سورة آل عمران / الآية رقم 52 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {من أنصاري إلى الله}: الجار يتعلق بحال محذوفة، أي: ذاهباً إلى الله إلى نَصْر دينه، أو مُضيفاً نفسه إلى الله، أو ملتجئاً إلى الله، أو يتعلق ب {أنصاري}؛ مضمِّناً معنى الإضافة، أي: من يضيف نفسه إلى الله في نصره. وحواري الرجل: خاصته، الذي يستعين بهم في نوائبه، وفي الحديث عنه- عليه الصلاة والسلام-: «لكلِّ نبي حَوَاري، وحَوارِيي، الزُّبَيْر» وحواريوا عيسى: أصحابه الذين نصروه، وسموا بذلك لخلوص نيتهم ونقاء سريرتهم. والحَوَرُ: البياض الخالص، وكل شيء بيَّضته فقد حوَّرْته، ويقال للبيضاء من النساء: حوارية. وقيل: كان الحواريون قًصَّارين، يُحَوِّرُون الثياب، أي: يبيضونها، وقيل: كانوا ملوكاً يلبسون البياض.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {فلما أحسن عيسى} من بني إسرائيل {الكفر}، وتحققه تَحَقُّقَ ما يدرك بالحواس، بعدما بُعث إليهم، وأرادوا قتله، فرَّ منهم واستنصر عليهم، و{قال من أنصاري} ملجئاً {إلى الله}، أو ذاهباً إلى نصر دينه، {قال الحواريون نحن أنصار الله} أي: أنصار دينه، {آمنا بالله وأشهد} علينا بأننا {مسلمون}؛ لتشهد لنا يوم القيامة، حين يشهد الرسل لقومهم، {ربنا آمنا بما أنزلت} على نبيك من الأحكام، {واتبعنا الرسول} عيسى عليه السلام، {فاكتبنا مع الشاهدين} بوحدانيتك، أو مع الذين يشهدون لأنبيائك بالصدق، أو مع الأنبياء الذين يشهدون لأتباعهم، أو مع أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- فإنهم شهداء على الناس.
قال عطاء: سَلَمَتْ مريمُ عيسى إلى أعمال شتى، وآخر ما دفعته إلى الحواريين، وكانوا قصَّارين وصباغين، فأراد مُعلّم عيسى السفر، فقال لعيسى: عندي ثياب كثيرة مختلفة الألوان، وقد علمتك الحرفة فاصبغها، فطبخ جُبّاً، واحداً، وأدخل فيه جميع الثياب، وقال لها: كوني على ما أريد، فقدم الحواريُ، والثياب كلها في الجب، فلما رآها قال: قد أفسدتها، فأخرج عيسى ثوباً أصفر، وأحمر، وأخضر، إلى غير ذلك، فعجب الحواري، وعلم أنَّ ذلك من الله تعالى، ودعا الناس إليه، وآمنوا به، ونصروه، فهم الحواريون.
ولما أخرجه بنو إسرائيل عاد إليهم مع الحواريين، وصاح فيهم بالدعوة، فهمُّوا بقتله، وتواطؤوا عليه، {ومكروا} أي: دبروا الحيل في قتله، {ومكر الله} بهم، أي: استدرجهم حتى قتلوا صاحبهم، ورُفع عيسى عليه السلام، فالمكر في الأصل: هو حيلة يجلب بها غيره إلى مضرة. ولا تُسند إلى الله إلى على حسب المقابلة والازدواج: كقوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النِّساء: 142]، وقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، {والله خير الماكرين}. أي: أشدهم مكراً، وأقواهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب، أو أفضل المجازين بالعقوبة؛ لأنه لا أحد أقدر على ذلك منه.
تنبيه: قيل للجنيد رضي الله عنه: كيف رَضِيَ المكرَ لنفسه، وقد عابه على غيره؟ قال: لا أدري، ولكن أنشدني فلان للطبرانية:
فديتُك قد جُبِلْتُ على هواكَ *** ونفْسِي ما تَحِنُّ إلى سِوَاكَ
أُحِبّك لا بِبَعْضِي بل بكُلِّي *** وإن يُبْقِ حُبُّكَ لي حِرَاكَا
وَيَقْبُحُ مِنْ سِوَاكَ الْفِعْلُ عِنْدي *** وتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذَاكَ
فقال له السائل: أسألُك عن القرآن، وتجيبني بشعر الطبرانية؟ قال: ويحك، قد أجبتك إن كنت تعقل. إنَّ تخليته إياهم مع المكرية، مكرٌ منه بهم. اهـ.
قلت: وجه الشاهد في قوله: (وتفعله فيحسن منك ذاك)، ومضمن جوابه: أن فعل الله كله حسن في غاية الإتقان، لا عيب فيه ولا نقصان، كما قال صاحب العينية:
وَكلُّ قبِيح إنْ نَسَبْتَ لِحُسْنِهِ *** أَتَتْكَ مَعَانِي الْحُسْنِ فِيهِ تُسَارعُ
يُكَمِّلُ نُقصَانَ الْقَبِيحِ جَمَالُهُ *** فَما ثَمَّ نُقْصَانٌ وَلاَ ثَمَّ بَاشِعُ
وتخليته تعالى إياهم مع المكر، تسبب عنه الرفع إلى السماء، وإبقاء عيسى حيّاً إلى آخر الزمان، حتى ينزل خليفة عن نبينا- عليه الصلاة والسلام-، فكان ذلك في غاية الكمال والإتقان، لكن لا يفطن لهذا إلا أهل العرفان.
الإشارة: يجب على المريد الصادق الذي يطلب دواء قلبه، أن يفر من الوطن الذي يظهر فيه الإنكار، إلى الوطن الذي يكثر فيه الإقرار، يفر إلى من يعينه على نصر الدين من الأبرار المقربين، الذين يجعلهم الله حواري الدين، ففي الحديث الصحيح: «خَيْرُ مالِ المُسْلِم غَنَمٌ يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجِبَالِ يَفِرُّ مِنَ الْفِتَنِ» فالمؤمن يفر بدينه من شاهق جبل إلى شاهق جبل حتى يدركه الموت، وما زالت الأكابر تفر بنفسها إلى شواهق الجبال، يهربون من حس الدنيا وشغبها، ولا يرافقون إلا من يستعين بهم على ذكر الله، وهم أهل التجريد، الذي اصطفاهم الله لخالص التوحيد، فروا إلى الله فآواهم الله، قالوا: {آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون} منقادون لما تريد منا، {ربنا آمنا بما أنزلت} من الأحكام الجلالية والجمالية، قد عرفناك في جميع الحالات، {فاكتبنا مع الشاهدين} لحضرتك، المنعمين بشهود ذاتك، ومن مكر بنا من القواطع الخفية فَغَيَّبنا عنه بشهود أنوارك القدسية، وانصرنا فإنك خير الناصرين، ولا تدعنا مع مكر الماكرين يا رب العالمين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال