سورة آل عمران / الآية رقم 59 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّنَ المُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)}.
التفسير:
كثر الخلاف في المسيح عليه السلام، لأن ميلاده كان على صورة فريدة، لم يولد بها أحد من قبله.. وكان الناس في هذا الميلاد شيعا وفرقا، كل شيعه تقول فيه قولا، وكل فرقة تذهب فيه مذهبا!
أما اليهود، فقد ارتضوا الجريمة مركبا، فقتلوا أنفسهم، وقتلوا الحق معهم.. وقالوا في المسيح إنه ولد كما يولد الناس، من ذكر وأنثى.. وإن كان ميلاده على فراش الإثم والفاحشة.. لأنه ابن زنا! وأما أتباع المسيح، فقد قصرت مداركهم عن إدراك قدرة اللّه، فلم تحتمل عقولهم تلك الحقيقة، وهى أن اللّه قادر على كل شىء، يخلق ما يشاء، مما يشاء، وكيف يشاء! فقالوا: إن المسيح هو اللّه تجسد بشرا في جسد عذراء.. وإذن فهو ميلاد صورىّ، لأنه لم يولد إلا اللّه نفسه، الذي كان موجودا بكماله الإلهى قبل هذا الميلاد! وإذن فلا مسيح، وإنما هو اللّه تسمّى باسم بشرى، كما لبس صورة بشرية.. وإذن فهى عملية أشبه بعملية الحلول التي آمن بها كثير من قدماء المصريين، والبراهمة، وغيرهم من الأمم.. فكما كان يحلّ اللّه في ثور، أو تمساح، أو شجرة، أو رجل.. حلّ في جسد طفل، وخرج وليدا من بطن امرأة.
وأما المسلمون، فقد جاءهم القرآن بالخبر اليقين عن المسيح.. إنه خلق من خلق اللّه، وإنه إنسان من الناس، ولد بنفخة من روح اللّه، كما ولد هذا الوجود كله بفيض من فيض اللّه! وأقرب مثل لهذا. آدم- عليه السّلام- إنه خلق من غير أب أو أم.
خلق من تراب هامد، لا أثر للحياة فيه.. وعيسى- عليه السّلام- خلق مولودا من كائن حىّ، هى أمّه، فأيهما أشدّ غرابة في الخلق؟ الذي خلق من تراب هامد، أم الذي تخلّق من جسد حىّ؟
وفى قوله تعالى: {ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ما يسأل عنه.. وهو:
كيف يقول اللّه للشىء كن، ثم لا يكون واقعا في الحال، كما يدل على ذلك قوله تعالى: {فَيَكُونُ} التي تدل على المستقبل المتراخى، ولو كان ما أمر اللّه به واقعا في الحال، لكانت صياغة الآية على غير هذا، ولكانت تلك الصياغة مثلا: {ثم قال له كن فكان}.
فكيف يكون هذا؟ وهل أمام قدرة القادر العظيم حواجز وحوائل، تحول بين القدرة وبين إمضاء ما قدرت، على الفور، وفى الحال؟
والجواب على هذا.. هو أنّ قول اللّه للشىء {كن} لا يقتضى وقوع هذا الشيء في الحال، إذ قد يكون الأمر موقوتا بوقت، أو متعلقا بأسباب، لا بد أن يقترن حدوثه بها، وهذه الأسباب لا متعلّق لها بقدرة اللّه، وإنما متعلّقها بالشيء ذاته، الذي دعته القدرة إلى الظهور، والذي قضت حكمة اللّه ألا يظهر إلا بعد أن يستكمل أسبابه المقترنة به.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [82: يس].
فمثلا مما سبق علم اللّه به، واقتضته إرادته إيجاد، شيء ما، وليكن هذا الإنسان أو ذاك.
إن أمر اللّه قد صدر من قديم لهذا الإنسان أن يكون، على صورة كذا، وهيئة كذا، وأن تحمل به أمه في يوم كذا، وأن يولد في يوم كذا.
وهكذا.
بل وأكثر من هذا.. فإنه قبل ذلك بآلاف السنين، بل وآلاف الآلاف منها.. تنقّل هذا الإنسان في أصلاب الآباء وترائب الأمهات إلى أن التقى أبوه بأمه، في الزمن المحدد واليوم الموعود!.. وهكذا الشأن في كل موجود.. إنه تنقل في موجودات سبقته، وتقلّب في أحوال وأطوار حتى صار إلى ما صار إليه.
وفى خلق آدم، وفى قول اللّه سبحانه وتعالى فيه: {خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
ما يكشف عن وجه واضح من وجوه الإعجاز القرآنى، وذلك الإعجاز الذي يطالع الناس في كل آية من آياته، الراصدة لأحداث الحياة، وتطور العقل البشرى، المتحدية للإنسانية في كل جيل من أجيالها، وفى كل وجه من وجوهها.
وانظر في وجه هذه المعجزة، على ضوء ما كشف العلم الحديث، من علم الأحياء، ونظرية النشوء والارتقاء- فإنك ترى عجبا من العجب. في نظم القرآن الكريم، وما يحمل هذا النظم من أسرار وغيوب.
إن آدم- ونعنى به الإنسان- لم يخلق من تراب خلقا مباشرا، بمعنى أن اللّه سبحانه قبض قبضة من تراب، فقال لها كونى آدم- أي إنسانا- فكانت.. ولو شاء اللّه سبحانه هذا لكان كما شاء وأراد.. ولكنه- سبحانه- خلق آدم خلقا متطورا، كما يخلق الشجرة العظيمة- مثلا- من بذرة، وكما يخلق الرجل المكتمل من نطفة! لقد تنقّل آدم- ونقول الإنسان- في أطوار كثيرة لا حصر لها، كما يقول سبحانه: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً} [14: نوح] وكما يقول سبحانه في هذه السورة: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} [17: نوح].
فآدم الذي هو أول إنسان ظهر على هذه الأرض- قد كان ترابا.
ثم تخلّق من هذا التراب أول جرثومة للحياة، هى أدنى مراتب النبات، في عالم الطحالب.. ثم تدرجت الأحياء في هذا العالم النباتي إلى مداها، فكان منها النخل الذي هو قمة هذا العالم النباتي، ثم بدأت جرثومة العالم الحيواني في الإميبيا والمحّار، والإسفنج.. وذلك في أدنى مراتب هذا العالم الذي نما صعدا حتى بلغ مداه في فضائل القردة، التي بدأت تطل من وجهها صورة باهتة للإنسان آدم ثم أخذت هذه الصورة تتضح قليلا قليلا، وتنضج في بوتقة الزمن على مهل.. حتى كان اليوم الذي أطل منه وجه آدم، ممثلا في إنسان الغاب. وكان هذا الآدم هو باكورة ثمار هذه الشجرة التي امتدت جذورها في أعماق الأرض! واقرأ الآية الكريمة مرة أخرى: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ.. ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ.. فَيَكُونُ}.
وقس أبعاد الزمن في ذبذبات تلك الكلمة المعجزة.. {فيكون}.
فإنه لو انكشف لك من العلم هذا المقياس الذي تقاس به ذبذبات الكلمات- لاهتديت إلى ذلك الزمن الذي تم فيه خلق آدم، وتنقله من طور إلى طور.
من التراب.. إلى النبات.. إلى الحيوان.. إلى الإنسان، ولوضعت يدك على العدد الصحيح من ملايين السنين التي قطعها آدم في رحلته الطويلة عبر الزمن، حتى كان هذا الآدم!! إن آدم ليس غريبا عن هذا العالم الأرضىّ الذي يعيش فيه، والذي استولى عليه بسلطان العقل.. فهو ثمرة من ثمراته.. إنه من تراب هذه الأرض.
واقرأ مع هذا قول اللّه تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ} [4: البلد] قوله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ.. يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [45: النور] وقف عند قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ.. وَمِنْهُمْ.. وَمِنْهُمْ} إنهم هم آدم، وأبناء آدم، ينتقلون في أصلاب هذه الكائنات وأرحامها، في ملايين السنين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال