سورة الروم / الآية رقم 15 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ المُجْرِمُونَ وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ

الرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالروم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}.
التفسير:
قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
هو تعقيب على ما دعت إليه الآيات السابقة، من التفكر في النفس، أي في الذات الإنسانية، وما أودع الخالق العظيم في الإنسان من قوى وملكات ثم النظر في خلق السموات والأرض.. ثم السير في الأرض، والوقوف على أطلال الأمم الغابرة ليروا ما حلّ بالظالمين من بأس اللّه وعذابه.
فهذا التفكر والنظر والتدبر، في داخل النفس وخارجها، من شأنه أن يفتح للإنسان طريقا إلى الحق، وأن يدلّه على اللّه سبحانه وتعالى، وما له جلّ شأنه من قدرة لا يعجزها شىء... فكان قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} هو الحكم الذي يقضى به النظر في هذا الوجود، والذي إن لم يستدل إليه الإنسان بنظره، ثم جاءه من يحدثه به، كان جديرا بأن يقبله، إذ كان على امتداد النظر، وفي مواجهة الفكر.
فإن أنكر الإنسان معطيات حواسه، ومدركات عقله، ثم كذّب ما يحدّثه به أهل الصدق والعلم، فلن يهتدى إلى حق أبدا، ولن يحصل على خير أبدا، ولن يصير إلا إلى أسوأ مصير.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ}.
هو تهديد وإزعاج لهؤلاء المشركين، الذين أنكروا البعث، ولم يتلقوا قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} لم يتلقوه بالقبول، والإيمان... إنهم مجرمون.. والمجرمون وإن رضوا بالحياة الدنيا، واطمأنوا بها، فإنهم سيلقون يوم القيامة هوانا وبلاء، حيث يشتمل عليهم الهول، مما يرون من عذاب اللّه، فيبلسون، أي يحمدون في أماكنهم، وتجمد حواستهم، مما يطلع عليهم من أهوال ومفزعات.
قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ}.
أي لم يكن لهؤلاء المجرمين من شافع يشفع لهم، ويجيرهم من عذاب اللّه، وأن معبوداتهم التي كانوا يعبدونها من دون اللّه، قد ضلّت عنهم، وقد كانوا من قبل على يقين بأنهم سيشفعون لهم عند اللّه، كما يقول اللّه تعالى عنهم:
{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ} [18: يونس]- وقوله تعالى: {وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ}.
أي وكان هؤلاء المشركون، من أهل الكفر والضلال، بسبب شركائهم هؤلاء الذين عبدوهم من دون اللّه... فهم بعبادة هذه المعبودات لبسوا ثوب الكفر، وكانوا من الكافرين... وللكافرين عذاب مهين.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ}.
أي أنه إذا كان بين هؤلاء المشركين وبين معبوداتهم ولاء، هو ولاء التابع للمتبوع- ثم كان بين بعضهم وبعض، اجتماع وائتلاف، على عبادة هذه المعبودات، والدفاع عنها، ودفع كل يد أو لسان يمتد إليها بسوء- فإنه في يوم القيامة، ستتقطع بينهم جميعا الأسباب، فلا يلتفت المعبودون إلى عابديهم، ولا ينظر عابد في وجه عابد أو معبود.. {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
{وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}.
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}.
الحبر، والحبور: السّرور والغبطة، والرضوان.. والروضة: الجنة.
أي أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، لا يحزنهم هذا اليوم، ولا يضرّهم التفرّق، إذ كان مع كل مؤمن عمله، الذي يؤنسه، ويذهب وحشته، ويملأ قلبه طمأنينة وأمنا، بما يرى من بشريات الإيمان والأعمال الصالحة، التي بين يديه.
إن المؤمنين الذين عملوا الصالحات سينزلون في هذا اليوم أكرم منزل.
إنهم في روضات الجنات، ينعمون بما أعد اللّه لهم فيها من موائد فضله وإحسانه.
قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ}.
هؤلاء هم الفريق الآخر، الشقىّ التعس يوم القيامة... إنهم هم الذين كفروا وكذّبوا بآيات اللّه، وأنكروا البعث والحساب والجزاء، فلم يقدّموا ليومهم هذا شيئا.. فليس لهم في الآخرة إلا النار.
وفي قوله تعالى: {فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ}.
إشارة إلى أنهم يساقون إلى العذاب سوقا، ويدفعون إلى البلاء دفعا.. إنهم يودّون أن يفرّوا من هذا البلاء الذي بين أيديهم، ولكن هناك من يمسك بهم على هذا البلاء، ويدفعهم إليه، في قوة قاهرة مدلة، لا يملكون لها دفعا.
قوله تعالى: {فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}.
هو خبر، يراد به الأمر.. أي سبّحوا اللّه، وعظّموه، وأقيموا وجوهكم إليه بالدعاء والعبادة.
والخطاب دعوة للناس جميعا.. مؤمنين، وكافرين.
أما المؤمنون، فقد رأوا الجنة ونعيمها- وأما الكافرون، فقد عاينوا النار ولظاها.. فالمؤمنون يسبّحون اللّه، ليبقى عليهم ما أراهم من رحمته.
والكافرون يسبّحون اللّه، ليدفع عنهم ما أراهم من عذابه.
وقوله تعالى: {حِينَ تُمْسُونَ} أي تدخلون في المساء {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} أي تدخلون في الصباح.
وقوله تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} اعتراض بين مطلوب الدعوة بالتسبيح للّه سبحانه، من الناس، وذلك ليرى الناس أنهم ليسوا وحدهم الذين يسبّحون اللّه، فالسموات والأرض ومن فيهن تسبّح بحمد اللّه، كما يقول سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.
وقوله تعالى: {وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} معطوف على قوله تعالى: {فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} لأنه بمعنى: سبّحوا اللّه مساء وصبحا، وعشيّا، وحين تظهرون.
وفي هذه الآيات إشارة إلى الصلوات الخمس المفروضة، وأوقاتها.
ففى المساء.. صلاة المغرب والعشاء. وفي الإصباح.. صلاة الصبح، وفي العشى، صلاة العصر.. وفي الظهيرة.. صلاة الظهر.
قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ}.
فى هذه الآية استعراض عام، كاشف، لبعض قدرة اللّه، الذي يدعى العباد إلى تسبيحه، وعبادته... فالذى يسبّح اللّه مجرد تسبيح، ويعبده عبادة منقطعة عن التعرف على ما للّه سبحانه من جلال وعظمة، لا يحدث له هذا التسبيح، ولا تلك العبادة، حالا من اللقاء بربّه، لقاء تشرق به الروح، ويأنس به القلب، وتصفو به النفس، الأمر الذي من شأن العبادات أن تترك آثاره في العابدين.
وفي قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} دعوة إلى القراءة الواعية في صحف الطبيعة، وما فيها من آيات الخلاق العظيم.. ففى كل نظرة يلقيها الإنسان على أي موقع من مواقع الحياة، يرى حياة تخرج من موات، ومواتا يخرج من حياة.. الشيء وضدّه، يتبادلان موقفهما.. فالميت يأخذ مكان الحىّ، والحىّ يحل مكان الميت، حتى لكأنهما كائن واحد لا فرق بينهما، في حالى الحياة والموت.
وهذا من عجيب قدرة اللّه، وبسط سلطانه على المخلوقات.
وفي قوله تعالى: {وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ} إشارة إلى أن خروج الموتى من القبور، لا يخرج عن أن يكون صورة من تلك الصور، التي تخرج فيها الحياة من عالم الموات... وأقرب مثل لهذا، الأرض الجرداء الجديب، ينزل عليها الماء، فتهتزّ وتربو وتنبت من كل زوج بهيج.
فهل تعجز قدرة اللّه أن تنفخ في هذا التراب الهامد، الذي احتوى أجساد الآدميين، فإذا هم بشر ينتشرون؟ واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً} [17- 18: نوح].
فلم ينكر المنكرون البعث؟ ولم يجادلون فيه؟ إنه ليس عن إنكار لقدرة اللّه، فما ينكر عاقل على هذه القدرة أي شىء.. ولكنه هروب من المسئولية، وفرار من مواجهة الحساب يوم القيامة، وإخلاء النفس من مشاعر الإيمان بالحياة الآخرة، لتنطلق كما تشاء، لاهية عابثة، تنفق كل شيء في سبيل حظوظها الدنيوية، لا تستبقى للآخرة شيئا!.. وهكذا يغرر المرء بنفسه، ويخدع عقله، ويستجيب لداعى هواه، فلا يرى من حقائق الأمور إلا ما يتفق وهواه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال