في الوغى *** متقلداً سيفاً ورمحا
أي وحاملاً رمحاً.
وأنشد الفرّاء لرجل من عبد القيس:
علفتها تبناً وماءً باردا *** حتى شتت همالة عيناها
يعني سقيتها ماءً بارداً.
قال الأخفش: وإن شئت جعلت الواو في قوله: {ورسولا} مضخمة والرسول حالاً للهاء، تقديره: ويعلّمه الكتاب رسولاً، وكان أول أنبياء بني إسرائيل يوسف وآخرهم عيسى عليه السلام.
روى محمد بن إسكندر عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «بُعثت على أثر ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف من بني إسرائيل» فلمّا بعث قال لهم: [....].
قال الكسائي: وإنمّا فتح لأنّه أوقع الرسالة عليه وقيل: بأنّي أو لأنّي.
{قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ}: والآية {مِّن رَّبِّكُمْ}: يصدّق قولي ويحقق رسالتي.
قال الخليل والفرّاء: أصلها بآيّة بتشديد الياء فثقل عليهم التشديد فأبدلوا لانفتاح ما قبل التشديد وتقديرها فعله.
وقال الكسائي: هي في الأصل أييه مثل فاطمة فحذفت أحدى اليائين فلمّا قال ذلك عيسى لبني اسرائيل. قالوا: وما هي؟ قال: إنّي، قول نافع بكسر الألف على الإستئناف وإضمار القول.
وقرأ الباقون بالفتح على معنى بأنّي.
{ا أَخْلُقُ}: أي أصور وأقدّر.
{لَكُمْ مِّنَ الطين كَهَيْئَةِ الطير}: قرأالزهري وأبو جعفر: كهيّة بتشديد الياء. والآخرون بالهمزة. والهيئة الصورة المهيّأة، وهي من قولهم هيأت الشيء إذا قصرته وأصلحته. وقرأ أبو جعفر {الطاير} بالألف، والباقون بغير ألف.
{فَأَنفُخُ فِيهِ}: أي في الطين.
{فَيَكُونُ طَيْرَا بِإِذْنِ اللَّهِ}: قرأه العامة على الجمع لأنّه خلق طيراً كثيراً.
وقرأ أهل المدينة: {طائراً} على الواحد ذهبوا إلى نوع واحد من الطير، لأنه لم يخلق غير الخفّاش، وإنمّا خصّ الخفّاش لأنه أكمل الطير خلقاً، ليكون أبلغ في القدرة لأن لها ثدياً وأسناناً وهي تحيض وتطير.
وقال وهب: كان يطير ما دام النّاس ينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتّاً ليتميّز فعل الخلق من خلق اللّه، وليعلموا أنّ الكمال للّه تعالى.
{وَأُبْرِئُ الأكمه والأبرص}: أي أشفيهما وأصححهما فقال: أبرأ اللّه المريض من أبرأ وبرئ هو يبرأ وبريء مبرأ برأوا فيهما جميعاً. واختلفوا في الأكمه: فقال عكرمة والأعمش، ومجاهد والضحّاك: هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل.
ابن عباس وقتادة: هو الذي ولِدَ أعمى ولم يبصر ضوءً قط، الحسن والسّدي: هو الأعمى، وحكى الزجاج عن الخليل أن الأكمه هو الذي يولد أعمى وهو الذي يعمى وان كان بصيراً هو المعروف من كلام العرب يقال: كمُهت عينه تكمه كمهاً وكمهتها أنا إذا أعميتها.
قال سويد بن أبي كاهل:
كمهت عيناه حتى ابيضّتا *** فهو يلحى نفسه لمّا نزع
قال رؤبة:
وكيد مطال وخصم مَبْده ***
هدجنَ فإن تكلم [...] الأكمه هرّجت بالسّبع وقد صحت به، والأبرص الذي به وضح.
وإنمّا خصّ هذين لأنهما عميان وكان الغالب على زمن عيسى الطبّ فأراهم اللّه المعجزة من جنس ذلك داعياً لا دواء له.
وقال وهب: ثم اجتمع على عيسى من المرضى في اليوم الواحد خمسون ألفاً من أطاق منهم أن يبلغه بلغه، ومن لم يطق أتاه عيسى يمشي إليه. إنمّا كان يداويهم بالدّعاء على شرط الإيمان.
{وَأُحْيِ الموتى بِإِذْنِ الله}: قيل: أحيا أربعة أنفس: عازر وكان صدّيقاً فأرسل أخته إلى عيسى أنّ أخاك عازر يموت فأته وكان بينه وبين داره ثلاثة أيّام فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيّام، فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، فانطلقت معهم إلى قبره وهو في صخرة مطبقة. فقال عيسى: اللهم ربّ السماوات السّبع والأرضين السّبع، إنّك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأُخبرهم أنّي أُحيي الموتى بإذنك فأحيي عازر. قال: فقام عازر وودكه تقطر، فخرج من قبره وبقي وولد له.
وابن العجوز مُرّ به ميّتاً على عيسى عليه السلام على سرير يحمل فدعا اللّه عيسى عليه السلام فجلس على سريره ونُزّل عن أعناق الرجال ولبس ثيابه وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله فبقي وولد له.
والبنت العاقر قيل له: أتُحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا اللّه فعاشت فبقيت وولد لها.
وسام بن نوح دعا عيسى عليه السلام بإسم اللّه الأعظم فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه. فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا ولكني دعوتك بإسم اللّه الأعظم. قال: ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزّمان.
وكان سام قد عاش خمسمائة سنة وهو شاب، ثم قال: مُت. فقال: بشرط أن يعيذني اللّه من سكرات الموت. فدعا اللّه عز وجّل ففعل.
قال الكلبي: كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات ب: يا حىّ يا قيّوم.
{وَأُنَبِّئُكُمْ}: أُخبركم، {بِمَا تَأْكُلُونَ}: ممّا أعاينه، {وَمَا تَدَّخِرُونَ}: وما ترزمونه، {فِي بُيُوتِكُمْ}: حتى تأكلوه، وهو يفعلون من دخرت وقرأ مجاهد وأيوب السختياني: تذخرون، بالذال المعجمة وسكونها وفتح الخاء من ذخر يذخر ذخراً.
قال الكلبي: فلما أبرأ عيسى الأكمه والأبرص وأحيى الموتى قالوا: هذا سحر، ولكن أخبرنا بما نأكل وما ندّخر وكان يخبر الرجل بما أكل من غدائه وبما يأكل في عشائه.
وقال السدي: كان عيسى عليه السلام إذا كان في الكتّاب يحدّث الغلمان بما يصنع أبوهم، ويقول للغلام إنطلق، فقد أكل أهلك كذا وكذا، ورفعوا لك كذا وكذا، وهم يأكلون كذا وكذا. فينطلق الصبي إلى أهله، ويبكي عليهم حتى يعطوه ذلك الشيء فيقولون له من أخبرك بهذا؟ فيقول: عيسى، فحبسوا صبيانهم عنه، وقالوا: لا تلعبوا مع هذا الساحر، فحبسوهم في بيت، فجاء عيسى يطلبهم. قالوا: ليسوا عندنا. فقال: فما في هذا البيت؟ قالوا: خنازير. قال عيسى: كذلك يكونون. ففتحوا عليهم، فإذا هم خنازير، ففجئنا لذلك في بأس [...] بنو إسرائيل، فلمّا خافت عليه أُمه حملته على حميّر لها، وخرجت به هاربة إلى مصر.
وقال قتادة: إنمّا هذا في المائدة وكان خواناً ينزل عليهم إنمّا كانوا كالمنِّ والسلوى، وأمر القوم أن لا يخونوا لا يخبئوا لغد، وحذّرهم البلاء إن فعلوا ذلك [...] وخونوا. فجعل عيسى يخبرهم بما أكلوا من المائدة وما ادخروا منه. فمسخهم اللّه خنازير.
{إِنَّ فِي ذلك} الذي ذكرت لكم.
{لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {وَمُصَدِّقاً} عطفها على قوله: {ورسولاً}.
{لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ}: لما قبلي.
{مِنَ التوراة وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}: من اللحوم والشحوم. وقالوا أيضاً: يعني كل الذي حرّمَ عليهم من الأطبّاء، و{بعض} يكون بمعنى (كل) ويكون كقول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها *** أو يرتبط بعض النفوس حمامها
أي كل النفوس.
وقال آخر:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا *** حنانيك بعض الشر أهون من بعض
يريد بعض الشر أهون من كله.
وقرأ إبراهيم النخعي: {حرّم} مثل كرّم أي (صار حراماً).
{وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}: يعني ما ذكرنا من الآفات، وأما تعدّها لأنّها جنس واحد في الدلالة.
على رسالته.
{فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ}.
{إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فاعبدوه هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَلَمَّآ أَحَسَّ عيسى}: [...].
وقال أبو عبيد: عَرَفَ.
مقاتل: رأى نظر.
قرأه ضحّاك: هل تحس منهم من أحد. وقوله: {فلمّا أحسوا بأسنا}.
{مِنْهُمُ الكفر}: وأرادوا قتله استنصر عليهم وقال: {مَنْ أنصاري إِلَى الله}: قال السدي: كان بسبب ذكر أنّ عيسى عليه السلام لمّا بعثه الله إلى بني إسرائيل وأمره بالدعوة نفته بنو اسرائيل وأخرجوه، فخرج هو وأمّه يسيحون في الأرض، فنزل في قرية على رجل فضافهم وأحسن إليهم، وكان كبير المدينة جبّار معتد.
فجاء ذلك الرجل يوماً مُهتماً حزيناً، فدخل منزله، ومريم عند امرأته فقالت: ما شأن زوجك أراه كئيباً؟ قالت: لا تسأليني. قالت: أخبريني لعلّ اللّه يفرّج كربته. قالت: إنّ لنا ملكاً يجعل على كل رجل يوماً يطعمه هو وجنوده ويسقيهم من الخمر. فإن لم يفعل عاقبهُ، واليوم نوبتنا وليس لذلك عندنا سعة. قالت: فقولي له لا تهتم، فإنّي آمر إبني فيدعو له، فيكفى ذلك. فقالت مريم لعيسى في ذلك. فقال عيسى: إنْ فعلت ذلك كان في ذلك شر، قالت: لا تبال، فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا.
قال عيسى: فقولي له إذا اقترب ذلك فأملأ قدورك وخوابيك، ففعل ذلك. فدعا اللّه عيسى فحوّل القدر لحماً ومرقاً وخبزاً وما في الخوابي خمراً لم يرَ النّاس مثله قط. فلمّا جاء الملك أكل فلمّا شرب الخمر قال: من أين هذا الخمر؟ قال: من أرض كذا. قال الملك: فإنّ خمري أوتى بها من هذه الأرض وليست مثل هذه. قال: هي من أرض أُخرى، فاختلط على الملك فشدد عليه. قال: أنا أخبرك، عندي غلام لا يسأل اللّه شيئاً إلا أعطاهُ إيّاه. وإنّه دعا اللّه تعالى فجعل الماء خمراً وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيّام. وكان أحبّ الخلق إليه. فقال: إنّ رجلاً دعا اللّه حتى جعل الماء خمراً لُيستجابنّ له حتى يُحيي ابني، فدعا عيسى فكلّمهُ في ذلك. فقال عيسى: لا تفعل، فإنه إن عاش كان شراً، فقال الملك: لا أُبالي، أليس أراه، فلا أُبالي ما كان.
فقال عيسى: فإن أحييته تتركوني وأُمّي نذهب حيث نشاء. قال: نعم. فدعا اللّه فعاش الغلام. فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش بادروا بالسلاح وقالوا: أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا إبنه. فيأكلنا كما أكلنا أبوه فاقتتلوا.
وذهب عيسى وأمّه فمرّا بالحواريين وهم يصطادون السمك. فقال عيسى: ما تصنعون؟ قالوا: نصطاد السمك. قال: أفلا تمشون حتى نصطاد النّاس؟ قالوا: كيف ذلك. قال: من أنصاري إلى اللّه؟ قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى بن مريم عبد اللّه ورسوله. فآمنوا به وانطلقوا معه. فهم الحواريون وذلك قوله: {فَلَمَّآ أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ الكفر قَالَ مَنْ أنصاري إِلَى الله}.
قال السدي وابن جريج والكسائي: مع اللّه، تقول العرب: الذّود إلي الذّود إبل.
وقال النابغة:
فلا تتركوني بالوعيد كأنني *** إلى النّاس مطليَّ به القار أجرب
أي مع الناس.
وقال آخر:
ولوح ذراعين في بدن *** إلى جؤجؤ رهل المنكب
أي مع جؤجؤ.
نظيره قوله تعالى: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2]: أي مع أموالكم.
وقال الحسن وأبو عبيدة من أنصاري في السبيل إلى الله، تعني في: أي من أعواني في اللّه؟: أي في ذات اللّه وسبيله.
وقال طرفة:
وإن ملتقى الحيّ الجميع تلاقني *** إلى ذروة البيت الكريم المضمّد
أي في ذروة.
وقال أبو ذؤيب:
بأري التي تأري اليعاسيب أصبحت *** إلى شاهق دون السماء ذؤابها درجها
{قَالَ الحواريون}: اختلفوا فيهم:
فقال السدّي: كانوا ملاّحين يصطادون السمك.
وكذلك روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانوا صيّادين سُمّوا حواريين لبياض ثيابهم.
وقال أبو أرطأة: كانوا قصّارين سمّوا بذلك لأنّهم كانوا يحورّون الثياب أي يُبيّضونها.
وقال عطاء: سلّمت مريم عيسى إلى أعمال سري، وكان آخر ما دفعته إلى الحواريين وكانوا قوماً قصارين وصبّاغين، فدفعته إلى رئيسهم ليتعلم منه. فاجتمع عنده ثياب، وعرض له سفر. فقال لعيسى: إنّك قد تعلّمت هذه الحرفة، وأنا خارج في سفر إلى عشرة أيّام، وهذه ثياب مختلفة الألوان، وقد اعلمت على كل صنف منها بخيط على اللون الذي يصبغ به فيجب أن تكون فارغاً منها وقت قدومي. فخرج وطبخ عيسى عليه السلام جُبّاً واحداً على لون واحد أدخله جميع الثياب. وقال لها: كوني بإذن اللّه على ما أُريد منك. فقدم الحواري والثياب كلها في جُبّ واحد فقال: ما فعلت؟ قال: قد فرغت منها. قال: أين هي؟ قال: في الجب. قال: كلّها؟ قال: نعم.
قال: كيف تكون كلها أحمر في جُبّ واحد؟ فقد أفسدت تلك الثياب. قال: قم فانظر. فأخرج عيسى ثوباً أحمر وثوباً أصفر وثوباً أخضر إلى أن أخرجها على الألوان التي أرادها. فجعل الحواري يتعجب ويعلم أنّ ذلك من اللّه، وقال للنّاس: تعالوا وانظروا إلى ما صنع. فآمن به وأصحابه فهم الحواريون.
وروى يوسف الفريابي عن مصعب قال: الحواريون إثنا عشر رجلاً اتّبعوا عيسى بن مريم، وكانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح اللّه جعنا، فيضرب بيده الأرض سهلاً كان أو جبلاً فيُخرج لكل إنسان منهم رغيفين فيأكلوهما، وإذا عطشوا قالوا: ياروح اللّه قد عطشنا، فيضرب بيده إلى الأرض فيخرجون منه ماء فيشربون. قالوا: يا روح اللّه من أفضل منّا إذا شئنا أطعمنا وإذا شئنا سقينا وآمنّا بك فاتّبعناك؟
قال: أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه. قال: فصاروا يغسلون الثياب بالكراء.
وقال الضحّاك: سُمّوا حواريين لصفاء قلوبهم.
وقال عبد اللّه بن المبارك: سُمّوا حواريين لأنّهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة ونورها وحُسنها. قال اللّه تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السجود} [الفتح: 29].
وأصل الحور عند العرب شدة البياض. يقال: رجلٌ أحور وامرأة حوراء، شديد بياض نفلة العينين. ويقال للدقيق الأبيض: الحواري، وكل شيء بيضّته فقد حوّرته. ويقال للبيضاء من النساء حواريّة.
قال ابن حلّزة:
فقل للحواريات يُبكين غيرنا *** ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح
وقال الفرزدق:
فقلت أنّ الحواريات تغطية *** إذا زيّن من تحت الجلابيب
وقال ابن عون: صنع ملك من الملوك طعاماً. فدعا النّاس إليه، وكان عيسى على قصعة، فكانت القصعة لا تنقص. فقال له الملك: من أنت؟ قال: أنا عيسى بن مريم. قال: إنّي آتك ملكي هذا واتبعك، فانطلق واتبعه ومن معه فهم الحواريون.
وقال الكلبي وأبو روق: الحواريون أصفياء عيسى وكانوا إثنا عشر رجلاً.
الحسن: الحواريون الأنصار والحواري الناصر.
النضر بن شميل: الحواريون: خاصة الرجل. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الحواري: الوزير.
وعن روح بن القاسم قال: سألت قتادة عن الحواريين فقال: هم الذين تصلح لهم الخلافة.
والحواري في كلام العرب الضامن خاصة الرجل الذي يستعين به فيما ينوبه. يدل عليه ما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «لكلّ نبيّ حواري وحواريي الزبير بن العوّام».
وروى أبو سفيان بن معمر قال: قال قتادة: إنّ الحوارييّن كلهم من قريش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والعباس وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عروة وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد اللّه والزبير بن العوام. قال: الحواريون وأسماؤهم في سورة المائدة.
{نَحْنُ أَنْصَارُ الله}: أعوان دين اللّه ورسوله.
{آمَنَّا بالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} {رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ}: من كتابك.
{واتبعنا الرسول} عيسى.
{فاكتبنا مَعَ الشاهدين} الذين شهدوا لأنبيائك بالصّدق.
قال عطاء: مع النبّي لأنّ كل نبّي شاهد أُمّته [....] مع محمّد وأُمّته.
{وَمَكَرُواْ}: يعني كبار بني إسرائيل الذين أحسّ عيسى منهم الكفر ودبّروا في قتل عيسى. والمكر ألطف التدبير. وذلك أنّ عيسى بعد إخراج قومه إيّاه وأُمّه من بين أظهرهم عاد إليهم مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة فهمّوا بقتله وتواطأوا على القتل. فذلك مكرهم به.
وقال أهل المعاني: المكر السعي في الفساد في ستر ومداجاة، وأصله من قول العرب: مكر الليل.
{وَمَكَرَ الله}: قال الفرّاء: المكر من المخلوقين الخبث والخديعة والحيلة، وهو من اللّه استدراجه العباد. قال اللّه تعالى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] قال ابن عباس: معناه كلّما أحدثوا خطيئة جدّدنا لهم نعمة.
قال الزجاج: مكر اللّه مجازاتهم على مكرهم فسمّى باسم الابتداء كقوله: {الله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، وقوله: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142].
وقال عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
قال الثعلبي: سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن عبدالله البغدادي يقول: سأل رجل جُنيداً كيف رضي المكر لنفسه، وقد عاب به غيره؟ فقال: لا أدري ما يقول ولكن لسيد بني [......] الطبرانية:
فديتك قد جعلت على هواكا *** فنفسي لا تنازعني سواكا
أحبُك لا ببعضي بل بكلي *** وإن لم يُبق حبك لي حراكا
ويقبح من سواك الفعل عندي *** وتفعله فيحسن منك ذاكا
فقال الرجل: أسألك عن آية من كتاب اللّه وتجيبني بشعر الطبرانية فقال: ويحك قد أجبتك إن كنت تعقل.
إن تخليته إيّاهم مع المكر به. مكر منه بهم، ومكر اللّه تعالى خاص بهم في هذه الآية إلقاء الشبه على صاحبهم الذي أراد قتل عيسى حتى قتل وصلب ورفع عيسى إلى السماء.
قال ابن عباس: إنّ ملك بني إسرائيل أراد قتل عيسى، وقصده أعوانه. فدخل خوخة فيها كوّة، فرفعه جبرئيل من الكوّة إلى السماء. فقال الملك: لرجل منهم خبيث أُدخل عليه فاقتله فدخل الخوخة فألقى اللّه عليه شبه عيسى فخرج إلى النّاس فخبرّهم أنّه ليس في البيت فقتلوه وصلبوه وظنّوا أنّه عيسى.
وقال وهب: طرقوا عيسى في بعض الليل فأسروه ونصبوا خشبة ليصلبوه؛ فلمّا أرادوا صلبه أظلمت الأرض وأرسل اللّه الملائكة فحالوا بينهم وبينه وصلبوا مكانه رجلاً يقال له يهودا وهو الذي دلّهم عليه. وذلك أنّ عيسى جمع الحواريين تلك الليلة وأوصاهم، ثم قال: ليكفرنّ أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيرة. فخرجوا وتفرّقوا، وكانت اليهود تطلبه. فأتى أحد الحواريين إلى الجنود فقال لهم: ماتجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له مائتين درهماً فأخذها ودلّهم عليه فألقى اللّه عليه شبه عيسى لمّا دخل البيت. فرُفع عيسى، وأُخذ الذي دلّهم عليه فقال: أنا الذي دللتكم عليه، فلم يلتفتوا إلى قوله وقتلوه وصلبوه، وهم يظنّون أنّه عيسى. فلمّا صُلب شبه عيسى جاءت أُم عيسى وامرأة كان عيسى دعا لها فأبرأ لها إبنة من الجنون تبكيان عند المصلوب فجاءهما عيسى فقال لهما: علام تبكيان؟ فقالتا: عليك. فقال: إنّ اللّه قد رفعني ولم يصبني إلاّ خير وأنّ هذا الصبّي شُبّه لهم. فلما كان بعد سبعة أيّام. قال اللّه عز وجّل لعيسى: اهبط على مريم في المحراب موضع لأمّه في خبائها فإنّها لم يبك عليك أحد بكاها، ولم يحزن عليك أحد حزنها.
ثم لتجمع لك الحواريين حيث هم في الأرض. دعاه اللّه تعالى فأهبط اللّه عليها فاشتعل الجبل حين هبط نوراً فجمعت له الحواريين حيث هم في الأرض دعاه اللّه تعالى ثم رفعه إليه. وتلك الليلة هي الليلة التي يدخن فيها النّصارى، فلمّا أصبح الحواريون حدّث كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم فذلك قوله: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله والله خَيْرُ الماكرين}.
{والله خَيْرُ الماكرين} أي أفضل المعاقبين. قال أهل التواريخ: حملت مريم بعيسى ولها ثلاثة عشر سنة ودارت بعيسى بيت اللحم من أرض أورشليم لمضي خمسة وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل. ولإحدى وخمسين سنة مضت من ملك الكلدانيين وأوحى اللّه عز وجّل لأُمّه على رأس ثلاثين سنة، ورفعه إليه من بيت المقدس ليلة القدر من شهر رمضان وهو ابن ثلاثين سنة وكانت نبوّته ثلاث سنين، وعاشت أُمّه مريم بعد رفعه ستّ سنين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال