سورة الأحزاب / الآية رقم 40 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}.
يمدح تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ} أي: إلى خلقه ويؤدونها بأمانتها {وَيَخْشَوْنَهُ} أي: يخافونه ولا يخافون أحدًا سواه فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله، {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي: وكفى بالله ناصرًا ومعينًا. وسيد الناس في هذا المقام- بل وفي كل مقام- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب، إلى جميع أنواع بني آدم، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع، فإنه قد كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وأما هو، صلوات الله عليه، فإنه بُعث إلى جميع الخلق عَرَبهم وعجمهم، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]، ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده، فكان أعلى مَنْ قام بها بعده أصحابه، رضي الله عنهم، بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، في ليله ونهاره، وحَضَره وسفره، وسره وعلانيته، فرضي الله عنهم وأرضاهم. ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا، فبنورهم يقتدي المهتدون، وعلى منهجهم يسلك الموفقون. فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم.
قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نُمَيْر، أخبرنا الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البَخْتَري، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه مقال ثم لا يقوله، فيقول الله: ما يمنعك أن تقول فيه؟ فيقول: رب، خشيت الناس. فيقول: فأنا أحق أن يخشى».
ورواه أيضا عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن زبيد، عن عمرو بن مرة.
ورواه ابن ماجه، عن أبي كُرَيْب، عن عبد الله بن نمير وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به.
وقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، نهى تعالى أن يقال بعد هذا: زيد بن محمد أي: لم يكن أباه وإن كان قد تبناه، فإنه، صلوات الله عليه وسلامه، لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم؛ فإنه ولد له القاسم، والطيب، والطاهر، من خديجة فماتوا صغارا، وولد له إبراهيم من مارية القبطية، فمات أيضا رضيعا، وكان له من خديجة أربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، رضي الله عنهم أجمعين، فمات في حياته ثلاث وتأخرت فاطمة حتى أصيبت به، صلوات الله وسلامه عليه، ثم ماتت بعده لستة أشهر.
وقوله: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} كقوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، ولا ينعكس. وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة.
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر الأزدي، حدثنا زُهَيْر بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبيّ بن كعب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارًا فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لَبنة لم يَضَعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، ويقولون: لو تمَّ موضع هذه اللبنة؟ فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة».
ورواه الترمذي، عن بُنْدَار، عن أبي عامر العقدي، به، وقال: حسن صحيح.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا المختار بن فُلفُل، حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي» قال: فشَقّ ذلك على الناس قال: قال: «ولكن المبشرات». قالوا: يا رسول الله، وما المبشرات؟ قال: «رؤيا الرجل المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة».
وهكذا روى الترمذي عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن عفان بن مسلم، به وقال: صحيح غريب من حديث المختار بن فُلفُل.
حديث آخر: قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سَليم بن حَيَّان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارًا فأكملها وأحسنها إلا موضع لَبنة، فكان مَنْ دخلها فنظر إليها قال: ما أحسنها إلا موضع هذه اللبنة! فأنا موضع اللبنة، ختم بي الأنبياء، عليهم السلام».
ورواه البخاري، ومسلم، والترمذي من طرق، عن سليم بن حيان، به.
وقال الترمذي: صحيح غريب من هذا الوجه.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل النبيين من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لَبنَة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة». انفرد بإخراجه مسلم من رواية الأعمش، به.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عثمان بن عُبَيد الراسبي قال: سمعت أبا الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نبوة بعدي إلا المبشرات». قال: قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: «الرؤيا الحسنة- أو قال- الرؤيا الصالحة.».
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها، إلا موضع لَبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان ويقولون: ألا وَضَعْتَ هاهنا لبنة فيتم بنيانك؟!» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكنت أنا اللبنة».
أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
حديث آخر: عن أبي هريرة أيضا: قال الإمام مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فُضلت على الأنبياء بست: أعْطِيتُ جوامع الكلم، ونُصِرْتُ بالرعب، وأحِلَّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون».
ورواه الترمذي وابن ماجه، من حديث إسماعيل بن جعفر، وقال الترمذي: حسن صحيح.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى دارًا فأتمها إلا موضع لبنة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة».
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كُرَيْب، كلاهما عن أبي معاوية، به.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح عن سعيد بن سُويد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي، عن العِرْباض بن سارية قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنْجَدِل في طينته.».
حديث آخر: قال الزهري: أخبرني محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي.» أخرجاه في الصحيحين.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لَهِيعة، عن عبد الله بن هُبَيْرة، عن عبد الرحمن بن جبير قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودّع، فقال: «أنا محمد النبي الأمي- ثلاثا- ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتجوز بي، وعُوفيتُ وعُوفيتْ أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذُهب بي فعليكم بكتاب الله، أحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه».
تفرد به الإمام أحمد.
ورواه الإمام أحمد أيضا عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لَهِيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن عبد الله بن مريج الخولاني، عن أبي قيس- مولى عمرو بن العاص- عن عبد الله بن عمرو فذكر مثله سواء.
والأحاديث في هذا كثيرة، فمن رحمة الله تعالى بالعباد إرسال محمد، صلوات الله وسلامه عليه، إليهم، ثم من تشريفه لهم ختم الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له. وقد أخبر تعالى في كتابه، ورسوله في السنة المتواترة عنه: أنه لا نبي بعده؛ ليعلموا أن كل مَنِ ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك، دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنَيرجيَّات، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب، كما أجرى الله، سبحانه وتعالى، على يد الأسود العَنْسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة، ما علم كل ذي لب وفهم وحِجى أنهما كاذبان ضالان، لعنهما الله. وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال، فكل واحد من هؤلاء الكذابين يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب مَنْ جاء بها. وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا على سبيل الاتفاق، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم، كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ * تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} الآية [الشعراء: 221، 222]. وهذا بخلاف الأنبياء، عليهم السلام، فإنهم في غاية البر والصدق والرشد والاستقامة والعدل فيما يقولونه ويفعلونه ويأمرون به وينهون عنه، مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات، والأدلة الواضحات، والبراهين الباهرات، فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسموات.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال