سورة الأحزاب / الآية رقم 51 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً (51)}
فيه إحدى عشرة مسألة. الأولى: قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ} قرئ مهموزا وغير مهموز، وهما لغتان، يقال: أرجيت الامر وأرجأته إذا أخرته. {وَتُؤْوِي} تضم، يقال: آوى إليه. ممدودة الالف ضم إليه. واوي مقصورة الالف انضم إليه.
الثانية: وأختلف العلماء في تأويل هذه الآية، وأصح ما قيل فيها. التوسعة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ترك القسم، فكان لا يجب عليه القسم بين زوجاته. وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقول: أو تهب المرأة نفسها لرجل؟ فلما أنزل الله عز وجل: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} قالت: قلت والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. قال ابن العربي: هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه. والمعنى المراد: هو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مخيرا في أزواجه، إن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك. فخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن جعل الامر إليه فيه، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن فرض ذلك عليه، تطييبا لنفوسهن، وصونا لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي.
وقيل: كان القسم واجبا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية. قال أبو رزين: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد هم بطلاق بعض نسائه فقلن له: اقسم لنا ما شئت. فكان ممن آوى عائشة وحفصة وام سلمة وزينب، فكان قسمتهن من نفسه وماله سواء بينهن. وكان ممن أرجى سودة وجويرية وام حبيبة وميمونة وصفيه، فكان يقسم لهن ما شاء.
وقيل: المراد الواهبات. ورى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ} قالت: هذا في الواهبات أنفسهن. قال الشعبي: هن الواهبات أنفسهن، تزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهن وترك منهن.
وقال الزهري: ما علمنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرجأ أحدا من أزواجه، بل آواهن كلهن.
وقال ابن عباس وغيره: المعنى في طلاق من شاء ممن حصل في عصمته، وإمساك من شاء. وقيل غير هذا. وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والإباحة. وما اخترناه أصح والله أعلم.
الثالثة: ذهب هبة الله في الناسخ والمنسوخ إلى أن قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ} الآية، ناسخ لقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] الآية. وقال: ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا. وكلامه يضعف من جهات. وفي البقرة عدة المتوفي عنها أربعة أشهر وعشر، وهو ناسخ للحول وقد تقدم عليه.
الرابعة: قوله تعالى: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} {ابْتَغَيْتَ} طلبت، والابتغاء الطلب. و{عَزَلْتَ} أزلت، والعزلة الإزالة، أي إن أردت أن تؤوي إليك امرأة ممن عزلتهن من القسمة وتضمها إليك فلا بأس عليك في ذلك. كذلك حكم الارجاء، فدل أحد الطرفين على الثاني.
الخامسة: قوله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْكَ} أي لا ميل، يقال: جنحت السفينة أي مالت إلى الأرض. أي لا ميل عليك باللوم والتوبيخ.
السادسة: قوله تعالى: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} قال قتادة وغيره: أي ذلك التخيير الذي خيرناك في صحبتهن أدنى إلى رضاهن إذ كان من عندنا، لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرت أعينهن بذلك ورضين، لان المرء إذا علم أنه لا حق له في شيء كان راضيا بما أوتى منه وإن قل. وإن علم أن له حقا لم يقنعه ما أوتي منه، واشتدت غيرته عليه وعظم حرصه فيه. فكان ما فعل الله لرسوله من تفويض الامر إليه في أحوال أزواجه أقرب إلى رضاهن معه، وإلى استقرار أعينهن بما يسمح به لهن، دون أن تتعلق قلوبهن بأكثر منه. وقرئ: {تقر أعينهن} بضم التاء ونصب الأعين. {وتقر أعينهن} على البناء للمفعول. وكان عليه السلام مع هذا يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن، تطييبا لقلوبهن- كما قدمناه- ويقول: «اللهم هذه قدرتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» يعني قلبه، لإيثاره عائشة رضي الله عنها دون أن يكون يظهر ذلك في شيء من فعله.. وكان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به محمولا على بيوت أزواجه، إلى أن استأذنهن أن يقيم في بيت عائشة. قالت عائشة: أول ما اشتكى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيت ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يمرض في بيتها- يعني في بيت عائشة- فأذن له... الحديث، خرجه الصحيح.
وفي الصحيح أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتفقد، يقول: «أين أنا اليوم أين أنا غدا» استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها. قالت: فلما كان يومي قبضه الله تعالى بين سحري ونحري، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السابعة: على الرجل أن يعدل بين نسائه لكل واحدة منهن يوما وليلة، هذا قول عامة العلماء. وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك في الليل دون النهار. ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضها، ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها. وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته، إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض، فإذا صح استأنف القسم. والإماء والحرائر والكتابيات والمسلمات في ذلك سواء. قال عبد الملك: للحرة ليلتان وللأمة ليلة. وأما السراري فلا قسم بينهن وبين الحرائر، ولا حظ لهن فيه.
الثامنة: ولا يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن، ولا يدخل لإحداهن في يوم الأخرى وليلتها لغير حاجة. واختلف في دخوله لحاجة وضرورة، فالأكثرون على جوازه، مالك وغيره.
وفي كتاب ابن حبيب منعه.
وروى ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان، فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الأخرى الماء. قال ابن بكير: وحدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن معاذ بن جبل كانت له امرأتان ماتتا في الطاعون. فأسهم بينهما أيهما تدلى أول.
التاسعة: قال مالك: ويعدل بينهن في النفقة والكسوة إذا كن معتدلات الحال، ولا يلزم ذلك في المختلفات المناصب. وأجاز مالك أن يفضل إحداهما في الكسوة على غير وجه الميل. فأما الحب والبغض فخارجان عن الكسب فلا يتأتى العدل فيهما، وهو المعنى بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قسمه: «اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». أخرجه النسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها.
وفي كتاب أبي داود: يعني القلب، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ}. وهذا هو وجه تخصيصه بالذكر هنا، تنبيها منه لنا على أنه يعلم ما في قلوبنا من ميل بعضنا إلى بعض من عندنا من النساء دون بعض، وهو العالم بكل شي {لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} [آل عمران: 5] {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى} [طه: 7] لكنه سمح في ذلك، إذ لا يستطيع العبد أن يصرف قلبه عن ذلك الميل، وإلى ذلك يعود قوله: {وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. وقد قيل في قوله: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} وهي: العاشرة: أي ذلك أقرب ألا يحزن إذا لم يجمع إحداهن مع الأخرى ويعاين الأثرة والميل.
وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل». {وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} توكيد للضمير، أي ويرضين كلهن. وأجاز أبو حاتم والزجاج {وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} على التوكيد للمضمر الذي في {آتَيْتَهُنَّ}. والفراء لا يجيزه، لان المعنى ليس عليه، إذ كان المعنى وترضى كل واحدة منهن، وليس المعنى بما أعطيتهن كلهن. النحاس: والذي قاله حسن.
الحادية عشرة: قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ} خبر عام، والإشارة إلى ما في قلب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من محبة شخص دون شخص. وكذلك يدخل في المعنى أيضا المؤمنون.
وفي البخاري عن عمرو بن العاص أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: «أي الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة فقلت: من الرجال؟ قال: أبوها قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب...» فعد رجالا. وقد تقدم القول في القلب بما فيه كفاية في أول البقرة، وفي أول هذه السورة. يروى أن لقمان الحكيم كان عبدا نجارا قال له سيده: اذبح شاة وائتني بأطيبها بضعتين، فأتاه باللسان والقلب. ثم أمره بذبح شاة أخرى فقال له: ألق أخبثها بضعتين، فألقى اللسان والقلب. فقال: أمرتك أن تأتيني بأطيبها بضعتين فأتيتني باللسان والقلب، وأمرتك أن تلقي بأخبثها بضعتين فألقيت اللسان والقلب؟ فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال