سورة الأحزاب / الآية رقم 32 / تفسير تفسير ابن الجوزي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله تعالى: {يا أيُّها النبيُّ قُلْ لأزواجكَ...} الآية، ذكر أهل التفسير أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئاً من عرض الدنيا، وطلبن منه زيادة النفقة، وآذينه بغَيْرة بعضهنّ على بعض، فآلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْهُنَّ شهراً، وصَعِد إِلى غرفة له فمكث فيها، فنزلت هذه الآية، وكُنَّ أزواجُه يومئذ تسعاً. عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسَوْدة، وأم سَلَمة، وصَفِيَّة الخيبريَّه، وميمونة الهلالية؛ وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض الآية عليهنّ، فبدأ بعائشة، فاختارت الله ورسوله، ثم قالت: يا رسول الله لا تُخبر أزواجك أنِّي اخترتك؛ فقال: «إِن الله بعثني مُبلِّغاً ولم يبعثني متعنِّتاً» وقد ذكرت حديث التخيير في كتاب الحدائق وفي المغني بطوله. وفي ما خيَّرهنَّ فيه قولان:
أحدهما: أنه خيَّرهن بين الطلاق والمقام معه، هذا قول عائشة عليها السلام.
والثاني: أنه خيَّرهنَّ بين اختيار الدنيا فيفارقهنّ، أو اختيار الآخرة فيُمسكهنّ، ولم يخيِّرهنّ في الطلاق، قاله الحسن، وقتادة.
وفي سبب تخييره إِيَّاهُنَّ ثلاثة أقوال.
أحدها: أنَّهنَّ سألنَه زيادة النَّفقة.
والثاني: أنَّهنَّ آذَينه بالغَيْرة، والقولان مشهوران في التفسير.
والثالث: أنه لمَّا خُيِّر بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فاختار الآخرة، أُمِر بتخيير نسائه ليكنَّ على مِثْل حاله، حكاه أبو القاسم الصَّيمري.
والمراد بقوله: {أُمَتَّعْكُنَّ}: مُتعة الطلاق. والمراد بالسَّراح: الطلاق، وقد ذكرنا ذلك في [البقرة: 231]. والمراد بالدار الآخرة. الجنة. والمُحْسِنات: المُؤْثِرات للآخرة.
قال المفسرون: فلمّا اخْتَرْنَه أثابهنَّ اللّهُ عز وجل ثلاثة أشياء.
أحدها: التفضيل على سائر النساء بقوله: {لَسْتُنَّ كأحَد من النساء}.
والثاني: أن جَعَلَهُنَّ أُمَّهات المؤمنين.
والثالث: أن حظر عليه طلاقَهُنَّ والاستبدال بهنّ بقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52]. وهل أُبيح له بعد ذلك التزويج عليهنّ؟ فيه قولان سيأتي ذِكْرهما إِن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: {مَنْ يأتِ مِنْكُنَّ بفاحشة مُبَيِّنة} أي: بمعصية ظاهرة. قال ابن عباس: يعني النشوز وسوءَ الخُلُق {يُضَاعَفْ لها العذابُ ضِعفين} أي: يُجعل عذاب جُرمها في الآخرة كعذاب جُرمَين، كما أنها تُؤتى أجرَها على الطاعة مرتين. وإِنما ضوعف عِقابُهنّ، لأنهنَّ يشاهدن من الزّواجر الرَّادعة مالا يُشاهِد غيرُهن، فاذا لم يمتنعن استحققن تضعيف العذاب، ولأن في معصيتهنَّ أذىً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجُرم من آذى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أكبرُ من جُرم غيره.
قوله تعالى: {وكان ذلك على الله يسيراً} أي: وكان عذابُها على الله هيِّناً. {ومن يَقْنُت} أي: تُطع، و{وأعتدنا} قد سبق بيانه [النساء: 37]، والرِّزق الكريم: الحَسَن، وهو الجنة.
ثُمَّ أظهر فضيلتهنَّ على النساء بقوله: {لَسْتُنَّ كأَحد من النساء} قال الزجاج: لم يقل: كواحدة من النساء، لأن أَحَداً نفي عامّ للمذكَّر والمؤنَّث والواحد والجماعة.
قال ابن عباس: يريد ليس قدرُكُنَّ عندي مثل قَدْر غيركنَّ من النساء الصالحات، أنْتُنَّ أكرمُ عليَّ، وثوابُكُنَّ أعظم {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}، فشرط عليهن التقوى بياناً أن فضيلتهنَّ إِنَّما تكون بالتقوى، لا بنفس اتصالهنَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: {فلا تَخْضَعْنَ بالقول} أي: لا تلِنَّ بالكلام {فَيَطْمَعَ الذي في قلبه مرض} أي: فُجور؛ والمعنى: لا تَقُلْنَ قولاً يجد به منافق أو فاجر سبيلاً إِلى موافقتكن له؛ والمرأة مندوبة إِذا خاطبت الأجانب إِلى الغِلظة في المَقَالة، لأن ذلك أبعد من الطمع في الرِّيبة.
{وقُلْنَ قولاً معروفاً} أي: صحيحاً عفيفاً لا يُطمِع فاجراً.
{وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ} قرأ نافع، وعاصم إِلا أبان، وهبيرة، والوليد بن مسلم عن ابن عامر: {وقََرْنَ} بفتح القاف؛ وقرأ الباقون بكسرها. قال الفراء: من قرأ بالفتح، فهو من قَرَرْتُ في المكان، فخفِّفت، كما قال: {ظَلْتَ عليه عاكفاً} [طه: 97]، ومن قرأ بالكسر، فمن الوَقار، يقال: قِرْ في منزلك. وقال ابن قتيبة: من قرأ بالكسر، فهو من الوقار، يقال: وَقَرَ في منزله يَقِرُ وَقُوراً. ومن قرأ بنصب القاف جعله من القرار. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو المتوكل {واقْرَرْنَ} باسكان القاف وبراءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة. وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة مثله، إِلا أنهما كسرا الراء الأولى.
قال المفسرون: ومعنى الآية: الأمر لهن بالتوقُّر والسكون في بُيوتهنَّ وأن لا يَخْرُجْنَ.
قوله تعالى: {ولا تَبَرَّجْنَ} قال أبو عبيدة: التبرُّج: أن يُبْرِزن محاسنهن. وقال الزجاج: التبرُّج: إِظهار الزِّينة وما يُستدعى به شهوةُ الرجل.
وفي {الجاهلية الأولى} أربعة أقوال.
أحدها: أنها كانت بين إِدريس ونوح، وكانت ألف سنة، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أنها كانت على عهد إِبراهيم عليه السلام، وهو قول عائشة رضي الله عنها.
والثالث: بين نوح وآدم، قاله الحكم.
والرابع: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الشعبي. قال الزجاج: وإِنما قيل: {الأولى}، لأن كل متقدِّم أوَّل، وكل متقدِّمة أُولى، فتأويله: أنهم تقدّموا أُمَّة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي صفة تبرُّج الجاهلية الأولى ستة أقوال.
أحدها: أن المرأة كانت تخرج فتمشي بين الرجال، فهو التبرج، قاله مجاهد.
والثاني: أنها مِشية فيها تكسُّر وتغنُّج، قاله قتادة.
والثالث: أنه التبختر، قاله ابن أبي نجيح.
والرابع: أن المرأة منهن كانت تتخذ الدِّرع من اللؤلؤ فتَلْبَسُه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره، وذلك في زمن إِبراهيم عليه السلام، قاله الكلبي.
والخامس: أنها كانت تُلقي الخِمار عن رأسها ولا تشُدُّه، فيُرى قُرْطها وقلائدها، قاله مقاتل.
والسادس: أنها كانت تَلْبَس الثياب تبلغ المال، لا تواري جَسدها، حكاه الفراء.
قوله تعالى: {إِنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عنكم الرِّجس} وفيه للمفسرين خمسة أقوال.
أحدها: الشرك، قاله الحسن.
والثاني: الإِثم، قاله السدي.
والثالث: الشيطان، قاله ابن زيد.
والرابع: الشكّ.
والخامس: المعاصي، حكاهما الماوردي. قال الزجاج: الرِّجس: كل مستقذَر من مأكول أو عمل أو فاحشة.
ونصب {أهلَ البيت} على وجهين.
أحدهما: على معنى: أعني أهلَ البيت.
والثاني: على النداء، فالمعنى: يا أهل البيت.
وفي المراد بأهل البيت هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها: أنهم نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهنَّ في بيته، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وابن السائب، ومقاتل. ويؤكذ هذا القولَ أن ما قبله وبعده متعلِّق بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى أرباب هذا القول اعتراض، وهو أن جمع المؤنَّث بالنون، فكيف قيل: {عنكم} {ويطهركم}؟ فالجواب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهنَّ، فغلّب المذكَّر.
والثاني: أنه خاصٌّ في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليَ وفاطمة والحسن والحسين، قاله أبو سعيد الخدري. وروي عن أنس وعائشة وأم سلمة نحو ذلك.
والثالث: أنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه، قاله الضحاك. وحكى الزجاج أنهم نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال الذين هم آله؛ قال: واللغة تدل على أنها للنساء والرجال جميعاً، لقوله: {عنكم} بالميم، ولو كانت للنساء، لم يجز إِلاَّ عنكنّ ويُطهركنّ.
قوله تعالى: {ويُطَهِّرَكم تطهيراً} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: من الشِّرك، قاله مجاهد.
والثاني: من السُّوء، قاله قتادة.
والثالث: من الإِثم، قاله السدي، ومقاتل.
قوله تعالى: {واذكُرْنَ} فيه قولان:
أحدهما: أنه تذكير لهنَّ بالنِّعَم.
والثاني: أنه أمرٌ لهنَّ بحفظ ذلك. فمعنى {واذكُرْنَ}: واحفَظْن {ما يُتْلى في بيوتكُنَّ من آيات الله} يعني القرآن. وفي الحكمة قولان:
أحدهما: أنها السُّنَّة، قاله قتادة.
والثاني: الأمر والنهي، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {إِن الله كان لطيفاً} أي: ذا لطف بكُنَّ إِذْ جعلكُنَّ في البيوت التي تُتْلى فيها آياتُه {خبيراً} بكُنَّ إِذ اختارَكُنَّ لرسوله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال