سورة الأحزاب / الآية رقم 29 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِياً عَزِيزاً وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)}.
التفسير:
(المرأة والرجل.. في بيت النبوة) يكثر المفسرون في إيراد أسباب النزول لهذه الآيات.. ومن هذه الأسباب أن أزواج النبي- صلوات اللّه وسلامه عليه، قد وجدن في المعيشة التي كن يعشنها مع النبي، ضيقا في العيشة، لاقين فيه كثيرا من الضيق، ووددن لو أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، أخرجهن من هذا العيش الخشن إلى حياة يجدن فيها بعض ما يجد غيرهن من النساء، من لين، ورقه.. وتمضى الرواية، فتقول إن نساء النبي جئن إليه مجتمعات بهذا الطلب، وأنه صلى اللّه عليه وسلم وجد شيئا من الضيق بهن، فنزل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ.. الآية}.
وهذا الخبر وما يدور في مداره، هو في نظرنا غير معقول على صورته تلك، وإن كان قد ورد في كتب السنة الصحاح، مثل صحيح مسلم.
وذلك لأمور:
أولا: أن نساء النبىّ كنّ في هذا المستوي الرفيع، من شفافية الروح، وصفاء النفس، يملأ قلوبهن الإيمان باللّه.. وكيف لا يكون هذا شأنهن، وهن يرين وحي السماء ينزل في بيوتهن، ورسول للّه يملأ بأنفاسه الطاهرة الطيبة حجراتهن؟ وأين إذن ما يكون للرسول الكريم من نفحات وبركات إذا لم تنل أقرب الناس إليه، وأكثرهن مخالطة له، وحياة معه؟
ثانيا: كان رسول اللّه- صلوات اللّه وسلامه عليه- الأسوة الحسنة، لنسائه وللمؤمنين جميعا، في تلك الحياة المتواضعة التي كان يحياها في مطعمه، وملبسه، ومنامه.. فقد كان- صلوات اللّه وسلامه عليه- ينام على حشية من ليف، ربّما ثناها في الليلة الباردة ليتغطى ببعضها، كما كان له وسادة من ليف أيضا.. وكانت تمرّ به الليالى ذوات العدد، لا يوقد في بيته نار، كما تحدث بذلك السيدة عائشة.. ومعنى هذا أن لا خبز يخبز، ولا لحم ينضج.. وكان- صلوات اللّه وسلامه عليه- يخيط ثوبه، ويخصف نعله، فكيف- مع هذا- تجد واحدة من نسائه لسانا تحدّث به الرسول هذا الحديث عن العيش اللّين، والحياة الرافهة؟ ثم كيف يتحول هذا الحديث إلى أن يكون بهذا الصوت الجماعى الجهير؟
ثالثا: في حياة أزواج النبىّ مواقف تشهد لهن بهذه العظمة الإنسانية، التي كانت من بعض نفحات الرسول، وبركاته عليهن.. فكنّ بهذا جديرات بأن يكنّ زوجات لواحد الإنسانية وعظيمها، وكن على ما أشار إليهن سبحانه وتعالى بقوله: {وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ}.
فهذه أم حبيبة- رضى اللّه عنها- إحدى أزواج النبىّ، وبنت أبى سفيان- ينزل عليها أبوها قبل أن يدخل في الإسلام، وقد جاء إلى المدينة، ممثلا لقريش، ليلقى النبىّ في شئون بين المسلمين، وبين مشركى قريش.
نقول: نزل أبو سفيان عند ابنته أم حبيبة- رضى اللّه عنها- فلما أراد أن يجلس على حشية كانت هناك، ردّته أم حبيبة بغير شعور، وبلا رفق.. وعجب أبوها لهذا أشدّ العجب، واستحال كيانه كلّه علامة إنكار تطلب تفسيرا لهذا الأمر الغريب.. وتلقاه أمّ حبيبة بما يكاد يذهب بعقله: أنت مشرك نجس فلا تمس فراش رسول اللّه!! ولم يصدّق أبو سفيان ما سمعت أذنه، كما لم يصدق ما رأت عينه، وخيّل إليه أنه في حلم مزعج.. ولكن الواقع كان أقوى من أن تعيش في ظله الأحلام طويلا، فصحا الرجل صحوة مذعورة، وانطلق مسرعا ليهرب من هذا الموقف الذي كاد يختنق فيه.
وأم حبيبة هذه على شظف العيش الذي كانت تنعم في ظله بهناءة الروح، وروح النفس لم تر أن تنعم وحدها بهذه النعمة العظيمة التي تجدها في رحاب رسول اللّه، وألا يكون لأختها رملة بنت أبى سفيان حظ من هذا الخير الوفير، فتعرض على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أن يتزوج أختها، فتقول: يا رسول اللّه.. هل لك في أختى بنت أبى سفيان؟ فيقول الرسول الكريم: «أفعل ماذا؟» فتقول: تتزوجها! فيقول- صلوات اللّه وسلامه عليه: «أو تحبين؟» فتقول: لست بمخلية وأحبّ من يشاركنى في الخير أختى! فيجيبها الرسول الكريم: «فإنها لا تحلّ لى» والمثل في أم المؤمنين حبيبة بنت أبى سفيان يغنينا عن كثير من الأمثلة التي نجدها في سيرة أزواج النبي- رضى اللّه عنهن- وما بلغ بهن زهدهن في متاع الحياة الدنيا، وترفعهن عن زخارفها وزينتها، من مكانة لم تكن إلا للمصطفيات من عباد اللّه- إذا كانت أم حبيبة بنت سيد قريش، وصاحب غيرها ونفيرها.
فليس بصحّ بعد هذا أن يسمع لقول يقال بأن أزواج النبي- صلى اللّه عليه وسلم- شكون يوما من ضيق العيش في جناب الرسول، وأن واحدة منهن مدت عينها إلى شيء وراء هذا العالم الروحي الذي كانت تعيش فيه، وتجد منه ما يملأ عليها وجودها سعادة ورضا.
وعلى هذا نستطيع أن ننظر في الآيات السابقة، من غير أن نقف على أسباب النزول التي قيل إنها لا بست نزولها، وحسبنا أن نأخذ بعض ما يعطيه منطوق هذه الآيات من دلالات، وما لهذه الدلالات من علاقة بالآيات السابقة أو اللاحقة لها.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} هو خطاب للنبىّ، وأمر له من ربه، أن يلقى نساءه بهذا القول الذي أمره ربه أن يلقاهن به، وأن يعرف رأيهن فيه، وموقفهن منه: {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}.
إنه تخيير لهن من الرسول- بأمر ربه- بين أن يطلق الرسول سراحهن ويمتعهن متعة المطلقات، لتأخذ كل واحدة منهن حظها الذي تقدر عليه من متاع الحياة الدنيا خارج بيت النبوة، وبين أن يرضين الحياة مع رسول اللّه، على تلك الحال التي هن فيها.
فى بيت النبي!
وفي هذا التخيير دلالة واضحة، وإشارة صريحة إلى ما ينبغى أن تقوم عليه الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة.. فليس للرجل أن يحمل المرأة على الحياة معه، وهى متكرهة لهذه الحياة، غير راغبة فيها، حتى ولو كانت تلك الحياة على أعلى مستوى من الكمال والإحسان.. فأيّا ما كان واقع الأمر في الحياة الزوجية، فإن ذلك لا يحرم المرأة حقها في اختيار الحياة التي ترضاها لنفسها، وتجد فيها ما تستريح له، ولو كان على غير جادة الطريق.. إنها كائن رشيد يحمل أمانة التكليف، ويتلقى جزاء ما يعمل من خير أو شر.. إن المرأة كالرجل في حمل التكليف، وفي الثواب والعقاب، وإن في إمساكها في بيت الزوجية على غير ما تريد، حجرا على إرادتها، واعتداء على إنسانيتها.
ولو أنه كان من تدبير الشريعة الإسلامية، أن تجعل للرجل سلطانا مطلقا على المرأة يمسكها به في بيت الزوجية، من غير رضاها- لكان أولى الناس جميعا بذلك، هو رسول اللّه- صلوات اللّه وسلامه ورحمته وبركاته عليه- فإنه لن تجد المرأة أبدا ظلا كهذا الظل الطيب الكريم، تأوى إليه، وتغذّى فيه إنسانيتها بأنوار السماء، وتعطر منه روحها بأنفاس النبوة وكمالاتها.
إن في إلزام المرأة وقهرها أن تحيا في هذا الوضع الكريم في بيت النبوة، هو خير محض لها، وإحسان عظيم إليها، وربح خالص لا شك فيه لها.. ومع هذا، فإن اللّه سبحانه أمر رسوله الكريم، بتخيير نسائه، وإعطائهن هذا الحق الذي لهن، والذي ربما كان يمنعهن الدين ومقام الرسول في نفوسهن، من النظر إليه، أو التفكير فيه! فجاء هذا العرض وذلك التخيير، أمرا من السماء، يرفع عنهن الحرج، ويفسح لهن الطريق إلى ما يردن.
وطبيعى أن يكون هذا موقف الإسلام من المرأة، ومن تحرير مشاعرها من كل خوف، وإخلاء وجدانها من كل قيد، في الصلة التي تقوم بينها وبين الرجل.
وهذا التحرير لإرادة المرأة، وإعطائها الحق في الإمساك بعقد الحياة الزوجية أو نقضها. فوق أنه اعتراف بحق الجانب الإنسانى في المرأة، وحراسة من كل عارض يعرض له- في الوقت نفسه- هو اعتراف ضمنى بقداسة الرابطة الزوجية، ورفعها إلى مستوى العقيدة الدينية.. سواء بسواء.
فالعلاقة التي تقيمها الشريعة الإسلامية بين الزوجين علاقة مقدّسة، لها حلالها، ولها خطرها، في بناء المجتمع، وفي تماسك وحداته. إنها علاقة نفوس، واتصال أرواح، وارتباط مشاعر، وتلاقى قلوب.. ولن يكون ذلك على كماله وتمامه، أو على شيء من الكمال والتمام، إذا لا بسه شيء من القهر أو الإكراه، أو الحرج.
والشريعة الإسلامية، التي تأبى أن يستجيب لها أحد بغير رضاه، أو يدخل إليها داخل عن طريق القهر والقسر. حتى ليقول اللّه سبحانه، لنبيه الكريم: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} [256 البقرة] ويقول له: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [99: يونس].. ويقول له: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [22: الغاشية] ويقول له: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} [29: الكهف]- هذه الشريعة التي تقف هذا الموقف من دعوتها، ليس غريبا عليها أن تقف هذا الموقف من المرأة، ومن إمساكها على الحياة الزوجية.
ولا ندرى كيف أخذت المرأة هذا الموضع الذليل المهين في الأسرة الإسلامية، وفي علاقتها بالرجل، حتى لقد كادت- في وقت ما- تتحول إلى متاع من أمتعة الرجل.. فيمسكها كارهة له، بل ويمسكها وهو كاره لها.. كيدا، وإعناتا!! ولا ندرى من أين جاءت تلك القوانين المعنونة بعنوان الدين، تحكم على المرأة بالطاعة، وتدخلها بالقوة القاهرة هذا البيت البدعىّ المعروف ببيت الطاعة؟ وأية طاعة تلك التي تقوم على سلطان القانون، وضربات السياط؟ وهل لسلطان القانون- أي قانون- أن يقيم في النفوس ولاء، وفي القلوب حبا ومودة ورحمة؟ والحياة الزوجية، في شريعة الإسلام، إنما ملاكها الرحمة والمودة، كما يقول سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [21: الروم] لقد فهم الطلاق في الإسلام، بعد عصر النبوة والخلافة الراشدة- على أنه حق مطلق للزوج، وهو فهم خطأ.. فللطلاق دواع وأسباب إذا لم تجتمع له، كان عملا عدوانيا، يؤثّمه الإسلام، ويبغض مرتكبه.. إنه رخصة لا تباح إلا عند الضرورة، ومحظور لا يحل إلا عند الحرج، وفي هذا يقول الرسول الكريم: «أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق».
فهو حلال بغيض، لا يستعمل إلا بقدر ما يدفع الضرر، ويرفع الحرج.. تماما كحلّ الميتة ولحم الخنزير، عند الاضطرار.
وعن هذا الفهم الخاطئ للطلاق، قام مفهوم آخر، هو خطأ أيضا، لأن ما بنى على الخطأ خطأ.
وهذا المفهوم، هو أنه ليس للمرأة في ربط الحياة الزوجية أو حلّها أي شى ء! إن الأمر كله في يد الرجل.. إن شاء أبقى على الحياة الزوجية، وإن شاء قطعها.
ولو نظر ناظر إلى الشريعة الإسلامية من خلال هذا المفهوم الخاطئ للطلاق، وما تفرع منه، لساء ظنه بها، ولاتهم الإسلام في عدالة أحكامه، وإنسانية تشريعه.
والحق أن الإسلام قطع على الناس وساوس الظنون به، وأخرس ألسنة الذين يتهمونه في عدالة أحكامه، وإنسانية تشريعه، في أي موقع من مواقع الحياة، سواء بين المرأة والرجل، أو بين الناس والناس جميعا، مؤمنين وغير مؤمنين.
أتريد لهذا شاهدا، فيما بين المرأة والرجل؟.
استمع إلى قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً.. وَالصُّلْحُ خَيْرٌ.. وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ.. فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ.. وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً} [128- 130: النساء].
فالقضية في هذه الآيات الثلاث، هى قضية المرأة، والشأن الأول فيها هو شأن المرأة.
إن المرأة هنا، قلقة في بيت الزوجية، لا تجد سكينة النفس، ولا أنس الروح.. سواء أكان ذلك الشعور ناجما عن سوء تقديرها وتفكيرها، أو واردا عليها من سوء تصرف الرجل معها وسوء عشرته.. إن الأمر سواء.
فهى- على أي حال- غير مستريحة إلى زوجها، وغير مطمئنة إلى الحياة معه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {خافَتْ مِنْ بَعْلِها}.
فالخوف هنا، هو الشعور بالقلق، وعدم الاستقرار والاطمئنان.. وفي قوله تعالى: {نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً} ما يكشف عن وارد هذا الخوف، الذي تجده المرأة، وهو إما أن يكون عن نشوز منها هى، ونفور من الحياة الزوجية، وإما أن يكون من إعراض الرجل عنها، ونفوره منها.
هذه هى صورة تلك الحياة الزوجية التي تشير إليها الآيات، وهذا هو إحساس المرأة بها، وشعورها نحوها.. أما شعور الرجل وإحساسه هنا، فلا معتبر لهما، لأن في يده ما يحسم به أمره، ويأخذ به الوضع الذي يستريح إليه، وهو الطلاق!.
والسؤال هنا: ماذا تملك المرأة إزاء هذا الشعور الذي تعيش به في بيت الزوجية؟ وهل أعطاها الإسلام من الحق ما تملك به التصرف بمقتضى الشعور؟.
ونعم، نعم.. فإن الآيات صريحة في أن تأخذ المرأة الطريق الذي تختاره، وأن لها أن تفارق زوجها، إن لم يكن برضاه، فلولىّ الأمر أن يطلقها عليه.. ففى قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} فهذا التفرق هو عن رغبة المرأة التي عرضت الآيات مشاعرها، وما تجد من ضيق، وقلق، وخوف..!
وليس الذي حملته الآيات من علاج للأمر قبل حسمه بين الزوجين بالطلاق، وذلك بما يجرى بينهما من مناصحة ومصالحة، واستدعاء لمشاعر الخير فيهما- ليس هذا إلا حرصا على هذه الرابطة المقدسة، وإبقاء على مشاعر المودة والرحمة التي من شأنها أن تكون على أتم صورة وأعدلها بين الزوجين.
وقد جاءت السنة المطهرة شارحة عمليا لما جاء به القرآن الكريم، في هذا الأمر.. فأعطى النبي الكريم المرأة حقها في الطلاق من زوجها، إذا هى لم تردّ الحياة معه.
روى أن جميلة امرأة ثابت بن قيس، جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت يا رسول اللّه: لا أجد في ثابت بن قيس عيبا من خلق أو إيمان، ولكنى لا أجد في طوقى مجاراته، فسألها الرسول الكريم، هل تعيد إليه حائطه (أي بستانه) الذي جعله صداقا لها.. إذا هو طلقها؟
فقالت نعم، فأمر النبي بردّ الحائط إلى ثابت، وتطليقها.
وبهذا التدبير الحكيم تتعادل كفتا الميزان للحياة الزوجية، وبهذا التعادل، يتم التوافق، والتواد، ويجد كل من الزوجين معنى السكن الذي أشار إليه قوله تعالى {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [21: الروم].
هذا، والمناسبة الداعية إلى هذا الموقف الذي وقفه النبي- صلوات اللّه وسلامه عليه- من أزواجه، وخيّرهنّ فيه بين الحياة معه، إيثارا للّه ورسوله، وبين الحياة المطلقة من رباط الزوجية- المناسبة الداعية إلى هذا هو ما فتح اللّه على النبي والمسلمين في غزوة الخندق، بما ساق إليهم من غنائم اليهود، من بنى قريظة وبنى النضير، بعد أن ردّ اللّه عنهم الأحزاب خائبين خاسرين.
وهنا أمام هذه الغنائم الكثيرة، تتحرك شهوات النفوس، وتتدافع الرغبات، وتتطلع العيون.. إنه المال الكثير، من جهة، والحرمان الشديد، من جهة أخرى.. وإنها الفتنة، تطل برأسها على الناس، وتلقاهم على جوع بالغ، وحرمان طويل.. والناس هم الناس.. أيّا كانوا.. فلن تموت فيهم توازع الحياة، وحب البقاء، ولن يختفى من كيانهم ما ركب في فطرتهم من حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث!!
وإذا كان الإسلام بتعاليمه، وبهدى رسوله، قد استطاع أن يقهر هذه الشهوات في النفوس، ويخفت صوت الأهواء الداعية إليها، فإنه لن يستطيع- وما كان من همّه أن يفعل- اقتلاع هذه الشهوات من جذورها، لأنه إنما يعمل بتعاليمه، وبهدى رسوله، في حقل الإنسانية، وفي محيط الإنسان باعتباره كائنا بشريّا، من خصائصه أن يرغب، ويشتهى.
لهذا، كان من تدبير الدعوة الإسلامية أن لقيت المسلمين على أول الطريق، وهم في مواجهة هذه الفتنة التي وردت عليهم من أموال اليهود، وما ورّثهم اللّه إياه من ديارهم وأرضهم، وذراريهم ونسائهم.. وكان من تدبير الإسلام الحكيم أيضا، أن يكون النبىّ صلى اللّه عليه وسلم أول من يلقى هذه الدعوة، وأول من يأخذ نفسه بها، في نفسه وفي أهله.. فكان أن تلقّى أمر ربه بتخيير نسائه في الحياة معه على ما ألفن من شظف العيش في بيته، وألا ينتظرن شيئا من تغيير هذه الحال، مهما كثرت الأموال التي تساق إلى المسلمين من غنائم الحرب، سواء ما كان منهما حالا، أو مستقبلا! فإن هن رضين هذا، فذلك مما يجزيهن اللّه عليه الثواب العظيم، والأجر الكبير.. وإلّا فلهن أن يطلبن سعة العيش، ومتعة الحياة الدنيا في غير بيت النبىّ.. أما بيت النبىّ فلا تجتمع فيه النبوّة، ومتاع الحياة الدنيا..!
وهكذا تلقّى المسلمون جميعا هذا الدرس الحكيم، الذي أشرف عليهم من أعلى قمة في الحياة، فلم يبق بيت من بيوتهم إلا استنار بشعاعاته، واستدفأ بضوئه! فخنست في النفوس تطلعاتها، وانجحرت في الصدور وساوسها، ورأى المسلمون- رجالا ونساء- أنهم مطالبون- وإن لم يطلب إليهم- بما أخذ به النبىّ نفسه وأهله- إذ كان النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- أسوتهم ومثلهم الأعلى الذي يتمثلونه.. وهذا ما أشار إليه قوله تعالى، قبل هذه الآيات، وكأنه مقدمة لها: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}!.
والأسوة هنا إن لم يفرضها الدين، أوجبها العرف، وقضى به واقع الحياة في الناس.. فالنبىّ، بمكانه الديني، هو رأس المسلمين، وسيّدهم، وإمامهم الذي ينفرد بمقام السيادة والإمامة، وولاية الأمر فيهم.
والنبىّ بمكانه الاجتماعى من المسلمين، هو قائدهم، وملكهم، والمتفرّد بالسلطان عليهم.
ومن هنا لم يكن لأىّ من المسلمين، بل ومن المنافقين ومن في قلوبهم مرض أن يجد سبيلا إلى غير الأسوة بالنبيّ في هذا المال الحاضر بين أيديهم، أو فيما سيقع لأيديهم منه في مستقبل الأيام.
فالمؤمنون حقا يجدون في محمد النبىّ الأسوة في الحياة الطيبة الكريمة العزوف عن زخرف الحياة ومتاعها.
والمنافقون ومن في قلوبهم مرض من المسلمين، يرون في محمد، القائد، والملك والسلطان، وقد نقض يديه من هذه الغنائم، فلم يمدّ يده إلى شيء منها هو أو أهل بيته، فلا يجرؤ أحد منهم أن يمدّ بصره إلى أكثر مما امتدّ إليه بصر الرسول إزاء هذا المال.
موقف لم يكن منه بدّ، وتدبير لم يكن عنه معدّى إلى سواه، إذا كان هذا الدين الذي جاء به محمد دينا حقا، وكان من أمر هذا الدين أن يقيم مجتمعا إنسانيا على تعاليمه، ويمسك به على شريعته.
وتعالت حكمة اللّه، وجلّ جلاله، وتبارك شأنه..!
يقع هذا التدبير في بيئة كان الانتهاب، والسلب والخطف شريعة سائدة في كل أحيائها.. ثم يعرض على الأنظار فيها هذا المال الكثير الذي اكتنزه اليهود خلال قرون طويلة، وجمعوه من كل وجه- فلا تطمح إليه نفس، ولا تمتد إليه عين أو يد!! إنه انقلاب مزلزل في البيئة العربية.. وإنه لأكثر من انقلاب أن يبدأ القائد بنفسه، ويأخذها بهذا الحكم، ثم يدع للمسلمين أن يأخذوا حظوظهم من هذا المال، وأن يقتسموه بينهم.. وقد كان المتوقع أن يدور الأمر على عكس هذا، فيستأثر القائد بكل نفيس غال من هذا المغنم، جريا على ما اعتاد العرب في غاراتهم على أعدائهم.. فلقائد الجماعة المنتصرة الغانمة أن يصطفى ما يشاء، من الغنيمة قبل قسمتها، وأن يعطى منها ما يشاء لمن يشاء.. ثم يذهب بالربع مما بقي، ويدع ثلاثة الأرباع تقسم بين المحاربين.. وفي هذا يقول شاعرهم مخاطبا قائد الحرب:
لك المرباع فينا والصفايا *** وحكمك والنشيطة والفضول
وإذا لم تكن كتب السيرة قد التفتت كثيرا إلى هذا الحدث، ولم ترصد آثاره في البيئة العربية كلها- فإن الذي لا شك فيه أنه أثار هزة عنيفة في المجتمع العربي كله، مسلمين، وغير مسلمين.. والذي لا نشك فيه كذلك أنه أدار تفكير الناس جميعا إلى الإسلام، وإلى الغاية التي يقصد إليها، وأن كثيرا ممن لم يدخلوا في الإسلام، والذين كانوا على غيرة وحسد للنبىّ أن يعلو عليهم بسلطان، وأن يستطيل عليهم بدعوته وما يجمع لها من أنصار- كثير من هؤلاء قد استخزوا أمام أنفسهم، وأطفئوا بأيديهم نيران الحقد والحسد على الدين الجديد، وعلى صاحب الدعوة به فيهم.. وإن الذي يمدّ بصره إلى ما بعد هذا الحدث ليرى أن الطريق مفتوح إلى فتح مكة وإلى دخول الناس في دين اللّه أفواجا، فقد كان لهذا الحدث أثره العظيم في كسر حدّة العداوة والعناد للنبىّ ولدعوته، في نفوس المشركين من قريش! إذ أن أكثر ما كان يحجز المشركين عن الاستجابة للنبىّ، هو نفورهم وإباؤهم من أن يقعوا تحت يد سلطان، يعلو عليهم، ويستبدّ بوجودهم، فلما جاءت الأحداث تخبر بأن محمدا ليس ملكا ولا أميرا، ولا طالب ملك أو إمارة- عرف المنكرون أن دعوى النبوة التي يدّعيها محمد، هى دعوة حق، لا شك فيه.
قوله تعالى: {يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}.
تجىء هذه الآية، بعد تخيير النبىّ أزواجه.. وقد اخترن اللّه ورسوله، ورضين الحياة في ظلال النبوة.. فهن الآن- وبعد هذا الاختبار العملي لما في قلوبهن من إيمان- أهل لاحتمال والتبعات الملقاة على من يخالط النبي ويعاشره.. وإن فهن على غير ما عليه النساء.. إنهن نساء النبي، وعليهن من الواجبات فوق ما على النساء لأزواجهن.. وأنه إذا كان على المرأة أن ترعى حقوق الزوجية، وأن تحفظ حرماتها، فإن على نساء النبي أن يرعين هذه الحقوق رعاية مطلقة وأن يحفظن حرماتها حفظا مبرأ من كل شائبة، بعيدا عن كل شبهة.. وألا فليسمعن كلمة اللّه إليهن: {يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}.
والفاحشة: الأمر المنكر.
والمبينة: الكاشفة عن هذا المنكر.
والمراد بالفاحشة المبينة هنا، ما يخلّ بالمروءة والشرف، قولا وفعلا.
وفي الآية إشارة إلى مقام نساء النبي، وأنهن مؤاخذات بما يعفى عنه من غيرهن.. لأنهن في موقع الهداية، وفي مطلع النور، فلا عذر لهن فيما يقوم لغيرهن من عذر.. ومن هنا كانت صغائرهن كبائر.. ومن هنا قيل: سيئات المقربين حسنات الأبرار.
ومضاعفة العذاب ضعفين، ليس ظلما في هذا الوضع، بل هو الجزاء المناسب للذنب، المقدور بقدره.. وإنما هو مضاعف بالنسبة لغيرهن، ممن ليس لهن هذا الوضع الذي هن فيه.. فعذاب غيرهن مراعى فيه التخفيف، فهو دون ما يستحقه الذنب، إذ كان مع غيرهن أكثر من عذر.. من جهل، أو غفلة، ونحو هذا، أما هن فلا عذر لهن.
وقد يبدو أن هذا التحذير لنساء النبي، يمكن أن يلزم منه، وقوع إتيان الفاحشة المبينة من بعضهن، كما يرى ذلك بعض المفسرين.. وهذا غير مراد من الآية الكريمة، وإنما المراد هو الإشارة إلى هذا المقام الكريم الذي لهن عند اللّه، وعند المؤمنين.. وأن لهن مكانا خاصا، وحسابا خاصا.
وذلك مثل قوله تعالى للنبى الكريم: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [65: الزمر]. وقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.
(116: الأنعام) وهذا ما لا يكون من النبي أبدا، كذلك لا يكون من زوجان أن يأتين بفاحشة أبدا، وهنّ في حمى النبوّة، وفي حراسة السماء التي تظل بيت النبىّ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال