سورة الأحزاب / الآية رقم 32 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا(32)}
كلمة(أحد) تُستخدم في اللغة عدة استخدامات، فنقول مثلاً في العدد: أحد عشر إنْ كان المعدودُ مذكراً، وإحدى عشرة إن كان المعدود مؤنثاً، أما في حالة النفي فلا تُستعمل إلا بصيغة واحدة(أحد)، وتدل على المفرد والمثنى والجمع، وعلى المذكر والمؤنث، فتقول: ما عندي أحد، لا رجلٌ ولا امرأة ولا رجلان ولا امرأتان، ولا رجال ولا نساء، لذلك جاء قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: 4].
وقوله سبحانه: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النسآء...} [الأحزاب: 32] هذه خصوصية لهن؛ لأن الأشياء تمثل أجناساً وتحت الجنس النوع، فالإنسان مثلاً جنس، منه ذكر ومنه أنثى، وكل نوع منهما تحته أفراد، والذكر والأنثى لم يفترقا إلى نوعين بعد أنْ كانا جنساً واحداً، إلا لاختلاف نشأ عنهما بعد اتفاق في الجنس فالجنس حَدٌّ مُشترك: حيٌّ ناطق مفكر، فلما افترقا إلى نوعين صار لكل منهما خصوصيته التي تُميِّزه عن الآخر.
كما قلنا في الزمن مثلاً، فهو ظرف للأحداث، فإنْ كانت أحداثَ حركة فهي النهار، وإنْ كانت أحداثَ سُكُون فهي الليل، فالليل والنهار نوعان تحت جنس واحد هو الزمن، ولكل منهما خصوصيته، وعلينا أن نراعي هذه الخصوصية، فلا نخلط بينهما.
وتأمل قول الله تعالى: {والليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} [الليل: 1-4].
فالليل والنهار متقابلان متكاملان لامتضادان، كذلك الذكر والأنثى، ولكلٍّ دوره ومهمته الخاصة، فإنْ حاولتَ أنْ تجعلَ الليل نهاراً، أو الذكر أنثى أو العكس، فقد خالفتَ هذه الطبيعة التي اختارها الخالق سبحانه.
وحكينا قصة الرجل الذي مرَّ على عمدة القرية، فوجده يضرب غفيراً عنده، فدافع عن الغفير وقال للعمدة: لماذا تضربه يا عم إبراهيم؟ قال: مررتُ عليه ووجدتُه نائماً، فقال الرجل: نام؛ لأنه قضي النهار يروي لك أرضك، ومَنْ يحرث لا يحرس.
إذن: تحت الجنس النوع، وهذا النوع غير متكافيء؛ لأنه لو تساوى لكان مكرراً لا فائدة منه، إنما يختلف الأفراد ويتميزون؛ لذلك لا تظن أنك تمتاز عن الآخرين؛ لأن الله تعالى وزَّع المواهب بين خَلْقه، فأنت تمتاز في شيء، وغيرك يمتاز في شيء آخر، ذلك ليرتبط الناس في حركة الحياة ارتباطَ حاجةٍ، لا ارتباطَ تفضُّل كما قُلْنا.
لذلك، فالرجل الذي يكنس لك الشارع مُميِّزٌ عنك؛ لأنه يؤدي عملاً تستنكف أنت عن أدائه، وإذا أدَّى لك هذا العامل عملاً لابد أنْ تعطيه أجره، في حين إذا سألك مثلاً سؤالاً وأنت العالم أو صاحب المنصب... إلخ فإنك تجيبه، لكن دون أنْ تأخذ منه أجراً على هذا الجواب، وقد مكثتَ أنت السنوات الطوالَ تجمع العلم وتقرأ وتسمع، إلى أنْ وصلتَ إلى هذه الدرجة، وصارت لك خصوصية، إذن: لكل منا، ذكر أو أنثى، فردية شخصية تُميِّزه.
هنا يقول الحق سبحانه لنساء النبي {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النسآء...} [الأحزاب: 32] هذه هي الخصوصية التي تُميِّزهن عن غيرهن من مطلق النساء، فمطلق النساء لَسْنَ قدوة، إنما نساء النبي خاصة قدوة لغيرهن من النساء وأُسْوة تُقتدى.
والشرط بعد هذا النفي {إِنِ اتقيتن...} [الأحزاب: 32] يعني: أن زوجيتهن لرسول الله ليست هذه ميزة، إنما الميزة والخصوصية في تقواهن لله، وإلا فهناك من زوجات الأنبياء مَنْ كانت غير تقية.
وقوله تعالى: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ...} [الأحزاب: 32] أي: اقْطَعْنَ طريق الفاحشة من بدايته، ولا تقربن أسبابها، واتركْنَ الأمور المشتبهة فيها. ومعنى الخضوع بالقول أنْ يكون في قول المرأة حين تخاطب الرجال ليونة، أو تكسُّر، أو ميوعة، أو أن يكون مع القول نظرات أو اقتراب.
فإذا اضطرِرِتُنَّ لمحادثة الرجال فاحذرْنَ هذه الصفات {فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ...} [الأحزاب: 32] والمعنى: أنا لا أتهمكُنَّ، إنما الواحدة منكُنَّ لا تضمن الرجل الذي تُحدِّثه، فربما كان في قلبه مرض، فلا تعطيه الفرصة.
وليس معنى عدم الخضوع بالقول أنْ تُكلِّمْنَ الناسَ بغلظة وخشونة، إنما المراد أن تكون الأمور عند حدودها؛ لذلك يقول سبحانه بعدها {وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [الأحزاب: 32] فلما نهى القرآن عن التصرف غير المناسب عرض البديل المناسب، وهو القول المعروف، وهو من المرأة القول المعتدل والسماع بالأذن دون أنْ تمتد عينها إلى مُحدِّثها؛ لأن ذلك ربما أطمعه فيها، وجرَّاه عليها، وهذا ما يريد الحق سبحانه أنْ يمنعه.
لذلك حُكِي أن رجلاً رأى خادمته على الباب تُحدِّث شاباً وسيماً، وكان يسألهَا عن شيء، إلا أنها أطالتْ معه الحديث، فضربها ربُّ البيت ونهرها على هذا التصرف، وفي اليوم التالي جاء شاب آخر يسألها عن نفس الشيء الذي سأل عنه صاحبه بالأمس، فبادرته بالشتائم والسُّباب بعد أنْ ظهر لها ما في قلب هذا، وأمثاله من مرض.
وفي موضع آخر من هذه السورة سيأتي: {ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59]؛ لأن الرجل حين يجد المرأة محتشمة تستر مفاتن جسمها لا يتجزأ عليها، ويعلم أنها ليستْ من هذا الصنف الرخيص، فيقف عند حدوده.
وقد قال الحكماء: أما إذا رأيتَ امرأةً تُظهر محاسنها لغير محارمها وتُلِحُّ في عرض نفسها على الرجال، فكأنها تقول للرجل(فتح يا بجم) تقول للغافل تنبه. فتستثير فيه شهوته، فَيَتَجَرَأْ عليها.
فالحق سبحانه يريد لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم أولاً أنْ يُكلِّمْنَ الناس من وراء حجاب، وأنْ يُكلِّمْنَ الناس بالمعروف كلاماً لا لينَ فيه، ولا ميوعة حتى لا يَتعرَّضْنَ لسوء، ولا يتجزأ عليهن بذيء أو مستهتر.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال